العدالة الإنسانية ومواجهة الإجرام تمر من خلال البحر الأحمر والبحر العربي اللذين أصبحت اليمن تفرض فيهما المعادلات وتحمي شرف الإنسانية وكرامتها أن تذهب لصالح الإجرام الصهيوني، والحلف الصليبي الداعم لها، وهي معادلة أراد البعض أن يتحكم فيها وعلى شروطه من خلال السعي للسيطرة عليها وفرض تواجده، بالاستعانة ببعض القوى المحلية، كما هو حال التواجد الإماراتي والسعودي على بعض الجزر اليمنية الهامة استغلالاً للأوضاع السياسية التي تمر بها اليمن وللاستفادة من المعادلات الدولية التي تمررها القوى العظمى التي يعملون لحسابها وتحت إشرافها.
لقد فاجأ اليمن الآخرين حين أعلن أن حماية البحرين الأحمر والعربي يخضع لسلطاتة، وأنه سيقوم بالواجب القومي والديني الذي يفرض عليه مساعدة الأشقاء على أرض غزة وفلسطين، وذلك بمنع مرور السفن والبوارج الحربية الداعمة للكيان الصهيوني من مضيق باب المندب، طالما أن الجرائم مستمرة والعدوان متواصل والحصار ومنع دخول الأغذية والأدوية بهدف إلى إبادة أبناءً فلسطين وقتلهم جوعاً وعطشاً ومرضاً، إلى جانب الإبادة باستخدام أحدث الأسلحة المحرمة دولياً.
أكثر من خمسة أشهر وغزة تتعرض للإجرام والإبادة الجماعية والأنظمة العميلة والخائنة تمد يدها لمساعدة المجرمين وتدين الأبرياء والمساكين، وحينما أرادوا المساعدة لهم اختاروا الإنزال الجوي ليذكروا الضحايا أننا مع انزال القنابل المحرمة للإبادة من قبل المجرمين الصهاينة، حتى أن المساعدات ستكون من خلال الإنزال الجوي، لن تُفتح المعابر، ولن تدخل المساعدات الإنسانية مالم يوافق الآمر المطاع في الحلف الصهيوني والصليبي، وحتى يأذن الصهاينة أنفسهم بذلك.
…… الآلاف لينقذوا أنفسهم من الجوع، لكن الإجرام الصهيوني ما زال كل يوم يخترع طريقة جديدة، تسجل باسمه في قوائم الإجرام والظلم والطغيان، فقد وجه نيران أسلحة دباباته على تلك الأفوه الجائعة لأكثر من مائة وخمسين يوماً، ويحصد الإجرام أرواح أكثر من مائة وعشرين شهيداً ومئات الجرحى، العالم يستنكر، والأعراب تتكبر وتحمل المسؤولية هؤلاء المقتولين جوعاً وإبادة وظلماً، ضج العالم وانتحرت الإنسانية أمام بوابة السفارة الصهيونية بواشنطن، وغرس الأحرار أكثر من ثلاثة عشر ألف علم فلسطيني لأطفال غزة الشهداء، والزعامات العربية صامدة في الإثم والإفك صمود أصنام قريش وتمثال أبو الهول ولم يتحرك لهم أدنى شعور أو إحساس بالإنسانية وكأنهم جمادات لا تفهم ولا تعي ماذا يُراد منها، وما مصيرها؟
وشكلت اليمن الاستثناء المتفرد في النصر والنخوة، ولا أقول ذلك عن دوافع جهوية، بل أن الحقائق تتحدث عن نفسها.. مواقف شجاعة وخطوات متقدمة في مساعدة الأشقاء على أرض غزة وفلسطين حتى لو كان الثمن النهوض لمواجهة إجرام أعتى الأنظمة الشيطانية عل وجه الأرض – أمريكا وبريطانيا وإسرائيل وغيرهم من مكونات الحلف الصليبي الصهيوني القذر الذي دمر كل القدرات الإنسانية والعربية والإسلامية مستخدماً النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري.
اليمن اليوم تحت قيادة المسيرة القرآنية بقيادة السيد العلم عبدالملك بن بدر الدين الحوثي يحفظه الله، تؤسس لمعادلة جديدة في الإنسانية في البحر والجو والبر، تهدف إلى مواجهة الإجرام والدفاع عن قضايا الأمة المصيرية، وحماية وجودها وأمنها القومي، فكما تدافع لمواجهة تحطيم القيم والمبادئ الإسلامية والإنسانية، تدافع في مجال تحقيق الاكتفاء الذاتي في المجال العسكري والاقتصادي، وغيرها حتى لا تظل قراراتها رهينة لدى أعداء الأمة والإنسانية.
خرجت الملايين من أبناء اليمن مساندة وداعمة لمظلومية أشقائنا في أرض غزة وفلسطين صارخة (لستم وحدكم نحن معكم) ثابتون على المبادئ مستعدون للتحرك ومقارعة المجرمين، لو أمكن ذلك وفتحت الحدودن، فالنفير جاهز والاستعداد تام لا تُرهبنا أمريكا ولا بريطانيا والكيان الفاشي، ولو تحالف إجرام العالم بأسره وبما معه لا تراجع ولا انهزام.\
لم يعد البحر الأحمر ولا البحر العربي يشكلان جبهات ضعف يمكن أن يسيطر عليها أعدء اليمن، بل أنهما أصبحا اليوم يشكلان عامل قوة وإسناد في استراتيجية حماية الجزيرة العربية والأمة الإسلامية، وأولها نصرة قضية ومظلومية الأشقاء في أرض غزة وفلسطين.
