المجاعة في غزة: لم يبق شيء يأكله الفلسطينيون في شمال القطاع
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع | غريغوار سوفاج إعلان اقرأ المزيد
في حوار مع فرانس24 عبّر جان رافائيل بواتو، المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط في منظمة "العمل ضد الجوع" عن مخاوفه من ارتفاع عدد القتلى بسبب سوء التغذية في حال لم تتوصل إسرائيل وحركة حماس سريعا إلى قرار يقضي بوقف إطلاق النار.
وفي غضون ذلك، أصبح الجوع حقيقة ملموسة مرة يعيشها الفلسطينيون الذين أنهكتهم خمسة أشهر من الحرب.
اقرأ أيضاوزارة الصحة في قطاع غزة تعلن "ارتفاع حصيلة شهداء المجاعة بين الأطفال إلى 6"
هذا، وزار موظفون من منظمة الصحة العالمية بعض المستشفيات في شمال القطاع المحاصر وهي الزيارة الأولى منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وأحصوا عددا كبيرا من الأطفال الذين يعانون من "مستويات خطيرة من سوء التغذية، ويموتون جوعا، وسط نقص كبير في المواد الغذائية والمعدات الطبية والأدوية والوقود، إضافة إلى الدمار الذي لحق بالمستشفيات"، وفق تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، رئيس المنظمة العالمية.وحسب الأمم المتحدة فإن المجاعة أصبحت حقيقة "ولم يعد من الممكن تفاديها" في قطاع غزة حيث يعيش حوالي 2.2 مليون شخص. من جهتها، أكدت إحدى المنظمات غير الحكومية والتابعة لليونيسف أن "90 بالمئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 إلى 23 شهرا والنساء الحوامل يواجهون نقصا حادا في المواد الغذائية".
وتندد المنظمات الإنسانية بالتعطيل الإسرائيلي لدخول المساعدات الإنسانية. ما جعل جان رافائيل بواتو يقول إنه "لم يبق شيء يأكله الفلسطينيون" في شمال غزة، مضيفا أنه إذا بقي حجم المساعدات الإنسانية على حاله، فـ"عدد الوفيات سيرتفع بشكل كبير" في الأسابيع المقبلة.
جان رافاييل بواتو: نحن في وضع بدأنا نرى فيه أشخاصا لا سيما أطفال يموتون من سوء التغذية. إذن يمكن أن نتحدث عن مجاعة أو خطر مجاعة متقدم جدا. ولمعرفة ذلك، تقوم الأمم المتحدة بتقييم الوضع وفق معايير تابعة للبرنامج الغذائي العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة وكل المنظمات التي تعمل في مجال الأمن الغذائي.
ففي شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، دقت هذه المنظمات ناقوس الخطر بشأن خطر المجاعة الذي يهدد عدة مناطق في غزة. ووفق سلم من خمس درجات، تم تصنيف مستوى الأزمة في الدرجة الثالثة. وبما أن المساعدات الإنسانية لا تزال غير كافية، من المؤكد أن خطر المجاعة منذ ذلك الوقت ازداد وارتفع إلى الدرجة الرابعة أو حتى الخامسة التي تشكل كارثة مجاعة.
الوضع كارثي بالنسبة للأطفال الصغار كون أن جهاز المناعة عندهم غير متطور. ما يجعل أجسادهم غير قادرة على التصدي لنقص التغذية مثل البالغين. هناك عوامل أخرى تساعد في تفاقم أزمة سوء التغذية الحادة، مثل نقص المياه الصالحة للشرب ووجود مشاكل في أجهزة التنفس (300 ألف طفل يعاني منها) وسط نظام صحي مدمر. ولا ننسى أيضا تأثير سوء التغذية على دماغ الأطفال على المدى البعيد. لهذا السبب نعطي الأولوية لمن لا تتجازو أعمارهم 5 سنوات لأن جهازهم الدماغي لم يتطور بعد بشكل جيد.
ليس لديهم ما يؤكلونه. عندما نتحدث مع موظفينا في عين المكان، يقولون لنا بأن سكان غزة يتناولون الحشيش وأوراق الشجر. لقد حاولت العديد من بعثات الأمم المتحدة الدخول إلى شمال القطاع لكن بدون جدوى. من بين 77 طلبا للدخول، الجيش الإسرائيلي لم يوافق سوى على 20 بالمئة منهم.
في رفح مثلا في جنوب القطاع، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل مذهل. شاحنات المساعدات لا تستطيع الدخول إلى الأراضي الفلسطينية. الوضع لم يتحسن في هذا المجال. هجوم السكان على الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية يظهر بأنهم يعيشون في يأس تام ولا يستطيعون إيجاد الغذاء لتفادي الموت.
