وهيبة لم تأكل برتقالًا تحت الشجر!
تاريخ النشر: 9th, March 2024 GMT
الأغنية الشعبية الأشهر زمان لمحمد رشدى «تحت السَجَر يا وهيبة يا ما كلنا برتقان»، «وهيبة» اسم مستعار لابنة حزينة، حزنها امتد بطول الأرض، محشو بالخوف من الفقد، ومُلْتَحف بدموعِ الأسى، والوحدة، وعمق التفكير فى الحال وفى الدنيا، وفجأة تُوفى الجد، وكان المؤنس والطيب والجميل، وصارت الجدة وحيدة، بعدما تفرقت السبل بالأولاد؛ فهذا هنا وهذه هناك؛ فجلست وحيدة لا تؤنسها سوى قطتها و«وهيبة» وصورة المرحوم، الذى شاركها الحياة لأكثر من 50 عامًا.
تعود «وهيبة» إلى بيتها لتجلس فى غرفتها لتأكل وتنام وتدرِس، وصديقتها الحميمة، التى هى عكسها تمامًا، تدمن الفرح والضحك وكثرة الكلام، كانت سلوى بالنسبة لها، ورغم جموحها وطموحها، فإن «وهيبة» كانت تسابقها، وأيضًا تعيش مع حزنها وتألفه، والذى يظهر فى رقرقة الدموع فى مقلتيها، وفى بحَّةِ صوتها وخطواتها المتأنية وحديثها المقتضب، وابتسامتها التى تشرق من خلال وجهها المدوَّر؛ فيشرق الكون ويختبئ الحزن؛ فتبتسم لها القطة وتأبى أن تتركها.
فجأة، تعبت الأم، وأُجهدت، وعولجت، وسافرت، وعادت، وخرجت، وحزنت، وفرحت، وضحكت، وغضبت، لكن «وهيبة» ظلَّت تخاف من الليل ومن الغدر ومن الآتى، ومن المعلوم والمجهول، وتخاف من المفاجآت القاتلة التى تؤرق ليلها وتبلل وسادتها، وتُظهر حزنها الدفين مع صوت العصافير وهديل اليمام على جانبى شباك غرفتها.
الحزن يا «وهيبة» شعورٌ شفيف نبيل، لكن إدمانه خطير، ومضغُهُ يجعله مستساغًا؛ فتستوحشين وجوده وتشتاق إليه روحك، وفى هذا خطر عظيم لأنه يُلقى بظلاله على السلوك اليومى المعيش، ويدفعك نحو الحائط؛ فتتخيلين أنه لا مخرج هناك.
وهيبة.. غالبًا ما يتم الخلط بين الحزن والاكتئاب عن طريق الخطأ؛ فالحزن مُكَوِّن طبيعى للحياة، ويرتبط عادةً بالألم والفقد، أما الاكتئاب فينشأ دون تفسيرٍ واضح، وقد ينتج عن ردِّ فعلٍ غير صحى لحدثٍ مؤلم؛ فإما أن نصمد برد فعل طبيعى للحدث أو نكبته، وفى هذا خطرٌ كبير.
الحزن عاطفةٌ حيّة تُذكرنا بمَن فقدناهم، وهذا يعطى حياتنا معنى؛ فعندما ندرك عواطفنا ونسمح لها بالتنفيس، سنكون على عتبة الصحة النفسية، ونصبح لأنفسنا أكثر ثباتًا ومرونة، وعلى عكس ذلك، فإن كبت المشاعر يؤدى إلى الاكتئاب.
طوال حياتنا، نواجه أحداثًا، نتيجة العراك مع الحياة ومفرداتها.. كإحباطاتنا والجروح والنُدَب والصدمات، إنها آلام القضايا الوجودية والخسارة، والأمراض والتدهور القيمى والأخلاقى حولنا، كلٌّ منّا لدينا ذكريات ضمنية عن مشاعر صعبة مررنا بها، ولكننا كنا أصغر من أن نفهمها كأطفال، واعتمدنا على الآخرين من أجل البقاء، مما جعل أمورًا كثيرة، مثل الوالد الغاضب أو الغافل، أو الأم القاسية أو الأخ المتكبر.. تُشعرك بالخوف أو حتى تهدد حياتك، فى هذه المرحلة المبكرة، لم نتمكن من التعبير عن ألمنا وخوفنا أو التعبير عنهما، لكن الحقيقة أننا نظلّ نحمل هذا الحزن فى جُعبتنا ونسير به طوال حياتنا.
