سعيد حجازي يكتب: وائل محمد.. رحيلك أوجع قلوبنا
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
«اللهم إنى لا أسالك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه»، دعاء تعلمته من شيخى فى الصغر، وطالبنى بترديده فى وردى اليومى، لم أكن أعلم فحوى الدعاء وأهميته إلا بعد وفاة الصديق العزيز والأخ الغالى وائل محمد، الكاتب الصحفى بجريدة الفجر ومدير تحرير برنامج «على مسئوليتى» بقناة صدى البلد، رحيله كان فاجعة طالت قلوبنا، موته حقاً قضاء الله، لكن بشريتنا ترفض التسليم، أوجعنا الرحيل المفاجئ، اشتقتنا إليه بحجم استحالة عودته إلى هذه الحياة، سلاماً لروحه الطاهرة، عزاؤنا محبة الجميع له وسيرته الطيبة العطرة التى نشهد عليها، دعاؤنا بأن يلطف الله بنا ويلهمنا الصبر على فراقه.
منذ أن عرفته فى 2013، بقناة التحرير، فى إعداد برنامج «الشعب يريد»، ثم الرحيل معاً لقناة صدى البلد، وعلى مدار 11 عاماً، كان «أبوياسين» جندياً مجهولاً فى عمله، مبادراً بالخير، محباً للجميع، منكراً للذات، مخلصاً وصادق الوعد، ابتسامته الموزعة للجميع لا تفارق وجهه، مقبلاً على الحياة، لم يمنعه عن استكمال مسيرته إلا فاجعته فى وفاة والدته 3 نوفمبر الماضى، كانت القشة التى قصمت ظهره، 3 أشهر على رحيلها زهد الحياة ومن فيها، كانت جلساته لا تشمل إلا حديثه عن والدته وعلاقته بها، يقول «يا صاحبى أنا مش مكمل معاكم فى الحياة أنا عاوز أمشى كفاية أوى اللى عشته»، رحل العزيز الغالى، وترك وراءه سلمى «10 سنوات»، وياسين «5 سنوات» تركهما لرب اسمه الكريم.
ليس هناك أشد إيلاماً على النفس من أن تتلقى نبأ وفاة صديق عزيز عليك، تلقيت نبأك الحزين السبت الماضى، على مكتبى، لحظات لم أصدق رسالة الصديق أحمد عبداللاه «وائل توفاه الله»، دقائق لإدراك المعنى، عدم استيعاب للرحيل، الحزن والصمت يخيمان، سارعت إلى المشفى حيث يرقد، دخلت لألقى عليه نظرة الوداع، كانت الابتسامة تملأ وجهه، حتى فى وفاتك كنت راضياً مرضياً، هنيئاً لك يا صديقى بكل تلك المحبة، هنيئاً لك يا عزيزى بكل تلك الدعوات الطيبة، أودعناك إلى مرقد فى الدنيا، بجانب من أحببت، العزيزة والدتك، جمعكما الله فى جنته.
عايشت مع «أبوياسين» مراحل التعب الأخيرة، كان صابراً وراضياً عن قضاء الله، خلال الأسابيع الأخيرة قبل وفاته، كان هناك تدهور حاد فى حالته الصحية، استدعى دخوله المستشفى لإجراء غسيل كلوى، أكثر من 10 جلسات، استعاد فيها جزءاً من حيوته، وعاد إلينا بروح صافية نقية، كنا نظنها عودة لكنها كانت الوداع.
عودة لأيام قليلة ودعنا فيها العزيز الغالى، فاجأنا برحيله، واسترد الله وديعته الطيبة، مر أسبوع على رحيلك، وما زلت أتخيل أن وفاتك مجرد حلم، وأنك على قيد الحياة، أتذكرك فأبكى ألف مرة، لم أعلم أن لك كل هذا الحب فى قلبى، لك ذكرى فى كل مكان، ستظل حاضراً فى قلوبنا حتى يسترد الله وديعته ونلتقى على الحوض.
