حكم الفطر لطول مدة الصيام في شهر رمضان.. ماذا قال الفقهاء عنه؟
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
حكم الفطر لطول مدة الصيام في شهر رمضان وهل طول ساعات الصيام في الصيف عذرا يبيح الإفطار؟، سؤال أجابته دار الإفتاء المصرية، حيث سائل يقول: هل يُعَدُّ طولُ ساعات الصيام في الصيف عذرًا مبيحًا للفطر في رمضان؟
هل طول ساعات الصيام في الصيف عذرا يبيح الإفطار؟وقالت الإفتاء، إن طول ساعات النهار في حال الاعتدال -بحيث لا تصل إلى ثماني عشرة ساعة على المفتى به- لا يُعَدُّ في حَدِّ ذاته عذرًا شرعيًّا مُبِيحًا للفطر، ما دام الصوم في طَوْقِ المكلَّف ولو مع حصول المشقة المعتادة، ولا يؤثر في صحته تأثيرًا حقيقيًّا يعود عليه بالضرر -فضلًا عن الهلاك- الذي يقرِّرُه الواقعُ وتجربةُ المكلَّف أو أهلُ التخصُّص مِن الأطباء.
فإذا شقَّ على المكلَّف الصيامُ بحيث يؤثِّر في صحته -فضلًا عن خوف الهلاك- طولُ ساعات نهار الصوم بشكلٍ يَصعُبُ عليه احتمالُهُ، فحينئذٍ يكون الفطرُ رخصةً في حَقِّهِ كما هو رخصةٌ للمريض والمسافر، ويكون عليه القضاء بعد ذلك.
وحول بيان المراد بالصيام، الصوم في اللغة: الإمساك مطلقًا عن الطعام والشراب والنكاح والسَّيْر والكلام، ومِنه: قول الله تعالى حكايةً عن السيدة مريم عليها السلام: ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ [مريم: 26]؛ أي: إمساكًا وسكوتًا عن الكلام، كما في "مقاييس اللغة" لجمال الدين ابن فارس (3/ 323، ط. دار الفكر)، و"المصباح المنير" للعلامة الحَمَوِي (1/ 352، ط. المكتبة العلمية)، و"التعريفات" للشريف الجُرْجَانِي (ص: 136، ط. دار الكتب العلمية).
وفي الشرع: إمساك مخصوص عن شَهْوَتَيِ الفَمِ والفَرْجِ، أو ما يقوم مقامهما؛ مخالفةً للهوى في طاعة المولى، في جميع أجزاء النهار، بنيَّةٍ قبل الفجر أو معه إن أمكن، فيما عدا زمن الحيض والنفاس وأيام الأعياد، كما في "الاختيار لتعليل المختار" للإمام مجد الدين ابن مَوْدُود المَوْصِلِي (1/ 128، ط. الحلبي)، و"الذخيرة" للإمام شهاب الدين القَرَافِي (2/ 485، ط. دار الغرب الإسلامي).
فضل الصيام واختصاص الله سبحانه بتقدير ثوابهصوم رمضان ركنٌ مِن أركان الإسلام، وفريضةٌ فَرَضَها اللهُ سبحانه وتعالى على كلِّ مسلمٍ مكلَّفٍ صحيحٍ مُقيمٍ مستطيعٍ خَالٍ من الموانع، قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].
ولِعِظَمِ فضل الصيام، وكونه مِن أَجَلِّ العبادات، اختَصَّ اللهُ سبحانه نَفْسه بتقدير ثواب الصائم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي» متفقٌ عليه.
وقت وجوب الصياموَقْتُه الواجبُ: مِن أوَّل النهار إلى آخِره، فيبدأ المكلَّفُ الصحيحُ المقيمُ صومَهُ مِن طلوع الفجر الثاني، وينتهي بغروب الشمس، قال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187].
وهذا الوقتُ المحدَّد للصوم محلُّ اتفاقٍ بين الفقهاء. ينظر: "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع" لعلاء الدين الكاساني الحنفي (2/ 77، ط. دار الكتب العلمية)، و"التبصرة" للإمام اللَّخْمِي المالكي (2/ 722، ط. أوقاف قطر)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (6/ 303، ط. دار الفكر)، و"الكافي" للإمام ابن قُدَامَة الحنبلي (1/ 438، ط. دار الكتب العلمية).
