عربي21:
2025-01-22@09:01:29 GMT

الأمريكيون العرب والمأزق الانتخابي المحيّر

تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT

من مظاهر تأزم أنظمة الديمقراطية الغربية المستمر منذ أكثر من عقدين أن الحياة السياسية لم تعد تتيح للناخب خيارا فعليا بين مرشحين أو حزبين مختلفين حقا.

فقد تشابه الساسة وتشابهت الأحزاب، واختلطت البرامج (على فرض وجودها) ولم تبق من فوارق تذكر. وإن وجدت فهي فوارق ضئيلة ضآلة لا تسوغ ترجيح مرشح أو حزب على آخر ترجيحا بيّنا.

ولهذا صح حكم المراقبين منذ منتصف التسعينيات بأن حزب العمال الجديد في بريطانيا ليس سوى نسخة من حزب المحافظين. وقد أجاد المعلق سايمون جنكينز في تحليل هذه الظاهرة في كتاب اختار له عنوانا بليغا هو "ثاتشر وأبناؤها". وأهم هؤلاء الأبناء السياسيين الحفظة على تركة تاتشر الإيديولوجية هما توني بلير وغوردون براون، مهندسا تحويل حزب العمال حزبا يمينيا لا فرق بينه وبين حزب التوري (المحافظين) إلا في سطحيّ التفاصيل. وقد بكّر الوعي السياسي الشعبي باستبانة هذه الحقيقة، حيث كان المحتجون آنذاك يرفعون أمام 10 داوننغ ستريت لافتات كتب عليها "توري بلير" (وليس توني). على أن ظاهرة اختلاط أنساب الأحزاب وانعدام الخيار الانتخابي هي أرسخ في الولايات المتحدة وأعرق، حيث شاع القول منذ زمن بعيد بأنه لا فارق بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلا بقدر الفارق بين الكوكاكولا والببسي كولا. ولكن بيل كلنتون، المعجب برونالد ريغان بالغ الإعجاب (!) هو الذي مضى بعملية الخلط هذه إلى غايتها القصوى عن وعي وتصميم.

هذا كلما تعلق الأمر بالسياسات الاجتماعية والاقتصادية عموما. أما المسألة التي يتحد فيها الحزبان الأمريكيان في إجماع بافلوفيّ مزمن، فهي مسألة نصرة إسرائيل ظالمة ومظلومة. ولهذا يجد الأمريكيون العرب والمسلمون اليوم أنفسهم في مأزق محير: لا يستطيعون التصويت لبايدن في رئاسيات هذا العام لأن التصويت له سيكون مكافأة على اشتراكه الفعال في حرب إبادة شعب غزة؛ ولكنهم يعلمون أن عدم التصويت لبايدن يعني المساهمة في تقوية احتمال فوز ترامب.

وإذا كانت كراهية بايدن قد خيلت لأحد بعض الأوهام بشأن موقف ترامب من غزة فها إن الرجل قد نطق، بعد خمسة أشهر من المراوغة، ليستحث الإسرائيليين على استكمال حربهم الإبادية ويخاطبهم محرضا: "عليكم إنهاء المشكلة". وترجمتها: أتموا المهمة. أجهزوا عليهم. أبيدوهم عن بكرة أبيهم!

ويتسق موقف ترامب من غزة مع موقفه من أوكرانيا. فقد قال قبل عامين إن الغزو الروسي لأوكرانيا عملية "عبقرية" وقرار "ألمعي"! أما أعضاء الناتو فقد هددهم الشهر الماضي بأنه سيشجع روسيا على فعل أي شيء تريد ضد أي دولة عضو لا تدفع ما عليها من مستحقات! وهو يقصد الدول التي لا تخصص من ناتجها المحلي النسبة المائوية المتفق عليها للإنفاق العسكري.

