باليستيّات اليمن ومسيّراته.. هل غيّرت قواعد الحروب التقليدية
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
سابقة في تاريخ الحروب والنزاعات المسلحة تحسب لليمن. السفن والبوارج البحرية تُستَهدَف بصواريخ باليستية. مسرح العمليات البحر الأحمر، والهدف المدمرات والبوراج الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، والأسباب دعم وإسناد غزّة ومقاومتها الباسلة، والزمان معركة طوفان الأقصى التاريخية.
التطور العسكري والتكتيك النوعي دشنته القوّة الصاروخية للقوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر لتثبيت معادلة منع الملاحة البحرية الصهيونية من مضيق باب المندب الاستراتيجي وأقر به قادة عسكريون أمريكيون، ما يعطي دول العالم أجمع دروسًا هامة للحروب والصراعات على الصعيدين الإقليمي والدولي.
خلال الحرب المفروضة على اليمن والمستمرّة لما يزيد عن تسع سنوات، اعتمدت القوات المسلّحة اليمنية استراتيجية الهجوم بالصواريخ والطائرات المسيّرة على المنشآت النفطية الحيوية في عمق الأراضي السعودية والإماراتية، إلى جانب حرب الاستنزاف على الأرض وهي استراتيجية ناجعة حققت أهدافها لناحية إجبار دول العدوان على التهدئة وخفض منسوب التصعيد والوصول إلى صفر غارات من الطائرات الحربية أو طائرات التجسس بأنواعها وأحجامها المختلفة.
التكنولوجيا الأمريكية، والدعم البريطاني الغربي لوسائط الدفاعات الجوية السعودية والإماراتية، رغم ارتباطها بالأقمار الصناعية لم تكن ذات تأثير فعّال لمنع الضربات اليمنية، والتغلّب على معضلة الصواريخ والطائرات المسيّرة التي تحلّق بعلو منخفض تعجز الرادارات عن رصدها.
الصواريخ الباليستية بشكل عام هي جزء من القدرات الاستراتيجية لأي بلد وفي الواقع فقد صممت هذه الصواريخ لضرب الأهداف الثابتة كسلاح هجومي خارق يستطيع الوصول إلى هدفه بسرعة خاطفة وبقوة تدميرية هائلة ومسألة التسلّح تخضع لاشتراطات أمريكية لا قبل لكثير من الدول بها.
اليمن كدولة وانطلاقًا من استحقاق ثورته ضدّ الوصاية ومن واقع الحاجة لسلاح رادع يدفع عنه الأخطار والتهديدات والأطماع الأمريكية، أنظم إلى حقل صناعة وتطوير الصواريخ الباليستية والمجنحة بمدياتها الطويلة ودقة اصابتها، وانتقل بمهام صواريخ «ارض ارض» إلى «ارض بحر»، وهنا يكمن سرّ التفوق بفضل الله وتأييده مع إمكانية ربط التعديل بالتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، وربما تكون هذه المفاجأه التي تسرّ الصديق وتغيظ العدو.
عصر جديد للصواريخ الباليستية، ومعها المجنحة، ينهي حقبة والهيمنة الأمريكية في المنطقة، ويدفع دولًا لها ثقلها في هذا المجال مثل كوريا الشمالية وإيران إلى صدارة المشهد على الصعيد الدولي مما يجعلهما سوقًا مرغوبًا لتصدير السّلاح تقصده دول عديدة بما فيها روسيا رغم ما تحتله الأخيرة من مكانة متقدمة على مستوى العالم في صناعة وتطوير الأسلحة الاستراتجية.
في المواجهة البحرية خلال هذه المرحلة، تضطر أمريكا وتحالفها البحري المزعوم إلى توسيع مساحة الرصد والمراقبة، والجغرافية اليمنية مترامية الأطراف بجبالها ووديانها المتشعبة أعطت قوات اليمن المسلّحة أفضلية عسكرية لناحية المرونة في تجهيز وإطلاق الصواريخ من أي مكان وإلى أي نقطة في البحر الأحمر أو العربي تمخر فيها سفن الأعداء.
وبمشاركة الغواصات المتفجرة والطائرات المسيّرة يزداد المأزق الأمريكي الغربي في البحر، ويزداد معه الإقبال على اقتناء وتطوير صناعة المسيرات الانقضاضية والانتحارية لكلفاتها البسيطة ونجاعتها في تغيير المعادلات العسكرية.
وحول الطيران المسيّر وخطورته العسكرية قال الجنرال البحري الأمريكي كينيث ماكينزي في تصريح سابق، إن انتشار الطائرات الصغيرة زهيدة الثمن يعد أكثر تطوّر تكتيكي مثيراً للقلق لصعوبة رصدها واعتراضها مؤكدًا أن هذه المشكلة حظيت باهتمام «مباشر» من البنتاجون لاعتماد استراتيجية جديدة لمواجهة هذا التحدي.
