عربي21:
2024-10-02@01:07:15 GMT

الأمريكيون العرب والمأزق الانتخابي المحيّر

تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT

من مظاهر تأزم أنظمة الديمقراطية الغربية المستمر منذ أكثر من عقدين أن الحياة السياسية لم تعد تتيح للناخب خيارا فعليا بين مرشحين أو حزبين مختلفين حقا.

فقد تشابه الساسة وتشابهت الأحزاب، واختلطت البرامج (على فرض وجودها) ولم تبق من فوارق تذكر. وإن وجدت فهي فوارق ضئيلة ضآلة لا تسوغ ترجيح مرشح أو حزب على آخر ترجيحا بيّنا.

ولهذا صح حكم المراقبين منذ منتصف التسعينيات بأن حزب العمال الجديد في بريطانيا ليس سوى نسخة من حزب المحافظين. وقد أجاد المعلق سايمون جنكينز في تحليل هذه الظاهرة في كتاب اختار له عنوانا بليغا هو "ثاتشر وأبناؤها". وأهم هؤلاء الأبناء السياسيين الحفظة على تركة تاتشر الإيديولوجية هما توني بلير وغوردون براون، مهندسا تحويل حزب العمال حزبا يمينيا لا فرق بينه وبين حزب التوري (المحافظين) إلا في سطحيّ التفاصيل. وقد بكّر الوعي السياسي الشعبي باستبانة هذه الحقيقة، حيث كان المحتجون آنذاك يرفعون أمام 10 داوننغ ستريت لافتات كتب عليها "توري بلير" (وليس توني). على أن ظاهرة اختلاط أنساب الأحزاب وانعدام الخيار الانتخابي هي أرسخ في الولايات المتحدة وأعرق، حيث شاع القول منذ زمن بعيد بأنه لا فارق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلا بقدر الفارق بين الكوكاكولا والببسي كولا. ولكن بيل كلنتون، المعجب برونالد ريغان بالغ الإعجاب (!) هو الذي مضى بعملية الخلط هذه إلى غايتها القصوى عن وعي وتصميم.

هذا كلما تعلق الأمر بالسياسات الاجتماعية والاقتصادية عموما. أما المسألة التي يتحد فيها الحزبان الأمريكيان في إجماع بافلوفيّ مزمن، فهي مسألة نصرة إسرائيل ظالمة ومظلومة. ولهذا يجد الأمريكيون العرب والمسلمون اليوم أنفسهم في مأزق محير: لا يستطيعون التصويت لبايدن في رئاسيات هذا العام لأن التصويت له سيكون مكافأة على اشتراكه الفعال في حرب إبادة شعب غزة؛ ولكنهم يعلمون أن عدم التصويت لبايدن يعني المساهمة في تقوية احتمال فوز ترامب.

وإذا كانت كراهية بايدن قد خيلت لأحد بعض الأوهام بشأن موقف ترامب من غزة فها إن الرجل قد نطق، بعد خمسة أشهر من المراوغة، ليستحث الإسرائيليين على استكمال حربهم الإبادية ويخاطبهم محرضا: "عليكم إنهاء المشكلة". وترجمتها: أتموا المهمة. أجهزوا عليهم. أبيدوهم عن بكرة أبيهم!

ويتسق موقف ترامب من غزة مع موقفه من أوكرانيا. فقد قال قبل عامين إن الغزو الروسي لأوكرانيا عملية "عبقرية" وقرار "ألمعي"! أما أعضاء الناتو فقد هددهم الشهر الماضي بأنه سيشجع روسيا على فعل أي شيء تريد ضد أي دولة عضو لا تدفع ما عليها من مستحقات! وهو يقصد الدول التي لا تخصص من ناتجها المحلي النسبة المائوية المتفق عليها للإنفاق العسكري.

والواقع أن بين ترامب ونتنياهو شبها كبيرا من حيث تضخم الذات وإدمان الكذب والغدر والهوس بالمصلحة الشخصية إلى حد إشعال الفتن والحروب و"المشي على الجثث". أما أبرز ما يجمع بينهما فهو الاستخفاف بالمبادئ والقوانين وعدم احترام أحد والتعويل في كل شيء على القوة، كأن كلا منهما يلوح إلى العالم بأسره بإشارة اليد البذيئة التي يأتيها النزقون والمعربدون تعبيرا عن الاستهتار والمكابرة والعزة بالإثم. وقد حدث في فترة ما بين الحربين أن السياسي النازي رئيس مجلس شيوخ مدينة دانتزيغ (غدانسك البولندية حاليا) آرثر كارل غرايزر ألقى في مقر عصبة الأمم في جنيف يوم 13 يوليو 1936 خطابا عدوانيا استخف فيه بكل مطالب إبقاء المدينة حرة ووقف شتى أشكال السيطرة النازية عليها، ثم ترك مقعده وقبل أن يغادر القاعة التفت إلى جناح الصحافيين ووضع إبهامه على أنفه، في تلك الإشارة التي يراد بها الاستهزاء والاستهتار. ومعروف أن ستالين قلد هذه الحركة بعد ذلك بأعوام أمام المصورين، في لحظة دعابة نادرة في سيرة هذا الطاغية الذي أمر بقتل عشرات الملايين من البشر دون أن يرف له جفن. وقد كان رد المندوب البريطاني أنثوني إيدن عندما نبهه الصحافيون إلى فعلة غرايزر الشنيعة أن طلب منهم تجاهل هذا الجلف النازي.

