تعددتْ الدراسات حول منزلة اللغة العربية قديما فى الأسرة (الساميّة). ذهب لويس عوض فى كتابه مقـدّمة فى فقه اللغة العربية، هيئة الكتاب القاهرة 1980ـ متابعا كتابات اليهود المتعصبين إلى أن أول ظهور للعرب على مسرح التاريخ فى الشرق الأوسط، كما ورد فى نص لـ«شالما نصر الثالث» ملك آشور (859ـ824 ق.م)، وهو نص محفوظ فى مكتبة آشور بانيبال ملك الأشوريين (669ـ630 ق.

م)، وأن العرب من أصل قوقازى، مشيرا إلى ما أسماه ملكات العرب، زاعما أن المرأة العربية فى المراحل الباكرة كانت تشغل منصب رأس القبيلة!، مع أن أشهر القبائل العربية تحمل الاسم المؤنث لفظا. لا معنى، أو الوارد بصيغة المبالغة، كأميّة، وربيعة، وكلدة، ومرّة، وأسماء أفراد كورقة بن نوفل، وعتْبة، وشيبة، وعبدة بن الطيب، وطرفة بن العبد، وعلقمة، والنابغة، وضمرة، ومسيلمة، وحمزة، وأسامة، وطلحة، وحذيفة، ومعاوية، وأرطأة، وسمرة، ومحيصة، وثعلبة، وسبطة، ولبطة، وحبطلة، والأربعة أولاد الفرزدق.. إلخ، بينما يذكر جواد على فى كتابه (المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام) أن التاريخ العربى يرجع إلى أكثر من ألفى عام، وأن اسم العرب ورد فى الكتابات الأكادية قبل الميلاد بأكثر من ألفى عام، وبنى رأيه اعتمادا على خبر ترام سن الأكادي (2270ـ2223ق.م) الذى يقرر أن سكان الأرضين كانوا عربا، وكان رد إبراهيم عوض أن الإسلام حين دخل القوقاز لم تثرْ أية خاطرة عن ذلك الأصل المزعوم، هذا مع حديث التاريخ عن العماليق، والعرب البائدة.
كما أرجع لويس عوض، دون سند من دراسة اللغات السامية، بعض مفردات من الكلمات العربية إلى أصول: مصرية قديمة، وغيرها، مدّعيا ضيق اللغة العربية، وأن العامية المصرية لغة لا تمت للعربية!، وعن رسالة الغفران، يتطرق إلى قضية «خلْق القرآن»، وقضايا أخرى تجرد له فى الرد عليها الكثيرون. وفاته أن يدرس العربية فى إطار لغات أسرتها : السامية. لا دراستها داخل اللغة فحسب، وهو ما نوه إليه رمضان عبد التواب فى مقدمة ترجمته لكتاب فقه اللغات السامية للمستشرق الألمانى كار بروكلمان، جامعة الرياض، الرياض 1977 ص 5.  بل فاته قراءة هذا الكتاب، وكتاب بروكلمان: تاريخ الأدب العربى، واللغات السامية لنولدكة، ترجمة رمضان عبد التواب 1963، وتاريخ اللغات السامية لإسرائيل ولفنسون، وما فيهما من تاريخ، حيث تعود اللغات السامية جميعها إلى ما يسمى (السامية الأم)، وهى غير موجودة الآن، حيث اهتدى الباحثون فى القرن الثامن عشر إلى اكتشاف اللغة السنسكريتية، فنشأ علم اللغة التاريخى، فطبق العلماء المنهج التاريخى للغات الهندو أوروبية على مجموعة من اللغات السامية فوصلوا إلى تلك اللغة الأم، وكانت دراسات المستشرقين ناشئة فى أحضان كليات اللاهوت؛ فأدركوا العلاقة بين العربية، والعبرية والسريانية، فبدأت المقارنة فى هولندا فى القرن الثامن عشر على يد «شولتنس» بين العبرية والعربية،، تلاه كل من: « إيفالد، والسهوزن»،، ومثلهما «نولدكه» فى الآرامية، وفى عام 1890 ألف «وليم رايت» كتابه محاضرات فى النحو المقارن للغات السامية، ثم «لا جارد»، و«بارت» فى كتابيهما: بحوث فى أبنية الأسماء السامية، كما ألف «لندبرج» كتابه النحو المقارن للغات السامية، و«تسمرن» فى كتابه: النحو المقارن للغات السامية، ونشر فى برلين 1898، ثم كان تأليف كارل بروكلمان كتابه الضخم الأساس فى النحو المقارن للغات السامية فى جزأين:
1ـ عن أصوات اللغات السامية، وأبنية الأفعال فيها، برلين 1908.
2ـ عن دراسة الجملة فى اللغات السامية، فى سبق وتجديد برلين 1913.
كما ألف بروكلمان كتابين صغيرين فى موضوع واحد، أولهما: فقه اللغات السامية الذى نشر فى ليبزج 1906، وثانيهما: مختصر النحو المقارن للغات السامية، برلين 1908، وكما يذكر رمضان عبد التواب فى المقدمة ص 7 جاء من تلا بروكلمان عالة عليه من أمثال: أوليرى فى كتابه النحو المقارن للغات السامية 1929، برجشتراسر في: المخل إلى اللغات السامية 1928، ومحاضرته بالجامعة المصرية القديمة عن التطور النحوى المقارن، وطبعتْ بعنوان التطور النحوى 1929، ثم «موسكاتى» فى كتابه بافيطالية: محاضرات فى اللغات السامية، روما 1960، وترجمه بعد تنقيح إلى الإنجليزية بالاشتراك مع كل من: «أنطون شبيتالر»، و«إدوارد ألندروف»، و«فولفرام فون سودن»، ونشر فى ألمانيا 1964 بعنوان «مقدمة فى النحو المقارن للغات السامية»، وكان «رينان» قد خطط للبحث فى هذا المجال، لم ينشر منه إلا الجزء الأول بعنوان تاريخ اللغات السامية نحو سنة 1927، كما نشر تخطيطا لتاريخ اللغات السامية، ترجمه إلى العربية رمضان عبد التواب 1963، ولخص كل من: «رايت»، و«تسترن» نتائج البحوث التى عاصراها.
فهل قرأ لويس عوض ما ذكره عالم متخصص، هو رمضان عبدالتواب عن باحثين متخصصين فى السطور السابقة قبل أن يصدر أحكامه السابقة؟!.
وكان مما صدر كتاب فلسفة اللغة العربية لعثمان أمين، المكتبة الثقافية، الدار المصرية للتأليف والنشر فى 119 صفحة، مبينا ما خاضته اللغة العربية من أزمات، وحملات تبشيرية واستعمارية وصهيونية، كمرجليوث، وزويجر، وغيرهما، ودفاعات أمثال: الأفغانى، ومحمد عبده، وجوتييه، بروكلمان وإشادته بميزات اللغة العربية، وما قاله إدوارد فانديك منذ أكثر من مائة عام من أن اللغة العربية من أكثر لغات الأرض امتيازا من وجهين: ثروة معجمها، واستيعاب آدابها، ليقرر عثمان أمين مثالية اللغة العربية، وعدم حاجتها لفعل الكينونة، وروحانيتها.
وكان أكثرهم تفصيلا وتفنيدا ابراهيم عوض فى كتابه الذى حمل عنوانا له هو كتاب لويس مذيلا بجملة «تحت المجهر»، الناشر مكتبة الشيخ أحمد، القاهرة 2015 فى 305 صفحة.
عضو المجمع العلمى وأستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جامعة عين شمس لغتنا العربية جذور هويتنا د يوسف نوفل اللغة العربیة

إقرأ أيضاً:

من قلب الجامعات الأميركية أصوات يهودية ترفض حماية ترامب

واشنطن- بعد أيام من بداية ولايته الثانية، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمره التنفيذي رقم 14188، الذي يزعم مكافحة "معاداة السامية" في المؤسسات التعليمية، خاصة الجامعات.

