أسطورة الصاعقة.. خليفة «منسي» قضى على فلول الإرهاب

«خليفة أحمد منسى».. وصف دقيق يندرج على «أسطورة الصاعقة»، العقيد أركان حرب شهيد عاصم محمد عصام الدين عبدالرحمن، قائد الكتيبة «103 صاعقة»، والذى استُشهد فى شهر نوفمبر 2022، خلال المداهمات التى نفذتها الدولة لبؤر الإرهاب الأخيرة فى شمال سيناء، بعدما سطر بيده ورجاله ملاحم أسطورية، وصلت لنجاحه فى القضاء على بؤرة إرهابية شديدة الخطورة مكونة من 13 عنصراً تكفيرياً مُسلحاً وحده، حسبما روى زملاؤه لأسرته بعد استشهاده.

زملاؤه: العقيد «عاصم» كان مقداما يسبق جنوده في المواجهات مع العناصر التكفيرية

العقيد أركان حرب شهيد عاصم محمد عصام الدين، عُرف عنه منذ صغره تميزه العلمى والخلقى، حتى حصل على مجموع كبير فى الثانوية العامة أهَّله لدخول «كليات القمة»، إلا أنه اختار دخول الكلية الحربية، رغبة منه فى أن يلتحق بشرف الانتماء للقوات المسلحة، ليكون من أوائل الكلية الحربية خلال فترة دراسته فيها.

عقب تخرجه فى الكلية الحربية، التحق الشهيد بقوات الصاعقة، بعد اختبارات رياضية وصحية له، أثبت كفاءته خلالها، ليتفوق فى خدمته ويحصل على جميع الفرق الحتمية فى القوات المسلحة خلال فترة خدمته، كما سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أوروبية ليستكمل تأهيله العلمى والعملى على أعلى مستوى.

تفوق الشهيد عاصم محمد عصام الدين أهَّله لاختيار القيادة العسكرية له، ليمثل مصر ضمن قوات بعثة حفظ السلام فى دولة أفريقيا الوسطى، ليثبت كفاءة منقطعة النظير.

«الشهيد عاصم» تميّز في «الوحدة 999».. وأوقع خلية من 13 إرهابيا بسيناء في يوم واحد

تميُّز الشهيد عاصم، خلال الخدمة العملية والدراسة، جعله أحد العناصر الأساسية للوحدة 999 قتال، وهى إحدى أقوى الوحدات القتالية فى قوات الصاعقة المصرية، والتى أثبت كفاءته خلال الخدمة فيها، ثم بعد استشهاد العقيد أركان حرب شهيد أحمد منسى، صديقه أثناء الخدمة فى وحدات الصاعقة، وفى ضوء حرص القيادة العامة للقوات المسلحة على اختيار أفضل العناصر القتالية لمهمة تطهير شبه جزيرة سيناء من الإرهاب، تم تكليفه بقيادة الكتيبة 103 صاعقة، وهى الكتيبة التى تولى قيادتها «منسى» قبله، وتولى قيادتها بعد «منسى» 4 قادة، حتى تولى «الشهيد عاصم» قيادة الكتيبة 103 صاعقة، لينجح طوال 4 أشهر قاد فيها الكتيبة قبل استشهاده فى تنفيذ عمليات محورية أسهمت فى القضاء على الإرهاب، حتى قال عنه بعض زملائه وقياداته إنه نجح خلال 4 أشهر فى تحقيق نتائج لم يحققها إلا عدد قليل من أبطال القوات المسلحة، ليواصل مهامه فى اقتلاع «فلول الإرهاب» من سيناء حتى لاقى ربه شهيداً فى شهر نوفمبر 2022، بعد نجاحه رفقة زملائه فى القضاء على البنية الأساسية للإرهاب فى «أرض الفيروز».

وزير الدفاع وجّه الشكر للقوات على مجهوده.. والرئيس السيسي كرّم أسرته

وكرَّم الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، أسرته فى الندوة التثقيفية التى عُقدت بالتزامن مع احتفاليات «يوم الشهيد» و«المُحارب القديم» العام الماضى.