تأخير الصائم أذكار الصلاة وسنة المغرب لحين الانتهاء من الإفطار.. الإفتاء توضح الحكم حكم اشتراط صاحب المال على المضارب المتاجرة في سلعة معينة.. دار الإفتاء ترد حكم الفطر لطول مدة الصيام ونصوص الفقهاء في ذلكطول ساعات نهار الصوم كما قد يحدث في الصيف لكن في حَدِّ الاعتدال -بحيث لا تَصِلُ إلى ثماني عشرة ساعة على المفتى به- لا يُعَدُّ عذرًا شرعيًّا مُبِيحًا للفطر ولو مع حصول المشقة، ما دامت هذه المشقةُ مُحْتَمَلَةً لا تؤثر في الصائم تأثيرًا يعود عليه بالضرر الذي يقرِّرُه الواقعُ وتجربة المكلَّف أو أهلُ التخصُّص مِن الأطباء، ولم يكن مريضًا بحيث "يؤذيه الصوم ويَتَكَلَّفُهُ ويَخافُ على نَفْسِهِ منه"؛ كما قال الإمام ابن القَطَّان في "الإقناع" (1/ 229، ط. الفاروق الحديثة)، ولأن المشقة لا تَنْفَكُّ عن التكاليف الواجبة غالبًا، كما جاء في "الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني" (5/ 2125، ط. الجيل الجديد).
قال الإمام شهاب الدين القَرَافِي في "الفروق" (1/ 118، ط. عالم الكتب): [المَشَاقُّ قِسمان: أحدهما لا تَنْفَكُّ عنه العبادة، كالوضوء والغُسل في البرد، والصوم في النهار الطويل، والمخاطَرَة بالنفس في الجهاد، ونحو ذلك، فهذا القِسم لا يوجب تخفيفًا في العبادة؛ لأنه قُرِّرَ مَعَهَا] اهـ.
فإذا شقَّ على المكلَّف الصيامُ بحيث يؤثِّر في صحته -فضلًا عن خوف الهلاك- طولُ ساعات نهاره المعتدلة بشكلٍ يَصعُبُ عليه احتمالُهُ، فحينئذٍ يكون الفطرُ رخصةً في حَقِّهِ كما هو رخصةٌ للمريض والمسافر، وذلك بجامع حصول المشقة في كُلٍّ، ويجوز له في هذه الحالة الإفطار شرعًا، وذلك للمشقة لا طول ساعات نهار الصوم المعتدلة مِن غير اختلالٍ فيها، إذ مِن سَعَةِ الشريعة الإسلامية ورَحْمَتِهَا بالمكلَّفين أنْ رَفَعَت عنهم المشقةَ والحرجَ، قال الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: 78].
ومِن أَجْل ذلك عَقَّب اللهُ تعالى فَرْضَ الصوم بالتيسير على مَن يَشُقُّ عليه مشقةً غير معتادة، فقال سبحانه: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 184].
ولا يَخفى أنَّ حِفظ النفوس واجبٌ ما أمكن، فوَجَب على المكلَّف إنْ خاف هلاكًا، أو شديدَ أذًى، بسبب طول ساعات الصيام، أن يُفطر، فليس إهلاكُ الإنسان أو تكليفُه ما لا يُطِيقُ احتمالَهُ مِن مقصود الصوم؛ لقول الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقوله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، وقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29].
قال الإمام بدر الدين العَيْنِي الحنفي في "البناية شرح الهداية" (4/ 76، ط. دار الكتب العلمية): [قال فخر الإسلام: إن المرض لا يوجب إباحة الإفطار بنَفْسه، بل لِعِلَّةِ المشقة بإجماع عامة العلماء... أما السفر فإنه يوجب الإباحة؛ لأنه لا يخلو عن مشقة... ثم المرض على أقسام سبعة: فخفيفٌ لا يَشُقُّ معه الصوم ويَنعقد، وخفيفٌ لا يشق منه ولا ينعقد، وشاقٌّ لا يزيد بالصوم، وشاقٌّ يزيد به، وشاقٌّ لا يزيد به ولكن يحدث مع الصوم علةٌ أخرى، وشاقٌّ يُخْشَى طولُه، وصحيحٌ يُخْشَى المرض به، فالأول والثاني كالصحيح الذي لا يضره الصوم فلا يفطر، والثالث يتخير، والرابع والخامس والسادس يفطر، وإن صاموا أجزأهم على الصحيح، الذي يخشى المرض به كالمرض الذي تخشى زيادته] اهـ.