والواقع أن بين ترامب ونتنياهو شبها كبيرا من حيث تضخم الذات وإدمان الكذب والغدر والهوس بالمصلحة الشخصية إلى حد إشعال الفتن والحروب و"المشي على الجثث". أما أبرز ما يجمع بينهما فهو الاستخفاف بالمبادئ والقوانين وعدم احترام أحد والتعويل في كل شيء على القوة، كأن كلا منهما يلوح إلى العالم بأسره بإشارة اليد البذيئة التي يأتيها النزقون والمعربدون تعبيرا عن الاستهتار والمكابرة والعزة بالإثم. وقد حدث في فترة ما بين الحربين أن السياسي النازي رئيس مجلس شيوخ مدينة دانتزيغ (غدانسك البولندية حاليا) آرثر كارل غرايزر ألقى في مقر عصبة الأمم في جنيف يوم 13 يوليو 1936 خطابا عدوانيا استخف فيه بكل مطالب إبقاء المدينة حرة ووقف شتى أشكال السيطرة النازية عليها، ثم ترك مقعده وقبل أن يغادر القاعة التفت إلى جناح الصحافيين ووضع إبهامه على أنفه، في تلك الإشارة التي يراد بها الاستهزاء والاستهتار. ومعروف أن ستالين قلد هذه الحركة بعد ذلك بأعوام أمام المصورين، في لحظة دعابة نادرة في سيرة هذا الطاغية الذي أمر بقتل عشرات الملايين من البشر دون أن يرف له جفن. وقد كان رد المندوب البريطاني أنثوني إيدن عندما نبهه الصحافيون إلى فعلة غرايزر الشنيعة أن طلب منهم تجاهل هذا الجلف النازي.

وبالمثل، فالذي تفعله إسرائيل منذ تأسيسها إنما يتلخص في صورة قبيحة: دولة مارقة إبهامها على أنفها وهي تضحك وتقهقه وتصفّر في كل حين وتلوح بإشارات البذاءة إلى العالم كله مستهزئة بهيئة الأمم مستهترة بقانون الدول، فلا يجد الغرب ردا سوى تصنّع عدم الانتباه إلى همجية هذا الجلف الصهيوني.

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة ترامب بايدن امريكا غزة بايدن ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

أبزر الأوامر والقرارات التى وقع عليها ترامب فور تنصيبه.. وتصريح خطير قاله بشأن اتفاق غزة

وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب عددا كبيرا من الأوامر التنفيذية المهمة، ليل الاثنين 20 يناير 2025، من بينها مراسيم عفو عن نحو 1500 شخص من أنصاره شاركوا باقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) عام 2021 في محاولة منهم لتعطيل المصادقة على انتخاب جو بايدن رئيسا عام 2020.

وقال ترمب خلال التوقيع بعد وقت قصير من وصوله إلى البيت الأبيض «هؤلاء هم الرهائن نحو 1500 شخص سيتم العفو عنهم، عفوا كاملا». 

وكان ترمب قال في تجمّع شارك فيه بعد مراسم تنصيبه إنه سيلغي نحو 80 أمرا تنفيذيا اتخذتها الإدارة السابقة، مشيرا إلى أنه سينفذ أيضا تجميدا فوريا للوائح التنظيمية والتوظيف. وأضاف «سألغي نحو 80 قرارا تنفيذيا مدمرا ومتطرفا اتخذتها الإدارة السابقة».

*اتفاق الهدنة في غزة

وحول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) قال الرئيس الأميركي إنه غير واثق من الاتفاق، وأضاف للصحفيين في المكتب البيضاوي في أثناء توقيعه على أوامر تنفيذية في أول أيام فترة رئاسته الثانية، إن القطاع الفلسطيني المكتظ بالسكان يبدو وكأنه «موقع هدم ضخم» وتجب إعادة بنائه بطريقة مختلفة.

*رسوم جمركية

وقال ترمب إنه يفكر في فرض رسوم جمركية نسبتها 25 بالمئة على الواردات من كندا والمكسيك لأنهما تسمحان للعديد من الناس بعبور الحدود وكذلك لمخدر الفنتانيل. وأضاف أن الإجراء قد يصدر في أول فبراير (شباط). وقال إنه تحدث أمس الاثنين إلى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو.

*لقاء بوتين

وأوضح أنه سيلتقي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين لكنه أشار إلى أن موعد اللقاء لم يتحدد بعد. وأضاف أنه سيحاول إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا في أسرع وقت ممكن، واعتبر أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين «يدمر روسيا» برفضه التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا لإنهاء الحرب، وأضاف «يجب عليه أن يبرم صفقة. أعتقد أنه يدمر روسيا بعدم إبرام صفقة».