المحرر العسكرى لـ«الوطن»، استمع من عدد من رجال الصاعقة والقوات المسلحة عن بطولات «الشهيد عاصم»، ليقع الاختيار عليه، ليكون «أيقونة الاحتفال بيوم الشهيد»، وذلك بالتعاون مع إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة، والتى نسقت لـ«الوطن» لقاء خاصاً مع أسرة الشهيد ليرووا الكثير عنه.

والدته: الرئيس السيسي قال لي «الشهادة مكانة لا يصل لها «أي حد» واللي استُشهد ابني «مش ابنك لوحدك»

محمد عصام الدين، والد الشهيد، ووالدته السيدة وفاء خليل، استقبلا المحرر العسكرى لجريدة «الوطن»، بابتسامة كبيرة، وترحاب شديد، وبدأ لقاؤنا بحديث محررنا العسكرى، عن لقاء سابق جمعه بـ«المُقدم عاصم»، قبل استشهاده، ولمس حرصه على سلامة وأمان جميع رجاله، وتقدمهم الصفوف فى المداهمات والعمليات العسكرية، ليلتقط والده طرف الحديث، مؤكداً أن الشهيد عاصم كان «كتوماً»، ولم يكونوا يعلمون عن عمله شيئاً سوى أنه يخدم فى شبه جزيرة سيناء قبل استشهاده، وأن «أرض الفيروز»، أوشكت على القضاء على الإرهاب وهو ما تحقق بالفعل.

ويروى والد الشهيد عاصم أن اللواء أركان حرب محمد أبوالفتوح، قائد قوات الصاعقة، وعدداً من أبطال قوات الصاعقة، هم من أخبروهم ببطولاته بعد استشهاده، مضيفاً: «مكنش بيقولنا تفاصيل شغله، وكان دايماً حريصاً على السرية، لكن قائد القوات وزملاءه قالولنا على بطولاته بعد استشهاده، علّها تصبّرنا على فراقه».

ويقول والد الشهيد عاصم محمد عصام الدين، لـ«الوطن»، إن قائد قوات الصاعقة أبلغه بأن الشهيد كان من أميز وأفضل رجال الصاعقة المصرية، وأنه حقق بطولات كثيرة لحماية الأرض والعِرض، مشيراً إلى أنه قضى على مجموعة كبيرة من العناصر الإرهابية والتكفيرية قبيل استشهاده، ليتم توجيه الشكر له على مجهوده من القوات المسلحة.

وكان الشهيد العقيد أركان حرب عاصم محمد، مقداماً، وحريصاً على أن يسبق جنوده فى المواجهات مع العناصر الإرهابية والتكفيرية، حسبما روى زملاؤه لأسرته، ليكون حافزاً لهم للتقدم والحفاظ على الأرض والعِرض.

وعن علاقته بالراحل الشهيد العقيد أركان حرب أحمد منسى، يقول والده إن «منسى كان حبيبه، مش بس زملاء، وكانت هناك علاقة شخصية، وكان قريباً منه»، موضحاً أنه لم يذكر علاقتهما معاً إلا بعد استشهاد «منسى»، خصوصاً أن لدينا أقارب فى مدينة العاشر من رمضان، وكانوا يروون عنه كل خير، وهو ما أكده الشهيد عاصم قبل استشهاده.

والده: ابني التقى الشيخ الجفري قبل استشهاده بأيام.. وقال له: ادعيلي أن يرزقني الله بالشهادة وصليا العصر معاً.. و«منسي» كان حبيبه

وتحدث والد الشهيد عن الصورة الشهيرة التى انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى، بعد استشهاد «العقيد عاصم»، والتى جمعته بالشيخ الحبيب على الجفرى، قائلاً إنه خلال زيارة لـ«الجفرى»، فى سيناء، التقى «عاصم»، واحتضنه، ثم لدى عودته كرر احتضانه، وأهداه «سبحة»، وأوصاه بـ«ألا يحبسها»، بمعنى أن يستعملها باستمرار، وبعد وفاته لا تترك تلك السبحة يدى.