بايدن يأمر جيش بلاده بإنشاء ميناء مؤقت على ساحل غزة لإيصال المساعداتهذا الوضع يعقد عملنا الميداني في هذه المناطق. فلا نستطيع أن نعرض فرقنا للخطر. لذا نعمل على نطاق محدود. نحن نقوم بتوزيع أنواع عديدة من المواد الغذائية، مثل الزيت والحمص والطحين. ووزعنا الخضروات حين كانت لا تزال هناك محاصيل في الحقول.
عندما نتحدث عن المجاعة، غالبا ما تعود إلى المخيلة الجماعية صور أطفال الصومال في بداية 1990. فهل يمكن أن تشهد غزة نفس الوضع؟نعم إنها صور لم نعتد على رؤيتها في منطقة مثل الشرق الأوسط. لكن هذا ما يحدث الآن في غزة. هناك مخاوف من تفاقم الأزمة. فبدون وفق لإطلاق النار، لا يمكن أن تقديم المساعدات الإنسانية والغذائية بشكل كاف ولا توزيعها، على الرغم من أننا نملك بروتوكولات وحلول طبية لمعالجة الأطفال الذين يشكون من سوء التغذية الحادة وذلك بتقديم لهم أغذية ذات سعرات حرارية مرتفعة على غرار الفول السوداني.
اقرأ أيضامع تفاقم أزمة الجوع في غزة... شبح الموت بسوء التغذية يتربص بعشرات الأطفال
هذه الأغذية تسمح للأطفال باسترجاع نسبي لقدراتهم البدنية وبوضع حد لسوء التغذية. لكن المشكلة هو كيف يمكن أن نصل إلى هذه الفئة من الناس. في انتظار ذلك، وإن لم يتغير الوضع، سيموت الناس جوعا وعدد الضحايا سيرتفع بشكل مخيف.
نحن نعتقد بأنها ليست الوسيلة التي يجب استخدامها. بحكم التجربة، نعلم بأن مجموعات صغيرة بإمكانها أن تحتكر هذه المواد الغذائية، وهذا قد يغذي الجريمة. من جهة أخرى، الضعفاء لن يحصلوا على المساعدات الغذائية، الأقوياء فقط هم الذين سيستحوذون على هذه المواد. لهذه الأسباب إذن، نحن لا نشجع إنزال المساعدات من الطائرات بل يجب العمل على المستوى الدبلوماسي لفتح مسارات إنسانية آمنة لتوصيل المساعدات الغذائية وتوزيعها بشكل جيد.
معايير الأمم المتحدة لتوصف المجاعة
أن يعاني 20 بالمئة على الأقل من العائلات من نقص في الغذاء
أن يعاني 30 بالمئة من الأطفال على أقل من مستوى سوء التغذية الحاد
أن يموت على الأقل شخصين من أصل 10 آلاف بسبب سوء التغذية يوميا أو 4 أطفال على الأقل دون سن الخامسة من أصل 10 آلاف طفل يوميا من الجوع أو من أمراض مرتبطة بالجوع.
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: حقوق المرأة الحرب بين حماس وإسرائيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية ريبورتاج حماس خمسة أشهر من الحرب غزة غزة مجاعة غزة غزة الأراضي الفلسطينية غزة فلسطينيون الحرب بين حماس وإسرائيل للمزيد حماس إسرائيل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني الأمن الغذائي مجاعة أطفال إسرائيل الحرب بين حماس وإسرائيل غزة فلسطين مجاعة الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا المساعدات الإنسانیة المواد الغذائیة من سوء التغذیة الأمم المتحدة على الأقل یمکن أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
شبح المجاعة يغرس مخالبه في أجساد سكان غزة ويفتك بأطفالها
الثورة / افتكار القاضي
مع استمرار الحصار الخانق على غزة، وإغلاق جميع المعابر أمام المساعدات الإنسانية، وتواصل حرب الإبادة الجماعية.. أخذ شبح المجاعة يطل بوجهه القبيح على سكان قطاع غزة المحاصر ويفتك بأطفاله، وبات الأهالي مقبلين على أيام حرجة بعد أن أغلقت المخابز أبوابها جراء نفاد الدقيق، وسط تحذيرات دولية متزايدة من أن المجاعة باتت واقعا يفتك بالسكان، لا سيما الأطفال الذين بدأت أجسادهم تذبل أمام أعين العالم.