فى جلسات العلاج النفسى، شاهدت مرارًا وتكرارًا المشاعر العميقة والدفينة والصارخة، التى يستطيع الناس من جميع الأعمار والتجارب الوصول إليها ببساطة عن طريق التداعى الحُر، والسماح لأنفسهم بالحرية، ويبدأ هذا بتنفس بطىء واسترخاء ذهنى وجسدى عام، أو أن تبكى وتئن وتصرخ أو تضحك ودموعك تنحدر على خدّيك.
المشكلة هى أننا لا نستطيع تخدير الألم بشكل انتقائى دون تخدير الفَرَح لأن قدرتنا على الحزن والبهجة جزء من تراثنا الإنسانى.
خليل فاضل – المصري اليوم
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
محمد بن راشد: الأسرة كانت وستبقى عماد دولة الإمارات
دبي: «الخليج»
شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، جانباً من أعمال «خلوة الأسرة» ضمن فعاليات اليوم التحضيري للاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2024، والتي تعقد برئاسة سموه، في العاصمة أبوظبي بمشاركة أكثر من 500 مسؤول من حكومة دولة الإمارات والجهات المحلية، إضافة لشركات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع.
وشهد جانباً من أعمال الخلوة، سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية.
واطلع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على أبرز المناقشات ضمن أجندة الخلوة التي تجمع المسؤولين وصناع القرار من مختلف الجهات الحكومية المعنية ومؤسسات المجتمع على مستوى الدولة، للخروج بأفكار وتصورات مبتكرة وصياغة خطط زمنية واضحة لتسريع تحقيق الأولويات الوطنية في تمكين الأسرة ونموها وتعزيز استقرارها وتحصين قيمها أمام المتغيرات.
وأكد سموه، أن الأسرة كانت وستبقى عماد دولة الإمارات، والركيزة الأساسية لنجاح خطط التنمية الشاملة، مشيراً سموه إلى أن تحقيق الاستقرار الأسري والأمان المجتمعي يمثل أولوية للعمل الحكومي، بما يضمن ترسيخ المكتسبات الوطنية وتعزيز ازدهار الدولة ورفاه أبنائها.
وقال سموه: «أهل الإمارات أسرة واحدة.. وعافية هذه الأسرة الكبيرة تبدأ من استقرار كل بيت وسعادة كل فرد.. مجتمعنا مترابط والحمد لله، وجهودنا مستمرة لتلبية تطلعات مواطنينا بما يستحقونه من فرص العمل والرخاء والطمأنينة».
وأضاف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «تمكين الأسرة والارتقاء بجودة حياتها وتعزيز استقرارها، أولوية لا تسبقها أي أولوية في جميع أجندات وبرامج حكومة دولة الإمارات.. نحن دولة يميزها الانفتاح وجسور التعاون مع العالم والريادة في تبني التوجهات المستقبلية.. هدفنا أن نعزز هذا النهج وأن نحافظ على قيم وتقاليد الأسرة، وأن نعزز الشخصية الوطنية القادرة على التعامل مع التغيرات والتطورات العالمية والتمسك بأصالتها».
وأضاف سموه: «أسعدني ما سمعته من أفكار ورؤى.. وأسعدني ما لمسته من تمسك بالهوية الوطنية وحرص على جعل ملف الأسرة أولوية وطنية رئيسية لدى كافة الجهات المشاركة».
كما شهد جانباً من أعمال «خلوة الأسرة»، معالي محمد عبد الله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، ومعالي شما بنت سهيل المزروعي، وزيرة تنمية المجتمع.