موقع النيلين:
2025-03-17@13:55:22 GMT

وهيبة لم تأكل برتقالًا تحت الشجر!

تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT


الأغنية الشعبية الأشهر زمان لمحمد رشدى «تحت السَجَر يا وهيبة يا ما كلنا برتقان»، «وهيبة» اسم مستعار لابنة حزينة، حزنها امتد بطول الأرض، محشو بالخوف من الفقد، ومُلْتَحف بدموعِ الأسى، والوحدة، وعمق التفكير فى الحال وفى الدنيا، وفجأة تُوفى الجد، وكان المؤنس والطيب والجميل، وصارت الجدة وحيدة، بعدما تفرقت السبل بالأولاد؛ فهذا هنا وهذه هناك؛ فجلست وحيدة لا تؤنسها سوى قطتها و«وهيبة» وصورة المرحوم، الذى شاركها الحياة لأكثر من 50 عامًا.

. كانت «وهيبة» تبيت عند جدتها لتتدفأ بها، ولتستأنس بالحوائط التى تحفظ الذكريات، وتسمع صوت جدتها العميق، كل صباح، يخاطب صورة جدها تسأله عن حاله وأحواله، وتحكى له عن تغير الدنيا وما عليها، واختلاف طبائع البشر.

تعود «وهيبة» إلى بيتها لتجلس فى غرفتها لتأكل وتنام وتدرِس، وصديقتها الحميمة، التى هى عكسها تمامًا، تدمن الفرح والضحك وكثرة الكلام، كانت سلوى بالنسبة لها، ورغم جموحها وطموحها، فإن «وهيبة» كانت تسابقها، وأيضًا تعيش مع حزنها وتألفه، والذى يظهر فى رقرقة الدموع فى مقلتيها، وفى بحَّةِ صوتها وخطواتها المتأنية وحديثها المقتضب، وابتسامتها التى تشرق من خلال وجهها المدوَّر؛ فيشرق الكون ويختبئ الحزن؛ فتبتسم لها القطة وتأبى أن تتركها.

فجأة، تعبت الأم، وأُجهدت، وعولجت، وسافرت، وعادت، وخرجت، وحزنت، وفرحت، وضحكت، وغضبت، لكن «وهيبة» ظلَّت تخاف من الليل ومن الغدر ومن الآتى، ومن المعلوم والمجهول، وتخاف من المفاجآت القاتلة التى تؤرق ليلها وتبلل وسادتها، وتُظهر حزنها الدفين مع صوت العصافير وهديل اليمام على جانبى شباك غرفتها.

الحزن يا «وهيبة» شعورٌ شفيف نبيل، لكن إدمانه خطير، ومضغُهُ يجعله مستساغًا؛ فتستوحشين وجوده وتشتاق إليه روحك، وفى هذا خطر عظيم لأنه يُلقى بظلاله على السلوك اليومى المعيش، ويدفعك نحو الحائط؛ فتتخيلين أنه لا مخرج هناك.

وهيبة.. غالبًا ما يتم الخلط بين الحزن والاكتئاب عن طريق الخطأ؛ فالحزن مُكَوِّن طبيعى للحياة، ويرتبط عادةً بالألم والفقد، أما الاكتئاب فينشأ دون تفسيرٍ واضح، وقد ينتج عن ردِّ فعلٍ غير صحى لحدثٍ مؤلم؛ فإما أن نصمد برد فعل طبيعى للحدث أو نكبته، وفى هذا خطرٌ كبير.

الحزن عاطفةٌ حيّة تُذكرنا بمَن فقدناهم، وهذا يعطى حياتنا معنى؛ فعندما ندرك عواطفنا ونسمح لها بالتنفيس، سنكون على عتبة الصحة النفسية، ونصبح لأنفسنا أكثر ثباتًا ومرونة، وعلى عكس ذلك، فإن كبت المشاعر يؤدى إلى الاكتئاب.

