يحل اليوم ذكرى وفاة “ملك الكوميديا” وأحد أبرز كوميدانات السينما المصرية والعربية، عبد الفتاح القصري أو الشهير بـ “حنفي”، ولم يتم ذكراه إلا بالضحك،  فبالرغم من إسعاده ملايين الجماهير ألا أنه تعرض لمحطات حزينة ومؤلمة في حياته الشخصية جعلت حياته تنتهي بالمسآوية، لا أحد يعرف مدى معاناة ما وراء ضحكة القصري الذي عانى في جميع مراحل حياته.

 

ولد عبد الفتاح القصري في 15 أبريل 1905 بحي الجمالية في محافظة القاهرة، والده كان ثريا يعمل في تجارة الذهب، درس بمدرسة «الفرير» الفرنسية - القديس يوسف بالخرنفش - وليس كما أُشيع من أنه أُمّي وليس متعلم.

 

مسيرته الفنية

 

عشق الفن رغم رفض والده له اتجه إلى فرق الهواة بإلقاء المونولوجات التي تنتقد الأوضاع ثم ترك محل والده لتجارة الذهب،  فمن فرط حبه بالتمثيل التحق بفرقة عبد الرحمن رشدي ثم فرقة نجيب الريحاني ثم بفرقة إسماعيل ياسين، وكان ذلك ضد رغبة أبيه، الذي هدده بالحرمان من الميراث إذا لم يرجع عن تلك الهواية، فما كان منه إلا أن استمر في طريقه مضحيًا بنصيبه من تركة أبيه.

 

اشتهر عبد الفتاح القصري بقامته القصيرة وشعره الأملس وإحدى عينيه التي أصابها الحول فأصبح نجمًا كوميديًا، بالإضافة إلى طريقته الخاصة في نطق الكلام وارتداء الملابس، ولم يلعب القصري بطولة مطلقة وإنما كان دائمًا صديقًا للبطل أو بمصطلح السينما دور «السنيد» للبطل.

 

لعب القصري أدوار المعلم ابن البلد الغير متعلم البسيط خفيف الظل مدّعي الثقافة كما قدم زعيم العصابة والوصولي، وقدم عبر شاشة السينما ما يقرب من 100 فيلم، لعل من أشهر أدواره هو دوره في فيلم ابن حميدو مع الفنان إسماعيل ياسين وأحمد رمزي وزينات صدقي وهند رستم، حيث لعب دور «المعلم حنفي شيخ الصيادين» وعبارته الشهيرة التي لا زالت باقية حتى الآن، حيث لعب دور الزوج المغلوب على أمره أمام زوجته المتنمرة.

 

ارتبط عبد الفتاح القصري كثيرًا بالفنان إسماعيل ياسين في الكثير من الأفلام منها: «إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين» و«ابن حميدو» و«إسماعيل ياسين في متحف الشمع»، كذلك أبدع في كثير من الأعمال المختلفة منها:"بسلامته عايز يتجوز، والمعلم بحبح، وانتصار الشباب، وسي عمر، ويوم في العالي".

 

كما لعب في وقت متأخر دورًا مميزًا في فيلم «سكر هانم» مع عبد المنعم إبراهيم وكمال الشناوي وحسن فايق وسامية جمال ألا وهو دور «المعلم شاهين الزلط».

 

تألق القصري أيضًا على خشبة المسرح، وشارك في بطولة مجموعة متميزة من العروض، وكان بمثابة فاتح الشهية للجمهور في هذه الأعمال ومن  أشهر المسرحيات التي قدمها “صاحب الجلالة، والست عايزة كدة، وعمتي فتافيت السكر، ويا الدفع يا الحبس، قسمتي، الدلوعة، الشايب لما يدلع، الجنية المصري، 30 يوم في السجن، حسن ومرقص وكوهين، ما حدش واخد منها حاجة”.

 

كما أبدع في المسلسلات الإذاعية مثل “ساعة لقلبك، أبو سريع، حسن وعلي ورضوان”.