لا أعرف يا صديقى ماذا حدث لى بعد وفاتك؟ زهدت فى تلك الدنيا الفانية، تراب فى تراب، علمت اليوم أن السلامة فيها ترك ما فيها، منذ رحيلك وأنا أبكيك، أتذكر وقوفك فى المونتاج، جلساتك فى غرفة الإعداد، متابعة مباريات الأهلى، فرحتك بفوز المارد الأحمر، اتصال الجمعة لإعداد التقارير، قعدة القهوة يوم الخميس، حديثك عن «سلمى» و«ياسين»، كنت حليماً فى غضبك، ودوداً فى خلافك، أبكيك وأنا أكتب تلك الكلمات، لم أتخيل يوماً أن أكتب عن رحيلك، سبحان من تفرد بالدوام والبقاء، سأظل أتذكرك ما حييت، حاضراً فى قلوبنا، السلام والتحية عليك وإلى لقاء قريب.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الدعاء للميت
إقرأ أيضاً:
عثمان جلال يكتب: وتتوالى بشارات معركة الكرامة
(1) بعد فتح حصون خيبر قدم جعفر بن ابي طالب من الحبشة فقال النبي صلى الله عليه وسلم (بأيهما أفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر) . وبشارات الافراح تتوالى على الشعب السوداني الصابر بتحرير مدني والمصفاة وتلاقي أبطال جيش امدرمان وبحري مع عظماء قواتنا في سلاح الاشارة والقيادة العامة .
تسع تلت التسعون يوما والاذاعة العميلة تزدري منا وتسخر، أنا لتوريت الحصينة ان تنال وان تحرر ، تسع تلت التسعون يوما والفدائيون ساعدهم تشمر ، قهروا الجبال الراسيات ، وإذ عز الفداء، وإذ تعذر ، هذه الكلمات الفولاذية قالها الشهيد البطل علي عبد الفتاح في ملاحم تحرير مدينة توريت ، وهاهم إخوانه في القوات المسلحة والمشتركة والقوات الخاصة والمقاومة الشعبية يعيدون ذات البطولات والملاحم وإخواننا ديك كانوا صعبين المراس، يستعجب النشىء الكبر ، طالع شبيهم بالمقاس .ياأحبائي ونبض عروقي كنتم القدوة بالخير الوريق ، فاهنأوا نحن كما انتم على ذات الطريق ، رب شمس غربت والبدر عنها يخبر ، وزهور تتلاشى وهي في العطر تعيش
نحن أكفاء لما مر بنا بل أكبر
تاجنا الأبقى، وتندك العروش ولمن ولى حديث يؤثر ، ولمن ولى حديث يذكر
(2)
كان الصحابة يمازحون جعفر بن ابي طالب الله بأنه لم يشهد معهم ملاحم فجر الاسلام في بدر الكبرى وأحد والاحزاب حتى ارتقى جعفر الطيار شهيدا يوم مؤتة .
(قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) ، لا يزال أبطالنا في الخنادق والايادي على الزناد وواجب الشعب السوداني الاستمرار في التلاحم والتدافع ومناصرة جيشه العظيم بالنفس والمال والزاد والدعاء، والاسناد المدني وتأمين الأحياء والمدن بعد تحريرها، فمعركة الكرامة مستمرة حتى تحرير آخر ذرة تراب سوداني دنسته المليشيا المجرمة، وبعد التطهير الشامل سيتداعى ذات الشعب والجيش الذي صنع الانتصار في الميدان لإعادة الاعمار والتنمية وصناعة المشروع الوطني الديمقراطي المستدام . في وطن حدادي مدادي يسع الجميع .
(3)
إن معركة الكرامة والشرف الوطني ستكون آخر حروب ونكبات السودان ونهايتها ستشكل البداية الواثقة لصناعة المشروع النهضوي والحضاري والذي سيضع السودان في مكانه الطبيعي بين الدول والأمم العظيمة. هذا المشروع ستتذوق طعمه الأجيال الشبابية التي قادت معركة الكرامة . هذا المشروع العظيم بلغناه أم لم نبلغه ولكن علينا المساهمة في شركة مساهمته العامة بوعي او فكر او مال او قطرة دم.
عثمان جلال
الاحد: 2025/2/26