ومع نفاد الدقيق وإغلاق كافة المخابز، واستنزاف برنامج الأغذية العالمي آخر ما تبقى لديه من إمدادات غذائية، أصبح نحو مليونَي فلسطيني في غزة مهددين بالموت البطيء جوعا وعطشا، في ظل سياسة تجويع ممنهجة تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وتتعمق المأساة مع تسجيل أولى ضحايا الجوع، حيث وثقت الجهات الصحية 52 حالة وفاة نتيجة سوء التغذية والجوع، بينهم 50 طفلا، في مؤشر مخيف على دخول غزة مرحلة المجاعة الكاملة.
وتقول الأونروا: إن أكثر من مليون شخص يعاني في جميع أنحاء قطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
انهيار كامل
في مواجهة هذا الانهيار الإنساني، أطلق عدد من كبار مسؤولي الإغاثة نداءات عاجلة لفتح المعابر فورًا، محذرين من أن غزة مقبلة على “كارثة غير مسبوقة”.
وقال جوناثان ويتال – رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالأمم المتحدة، إن “الأيام المقبلة ستكون حرجة للغاية”، محذرًا من أن “من لا يُقتل بالقنابل سيموت ببطء بسبب الجوع والحصار”.
وما يحدث في غزة اليوم ليس كارثة طبيعية، بل جريمة متعمدة صُنعت بإحكام تحت مرآى وسمع العالم فالتجويع، حسب تقارير الأمم المتحدة، أصبح “سلاحا” تستخدمه إسرائيل لإخضاع أكثر من مليوني فلسطيني، في ظل تجاهل دولي مستمر، وغياب أي مساءلة حقيقية.
ومع دخول الأزمة مرحلة الانهيار الكامل، يبدو أن قطاع غزة يعيش واحدة من أحلك لحظات تاريخه، حيث الموت لم يعد ينتظر قذيفة أو رصاصة.. بل صار يتسلل ببطء عبر بطون خاوية وأجساد واهنة، في مشهد إنساني لا يليق حتى بالعصور المظلمة.
ويتعمد جيش الاحتلال إغلاق كافة المعابر المؤدية إلى قطاع غزة بأمر مباشر من رئيس وزراء الكيان المجرم بنيامين نتنياهو، ومنع دخول آلاف شاحنات المساعدات التي تنتظر العبور، وإمعانا في الإبادة استهدف جيش الاحتلال المخابز ومستودعات الطعام ليقتلهم جوعا، بعد أن استهدف من قبل محطات تحلية المياه ليميتهم عطشا.
موت جماعي
وسط سياسة التجويع والقتل الممنهج التي يتبعها كيان الاحتلال، جاء تحذير حكومة غزة يوم الجمعة الماضي من أن فلسطينيي القطاع “على شفا موت جماعي” بسبب توسع رقعة المجاعة وانهيار القطاعات الحيوية بالكامل، وطالبت بفتح ممر إنساني فوري ودون تأخير لإنقاذ أكثر من مليوني إنساء في القطاع.
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي من تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة بشكل متسارع ومخيف مع استمرار الحصار الإسرائيلي الكامل وإغلاق المعابر منذ نحو شهرين.
فيما دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى موقف دولي لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم ضد الإنسانية، وقالت إن إعلان البرنامج العالمي عن استنفاد كل مخزوناته الغذائية في قطاع غزة “يعبّر عن المستوى الخطير الذي بلغته الكارثة الإنسانية التي صنعها الاحتلال الفاشي، مؤكدا دخول أهالي القطاع مرحلة المجاعة الكاملة .
تحذيرات أممية
هذه الكارثة المقبلة على القطاع، الذي يعاني أصلا من كوارث متراكمة، باتت تقلق المنظمات الإنسانية الدولية، فقد كشفت دراسة جديدة أن سكان غزة فقدوا ما معدله 18 كيلوغراما بسبب سياسة التجويع الممنهجة واضطر الناجون إلى أكل أعلاف الحيوانات وغيرها من البدائل مما تسبب في أمراض وأضرار صحية كبيرة.
وحذر برنامج الأغذية العالمي مؤخرا من أنه استنفد مخزونه الغذائي بالكامل في غزة جراء الحصار، وكشف عن توقف جميع المخابز الـ25 المدعومة من البرنامج منذ 31 مارس الماضي، بسبب نفاد الدقيق ووقود الطهي، كما لفت إلى عدم دخول أي مساعدات إنسانية للقطاع منذ أكثر من 7 أسابيع بسبب إغلاق المعابر.
المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليبي لازاريني، قال بدوره إن أطفال غزة باتوا يتضورون جوعا بسبب سياسة التجويع المتعمدة التي تنتهجها إسرائيل من خلال استمرار إغلاق معابر القطاع ومنع دخول الغذاء والأساسيات الأخرى منذ الثاني من مارس الماضي، مؤكدا أن ما يحصل هو “تجويع من صنع الإنسان وبدوافع سياسية”.