 

إلى جانب عشقه للتمثيل أحب عبد الفتاح القصرى الصحافة وحاول العمل بإحدى الصحف، فعمل محررا في مجلة الفن وكان يقول: "إنني سوف أغير في اتجاهات الصحافة وسيسجل التاريخ التحاقي بمجلة الفن وسيكون عملي فيها نقطة تحول في عالم الصحافة.


ومن نوادره في العمل الصحفي أنه كتب ريبورتاجا وقدمه إلى رئيس التحرير ولما سأله رئيس التحرير أين الصور؟ رد عليه قائلًا: "هوه أنا مصوراتي؟!." ولما علم أهمية الصور قال لرئيس التحرير انشر الكلام النهاردة والصور بكرة. بعد ذلك عمل في قسم الأخبار ولما لم يجد أخبارا جديدة أخذ من درج زميله أخبارا وأعاد كتابتها ولما قرأها رئيسه القاها في وجهه.. فترك المجلة عاد إلى المسرح حتى توفي الريحاني فانتقل إلى فرقة إسماعيل يس 1954.

 

إفلاس عبد الفتاح القصري

 

في سنوات عبد الفتاح القصرى الأخيرة حجزت مصلحة الضرائب على مرتبه مقابل سداد مبلغ 1800 جنيه قيمة الضريبة المتأخرة عليه منذ عام 1939.. أي منذ عشرين عاما، وكما نشرت مجلة روز اليوسف عام 1959 أن مرتب القصرى من فرقة إسماعيل يس التي يعمل بها يبلغ 100 جنيه فقط في الشهر وهناك فترات لا يعمل فيها القصرى مع الفرقة.

 

وفاة عبدالفتاح القصري

 

وفي 8 مارس 1964 اشتدت نوبة السكر على القصري وأصيب بغيبوبة وتم نقله إلى مستشفى المبرة حيث لفظ أنفاسه الأخيرة، ولم يحضر جنازته سوى 3 أشخاص من بينهم الفنانة نجوى سالم، فرغم رحيله عنا لم يرحل من قلوبنا، فقد تارك لنا إرثًا فنًا من الأعمال والأدوار البارزة فى السينما، والإفيهات التي تعيش إلى الآن ويتداولها محبيه بصورة كبيرة خالدًا بداخل قلوبنا حتى بعد مرور 60 عامًا عن وفاته.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مصلحة الضرائب نجيب الريحاني نجوى سالم ملك الكوميديا عبد الفتاح القصري عبد الفتاح القصری إسماعیل یاسین

إقرأ أيضاً:

منصة الأوسكار تتهاوى.. هل انتهى عصر جائزة السينما الأشهر؟

ننتظر بعد أيام قليلة حفل توزيع جوائز الأوسكار رقم 97، الجائزة الشهيرة التي بعد 4 سنوات من الآن سيحتفل بقرن كامل من احتفائها بأهم الأفلام السينمائية كل عام، وقد بدأت بالفعل عام 1929. غير أن الأوسكار، التي ظلت لسنوات تكريمًا لا يضاهيه آخر للأفلام والممثلات والممثلين، بدأت مؤخرًا في فقدان أهميتها للعامل الأهم في صناعة السينما، أي المتفرجين.

صدرت العام الماضي، بعد حفل توزيع الجوائز رقم 96، إحصائية لعدد مشاهدي الفعالية على شاشة التلفاز الرسمية، شملت هذه الإحصائية أرقام المشاهدات بالملايين من عام 2000 حتى 2024، لتوضح بالدليل القاطع التدهور الشديد في أهمية الجائزة في عيون المتفرجين، فبعدما قاربت 50 مليون مشاهد (رسمي)، شاهدها العام الماضي 19.5 مليون فقط.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2صراخ ودماء وتلاعب بالعقول.. أدوات تخويف الجمهور في أفلام الرعبlist 2 of 2روز الخالدة.. رحلة كيت وينسلت من التنمر إلى المجدend of list

وقد أعلنت أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة، المسؤولة عن تقديم الجائزة، بث الحفل لأول مرة على منصة "هولو" (Hulu) بالتزامن مع عرضه التلفزيوني على قناة "إيه بي سي" (ABC)، في محاولة من الأكاديمية لتوسيع دائرة المشاهدة واستقطاب متفرجين جدد من مشاهدي المنصات. غير أن السؤال الأهم هنا: هل الأزمة فقط في عدد المشاهدات، أم إن الأمر أكثر تعقيدًا، ويتجاوز عدم اهتمام المتفرجين بالجائزة بعد الآن؟ وما الأسباب التي تجعل الأوسكار على وشك الانقراض؟