وبموجبه جُمّدت تمويلات بمليارات الدولارات لجامعات مرموقة مثل هارفارد وكولومبيا، وفُعّلت إجراءات لترحيل واعتقال وإلغاء تأشيرات طلاب وباحثين، لا سيما أولئك الذين عبّروا عن تضامنهم مع فلسطين.

وبينما يمر الحرم الجامعي الأميركي بإحدى أعمق أزماته، تتصاعد أصوات من داخل المجتمع اليهودي ذاته، رافضة سياسات ترى فيها تهديدا لحرية التعبير واستقلالية المؤسسات الأكاديمية.

وصمة عار

وفي ظل سياسات إدارة ترامب التي تعيد رسم حدود المسموح والممنوع داخل الجامعات الأميركية، برزت حالات أثارت جدلا واسعا، بينها قضية الباحث الهندي في جامعة جورجتاون في واشنطن، بدر خان سوري، الذي اعتُقل بتهمة نشر "دعاية لحماس" على وسائل التواصل الاجتماعي، رغم خلو سجله الجنائي من أي مخالفات.

وفي السياق، برزت أصوات يهودية من داخل جامعة جورجتاون ترفض توظيف هويتها كأداة سياسية. ومن جورجتاون إلى كولومبيا وهارفارد، تتبلور مقاومة فكرية وأخلاقية لسياسات تخلط بين الحماية والتكميم، وبين مكافحة التمييز واستغلاله كذريعة لترهيب المخالفين.

إعلان

وعبَّرت إيما بينتو، طالبة قانون في جامعة جورجتاون في واشنطن عن رفضها ما وصفته بـ"المساس بحرية التعبير باسم حماية اليهود"، مؤكدة إيمانها بأهمية الحوار المتعاطف.

وقالت للجزيرة نت "إن احتجاز وترحيل أعضاء من مجتمعنا الأكاديمي لمجرد محاولتهم فتح نقاشات ضرورية حول الإبادة الجماعية، يعد وصمة عار أخلاقية على جبين أميركا".

وعندما تبرر الحكومة -تضيف بينتو- هذه الأفعال بأنها "مكافحة لمعاداة السامية"، فإنها "تجعل من اليهود وجها للفاشية في أميركا، لهذا يتطلب منا التعاطف والعدالة أن نتحرك الآن".

وكانت بينتو من أوائل الموقّعين على عريضة شارك فيها عشرات الأساتذة والطلبة والخريجين اليهود في جورجتاون، طالبوا بوقف ترحيل الباحث بدر خان سوري، وحذَّروا من استغلال الهوية اليهودية لتبرير سياسات تمس جوهر الحياة الأكاديمية.

وقال أحد الأساتذة اليهود الموقعين -فضَّل عدم كشف اسمه- للجزيرة نت "بدر ليس مجرد زميل، بل مرآة لوضع كل من يجرؤ على التفكير بصوت عالٍ. الصدمة لم تكن فقط في توقيفه، بل في السرعة التي تحوّلت بها هوامش التعبير إلى خطوط حمراء. إذا لم ندافع عن حق زملائنا في التعبير، حتى حين نختلف معهم، فإننا نسلم مستقبلنا الأكاديمي للرقابة والخوف".

سيف التمويل

في موازاة ذلك، صعّدت إدارة ترامب استخدام التمويل الفدرالي كسلاح لإخضاع الجامعات، متوعدة بإجراءات مالية صارمة ضد المؤسسات التي لا تمتثل لتعريفها الموسّع لـ"معاداة السامية".

وقد علّقت مؤخرا أكثر من 2.2 مليار دولار من التمويلات المخصصة لجامعة هارفارد العريقة، عقب رفضها الاستجابة لمطالب تقضي بتقييد النشاط الطلابي ومراجعة برامج التنوع.

