تروس الدبلوماسية الأمريكية تطحن الوعود ؛ وسكان غزة يموتون الآن. والمجاعة تقتل الأطفال فى الشمال. وحذرت الأمم المتحدة من أن أكثر من ربع سكان الإقليم أصبحوا على بعد خطوة واحدة من المجاعة.
وفى هذا السياق، عمليات الإنزال الجوى الأمريكية التى بدأت منذ عدة أيام تقدم حلولاً تافهة لدرجة أنها تكاد تكون مهينة. وعادة ما تكون الملاذ الأخير للتسليم فى بيئات معادية؛ وهذه المرة، يتمثل العائق أمام المساعدات فى وجود حليف للولايات المتحدة يعتمد هو نفسه على المساعدات الأمريكية.
ويبدو أن توجه واشنطن نحو خطاب أقوى منفصل تماماً عن الحقائق على الأرض، حيث قتل أكثر من 30 ألف شخص، وفقاً للسلطات الصحية فى غزة. وقد ترك الحديث الصعب المتأخر لنائبة الرئيس كامالا هاريس، الذى حثت فيه على وقف فورى لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع وإطلاق سراح الرهائن وفتح المعابر وزيادة تدفق المساعدات قائلة: «لا أعذار». وغرد جو بايدن قائلاً إنه «لن يتوانى» فى الضغط من أجل التوصل إلى مثل هذه الصفقة والمساعدات – ولكن على عكس السيدة هاريس، لم يذكر إسرائيل بالاسم.
وكما اعترفت الولايات المتحدة، فإن عمليات الإنزال ليست بديلاً عن نقاط الدخول الجديدة والقوافل الكبيرة. إن المنح التى تم تسليمها ضئيلة. إنهم يخدمون الأقوياء، وليس الأكثر احتياجاً؛ يمكنهم تعريض أولئك الذين من المفترض أن ينقذوهم للخطر. وكلما طال أمد الهجوم الإسرائيلى، تدهور الوضع الأمنى وتزايد اليأس. إن مقتل أكثر من 100 شخص عند نقطة توزيع المساعدات الأسبوع الماضى، عندما تجمعت حشود مسعورة حول الشاحنات وفتحت القوات الإسرائيلية النار، يتطلب إجراء تحقيق كامل ومستقل.
إن فتح المزيد من طرق المساعدات أمر ضرورى، خاصة بالنسبة للشمال، وهناك حاجة إلى تدفق المزيد من المساعدات. ولا تزال السلطات الإسرائيلية تعيد شاحنات بأكملها عندما تفشل قطعة واحدة فى الحصول على موافقتها. ويجب على المانحين، بمن فيهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، أن يستأنفوا أيضاً مساعداتهم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، كما فعل الاتحاد الأوروبى جزئياً، بعد تعليقها بسبب مزاعم إسرائيل بأن بعض موظفيها تورطوا فى الفظائع التى وقعت فى 7 أكتوبر، والتى اتهم محققو الأمم المتحدة بارتكابها. ينتظرون الأدلة. إن جهود الإغاثة واسعة النطاق فى غزة مستحيلة بدون الوكالة.
ومهما كان حجم المساعدات التى يتم تسليمها، فإن الاحتياجات سوف تتضاعف مع استمرار الصراع. ورغم أن الولايات المتحدة أشارت إلى أن إسرائيل تقترب من قبول اتفاق وقف إطلاق النار محدد المدة، فإن حماس لم تقدم بعد قائمة بأسماء الرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم، واستمرار الحرب يشكل المفتاح لآمال بنيامين نتنياهو فى البقاء. وليس سراً أن الولايات المتحدة تفضل التعامل مع حكومة يقودها بينى جانتس، عضو مجلس الوزراء الحربى والمنافس السياسى لنتنياهو.
ويتعين علينا أن نرى ما إذا كان موقف الإدارة الأمريكية المتغير قد يخلف أى تأثير أكبر فى الداخل. تفصلنا ثمانية أشهر عن الانتخابات، وتبدو استطلاعات الرأى مثيرة للقلق بشكل متزايد بالنسبة لبايدن. بدأت عمليات الإنزال الجوى والتوبيخ بعد أيام من تصويت 100 ألف ديمقراطى فى ميشيجان غير ملتزمين بدعم الرئيس فى الانتخابات التمهيدية بالولاية. ومن الصعب تصديق أنهم سيتمكنون من استعادة العديد من هؤلاء الناخبين فى الوقت الذى يهدد فيه السيد نتنياهو بشن هجوم واسع النطاق على رفح، العجيب أن الولايات المتحدة توفر الأسلحة المستخدمة لخلق الكارثة التى تدينها.
د. مصطفى محمود
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د مصطفى محمود الولايات المتحدة غزة على بعد خطوة من المجاعة الهجوم الإسرائيلي الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
محلل: لبنان طلب من الولايات المتحدة منع الضربات الاستباقية الإسرائيلية
قال محمد سعيد الرز، الكاتب والمحلل السياسي، إن رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن بعد زيارة المبعوث الأمريكي آموس هوكستين أن 90% من أوراق بنود صفقة وقف إطلاق النار من الممكن القبول بها، مشيرًا إلى أنه بالتزامن مع ذلك أبلغ جيش الاحتلال الإسرائيلي المستوى السياسي قبوله بوقف إطلاق النار في لبنان.
وأضاف «الرز» خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن لبنان صرح بأن كلا من بيروت وتل أبيب لديهما الحق في التحرك تجاه أي خطر يهددهما، موضحًا أن لبنان طلب من الولايات المتحدة الأمريكية أن تمنع الضربات الاستباقية الإسرائيلية.
ولفت إلى أن إسرائيل طلبت من أمريكا التعهد بورقة جانبية وأن يكون هناك دعم لإسرائيل، في حالة تعرضها للخطر من قبل لبنان، متابعًا: «المسألة في طريقها للحل بين الدولتين نوعًا ما، وحسبما أفادت التقارير أن هناك أسبوعين أو ثلاثة أسابيع قد تحل فيها هذه الأمور».
وأشار إلى أن بنيامين نتنياهو حاول استغلال بنود الاتفاق والمراوغة عليها، لمنع إتمام صفقة وقف إطلاق النار، إذ أنه لديه رغبة في تحقيق إنجاز بري معين على الأراضي اللبنانية.