وقال العلامة سراج الدين ابن نُجَيْم الحنفي في "النهر الفائق شرح كنز الدقائق" (2/ 28، ط. دار الكتب العلمية): [والصحيح الذي يخشى المرض كالمريض، ولا تنافي بينهما؛ لأن الخشية بمعنى غلبة الظن، بخلاف مجرد الخوف] اهـ.
وقال الإمام الخَرَشِي المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 261، ط. دار الفكر): [(ص) وبمرضٍ خاف زيادَتَه أو تَمَادِيهِ (ش) هذا معطوفٌ على قوله: "بسَفَرِ قَصْرٍ"، والباء للسببية، أي: وجاز الفطر بسبب مرضٍ خاف زيادته، ومنه: حدوث عِلَّةٍ، أو تماديه بالصوم، وبعبارةٍ أخرى: أي زيادة نوعه بأن تَحدُث له علةٌ أخرى، فإن خاف على نفسه الهلاك، أو أن يلحقه مشقة عظيمة، فإنه يجب عليه الإفطار؛ لأنَّ حفظ النفوس واجب ما أمكن، وإليه أشار بقوله: (ص) ووَجَب إن خاف هلاكًا، أو شديدَ أذًى (ش) أي: مشقة عظيمة... فمجرد الخوف كافٍ في وجوب الفطر، ولا يشترط وجود المخوف منه، وهو الهلاك، أو شديد الأذى] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (6/ 258): [شرط إباحة الفطر: أن يَلْحَقَهُ بالصوم مشقة يشق احتمالها... (فرع) قال أصحابنا وغيرهم: مَن غلبه الجوع والعطش، فخاف الهلاك، لزمه الفطر وإنْ كان صحيحًا مقيمًا... ويلزمه القضاء كالمريض، والله أعلم] اهـ.
وقال العلامة أبو السعادات البُهُوتِي الحنبلي في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 476، ط. عالم الكتب): [(وَ) سُنَّ فِطْرٌ وَكُرِهَ صَوْمٌ (لخوفِ مرضٍ بعطشٍ أو غيرِهِ)... ولأَنَّه في معنى المريضِ؛ لِتَضَرُّرِهِ بِالصَّوْمِ] اهـ.
وشددت بناءً على ذلك: فإنَّ طُولَ ساعات النهار في حال الاعتدال -بحيث لا تصل إلى ثماني عشرة ساعة على المفتى به- لا يُعَدُّ في حَدِّ ذاته عذرًا شرعيًّا مُبِيحًا للفطر، ما دام الصوم في طَوْقِ المكلَّف ولو مع حصول المشقة المعتادة، ولا يؤثر في صحته تأثيرًا حقيقيًّا يعود عليه بالضرر -فضلًا عن الهلاك- الذي يقرِّرُه الواقعُ وتجربةُ المكلَّف أو أهلُ التخصُّص مِن الأطباء، فإذا شقَّ على المكلَّف الصيامُ بحيث يؤثِّر في صحته -فضلًا عن خوف الهلاك- طولُ ساعات نهار الصوم بشكلٍ يَصعُبُ عليه احتمالُهُ، فحينئذٍ يكون الفطرُ رخصةً في حَقِّهِ كما هو رخصةٌ للمريض والمسافر، ويكون عليه القضاء بعد ذلك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الصيام دار الإفتاء شهر رمضان دار الکتب العلمیة ساعات الصیام قال الإمام الصیام فی على المکل طول ساعات ر فی صحته احتمال ه اهـ وقال الصوم فی فی الصیف فضل ا عن
إقرأ أيضاً:
قبل أذان الفجر بساعة.. ادعو الله بما شئت من الأرزاق لـ17 سببا
لاشك أنه ليس من الحكمة تفويت وقت السحر قبل أذان الفجر بساعة و الذي يعرف بآخر ساعة من الثلث الأخير من الليل، وهو أفضل جزء من الليل كما يعد من أفضل الأوقات التي كثرت الوصايا لاغتنامها سواء في الكتاب العزيز أو السُنة النبوية الشريفة، فالجميع يعرف أن الوقت قبل أذان الفجر بساعة يعد من الأوقات المباركة التي لها فضل عظيم، لكن بالنسبة لمعرفة ماذا يحدث قبل أذان الفجر بساعة في الدنيا وبالتفصيل فهذا ما يجهله الكثيرون، والدليل على ذلك أنهم يفرطون في هذه الساعة كثيرة الفضل، لأنهم لو علموا ماذا يحدث قبل أذان الفجر بساعة لحرصوا على الفوز بهذه الساعة.