هذه الخطوات دفعت أكثر من 100 طالب يهودي في هارفارد لتوقيع رسالة مفتوحة، أكدوا فيها أن هذه الإجراءات تهدد بيئة الجامعة بالكامل.

وجاء في الرسالة "نشعر بأن علينا التعبير عن موقفنا، لأن هذه الأفعال ترتكب باسم حمايتنا من معاداة السامية، لكن هذه الحملة لن تحمينا، بل بالعكس، نحن نعلم أن قطع التمويل سيضر بالمجتمع الجامعي الذي ننتمي إليه ونحرص عليه بشدة".

إعلان

وأوضحت الطالبة مايا هوفنبرغ، إحدى المساهمات في صياغة الرسالة، لصحيفة الجامعة أن المبادرة انطلقت من نقاشات يومية بين الطلبة، ثم تحولت إلى موقف جماعي موحد، مضيفة "كنا مندهشين من عدد من يشاركوننا هذا الشعور، بأن التهديد بقطع التمويل لن يخدمنا كيهود في الجامعة".

لا تحمي اليهود

في صلب هذه المواجهة، يحتدم جدل قانون وفكري متجدد حول تعريف "معاداة السامية" وحدود استخدامه، إذ تستند سياسات إدارة ترامب إلى تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست، الذي يُدرج انتقاد دولة إسرائيل ضمن مظاهر معاداة السامية.

لكن هذا التعريف يثير اعتراضات واسعة بين الحقوقيين والأكاديميين، الذين يرون فيه توسيعا خطيرا قد يفضي إلى قمع الخطاب السياسي، وتجريم التضامن مع فلسطين.

وحذَّرت منظمات حقوقية أميركية، كالاتحاد الأميركي للحريات المدنية، من أن اعتماد تعريفات فضفاضة لمعاداة السامية قد يؤدي إلى إسكات الأصوات المؤيدة لفلسطين وتجريم النشاط الطلابي السلمي.

وحملت رسالة وجهتها المنظمة إلى وزارة التعليم الأميركية في فبراير/شباط 2024 أن التعريف المعتمد يخلط بين الخطاب السياسي المحمي دستوريا والتمييز الحقيقي.

كما وصفت منظمة "الصوت اليهودي من أجل السلام" في بيان لها في مارس/آذار 2025، سياسات إدارة ترامب بأنها "توظف معاناة اليهود لتبرير سياسات إقصائية"، داعية إلى فصل الحماية من التوظيف السياسي.

وشددت على أن "هذه السياسات لا تحمي اليهود بل تعرضهم للخطر، وتُقوّض الحقوق الدستورية في حرية التعبير والمعارضة".

مقالات مشابهة

  • برنامج ثقافيّ متكامل لـ«أبوظبي للغة العربية» في «أفينيون» المسرحي الدولي»
  • مجمع الملك سلمان العالمي يبدأ برنامجه العلمي (شهر اللغة العربية) في إسبانيا
  • جامعة جنوب الوادي تحتفي بتخريج دفعة جديدة من قسم اللغة العربية في أجواء بهيجة
  • السيسي وجيله يرحبان بمبادرة افتتاح مركز الأزهر الشريف لتعليم اللغة العربية في جيبوتي
  • أحمد عبد الوهاب يكتب: اللغة العربية بين العولمة والهوية "تحديات وحلول"
  • من قلب الجامعات الأميركية أصوات يهودية ترفض حماية ترامب
  • خبيرة أسرية: اللغة العربية تتعرض للإهمال وأولياء الأمور يعتبرونه موضع تفاخر
  • الأمم المتحدة تحيي اليوم العالمي للغة الإسبانية
  • ثوابت عقيدتنا.. السيسي: اللغة العربية لغة القرآن ويجب ألا نتركها
  • رئيس جامعة الأزهر يشارك في ندوة دولية عن اللغة العربية بدولة الكويت