المسيّرات التي صممت لأغراض التجسس وضرب الأهداف الثابتة والمتحركة بعد تسليحها بصواريخ هجومية انتقل استخدامها إلى القتال التقليدي على نطاق واسع في البر والبحر وهو ما يؤكده خبراء عسكريون.
هذه الأهمية والقيمة العسكرية تجلت في اليمن بضربات متتالية ومركزة على منشآت أرامكو السعودية أحدث اضطرابًا في أسواق الطاقة العالمية ليتّجه قطبا الصراع في أوكرانيا إلى تعزيز ترسانتهما التسليحية بهذا النوع من القدرات لتتوالى ضرب السفن ومنشآت النفط الروسية بطائرات مسيّرة قدّمها الغرب لكييف. كذلك فعلت روسيا عندما كثفت من استخدامها المسيّرات في ضرب الأهداف الأوكرانية مع البحث عن موردين لهذا السلاح من إيران وغيرها من الدول.
المسيّرات إلى جانب الصواريخ لعبتا دورًا مؤثرًا في ردع دول العدوان وساهمتا اليوم في حصار كيان العدوّ الإسرائيلي.
كثير من الدول وحركات المقاومة المناهضة لأمريكا تمتلك المسيّرات والصواريخ، وهو ما يفرض على الأخيرة البحث عن وسائل جديدة لردم الفجوة التي أحدثتها هذه القدرات، وفي المقابل مفاجآت الطرف الآخر في محور الجهاد والمقاومة لا تتوقف في حرب الأدمغة والعقول.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
حرب اليمن تعمق الانقسام داخل الكونغرس الأمريكي
يمانيون../
لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة، شهد الكونغرس الأمريكي، انقساماً حاداً بين اعضاءه على خلفية الحرب العدوانية التي يشنها المجرم ترامب على اليمن دفاعاً عن الكيان الصهيوني.
ومنذ ما يقارب الشهر يواصل الطيران الأمريكي عدوانه على اليمن، حيث نفذ مئات الغارات التي استهدفت منازل المواطنين والمصانع والمنشآت والاعيان المدنية، مخلفة العشرات من الشهداء والمدنيين الأبرياء غالبيتهم من النساء والأطفال في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات، وهو ما عمق من ورطة أمريكا في اليمن وجعل الوضع يبدو وكأنه أشبه بكارثة حقيقية لها، وما زاد الأمر تعقيداً هو استخفاف واشنطن بقدرات اليمنيين وتلقيها صدمات غير متوقعة في البحر الأحمر جعلت منها أضحوكة أمام العالم.
وأمام ذلك، طالب مشرعون في الكونغرس الأمريكي الرئيس دونالد ترامب، بتبرير الأساس القانوني للضربات العسكرية التي نفذتها إدارته في اليمن منذ منتصف مارس الماضي.
وبحسب موقع “ذا إنترسبت”، حذر مشرعين في الكونغرس الرئيس “ترامب” من خطر انخراط الولايات المتحدة في “صراع غير دستوري” في الشرق الأوسط، في إشارة إلى الحرب الإجرامية التي يشنها على اليمن.
وقال الموقع في تقرير نشره، إن الرسالة الموجهة من النواب “براميلا جايابال”، و”روخانا” ، و”فال هويل” وانضم إليهم 30 نائباً من أعضاء الكونجرس، إلى البيت الأبيض، حيث تجاوز انتقادهم لدردشة سيجنال سيئة السمعة، وطالبوا بمعرفة المبرر القانوني لترامب في استمرار ضرباته باليمن.
وطالبت الرسالة من إدارة ترامب تقديم مبرراتها القانونية للضربات غير المبررة، وشرح ردها على الاختراق المحتمل للأمن القومي لرسائل سيجنال المرسلة إلى محرر مجلة أتلانتيك، جيفري غولدبرغ، وتقدير تكاليف الضربات وشرح كيفية دفع الإدارة لها؛ وشرح سبب ادعاء جنرال كبير بأنه “لم تكن هناك أي مؤشرات على أي إصابات بين المدنيين” خلال غارة جوية أسفرت عن مقتل العشرات.
كما طالبت الرسالة إدارة ترامب بـ “التوقف الفوري” عن استخدام القوة العسكرية دون تفويض، والرجوع إلى الكونغرس قبل اتخاذ أي خطوات عسكرية إضافية، تهدد بتعريض أفراد الجيش الأميركي في المنطقة للخطر.
وأشارت الرسالة إلى أن القانون يُلزم الرؤساء بالتوجه إلى الكونغرس للحصول على إعلان حرب أو أي تفويض قانوني آخر. الاستثناء الوحيد هو “حالة طوارئ وطنية” تنطوي على غزو – وهي حالة يُشير الموقعون على الرسالة إلى عدم وجودها.