هل صلاة الفجر علامة على حب الله لك؟.. انتبه لـ10 أسرار هل صلاة الفجر بعد الشروق حرام؟.. احذره للنجاة من 20 مصيبة قبل أذان الفجر بساعةثبت في السنة الصحيحة، بما رواه البخاري ومسلم، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الله سبحانه وتعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» ، أي أنه عن ماذا يحدث قبل أذان الفجر بساعة ، فإن أول ما يحدث أن الله سبحانه وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة، ومعنى ذلك أن الله ينزل نزولا يليق بجلاله وعظمته في هذا الوقت، ولا يسأل ملائكته عن عباده وإنما يتفقد أحوالهم عز وجل ، ثم يستجيب لمن يدعونه في هذه الساعة.
وورد عنه أيضًا فإنه عز وجل يعطي من يسأله حاجة من حوائج الدنيا أو الآخرة، وينظر لمستغفريه فيغفر لهم ذنوبه وخطاياهم، ويرزق من يطلبون الرزق، ويكون الله جل في علاه أقرب ما يكون من عباده في هذه الساعة، لذا أوصى -صلى الله عليه وسلم- بذكر الله في جوف الليل الأخير، فقد ورد في جامع الترمذي، أن النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَقُولُ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ العَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ».
وجاء أنه كذلك هذا وقتٌ شريفٌ مرغَّبٌ فيه، خصَّه اللهُ تعالى بالنُّزولِ فيه، وتفضَّلَ على عبادِه بإجابةِ مَن دعا فيه، وإعطاءِ مَن سأَله؛ إذ هو وقتُ خَلوةٍ وغفلةٍ واستغراقٍ في النَّومِ، واستلذاذٍ به، ومفارقةُ اللَّذَّةِ والرَّاحةِ صعبةٌ على العبادِ؛ فمَن آثَر القيامَ لمناجاة ربِّه والتضرُّعِ إليه في غفران ذنوبِه، وفي ماذا يحدث قبل أذان الفجر بساعة فإن الله سبحانه وتعالى يفك رقاب عباده مِن النَّار، ويتوب على من سأَله التَّوبةَ في هذا الوقتِ الشَّاقِّ، على خَلوةِ نفسِه بلذَّتِها، ومفارقةِ راحتِها وسَكَنِها- فذلك دليلٌ على خُلوصِ نيَّتِه، وصحَّةِ رغبته فيما عند ربِّه، فضُمِنت له الإجابةُ الَّتي هي مقرونةٌ بالإخلاصِ وصدقِ النِّيَّةِ في الدُّعاء؛ إذ لا يقبَلُ اللهُ دعاءً مِن قلبٍ غافلٍ لاهٍ؛ فلذلك نبَّه اللهُ عبادَه إلى الدُّعاء في هذا الوقتِ.
كما ورد أن بهذا الوقت تخلو فيه النَّفسُ مِن خواطرِ الدُّنيا؛ ليستشعِرَ العبدُ الإخلاصَ لربِّه، فتقَعَ الإجابةُ منه تعالى؛ رِفقًا مِن اللهِ بخَلقِه، ورحمةً لهم، ففي ماذا يحدث قبل أذان الفجر بساعة فإن الله عز وجل ينزل رحمته ويمن عليهم بالسكينة.