وبالمثل، فالذي تفعله إسرائيل منذ تأسيسها إنما يتلخص في صورة قبيحة: دولة مارقة إبهامها على أنفها وهي تضحك وتقهقه وتصفّر في كل حين وتلوح بإشارات البذاءة إلى العالم كله مستهزئة بهيئة الأمم مستهترة بقانون الدول، فلا يجد الغرب ردا سوى تصنّع عدم الانتباه إلى همجية هذا الجلف الصهيوني.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة ترامب بايدن امريكا غزة بايدن ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مخالفات سياحية قد تُكبّدك غرامات مالية ضخمة في روما.. تعرّف عليها

تُعد روما واحدة من أكثر الوجهات السياحية جاذبية في العالم، ومن المتوقع أن يكون عام 2025 عاماً حافلاً بأعداد الزائرين المتدينين وغير المتدينين فيها بمناسبة افتتاحها ليوبيل عام 2025.

اعلان

وتم تسليط الأضواء على العاصمة الإيطالية من خلال مسلسل ”إميلي في باريس“ الذي أنتجته شبكة نتفليكس. وينتهي الموسم الرابع من المسلسل بانتقال بطلة المسلسل، وهي مديرة تسويق أمريكية تعيش في العاصمة الفرنسية، إلى روما.

ومع ذلك، فإن التصوير الأوّلي للمدينة الإيطالية التي من المتوقع أن يُصوّر فيها الموسم الخامس قد أحبط بعض السكان. فقد ارتكبت الشخصية خطأً فادحاً في آداب السلوك كان من الممكن أن يوقعها في غرامة قدرها 250 يورو.

لقد أصبحت الأفلام والمسلسلات التلفزيونية في الآونة الأخيرة تقود اختيارات المسافرين للوجهات السياحية لذا أصبح التمثيل الدقيق والمفيد للمواقع أكثر أهمية.

ومع توقع ارتفاع أعداد الزائرين في روما العام المقبل، سيكون سلوك السائح المسؤول والمحترم أمراً بالغ الأهمية.

الكولوسيوم Nika Benedictova

 مخالفات سياحية مكلفة

في أحد مشاهد فيلم ”إيميلي في باريس“، تجلس بطلة الفيلم وحبيبها الإيطالي على السلالم الإسبانية.

منذ عام 2019، أصبح من غير القانوني استخدام الدرج الذي يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر كمكان للاستراحة. ويتواجد موظفون يرتدون سترات واقية وصفارات لرصد المخالفين وتوقيع غرامات قدرها 250 يورو على من يجلسون على الدرج، وتصل إلى 400 يورو إذا أدى ذلك إلى أي ضرر. ويبدو أنه لم تُفرض غرامة على إيميلي.

وغالبًا ما يكون الكولوسيوم، أحد أعظم الكنوز الأثرية في المدينة، موقعًا لأبرز المخالفات السياحية. يقول دينو مارجيوتا، الذي يقود جولات سياحية حول المدينة منذ 15 عاماً: ”للأسف، كثيراً ما يتعرض هذا النصب التذكاري الهام للخلافات مثل الكتابة على الجدران من قبل الزوار الحريصين على ترك أثر لرحلتهم“.

وقد فرضت الحكومة الإيطالية عقوبات أكثر صرامة إذ يواجه المخالفون الآن غرامة كبيرة تصل إلى 15,000 يورو والسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات. 

روماJoshua Kettle

قواعد لباس

إذا كنت تخطط لزيارة المواقع الدينية، فعليك أن تعلم أن جميع الكنائس في روما لديها قواعد لباس تتطلب منك تغطية كتفيك وركبتيك. أما بالنسبة للمواقع الأخرى مثل المنتدى الروماني أو السلالم الإسبانية، فلا تتطلب ذلك.