ويوضح أن الشيخ الحبيب على الجفرى، قال لهم بعد استشهاده: «أنا شعرت إن فيه حاجة جاية له، واحتضنته مرتين»، ليصليا معاً العصر، وبعدها بأيام يُستشهد، خصوصاً إنه قال له إنه يدعو الله أن يرزقه الشهادة لأنه كان يتمناها.

وعن كيفية استشهاد العقيد أركان حرب شهيد عاصم محمد عصام الدين، قال إن قائد قوات الصاعقة روى لهم ما حدث، بأنه كانت هناك عملية مداهمة، ليتوضأ ويصلى خلف معداته العسكرية، ليتوجهوا لمنطقة أشبه بـ«غابة من الأشجار»، ليقضى على مجموعة من الإرهابيين، عدا فرداً كان مختبئاً خلف الأشجار فتح عليهم النار، ليستشهد.

أما والدة الشهيد، السيدة وفاء خليل، فتقول إنها فخورة بنجلها، لأنه شرف أسرته وأهله ومصر كلها بأعماله وبطولته.

وزير الدفاع وجّه الشكر للقوات على مجهوده

وتوضح أن الشهيد عاصم كان فيه اهتمام به وبأخباره، خصوصاً وقتما توجه إلى سيناء للقضاء على الإرهاب، ليحقق نجاحات كبيرة فى مواجهة العناصر الإرهابية، وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، والفريق أول محمد زكى، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى، والفريق أسامة عسكر، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، متابعين للموقف بشكل مستمر على أرض الواقع، ومن ثم عرفوا «عاصم» وأخباره نظراً لنجاحاته الكبيرة.

وتقول السيدة وفاء خليل، إن قائد قوات الصاعقة وزملاءه من رجال القوات المسلحة، قال لهم إن العمليات البطولية التى نفذها الشهيد عاصم فى سيناء، كانت «مسك الختام» للقضاء على الإرهاب فى شبه جزيرة سيناء، موضحاً أن الشهيد عاصم قضى على 13 إرهابياً فى عملية واحدة، ليوجّه الفريق أول محمد زكى، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، شكراً خاصاً له.

وتروى أن خبر استشهاد العقيد عاصم كان بمثابة «صاعقة» على كل الأوساط، من أسرته وزملائه وأصدقائه وقياداته، لافتة إلى أن السيدة انتصار السيسى زارتهم فى المنزل، وأهدتهم «مصاحف» على روح الشهيد، وأنها قالت لهم إن الرئيس كان يعرفه ويتابع بطولاته ومجهوده عن قرب، وإن وفاته أحزنتنا جميعاً.

وتوضح أنها حرصت على توجيه الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال الندوة التثقيفية السابقة للقوات المسلحة، على مساندتهم أسر الشهداء، وعلى زيارة السيدة انتصار لها، موضحة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، قال لهم إن الشهادة هى مكانة لا يصل لها «أى حد»، وأن من استشهد فهو ابنى «مش ابنك لوحدك».

وتؤكد أن الشهيد أحمد منسى كان «أكبر منه سناً»، ولكن كانت تجمعهما علاقة ودية ومحبة وأخوة، قائلة: «شايفاهم شبه بعض.. أخلاق فرسان، ورجولة، وشجاعة، وأبطال زى بعض.. وكانوا قريبين من العساكر ويحسسوهم بأنهم إخواتهم ويشوفوا طلباتهم»، موضحة أن الأسرة لا تزال على تواصل مع مَن خدموا معه حتى الآن رغم مرور قرابة عام ونصف العام على استشهاده، قائلة: «عرفت عنه حاجات كتير بعد استشهاده مكنتش أعرفها قبل الاستشهاد».

واختتمت والدة الشهيد حديثها مع المحرر العسكرى لـ«الوطن»، قائلة: «ربنا يديم الأمن والأمان لمصر.. الأمن والسلام ماجوش بسهولة، ولكن بدم أولادنا.. وإن شاء الله ربنا يحمى بلدنا وقواتنا المسلحة، ويحفظ مصر تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى».

المصدر: الوطن