وأوضح موقع “ذا إنترسبت” الأمريكي أن الرسالة قد تمهّد الطريق أمام تحرك ديمقراطي لإنهاء أو تقييد الضربات الأمريكية المستقبلية في اليمن، خاصة بعدما وردت تقارير عن استهداف مناطق سكنية مكتظة في العاصمة صنعاء والحديدة وصعدة وذمار وبعض المحافظات.
وبين الموقع أن الرسالة حظيت بدعم كبير من الجماعات التقدمية والمناهضة للحرب، بما في ذلك لجنة خدمة الأصدقاء الأمريكية، ومنظمة “كودبينك” ومنظمة “ديمند بروجرس”، والمجلس الوطني الإيراني الأمريكي، ومعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، ومنظمة “الفوز بلا حرب”.
إقرار رسمي بالفشل العسكري في اليمن:
وتأتي تحركات أعضاء الكونغرس الأمريكي لوقف الحرب على اليمن، تزامناً مع تواصل الاعترافات التي يدليها قادة الجيش الأمريكي بشأن فشلهم في اليمن، وتعرضهم إلى خسائر فادحة جراء العمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية ضد سفن واشنطن الحربية وفي المقدمة حاملة الطائرات “هاري ترومان”، وذلك في إطار الدعم والاسناد المقدم للشعب الفلسطيني.
وفي آخر تلك التصريحات، قال قائد العمليات الخاصة الأمريكية الجنرال “برايان فينتون” في تصريح صحفي اليوم الجمعة: “خصومنا يستخدمون طائرات مسيرة بقيمة 10 آلاف دولار ونسقطها بصواريخ بقيمة مليوني دولار”، في إشارة إلى قوات صنعاء.
وأضاف قائد العمليات الخاصة الأمريكية: “هذا المنحى من حيث التكلفة والفائدة مقلوب “.
وكان قادة عسكريون أمريكيون قد عبروا أمس الأول عن قلقهم الشديد من أن الحملة في اليمن ستؤدي إلى استنزاف أسلحتهم.
ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مسؤول أمريكي، قوله، إن البحرية وقيادة منطقة المحيطين الهندي والهادئ “قلقتان للغاية” بشأن السرعة التي يحرق بها الجيش الذخائر في اليمن، مؤكداً أن الجيش الأمريكي يواجه صعوبة في موازنة موارده أثناء قصفه لليمن.
وأشار المسؤول العسكري الأمريكي إلى أن البنتاغون استهلك ذخائر بقيمة 200 مليون دولار تقريبًا في الأسابيع الثلاثة الأولى فقط، مبيناً أن تكاليف حملة القصف على اليمن خلال 3 أسابيع تتجاوز مليار دولار عند أخذ النفقات التشغيلية والبشرية في الاعتبار.
وذكر أن صيانة المعدات الأساسية أصبحت مشكلة في ظل هذه الظروف القاسية، موضحاً أن البنتاغون سيحتاج قريبًا إلى نقل أسلحة دقيقة بعيدة المدى من المخزونات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى الشرق الأوسط، لافتاً إلى تضرر الولايات المتحدة بسبب نشر البنتاغون للسفن الحربية والطائرات في الشرق الأوسط.
إلى ذلك سلطت مجلة “ناشيونال إنترست”، الضوء على حرب ترامب في اليمن، موضحة أن عمليات اليمنيين في البحر الأحمر تبرز الوضع الصعب الذي تواجهه البحرية الأمريكية، فبعد أن فقدت مكانتها كأكبر قوة بحرية في العالم- وتخلت عن هذه المكانة للصين- تبحث البحرية عن أساليب جديدة للتعامل مع الطائرات المسيّرة والصواريخ المضادة للسفن؛ فقد أثبتت حاملات الطائرات والسفن الحربية القديمة، المجهزة بطائرات مأهولة باهظة الثمن ومتطورة وأنظمة صواريخ، أنها غير مُلائمة تماماً لهذا العصر الجديد من الحروب، ويُعدّ تطوير هذه الأسلحة لمواجهة تلك الصواريخ والمسيّرات عملية قد تستغرق سنوات من البحرية والكونغرس في التطوير والتحسين.
وأفادت المجلة أن الدرس الذي قدمته معركة البحر الأحمر هو أن البحرية مُرهَقةٌ للغاية، فقد اضطرت إلى إبقاء ما يصل إلى مجموعتين من حاملات الطائرات مُرابطتين في منطقة البحر الأحمر لمواجهة عمليات قوات صنعاء المنفذة ضد السفن الحربية والتجارية، ورغم هذه القوى الجبارة، لا يزال البحر الأحمر مُغلقاً تماماً.
هاني أحمد علي – المسيرة