شهدت مصر قبل نهاية الأسبوع الماضي، سلسلة من القرارات الاقتصادية والمصرفية المفاجئة، والتي استهدفت تحقيق الضبط المالي والنقدي للاقتصاد المصري، بعد ارتفاع معدلات الأسعار والصرف الأجنبي بسبب المضاربات.

محاولات الحكومة خلال الفترات السابقة، بالتوازي مع التوترات الإقليمية تارة والعالمية تارة أخري، جعلت التحركات تسير بمعدلات أبطأ في ظل التغييرات، والأحداث المتسارعة، خصوصا التي تحدث في منطقة البحر الأحمر، واستمرار العدوان الإسرائيلي علي قطاع غزة، ومناطق من مدينة رفح الفلسطينية، وهو ما أثر بالسلب علي القطاعات الاقتصادية في مصر.

 

أزمة التمويل 

علي مدار الأشهر الماضية؛ شهد الاقتصاد المصري عددا من التحديات، أبرزها ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية بمعدلات جاوزت التوقعات بما يساوي 250%، من قيمتها الحقيقية داخل الجهاز المصرفي، وهو ما أثر بصورة كبيرة علي ارتفاع معدلات التضخم، وزيادة الأعباء على المواطنين، للحصول علي السلع والخدمات الأساسية.

وتأثر المستثمرون والمستوردون بتلك الزيادات، في ظل استمرار أزمة نقص العملة، وعدم قدرات الجهاز المصرفي على تدبيرها، بسبب تراجع مصادر النقد الأجنبي من عوائد السياحة، ورسوم عبور قناة السويس، بسبب تأثيرات الأحداث العالمية.

واعلنت الحكومة خلال الأسبوع الماضي، الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، واتمام برنامج لتسهيل المدد، والذي توقف في ديسمبر عام 2021؛ ليتم رفع المبلغ التمويلي الممنوح من الصندوق لمصر، بقيمة تبلغ 8 مليارات دولار،  و1.2 مليار دولار، موجهة لتحقيق الاستدامة البيئية، لتصل جملة المبالغ المتفق عليها لـ9.2 مليار، وهو ما يغطي جزءا كبيرا من الاحتياجات التمويلية للبلاد والمقدرة بما بين 37 و 42 مليار دولار.

قرارات الجهاز المصرفي الصادرة الأربعاء الماضي، استهدفت بصورة كبيرة الحد من معدلات التضخم، والوصول لأرقام أحادية، بعد أن تفاقمت الأرقام لأكثر من 40% في الفترات الأخيرة.

 

مواجهة التضخم 

وقال تقرير حكومي، إن تحريك سعر الفائدة، في اجتماع استثنائي، جاء في ضوء التطورات الاقتصادية علي الساحتين الإقليمية والدولية، وهو ما أثر بصورة كبيرة علي الاقتصاد المحلي في الآونة الأخيرة، وما تلاه من نقص الموارد من العملات الأجنبية، مما عزز ظهور سوق موازية لسعر الصرف، وتباطؤ النمو الاقتصادي.

وأوضح التقرير، أن حالة عدم اليقين التي شهدها الاقتصاد المصري، مع ارتفاع الموجات التضخمية ساعدت في رفع سعر السلع الأساسية، وصدمات العرض المحلية، لتقوم بدورها في رفع معدل التضخم العام، والوصول به لمستويات قياسية، كسرت الأرقام المستهدفة بنهاية العام الميلادي الحالي. 

سهر الدماطي

تدخلات الجهاز المصرفي

وقالت الخبيرة المصرفية، سهر الدماطي، إن الإجراءات التي استهدفها الجهاز المصرفي، هي مواجهة التضخم والسيطرة عليه، بخلاف تحقيق الاستقرار المنشود لسعر الصرف الأجنبي، وتعزيز قدرات الجنيه أمام العملات الأخرى، باعتباره جزءا من التسعير العادل للجنيه، وفقا لاسعار السوق.

وأوضحت "الدماطي"، في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، أن اللجوء لرفع الفائدة بواقع 600 نقطة أساسية لم يكن قرارا منفصلا، وإنما مكملا لسلسلة من الإجراءات التصحيحية، التي تتخذها الدولة المصرية، لتحقيق الانضباط المالي والنقدي، ومواجهة تداعيات ارتفاع سعر الصرف الأجنبي في السوق السوداء.