إعلان الأوسكار جائزة عجوز شديدة البياض والعنصرية

كما أن لجائزة الأوسكار تاريخ طويل كواحدة من أشهر الجوائز السينمائية، فإن لها كذلك تاريخًا أطول من الاتهامات الموجهة إليها، والتي تزايدت بشكل مطرد في العقد الأخير. ففي عام 2015 احتج المتفرجون العاديون، فضلًا عن شريحة كبيرة من المشاهير، على مشكلة التنوع العرقي في الأكاديمية، عندما لم يتم ترشيح أي ممثل أو ممثلة من ذوي البشرة الملونة في الفئات الأربع للتمثيل. واستخدم وسم "الأوسكار شديدة البياض" (#OscarsSoWhite) بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

بعدها بعامين، ظهر وسمان آخران، أحدهما متعلق بصناعة السينما الأميركية بشكل عام، وهو "أنا أيضًا" (#MeToo)، بعد ثورة عدد كبير من الممثلات والعاملات في الصناعة على استغلالهن أمام الشاشة وخلفها، الأمر الذي قلب العديد من الأوضاع رأسًا على عقب، وجعل الأوسكار بالتالي تظهر كمؤسسة تمثل الرجال البيض العنصريين المستغلين للنساء. وفي العام نفسه، ظهر الوسم الثالث وهو "الأوسكار عجوز للغاية" (#OscarsSoOld)، حيث إن الأعضاء الناخبين في الأكاديمية كبار في السن لدرجة تجعلهم غير قادرين على تمثيل صناعة السينما أو جمهورها. ووفقًا لإحصائية حديثة، فإن 81% من الناخبين في الأوسكار هم من البيض، و67% من الرجال، وذلك ما يؤكد صورة الأوسكار كمؤسسة عتيقة أصبحت لا تمثل سوى صورة باهتة لعصر انتهى.

بالإضافة إلى عدم التوازن في الترشيحات على أساس الجنس، وخاصة في فئات الإخراج والكتابة، فقد أثار غياب المخرجات في الفئات الرئيسية مناقشات مستمرة حول المساواة بين الجنسين في الأوسكار.

وقد حاول بعض الفائزين استخدام خطب قبولهم للجائزة كوسيلة للتطرق إلى قضايا سياسية، مما أدى إلى ردود فعل متباينة من الحاضرين، أي النجوم والنجمات والعاملين والعاملات في الصناعة. فبينما قدّر بعضهم هذه التصريحات، امتعض آخرون. ومن أهم الأمثلة على ذلك خطاب المخرج غوناثان غلايزر، عندما فاز فيلمه "منطقة الاهتمام" (The Zone of Interest) بجائزة أفضل فيلم دولي، حيث وصف فيه الحرب على غزة بالتطهير العرقي المشابه لما قام به هتلر والنازيون ضد اليهود في الهولوكوست خلال الحرب العالمية الثانية. وكما يرى أي مشاهد لخطاب غلايزر، فإن أقل من ثلث القاعة صفقوا بعد ذكر "غزة"، وبدا على البقية التوتر والقلق وعدم القدرة على اتخاذ رد الفعل المناسب.

إعلان جائزة لا تهتم بآراء الجمهور

أي الأفلام تُكرِّمها الأوسكار؟ إجابة هذا السؤال قد تُزيل بعض الغموض حول الأسباب التي أدت إلى عدم الاهتمام التدريجي بالأوسكار على مدار السنوات الأخيرة. وبمراجعة سريعة للأفلام الفائزة بجائزة أفضل فيلم -باعتبارها أهم جائزة تقدمها الأكاديمية- نلاحظ أنها حتى بداية العقد الثاني من الألفية، أي ما قبل 2011، كانت أفلامًا كبيرة أو متوسطة الميزانية، من بطولة نجوم محببين، وحققت أرباحًا معقولة، مثل "المغادرون" (The Departed) لليوناردو دي كابريو وجاك نيكلسون، و"ملك الخواتم" (The Lord of the Rings)، وفي التسعينيات أفلام "تيتانيك" (Titanic) و"فورست غامب" (Forrest Gump).