ويجزل الله تعالى الثواب والأجر عن قيام الثلث الأخير من الليل والصلاة، لأنه يعد من العبادات المفضلة عند الله تعالى، وكان النبي صلى الله عليه وسلّم لا يتركها، وقد وقد خصّ الله تعالى عباده الذين يقومون الثلث الأخير من الليل بالأجر العظيم لأن القائم يهجر فراشه الدافئ والنوم المريح ليعبد الله عز وجل والناس نيام، لذلك فعلى المؤمن حقًا استغلال هذا الوقت، ماذا يحدث قبل أذان الفجر بساعة ، يمدح الله تعالى لمن يقيم الليل ومن ضمنها آخر ساعة قبل أذان الفجر ، قال عز وجل: «تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16)فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)» من سورة السجدة، وكذلك المستغفرين في هذا الوقت ، فقال الله تعالى: «وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ» الآية 17من سورة آل عمران، وقل عز وجل: وقال تعالى: «وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ » سورة الذاريات، وليس هناك أعظم من مديحٍ قادمٍ من رب الكون أجمعين.
وتحقيق علامات المتقين، ويذكرهم الله تعالى بأحسن الذكر كما قال عز وجل : «إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(15) آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ(16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ(17) وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ(18)» من سورة الذاريات، وقد استحقوا هذه المنزلة لأنّ في قيام الليل مجاهدة للنفس والشهوات، ماذا يحدث قبل أذان الفجر بساعة ، القائم بهذه الساعة يجلس بين يدي الله خائفًا متضرعًا ليغفر له ويرحمه ويستحق هذه المنزلة، كما يتحقق الخشوع في الصلاة ، وامتيازها بالإخلاص لأن القائم يقوم لوحده بعيدًا عن أعين الناس النيام ممّا يضمن نقاء نيته ويحميه من دخول الرياء إلى قلبه.
وورد أن قيام الليل بهذه الساعة يوجب للمؤمن دخول جنة الله تعالى، وقد وضّح النبي -صلى الله عليه وسلّم- بأنّ من قام الليل يدخل الجنة من دون عذابٍ، ماذا يحدث قبل أذان الفجر بساعة ، كسْب شرف المؤمن، فالبعض يظن أنّ الشرف يأتي بالمال، أو المناصب، أو الشهادة ولكن وضّح النبي -صلى الله عليه وسلّم- أنّ قيام الليل هو شرف المؤمن، وذلك لأن قيام الليل دليلٌ على قوة إيمان العبد وإخلاصه وثقته بالله تعالى.
وجاء أن الصلاة مقبولة فالله عز وجل يقبل الصلاة من عبده في هذه الساعة، كما أن الله سبحانه وتعالى يثنى على المؤمنين الذين يتعبدون في هذا الوقت، فيما ورد بقوله: « وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا» الآية 64 من سورة الفرقان، ماذا يحدث قبل أذان الفجر بساعة ، في هذا الوقت هو وقت إجابة الدعاء وقراءة القرآن والطاعات مستحبة في هذا الوقت والصلاة فيه مفضلة كما جاء في الحديث: «أفضل الصلاة صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه ويقوم سدسه».
وورد أن الله سبحانه وتعالى يغفر الذنوب للقائمين لله لذلك وجب على المسلم أن يزيد من الاستغفار في هذه الأوقات، فهذا الوقت فيه دأب الصالحين وتجارة المؤمنين ففي الليل يخلو المؤمنون بربهم ويشكون إليه أحوالهم ويسألونه من فضله ويعكفون على مناجاته ويتضرعون إليه، ماذا يحدث قبل أذان الفجر بساعة ، أن الله سبحانه وتعالى يوسع الأرزاق ويمدد عباده بالأموال والأولاد ويفرج هم المكروبين ويجعل لهم من كل ضيق مخرجا ويرزق عباده من حيث لا يحتسبون وقال تعالى: « فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)» من سورة نوح، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ورزقه من حيث لا يحتسب»، ويستمر عطايا الله عز وجل ومنحه ونفحاته حتى طلوع الفجر.