وأضافت أن الهدف من تنفيذ تلك الاجراءات هو حماية المواطنين وتوفير ضمانات لهم في ظل ارتفاع موجات التضخم الوهمية التي سببها السوق الموازية والمضاربات في العملة، وهو أساس توجيه الجهاز المصرفي نحو التسعير العادل للجنيه وفقا لأسعار السوق.

وذكرت أن لجوء الجهاز المصرفي، لوضع سعر صرف مرن للجنيه، وتركه لقوى العرض والطلب، جاء بعدما فاق سعر العملة الأجنبية، في الأسابيع الماضيبة، كل التوقعات، داخل الأسواق الموازية، وبالتالي لا يمكن بأي حال من الاحوال أن يتم تحديد الاستثمارات بناء علي سعر السوق السوداء، ولكن ينبغي أن يتم وفقا لما يحدد "المركزي" وليس المضاربات.

أوضحت أن تلك الاجراءات تسهم في مواجهة تفاقم الاستهلاك من خلال الوصول بسعر الفائدة الحقيقي و توجيه المدخرات سواء من شهادات بنسبة 30% وغيرها بدلا من الاستهلاك وبالتالي تساعد علي توفير المزيد من السيولة من النقد الأجنبي والمحلي.

وأكدت أن الجهاز المصرفي أصبح قادرًا الآن على توفير كافة الاعتمادات المستندية بالعملة الأجنبية للمستثمرين، وبالتالي سيؤدي ذلك لضرب السوق السوداء في مقتل، خصوصا بعد انتهاء أزمات العجز التمويلي نظرا لوجود سيولة مالية داخل الجهاز المصرفي وهي في طريقها للزيادة.

حازم الشريف

الاستثمار الأجنبي والأمن القومي

بينما قال الباحث الاقتصادي المهندس حازم الشريف، إن الاجراءات التي تم اتخاذها، جاءت لتصحيح المسار، في ظل ضبابية المشهد الراهن، وممارسات المضاربين ومحتكري السلع؛ مؤكدا أن تلك الظاهرة ليس من المنطقي استمرارها لبناء الاقتصاد القومي .

وأضاف "الشريف"، في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، أن تلك الإجراءات لم تكن لتتم إلا من خلال التنسيق بين الجهاز المصرفي والمجموعة الاقتصادية، وفقا لتكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي، باتخاذ ما يلزم لحماية الاقتصاد المصري والمواطنين باعتباره أحد ركائز الأمن القومي.

وأشار إلي أن ملف سعر الصرف، هو أحد الإجراءات المفصلية، لوضع قيمة حقيقية، وتسعيرة موحدة للعملة في مصر، كجزء من جذب الاستثمار، بخلاف التوجه لرفع الفائدة، لجذب أكبر قدر من الاستثمارات غير المباشرة، في أذون وسندات الخزانة المحلية، باعتبارها أحد اهتمامات المستثمرين.

وأوضح أنه لا يمكن إنكار المعاناة التي تواجه المواطنين بسبب ارتفاع الأسعار مع اقتراب شهر رمضان المعظم؛ مؤكدًا أن تلك الظاهرة من شأنها التلاشي مع إعلان الحكومة التحرك للإفراج الفوري عن البضائع والسلع الاستراتيجية بما ينعكس علي المرونة في المنتجات داخل الأسواق، وهو ما يسهم في خفض الأسعار بسبب زيادة العرض مقابل انخفاض الطلب.

 

مؤسسات التمويل الدولية

وقال "الشريف"، إن الفترة المقبلة ستشهد انفراجة كبيرة في الاقتصاد المصري، خصوصا مع إعلان عدد من المؤسسات الدولية، إتمام قرض صندوق النقد الدولي، للاتفاق المبرم مع الحكومة، بقيمة تتجاوز 9 مليارات دولار، والتنسيق مع البنك الدولي للحصول علي تمويل آخر، وبالتالي ستكون هناك سيولة من النقد الأجنبي، ستسهم بلا شك، في خفض سعر العملات الأجنبية، وترفع من مركز الاحتياطي الأجنبي.