إذا كانت اليمن اليوم تتمسك بحقوقها السيادية والتاريخية على جزرها ومياهها الإقليمية وتسخرها لمصلحة الأمة، فإن سعي بعض الأنظمة المطبعة لممارسة الاستفزازات للعاملين في قطاع الاصطياد للأسماك مستغلين انشغال اليمن، فذلك لن يستمر طويلاً، وعليهم أن يعوا ذلك، فليس من مصلحة السعودية والإمارات وغيرهما من المطبعين ممارسة الاعتداءات المتكررة عليهم، وليس من مصلحة الإمارات في المنظور القريب أو البعيد السعي لبسط النفوذ على الجزر اليمنية، فذلك حال لن يدوم، حتى ولو كان التعويل على الحلف الصهيوني الصليبي الجديد.
صحيح أن الضعف يغري بالاعتداء، والقوة تغري بالجبروت والطغيان، كما هو الحال اليوم على أرض غزة وفلسطين، فالصهاينة يمارسون كل أنواع الإجرام والإبادة ضد الإنسانية مستغلين غياب التكافؤ بين الضحية والقتلة المجرمين. وتفرق الضعفاء وشتاتهم، واجتماع الطغاة هي حالة واضحة وصفها الرسول (ص) “يوشك الأمم أن تتداعى عليكم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ، قال: بل انتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل لينزعن عن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل يا رسول الله وما الوهن، قال: حب الدنيا وكراهية الموت” وهو حديث صحيح.
إن ما يفعله المجاهدون اليوم على أرض غزة وفلسطين واليمن يؤكد أن التداعي لن يستمر طالما أن هناك إيماناً وبالله واستعدادا لبذل النفس في سبيله وأعلاء لكلمته، ومواجهة الظلم والإجرام والطغيان، شعار يردد (الله أكبر – الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل – اللعنة على اليهود – النصر للإسلام) وهي في ذات الوقت جهود تستهدف سفن المجرمين وبوارجهم في البحر، وفي كل مكان وكل زمان وهي ذاتها وصية الله تعالى لعباده المؤمنين (يا أيها الذين آمنوا أن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم).
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
بيان منزلة النفس الإنسانية في الإسلام.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها من أحد المتابعين عبر صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي جاء مضمونه كالتالي: النفس الإنسانية لها منزلة خاصة في الشريعة الإسلامية؛ فنرجو منكم بيان ضرورة المحافظة عليها في ضوء نصوص الشرع؟.
مكانة النفس الإنسانية في الشريعةقالت دار الإفتاء إن الإسلام دعا إلى المحافظة على النفس الإنسانية؛ فجعل حفظ النفس من مقاصده الكلية التي جاءت الشرائع لتحقيقها، وارتقى بهذه المقاصد من مرتبة الحقوق إلى مقام الواجبات، فلم تكتف الشريعة الغراء بتقرير حق الإنسان في الحياة وسلامة نفسه، بل أوجبت عليه اتخاذ الوسائل التي تحافظ على حياته وصحة بدنه وتمنع عنه الأذى والضرر.
وأوضحت الإفتاء أن حفظ النفس وصيانتها من الضروريات الخمس التي اتفقت عليها جميع الشرائع؛ قال الإمام الشاطبي في "الموافقات" (1/ 31، ط. دار ابن عفان): [فقد اتَّفقت الأمة بل سائر الملل على أنَّ الشريعة وضعت للمحافظة على الضروريات الخمس وهي: الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل، وعلمها عند الأمة كالضروري، ولم يثبت لنا ذلك بدليل معيَّن، ولا شهد لنا أصل معيَّن يمتاز برجوعها إليه، بل علمت ملاءمتها للشريعة بمجموع أدلة لا تنحصر في باب واحد، ولو استندت إلى شيءٍ معيَّن لوجب عادة تعيينه] اهـ.
وأضافت الإفتاء قائلة: ومظاهر دعوة الإسلام للمحافظة على النفس الإنسانية لا تحصى؛ منها: تحريم قتل النفس بغير حق وإنزال أشد العقوبة بمرتكب ذلك؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151].
ومنها: أيضًا تحريم الانتحار؛ قال جلَّ وعلا: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (5/ 156، ط. دار الكتب المصرية): [أجمع أهل التأويل على أنَّ المراد بهذه الآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضًا؛ ثم لفظها يتناول أن يقتل الرجل نفسه بقصد منه للقتل في الحرص على الدنيا وطلب المال، بأن يحمل نفسه على الغرر المؤدِّي إلى التلف] اهـ.
وتابعت: كما نهى الإسلام عن إلقاء النفس في التهلكة؛ قال تعالي: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195]، قال الإمام الشوكاني في "فتح القدير" (1/ 222، ط. دار ابن كثير): [التهلكة: مصدر من هلك يهلك هلاكًا وهلكًا وتهلكةً أي: لا تأخذوا فيما يهلككم.. والحق أن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل ما صدق عليه أنَّه تهلكة في الدِّين أو الدنيا فهو داخل في هذا، وبه قال ابن جرير الطبري] اهـ.
وأكدت: ونهى عن إلحاق الضرر بالنفس أو بالغير كمظهر من مظاهر المحافظة على النفس؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»، رواه الحاكم في "المستدرك" وصححه على شرط مسلم، والدارقطني والبيهقي في "السنن"، والدينوري في "المجالسة".