بالانتقال إلى العقد الثاني من الألفية الثالثة، سنجد تغييرًا كبيرًا في نوعية الأفلام الفائزة وحتى المرشحة لجائزة أفضل فيلم، فتحولت إلى أفلام محدودة الميزانية، قليلة الشهرة، بعضها لا يحقق إيرادات، وبعضها بالكاد توازي إيراداته ميزانيته. فعلى سبيل المثال، فاز في 2021 فيلم "كودا" (Coda) الذي حقق إيرادات 2.2 مليون دولار أمام ميزانية 10 ملايين، بالإضافة إلى أفلام مثل "نومادلاند" (Nomadland) و"شكل الماء" (The Shape of Water) التي حققت أرباحًا غير أنها لا تُعدّ أفلامًا محطمة لشباك التذاكر بأي حال من الأحوال.

اتجهت الأكاديمية مؤخرًا إلى تكريم الأفلام الفنية، وهو أمر ليس سيئًا بطبيعة الحال، بل يشجع صناع الأفلام من ناحية، ويرفع من قيمة الجائزة من ناحية أخرى لتصبح منافسة إلى حد ما للمهرجانات السينمائية العريقة مثل كان وفينيسيا وبرلين؛ المهرجانات التي لا تهتم بأسماء النجوم بالصورة نفسها التي تهتم بها بجودة الأفلام وتجديدها في الوسيط السينمائي.

غير أن المتفرج العادي فقد اتصاله بالجائزة والأفلام التي ترشحها، فلم يعد يتشارك مع الأكاديمية الاهتمامات ذاتها، وأصبحت في نظر بعضهم النسخة الأميركية من الأفلام الأوروبية النخبوية. وبالمقارنة -على سبيل المثال- بين السنوات الخمس الأخيرة من حيث عدد مشاهدات حفل توزيع الجائزة، سنجد أن 2024 هي الأعلى مشاهدة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تنافس فيلم "أوبنهايمر"، أحد أعلى أفلام السنة إيرادًا، وأكثرها نجاحًا، بينما تسبب عدم ترشيح "باربي" في هجوم شديد على الأكاديمية.

إعلان

بالإضافة إلى كل ما سبق، علينا بالطبع الأخذ في الاعتبار سطوة كل من المنصات الإلكترونية وتطبيقات التواصل الاجتماعي. فالأولى تقدم على مدار الساعة أعمالًا مختلفة إلى حد كبير عن تلك التي ترشحها الأكاديمية، والثانية تُغذي المتابعين بتفاصيل يومية عن نجومهم المفضلين، وإطلالاتهم في الأماكن المختلفة، وأخبارهم لحظة بلحظة. فلم تعد السجادة الحمراء للأوسكار، أو حتى جوائزها، ذات أهمية مقارنة بتلك الحالة من المتابعة اللصيقة.

مقالات مشابهة

  • منصة الأوسكار تتهاوى.. هل انتهى عصر جائزة السينما الأشهر؟
  • الدوماني: الزمالك يستحق ركلة جزاء أمام زد .. وتعرض لظلم تحكيمي
  • في ذكرى وفاته.. أبو بكر عزت رمز للفن الصادق والإنسانية
  • أسرار جديدة عن لغز الصدأ الأحمر على المريخ
  • مجلس النواب يواصل مناقشة القضايا التي تلامس حياة المواطنين بحضور الحكومة
  • البرلمان يواصل مناقشة القضايا التي تلامس حياة المواطنين
  • عائلة سعد الصغير تنفي أنباء وفاته
  • أندية وادي دجلة تحتفي بالنجم عمر مرموش وتعرض مباراة مانشستر سيتي
  • المصري مو إسماعيل يكشف كواليس دخوله السينما الهندية للمرة الثانية
  • أكرم حسني: «الكابتن» تجربة جديدة في الكوميديا والرعب.. ومتحمس لآراء الجمهور