طوال حياتنا، نواجه أحداثًا، نتيجة العراك مع الحياة ومفرداتها.. كإحباطاتنا والجروح والنُدَب والصدمات، إنها آلام القضايا الوجودية والخسارة، والأمراض والتدهور القيمى والأخلاقى حولنا، كلٌّ منّا لدينا ذكريات ضمنية عن مشاعر صعبة مررنا بها، ولكننا كنا أصغر من أن نفهمها كأطفال، واعتمدنا على الآخرين من أجل البقاء، مما جعل أمورًا كثيرة، مثل الوالد الغاضب أو الغافل، أو الأم القاسية أو الأخ المتكبر.. تُشعرك بالخوف أو حتى تهدد حياتك، فى هذه المرحلة المبكرة، لم نتمكن من التعبير عن ألمنا وخوفنا أو التعبير عنهما، لكن الحقيقة أننا نظلّ نحمل هذا الحزن فى جُعبتنا ونسير به طوال حياتنا.

فى جلسات العلاج النفسى، شاهدت مرارًا وتكرارًا المشاعر العميقة والدفينة والصارخة، التى يستطيع الناس من جميع الأعمار والتجارب الوصول إليها ببساطة عن طريق التداعى الحُر، والسماح لأنفسهم بالحرية، ويبدأ هذا بتنفس بطىء واسترخاء ذهنى وجسدى عام، أو أن تبكى وتئن وتصرخ أو تضحك ودموعك تنحدر على خدّيك.

المشكلة هى أننا لا نستطيع تخدير الألم بشكل انتقائى دون تخدير الفَرَح لأن قدرتنا على الحزن والبهجة جزء من تراثنا الإنسانى.

خليل فاضل – المصري اليوم

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

مساعد وزير الخارجية: مصر كانت تُسابق الزمن لتنظيم كوب 27

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 

قال السفير الدكتور أشرف إبراهيم، مساعد وزير الخارجية، والأمين العام للوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بوزارة الخارجية، إنه كان منسق عام النواحي المالية والتنظيمية لمؤتمر التغيرات المناخية كوب 27 والذي عُقد في شرم الشيخ، مؤكدًا أنه كان سعيدًا بالمؤتمر باعتباره أكبر المؤتمرات التي تتم في العالم.

وأضاف “إبراهيم”، خلال لقائه مع الإعلامي عبدالباقي عزوز، ببرنامج "توك شو العرب"، المذاع عبر فضائية "الحدث اليوم"، أن المؤتمر كان الأكبر في حينه سواء في العدد أو المنظمات المشاركة والوفود وكان تحديًا كبيرًا، لافتًا إلى أن هناك لجنة وزارية مسؤولة عن التنظيم.

وأشار إلى أنه رغم ضيق الوقت للتنظيم كانت مصر تُسابق الزمن، وتكللت الجهود بنجاح المؤتمر الذي شهد أكبر حضور، مؤكدًا أن مسألة تغير المناخ مسألة صعبة جدًا، مشيرًا إلى أن أحد أهم الإنجازات هو صندوق الخسائر والأضرار بعد جهد كبير، موضحًا أن مصر دائمًا ما تُدافع عن الدول النامية، وبالفعل استطاعت الرئاسة المصرية الوصول إلى هذه النتيجة بإطلاق الصندوق في اللحظات الأخيرة.


 

مقالات مشابهة

  • شذى حسون عن خلافها مع أحلام: كانت صديقتي لكنها لم تحترمني .. فيديو
  • سلمى لاغرلوف.. أول امرأة تفوز بنوبل في الأدب هل كانت تستحقها؟
  • خلّف 4 قتلى و25 مصابًا.. أهالي ضحايا حادث طريق «طملاي» بالمنوفية ينتظرون إنهاء تصاريح الدفن
  • إعلام أمريكي: الغارات دمرت منصات حوثية كانت تستعد لهجمات جديدة
  • البرتقال المغربي يواجه تحديات شديدة في السوق الأوروبية بسبب تراجع الصادرات والمنافسة القوية
  • البعاتي كانت عيناه تتحركان بشكل آلي (ومخيف نوعا ما)
  • وجبتك الأولى بعد الصيام.. ماذا تأكل لتجنب التعب؟
  • رمضان بطعم الحزن.. اليأس يخيم على الفلسطينيين فى جنين وطولكرم بالضفة الغربية.. عمليات جيش الاحتلال تؤكد قسوة الظروف فى ظل أوامر إخلاء المخيمات
  • خريس: اسرائيل كانت ولا زالت الشر المطلق
  • مساعد وزير الخارجية: مصر كانت تُسابق الزمن لتنظيم كوب 27