وأوضح أن الصفقات الاستثمارية التي أعلنت عنها مصر، قبل أسبوعين، ودخول 35 مليار دولار، من إجمالي استثمارات تبلغ 150 مليار دولار، كقيمة مشروع رأس الحكمة مع الجانب الإماراتي، من شأنه فتح شهية المستثمرين للقدوم للبلاد، وضخ المزيد من الاستثمارات، بعد الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخرا، وهو ما يرفع من نسب التشغيل، ويدفع عجلة الإنتاج.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: سعر الصرف الجهاز المصرفي أخبار مصر القرارات الاقتصادية الحكومة الاقتصاد المصری الجهاز المصرفی ملیار دولار سعر الصرف أن تلک وهو ما

إقرأ أيضاً:

عاجل:- رئيس الوزراء يشهد توقيع اتفاقية استراتيجية بين "جيبتو فارما" و"دوا فارماسيوتيكالز" الأمريكية لتأهيل مدينة الدواء للتصدير إلى السوق الأمريكية

شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، صباح اليوم، مراسم توقيع عقد اتفاقية تحالف استراتيجي بين شركة "جيبتو فارما" - مدينة الدواء المصرية، وشركة "دوا فارماسيوتيكالز" الأمريكية، وذلك في مقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور رفيع المستوى من الوزراء والمسؤولين المصريين والدوليين، في خطوة تُعد محورية لتطوير قطاع الدواء في مصر وتأهيله لدخول السوق الأمريكية عبر اعتماد هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).

عاجل - رئيس الوزراء مصطفى مدبولي يتفقد مشروعات جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة مدبولي: مشروعات "مستقبل مصر" توفر منتجات زراعية عالية الجودة بأسعار مناسبة للمواطنين حضور رسمي رفيع يؤكد أهمية الحدث

حضر مراسم التوقيع كل من: الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، والدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة والوقاية، والدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء المصرية، والدكتور هشام ستيت، رئيس الهيئة المصرية للشراء الموحد والإمداد والتموين الطبي، إلى جانب السفيرة الأمريكية بالقاهرة هيرو مصطفى غارغ، وسفير قطر السيد طارق علي فرج الأنصاري، وعدد من قيادات الشركتين.

وقع الاتفاقية من الجانب المصري الدكتور عمرو ممدوح، رئيس مجلس إدارة شركة "جيبتو فارما"، ومن الجانب الأمريكي الدكتور حسام عبد المقصود، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة "دوا فارماسيوتيكالز".

مدبولي: صناعة الأدوية تحظى باهتمام مباشر من الرئيس السيسي

أكد الدكتور مصطفى مدبولي في كلمته أن قطاع صناعة الأدوية يمثل محورًا حيويًا في منظومة التجارة والاستثمار الجديدة بين مصر والولايات المتحدة، ويحظى برعاية خاصة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، في إطار استراتيجية الدولة المصرية لتوطين الصناعات الحيوية، وعلى رأسها الدواء.

وأشار رئيس الوزراء إلى أن هذه الاتفاقية تفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بجلب المعدات والتكنولوجيا الأمريكية المتطورة إلى السوق المصرية، وتعزيز القدرة التنافسية لصناعات الأدوية المحلية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

FDA بوابة مصر إلى السوق الأمريكية

وأوضح مدبولي أن حصول مصر على اعتماد هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) من خلال هذا التحالف سيمثل نقلة نوعية في تاريخ صناعة الدواء المصرية، حيث سيؤهل الشركات الوطنية لتصدير منتجاتها إلى واحدة من أكبر الأسواق العالمية، ويعزز فرص الاستثمارات الأجنبية في القطاع الدوائي المحلي.

وأضاف أن هذا الاتفاق يؤكد استعداد مصر للتوسع في الأسواق الدولية، مدعومة بجودة عالية وتكنولوجيا حديثة، ويأتي امتدادًا لمساعي الدولة لدعم التصدير وزيادة الاعتماد على الإنتاج المحلي.

السفيرة الأمريكية: شراكة قوية تحقق ازدهارًا مشتركًا

من جانبها، أعربت السفيرة الأمريكية هيرو مصطفى غارغ عن تقديرها لهذه الخطوة الاستراتيجية، مشيرة إلى أن الاتفاقية بين "دوا فارماسيوتيكالز" و"جيبتو فارما" تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون الثنائي، يهدف إلى إدخال معدات أمريكية متطورة، وتوسيع نطاق إنتاج الدواء في مصر، مما يدعم تصديره إلى إفريقيا والشرق الأوسط.