*جزيرة غرينلاند

وحول غرينلاند قال الرئيس الأميركي إن الولايات المتحدة بحاجة إلى السيطرة على هذه الجزيرة لضمان الأمن الدولي. وأدلى ترمب بهذه التعليقات أثناء توقيعه على أوامر تنفيذية في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في اليوم الأول من ولايته الرئاسية الثانية. وعندما سأله أحد الصحفيين عما إذا كان سيسافر إلى الصين هذا العام، قال «نعم، ربما. لقد تلقيت الدعوة».

*حظر «تيك توك»

ووقع كذلك أمرا بتأجيل حظر تطبيق المقاطع المصورة القصيرة تيك توك الذي كان من المقرر إغلاقه في 19 يناير (كانون الثاني). وعندما سُئل عم يتعلق الأمر الخاص تيك توك، قال ترمب «لقد أعطاني فقط الحق في بيعه أو إغلاقه.... وسنتخذ هذا القرار». وأمر وزير العدل بعدم اتخاذ أي إجراء بشأن تيك توك لمدة 75 يوما.

*توظيف أكفاء

وأوضح أنه سيصدر أيضا «تجميدا مؤقتا للتوظيف لضمان توظيفنا فقط الأشخاص الأكفاء المخلصين للشعب الأميركي». وأعلن ترمب في وقت سابق من أمس الاثنين عن إنشاء مجموعة استشارية تهدف إلى تنفيذ تخفيض شامل لقوة العمل في الحكومة وإلغاءات بالجملة للوكالات الحكومية، وهي الخطوة التي دفعت البعض إلى رفع دعاوى قضائية طعنا في هذه الخطوة.

*الانسحاب من اتفاقية المناخ

كما وقّع الرئيس الأميركي أمرا تنفيذيا بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، وذلك للمرة الثانية، في خطوة تشكل تحديا لجهود دولية تبذل لمكافحة الاحترار العالمي. وأعقب ترمب أمره بتوقيع رسالة رسمية موجّهة إلى الأمم المتحدة لإبلاغ الهيئة العالمية بأن بلاده تعتزم الخروج من الاتفاق المبرم في العام 2015 والساعي لخفض انبعاثات غازات الدفيئة المسببة لتغيّر المناخ.

*الانسحاب من منظمة الصحة

ووقع كذلك على أمر انسحاب بلاده من منظمة الصحة العالمية التي كان قد هاجمها في السابق بسبب طريقة مكافحتها لوباء كوفيد. وقال خلال توقيعه الأمر التنفيذي في البيت الأبيض إن المنظمة فشلت في التصرف باستقلالية بعيدا عن «التأثير السياسي» لأعضائها، وهي تطلب من الولايات المتحدة «مدفوعات باهظة بشكل غير منصف» لا تتناسب مع المبالغ التي تقدمها بلدان أخرى أكبر، مثل الصين، مضيفا «منظمة الصحة العالمية احتالت علينا».

*العفو عن أفراد من اليمين المتطرف في إسرائيل

وألغى الرئيس الأميركي العقوبات التي فرضتها إدارة سلفه جو بايدن على جماعات وأفراد من المستوطنين الإسرائيليين من اليمين المتطرف لارتكابهم أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. وذكر الموقع الإلكتروني الجديد للبيت الأبيض أن ترمب ألغى الأمر التنفيذي رقم 14115 الصادر في أول فبراير (شباط) 2024، والذي سمح بفرض عقوبات معينة «على الأشخاص الذين يقوضون السلام والأمن والاستقرار في الضفة الغربية».

*وقف المساعدات الإنمائية

وأمر ترمب بوقف المساعدات الإنمائية الخارجية لمدة 90 يوما في انتظار تقييم مدى فعاليتها واتساقها مع السياسة الخارجية الأميركية. ونص الأمر التنفيذي الذي وقعه على أن «جميع رؤساء الإدارات والوكالات المسؤولة عن برامج المساعدات الإنمائية الخارجية للولايات المتحدة يجب أن يوقفوا على الفور الالتزامات الجديدة وصرف أموال المساعدات الإنمائية».