كما أنه من المهم التأكد من حالة الطقس قبل السفر. يقول مارجيوتا: ”أقترح عليك دائماً التحقق من توقعات الطقس، خاصةً فيما يتعلق بدرجات الحرارة، خاصةً خلال أشهر الصيف"

يمكن أن تصل درجات الحرارة في روما إلى 40 درجة مئوية في الصيف، لذا يجب على السائحين تجنّب مشاهدة المعالم السياحية خلال الساعات الأكثر حرارة في اليوم.

Relatedروما تحتفل بـ "ستة عقود من الإبداع": معرض فرناندو بوتيرو يفتح أبوابه حتى ديسمبرعصابة ينتحل أفرادها صفة نجم شهير وبلغة رومانسية يحتالون على امرأتين بمبلغ 325 ألف يورو، . فما القصة؟رومانيا: المتطوعون يساندون السلطات في جهود تنظيف المناطق المتضررة من الفيضاناتكيف تحسّن من تجربتك؟

ينصح مارجيوتا بإجراء الكثير من الأبحاث قبل السفر، والتأكد من كيفية شراء التذاكر السياحية مسبقاً.

ويضيف: ”أنصحك أيضاً بالانغماس في التجارب المحلية وتذوق العديد من الأطباق الشهية في العديد من المطاعم الرائعة في المدينة أو أماكن تناول الطعام في الشوارع".

اعلان

وأكد أن ”الاعتماد على الخبراء، مثل المرشدين السياحيين المحترفين، يمكن أن يجعل عطلتك في العاصمة الأزلية تجربة فريدة لا تُنسى".

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية موجة جفاف شديدة تضرب رومانيا وتتلف الزراعة وخسارة كبيرة في محصول عباد الشمس بينها طريق روماني ومناجم ذهب: هذه هي المواقع الجديدة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي لعام 2024 "حمّص تاون": مبادرة إنسانية في روما لمساعدة لاجئي الحرب السورية على الاندماج غرامة مالية سياحة اليوبيل روما أوروبا اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. اليوم الـ360 للحرب: إسرائيل تكثف قصفها على غزة ولبنان وتستعد لعملية برية "محدودة" في الشمال يعرض الآن Next فوز غير متوقع: حزب يميني متطرف يتصدر الانتخابات في النمسا للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية يعرض الآن Next الخارجية الإماراتية تستنكر استهداف مقر سفيرها في الخرطوم وتتهم الجيش السوداني بالتصعيد يعرض الآن Next ارتفاع حصيلة ضحايا الإعصار جون في المكسيك إلى 16 شخصاً على الأقل يعرض الآن Next قتلت نصر الله ورفاقه... كيف تعمل القنابل الخارقة للتحصينات؟ اعلانالاكثر قراءة محمد بن سلمان: لا تعنيني القضية الفلسطينية وغير مهتم بها شخصيا لكن شعبي يهتم الحرب في يومها الـ359: غارات إسرائيلية عنيفة على لبنان واليمن وانتشال جثة الأمين العام لحزب الله 80 قنبلة خارقة للتحصينات بزنة طن لكل واحدة وتفاصيل يرويها قائد سرب المقاتلات التي اغتالت نصر الله تقرير أمريكي: هكذا اغتالت إسرائيل حسن نصر الله هل المرشد الإيراني علي خامنئي الهدف المقبل بعد اغتيال نصر الله وهل نقل إلى مكان آمن بعد؟ اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالصراع الإسرائيلي الفلسطيني حزب اللهإسرائيلجنوب لبنانحسن نصر اللهغزةاعتداء إسرائيللبنانقصفقتلحركة حماسالحرس الثوري الإيراني Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • المندلاوي وشاخه وان ورؤساء الكتل السياسية يجتمعون للاتفاق على تمرير القوانين المختلف عليها
  • فصل التيار الكهربائي عن عدد من المناطق بالغردقة.. تعرف عليها
  • علامات تحذيرية لضعف القلب.. تعرف عليها
  • رحل حسن.. وبقي نصرُ الله
  • ما هي أهم التعديلات الجديدة بـ القانون الانتخابي التونسي 2024؟
  • مخالفات سياحية قد تُكبّدك غرامات مالية ضخمة في روما.. تعرّف عليها
  • تصعيد في الخطاب الانتخابي: ترامب يهاجم هاريس وبايدن بلهجة حادة
  • رفضه سعيد مرشحا وباركه رئيسا.. مجلس نواب تونس يقر تنقيح القانون الانتخابي
  • سيناتور: الأمريكيون يشككون في جدوى مواصلة دعم أوكرانيا بعد إهدار مليارات الدولارات عليها بلا فائدة
  • تأثير غزة على الناخبين العرب