وأكدت السفيرة أن هذه الشراكة تعكس قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتساهم في تحقيق الازدهار المشترك وتعزيز التنمية المستدامة في مجال الصحة.

جيبتو فارما: خطوة نحو العالمية

وفي كلمته، أكد الدكتور عمرو ممدوح، رئيس مجلس إدارة "جيبتو فارما"، أن هذه الشراكة تمثل خطوة محورية نحو تحقيق رؤية الشركة لتصبح مركزًا إقليميًا لصناعة الأدوية، مستفيدة من البنية التحتية الإنتاجية المتقدمة بمدينة الدواء المصرية.

وأشار إلى أن "جيبتو فارما" نجحت خلال الفترة الماضية في عقد شراكات مع سبع شركات عالمية في مجالات التصنيع المشترك ونقل التكنولوجيا، بالإضافة إلى إطلاق مجموعة متكاملة من الأدوية الحيوية بأسعار مناسبة وجودة عالية.

وأوضح أن الاتفاقية الحالية تهدف إلى تطوير القدرات الإنتاجية وإضافة خطوط تصنيع جديدة تلبي متطلبات هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، ما يؤهل الشركة لتصدير منتجاتها إلى السوق الأمريكية.

دوا فارماسيوتيكالز: نقل للخبرة والتكنولوجيا

من جانبه، أعرب الدكتور حسام عبد المقصود، الرئيس التنفيذي لشركة "دوا فارماسيوتيكالز"، عن فخره بالتعاون مع "جيبتو فارما"، مشيرًا إلى أن الشراكة تستند إلى رؤية مشتركة لتعزيز الابتكار والتكامل الصناعي في مجال الأدوية.

وأكد عبد المقصود التزام الشركة الأمريكية بنقل المعرفة والخبرة الفنية اللازمة، ودعم "جيبتو فارما" في عملية التأهيل لاعتماد FDA، بما يفتح المجال لدخول السوق الأمريكية وتعزيز الإنتاج المحلي وفق أعلى معايير الجودة الدولية.

اتفاقية تعزز موقع مصر في سوق الدواء العالمي

تجدر الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية تعزز من التجارة الثنائية والاستثمار في قطاع الابتكار الصيدلاني، وتسهم في تحسين جودة المنتجات الدوائية المتاحة للمستهلكين في مصر والولايات المتحدة على حد سواء.

كما تمثل الاتفاقية دفعة قوية لقطاع الصناعات الدوائية البيولوجية في مصر، مما يعزز من إنتاجيتها وقيمتها التصديرية، ويضع مصر على خريطة الدول المؤهلة لتصنيع وتصدير الأدوية على أعلى مستوى من الجودة والاعتماد الدولي.

مقالات مشابهة

  • ضبط 33 ألف دولار و200 ألف ريال بحوزة متهمين بالإتجار بالنقد الأجنبي بالدقهلية
  • الجبلي: صادراتنا الدوائية إلى إفريقيا تتسع.. ونطمح في 10% من السوق
  • الاقتصاد الألماني يتفادى الركود لكن سوق العمل يضعف والتضخم يتراجع
  • الحكومة: رادار الأسعار يتيح للمستهلك الإبلاغ عن نقص السلع أو ارتفاع أسعارها
  • ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بـ 10 ملايين جنيه
  • البيت الأبيض: ترامب يركز على تراجع معدلات التضخم التي خلفتها إدارة بايدن
  • ارتفاع طفيف بتوقعات التضخم في منطقة اليورو
  • عاجل:- رئيس الوزراء يشهد توقيع اتفاقية استراتيجية بين "جيبتو فارما" و"دوا فارماسيوتيكالز" الأمريكية لتأهيل مدينة الدواء للتصدير إلى السوق الأمريكية
  • رئيس هيئة الدواء يبحث مع كبرى شركات التجميل العالمية دعم تواجدها في السوق المصري
  • بعد تخفيض الفائدة| الاستثمار في الشهادات البنكية اكثر أمانا من الذهب.. خبير يوضح