وروي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ اسْمُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ، فَلِذَلِكَ كَانُوا يُفَضِّلُونَ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ عَلَى صَلَاةِ أَوَّلِهِ. رواه الإمام أحمد في "المسند" (13 / 35)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (2 / 196)، وقد وردت زيادات أخرى: فعند الإمام أحمد في "المسند" (15 / 362): هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟ ، وعنده أيضا في "المسند" (12 / 478): مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَرْزِقُنِي فَأَرْزُقَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَكْشِفُ الضُّرَّ فَأَكْشِفَهُ عَنْهُ؟، وعن ماذا يحدث قبل أذان الفجر بساعة ، فجاء أيضًا َعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ كُلَّ سَحَرَةٍ مِنَ السَّمَاءِ مَنْ سَائِلٌ يُعْطَى مَنْ دَاعٍ يُجَابُ، أَوْ مُسْتَغْفِرٌ يُغْفَرُ لَهُ، فَيَسْمَعُهُ مَنْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، أَفَلَا تَرَى الدِّيَكَةَ وَأَشْبَاهَهَا مِنَ الدَّوَابِّ تَصِيحُ تِلْكَ السَّاعَةَ .
وجاء أن أكثر الأوقات المفضلة لله عند عبادته هي أوقات الظلمة والليل واختلاء العبد بربه، فذكر في رواياتٍ عديدة أن الله رفع العذاب والشدّة عن أهل الأرض، كرامةً لأولئك الذين يستغفرونه ويعبدونه في الليل وفي أوقات السحر، ماذا يحدث قبل أذان الفجر بساعة ، بل وذكر عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيما بلغه لنا أن صوت المستغفرين في الأسحار من الأصوات التي يحبها الله.
أفضل دعاء قبل أذان الفجر بساعةورد أفضل دعاء قبل أذان الفجر بساعة من خمسة وثلاثون كلمة يغفر الذنوب إذا ما رددها المُسلم وهو موقن بها، فمات من يومه، دخل الجنة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِى وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِى، اغْفِرْ لِى، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا ، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِىَ ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ بِهَا ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ ، فَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » .
أحب الأذكار قبل أذان الفجر بساعةالذكر بمفهومه الخاص يعني: ذكر الله -عز وجل- بالألفاظ الواردة في القرآن الكريم، أو السنة النبوية الشريفة، والتي تتضمن تمجيد الله، وتعظيمه، وتوحيده، وتقديسه، وتنزيهه عن كل النقائص، ومن هذه الأذكار:
1- قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قال لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لَا شرِيكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ، ولَهُ الحمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قديرٌ، فِي يومٍ مائَةَ مرةٍ، كانتْ لَهُ عِدْلَ عشرِ رقابٍ، وكُتِبَتْ لَهُ مائَةُ حسنَةٍ، ومُحِيَتْ عنه مائَةُ سيِّئَةٍ، وكانَتْ لَهُ حِرْزًا منَ الشيطانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حتى يُمْسِيَ، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ مِمَّا جاءَ بِهِ، إلَّا أحدٌ عَمِلَ عملًا أكثرَ مِنْ ذلِكَ».
2- وقوله صلى الله عليه وسلم: «أيَعجِزُ أحَدُكم أنْ يَكسِبَ كُلَّ يَومٍ ألْفَ حَسَنةٍ؟ فقال رَجُلٌ مِن جُلَسائِهِ: كيف يَكسِبُ أحَدُنا ألْفَ حَسَنةٍ؟ قال: يُسبِّحُ مِئةَ تَسبيحةٍ؛ تُكتَبُ له ألْفُ حَسَنةٍ، أو يُحَطُّ عنه ألْفُ خَطيئةٍ».
3- وقال عليه الصلاة والسلام: «مَن قال: سبحانَ اللهِ وبِحَمدِهِ، في يَومٍ مِئةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خطاياه، وإنْ كانتْ مِثلَ زَبَدِ البَحرِ».
- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأحد الصحابة الكرام: «ألَا أدُلُّكَ علَى كَلِمَةٍ هي كَنْزٌ مِن كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ لا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ».
4-وقال صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ».