سرايا - بينما يرتفع صخب العالم احتفالاً بإنجازات المرأة في يومها العالمي، الذي يوافق 8 مارس/ آذار من كل عام، تبقى الأم الغزية نجلاء سلمان غير مبالية بهذه الاحتفالات.

فمثل غيرها من الأمهات في قطاع غزة، تركز نجلاء (37 عاما) كل جهودها على مهمتها الحقيقية، وهي إطعام أطفالها وضمان بقائهم على قيد الحياة، في ظل ممارسات التجويع التي تفرضها إسرائيل بالتزامن مع حربها الحالية على القطاع.



ولإنهاء المهمة سريعًا، طلبت الأم الفلسطينية من احد الصحفيين الانتظار قليلاً قبل الحديث معه، فإشباع بطون أطفالها الذين يصرخون من شدة الجوع أولى من أي شيء آخر.

نجلاء اضطرت إلى النزوح مع عائلتها إلى مستشفى "اليمن السعيد" في مدينة جباليا شمالي قطاع غزة بعد قصف جيش الاحتلال منزلها في بلدة بيت لاهيا الواقعة أيضا شمالي القطاع، ما أدى إلى استشهاد والدها.

فيما أجبر جيش الاحتلال زوجها على النزوح إلى مناطق جنوبي القطاع.

ولم تجد نجلاء طعاما آخر لتوفيره لأطفالها الجائعين سوى هذا الحساء المكون من صلصة البندورة والماء، لتسكت به جوعهم في ظل شح الطعام شمالي غزة.

** الوجبة الأولى والأخيرة

وفي ظل ظروف صعبة، وعدم توفر إمكانيات طهي جيدة، تقف نجلاء أمام موقد بدائي منذ ساعات الصباح، منشغلة في إعداد الطعام لأطفالها الذين ينتظرون بفارغ الصبر تناول وجبتهم الأولى والأخيرة لهذا اليوم.

وتقول نجلاء لمراسل الأناضول: "طعامنا اليوم هو مجرد مياه وصلصلة البندورة، أطفالي منذ الصباح يصرخون يريدون تناول الطعام".

وتضيف: "رغم الظروف الصعبة التي تواجه المرأة في غزة، فإنها ما زالت صامدة، وتتحمل الجوع والفقر والتشرد".

وتتابع: "نعمل كل ما في وسعنا لتوفير الطعام لأطفالنا الذين ينتظرونا بفارغ الصبر، على الرغم من ندرة الطعام في شمال غزة بسبب الحصار الإسرائيلي".

وجراء ممارسات التجويع الإسرائيلي، توفي 20 فلسطينيا في قطاع غزة، أغلبهم من الأطفال، وفق أحدث أرقام بهذا الخصوص أعلنتها وزارة الصحة في قطاع غزة، الأربعاء.

** "المرأة الغزية تستحق الإشادة"

وتلفت نجلاء إلى أن "المرأة في غزة تستحق الإشادة بسبب صمودها في وجه ظروف صعبة جراء الحرب والحصار وقلة الموارد والطعام والمياه".

وتوضح: "منذ بداية الحرب، تحملنا الصبر وتعبنا، نبذل جهوداً كبيرة للعثور على المياه والطعام، وتعرضنا للإهانة والظلم".

وتضيف: "ما زلت شابة صغيرة في السن، لكنني بدأت أعاني الأمراض بسبب حمل المياه والجلوس لفترات طويلة عند النار لطهي الطعام".

** ضغوط نفسية كبيرة

وتتحدث نجلاء عن مشكلة أجرى تواجه المرأة في قطاع غزة في ظل الحرب.

وتوضح أن النساء والفتيات في غزة يواجهن ضغوطًا نفسية كبيرة؛ حيث يجدن صعوبة في الحصول على الفوط الصحية خلال فترة الحيض بسبب ندرة وجودها، ما يتسبب في تعرضهن لظروف محرجة.

ووفقًا لإحصائية للأمم المتحدة، يوجد في قطاع غزة أكثر من 690 ألف امرأة وفتاة في سن الحيض بحاجة ماسة إلى الفوط الصحية خلال فترة الدورة الشهرية، إضافة إلى الحاجة للمياه النظيفة والمراحيض والخصوصية.

وتختم نجلاء حديثها مناشدة نساء العالم الوقوف إلى جانب نظيراتهن في قطاع غزة اللواتي يعانين ويلات الحرب والتدمير والجوع والتشريد.

** "نسعى للكرامة كبقية نساء العالم"

بدورها، تشارك الفتاة سندس (18 عاما)، شقيقة نجلاء، تفاصيل حياتها مع مراسل الأناضول أثناء مساعدتها لشقيقتها في إعداد الطعام، حيث قالت: "نسعى للكرامة كبقية نساء العالم".

وتضيف: "على الرغم من صغر سني فإنني شعرت أن الأيام الصعبة جعلتني أكبر من عمري بكثير".

وتتابع: "رغم تعرضي لقصف إسرائيلي وفقدان والدي الذي استشهد، وبالرغم من أن أسرتي مكونة فقط من الفتيات، فإنني مستعدة للمساعدة في جلب المياه والبحث عن الطعام".

وتشير إلى أنها في كثير من الأيام تضطر إلى الصبر على الجوع، إذ لا تجد طعامًا لتناوله لمدة تزيد عن يومين.

وتعبر الفتاة الفلسطينية عن أملها أن يكون لها حقوق مثل نساء العالم، وتتمنى أن تنتهي الحرب قبل حلول شهر رمضان المبارك، المتوقع أن يحل في 11 مارس/ آذار الجاري.

وتوجه سندس، أيضًا، نداءً إلى نساء العالم للوقوف بجانب الفلسطينيات في قطاع غزة في مواجهة التحديات والصعوبات.

** 8900 شهيدة غزية و2100 مفقودة

وعن معاناة المرأة الغزية في ظل الحرب، قال مدير عام المكتب الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة، لمراسل الأناضول: "استشهد خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع 8 آلاف و900 امرأة فلسطينية، وأُصيبت نحو 23 ألفا".

وأضاف: "هناك 2100 امرأة مفقودة، و60 ألف سيدة حامل معرضة للخطر لعدم توفر الرعاية الصحية، كما أن هناك مليون امرأة نازحة".

وجراء الحرب والقيود الإسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتي غزة والشمال على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عامًا.

وخلّفت الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية ودمار هائل بالبنية التحتية، ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: نساء العالم فی قطاع غزة المرأة فی

إقرأ أيضاً:

عاجل - قصف إسرائيلي يستهدف نازحين في خان يونس ويسفر عن استشهاد 7 مدنيين

أفاد مراسل قناة "القاهرة الإخبارية" في خبر عاجل، بسقوط سبعة شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين في منطقة خان يونس جنوب قطاع غزة، في جريمة جديدة تضاف إلى سجل الاعتداءات المستمرة التي تنفذها قوات الاحتلال ضد المدنيين العزل.

ويأتي هذا التصعيد الدموي في ظل استئناف الاحتلال الإسرائيلي لعدوانه على قطاع غزة منذ الثامن عشر من مارس الماضي، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار كان قد دخل حيز التنفيذ في التاسع عشر من يناير الماضي. 

برنامج الأغذية العالمي يعلن نفاد مخزونه في غزة.. ويحذر من انهيار الوضع الإنساني شهداء ومصابون في قصف للاحتلال على منزل في خان يونس جنوبي غزة

إلا أن الاحتلال لم يلتزم ببنود الاتفاق، حيث استمر خلال الشهرين الماضيين في شن غاراته الجوية والقصف المدفعي على أماكن متفرقة داخل القطاع، مما أسفر عن سقوط العديد من الشهداء والجرحى، إضافة إلى تدمير البنية التحتية ومنازل المدنيين.

وبحسب مصادر ميدانية، فإن الاحتلال الإسرائيلي تعمد خلال هذه الفترة خرق البروتوكول الإنساني المنصوص عليه في اتفاق وقف إطلاق النار، من خلال مواصلة استهداف المناطق السكنية وعدم السماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ إلى السكان المحاصرين، مما فاقم من الكارثة الإنسانية التي يعاني منها أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة.

وفي الوقت الذي يعيش فيه القطاع تحت حصار خانق تسبب في نقص حاد بالمواد الغذائية والأدوية والخدمات الأساسية، يتصاعد العدوان العسكري مفاقمًا المأساة الإنسانية غير المسبوقة، وسط تحذيرات متواصلة من منظمات حقوق الإنسان الدولية من خطورة الوضع الإنساني المتدهور في القطاع، الذي بات يهدد حياة مئات الآلاف من الأطفال والنساء وكبار السن.

ويواصل الاحتلال الإسرائيلي تشديد قيوده على المعابر الحدودية ومنع إدخال الاحتياجات الإنسانية الأساسية، مما دفع المؤسسات الدولية إلى دق ناقوس الخطر بشأن كارثة صحية وغذائية وشيكة، في ظل غياب أدنى مقومات الحياة لسكان القطاع.

مقالات مشابهة

  • عاجل - أونروا: نفاد إمدادات الطحين في قطاع غزة والوكالة تحذر من تفاقم الأوضاع الإنسانية
  • عاجل - قصف إسرائيلي يستهدف نازحين في خان يونس ويسفر عن استشهاد 7 مدنيين
  • غزة بين فكي التصعيد والمراوغة.. إسرائيل توسع عدوانها والتهدئة معلقة
  • أمير الحدود الشمالية: مسيرة تسابق الزمن
  • رؤية تتحقق بطموح استثنائي.. السعودية تسابق الزمن
  • «الأغذية العالمي» يعلن نفاد مخزون الطعام في القطاع
  • برنامج الأغذية العالمي: مخزون الغذاء في غزة نفد بالكامل
  • بناء قبور مجانية من ركام المنازل المدمرة في غزة
  • أمير الحدود الشمالية: مسيرة رؤية المملكة 2030 تسابق الزمن .. وتقريرها السنوي يبرهن على عمق التحوّل
  • تقرير يكشف كارثة في غزة.. انتشار واسع للجوع واليأس مع نفاد الطعام والدواء