*أوامر للحد من الهجرة

ووقع أوامر تنفيذية تعلن الهجرة غير الشرعية على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك حالة طوارئ وطنية، وتصنف العصابات الإجرامية منظمات إرهابية، وتستهدف الجنسية التلقائية للأطفال المولودين في الولايات المتحدة من المهاجرين غير الشرعيين في البلاد. ووقع أيضا أمرا من المتوقع أن يعلق برنامج إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة لمدة أربعة أشهر. ولم يتوفر بعد نص الأوامر.

*التحقيق في العجز التجاري

كما أمر ترمب الوكالات الاتحادية «بالتحقيق في العجز التجاري الأميركي المستمر وسده»، ومعالجة ممارسات التجارة غير العادلة والتلاعب بالعملة من جانب دول أخرى. جاء ذلك في مسودة مذكرة تجارية للبيت الأبيض اطلعت عليها وكالة "رويترز" للأنباء والتي لم تصل إلى حد الأمر بفرض رسوم جمركية جديدة فورية.

وتأمر المذكرة، المتوقع توقيعها قريبا، الوكالات الاتحادية أيضا بتقييم أداء الصين بموجب «المرحلة الأولى» من اتفاق التجارة الذي وقعه مع بكين في 2020 لإنهاء حرب الرسوم الجمركية التي استمرت قرابة عامين. وكان الاتفاق تتطلب من الصين زيادة مشترياتها من الصادرات الأميركية بمقدار 200 مليار دولار على مدى عامين، لكن بكين لم تلب هذا الهدف مع انتشار جائحة كوفيد-19. وجاء في المذكرة أيضا «سيتم الآن تقييم مدى التزام الصين بهذا الاتفاق، لتحديد ما إذا كان الأمر يتطلب التنفيذ أو التغيير».

*تغيير اسم خليج المكسيك

كما وقع الرئيس ترمب أمرا تنفيذيا لتغيير اسم خليج المكسيك إلى «خليج أميركا». وزعم ترمب في نص الأمر التنفيذي أن هذا المسطح المائي «كان منذ فترة طويلة من الأصول الأساسية لأمتنا التي كانت مزدهرة في الماضي، وقد ظل جزءا لا يتجزأ من أميركا». وجاء في الأمر: «كان الخليج شريانا حيويا للتجارة المبكرة لأميركا والتجارة العالمية».

وكان ترمب قد أعلن في مؤتمر صحافي في 7 يناير (كانون الثاني) في منتجع مارالاغو في بالم بيتش بفلوريدا، عن خطته لتغيير اسم خليج المكسيك إلى «خليج أميركا»، مضيفا أن «المكسيك يجب أن تتوقف عن السماح لملايين الأشخاص بالتدفق إلى بلادنا». وفي ردها على اقتراح ترمب، قالت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم باردو في مؤتمر صحافي في 8 يناير: «من الواضح أن خليج المكسيك معترف به من قبل الأمم المتحدة... لكن لماذا لا نسمي هذه «أميركا المكسيكية؟.

مقالات مشابهة

  • عبد الله حسن: لا بد أن يظهر العرب القضية الفلسطينية كمحور القضايا
  • السفير حسين هريدي: عدة ملفات سيعمل عليها ترامب خلال ولايته الثانية
  • المسند: اقتراح ترامب لتغيير اسم خليج المكسيك أمر مستحيل.. فيديو
  • هدد ترامب بالسيطرة عليها.. أبرز المعلومات عن قناة بنما
  • 29 يناير.. مؤتمر القوى الوطنية الليبية حول النظام الانتخابي وتحقيق المصالحة
  • أسماء بارزة في إدارة ترامب.. تعرف عليها
  • أبزر الأوامر والقرارات التى وقع عليها ترامب فور تنصيبه.. وتصريح خطير قاله بشأن اتفاق غزة
  • ترامب يلغي 80 إجراءًا تنفيذيًا وقعت عليها إدارة بايدن في أول يوم لـ رئاسته .. فيديو ‎
  • رغم تأكيده الحصول على تفويض واسع..الأمريكيون لا يدعمون ترامب بشكل كامل
  • بايدن: إدارة ترامب يقع عليها عاتق تنفيذ اتفاق غزة