خبراء: الإبادة الجماعية مستمرة في غزة.. الإغاثة معطلة وسط صمت عالمي
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
حذّر خبراء قانونيون ونشطاء دوليون من خطورة الوضع في غزة، ووصفه بأنه إبادة جماعية ضمن السياق الأوسع للمشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في فلسطين. وشددوا على أن الأزمة الحالية هي تفاقم لعملية طويلة الأمد من الإبادة الجماعية المتزايدة ضد الفلسطينيين، والتي تعود أصولها إلى أحداث ما قبل عام 1948.
جاء ذلك في ندوة عقدتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا مساء أمس الخميس بعنوان "الإبادة الجماعية مستمرة في غزة: الإغاثة المعطلة، والتعامي العالمي" لتسليط الضوء على الأزمة الإنسانية المروعة الجارية في غزة، حيث ناقشت تداعيات الإبادة الجماعية المستمرة، وتحديات وصول المساعدات إلى الضحايا، واستمرار إغلاق معبر رفح، وصمت المجتمع الدولي المحبط أمام هذه الكارثة.
أدارت الندوة الناشطة إنسيا راجا، بحضور نخبة من الحقوقيين والأكاديميين والدبلوماسيين، هم: كريس غانيس ـ المتحدث الرسمي السابق للأونروا، وزهير لاهير ـ مدير قسم السياسة والسلام والأمن في إدارة العلاقات الدولية والتعاون في جنوب أفريقيا، وجيف هالبر ـ ناشط سياسي وكاتب إسرائيلي، ومايكل بنيون ـ صحفي إنجليزي ومراسل صحيفة التايمز البريطانية، وعيسى شيفجي ـ مؤلف وأكاديمي تنزاني، وريكاردو بوكو ـ مؤلف وأستاذ فخري في علم الاجتماع السياسي في معهد جنيف للدراسات العليا، ود. ديفيد مونياي ـ مؤلف وأكاديمي، خبير في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، وإيبو ماندازا ـ أكاديمي زيمبابوي ومؤلف وعضو المجلس الاستشاري في معهد FPRI في فيلاديلفيا.
بدأ المدير العام لإدارة الشؤون السياسية والسلام والأمن التابعة للأمم المتحدة في إدارة العلاقات الدولية والتعاون في وزارة الخارجية بجنوب إفريقيا، زهير لاهر، كلمته بالإشارة إلى وصول الحرب 152 يومًا، ولم تنته بعد، سقط بسببها حتى الآن عدد كبير من الضحايا المدنيين بلغ عددهم ما لا يقل عن 30 ألف فلسطيني، من بينهم 12300 طفل.
وانتقد لاهر التحركات الدولية لوقف هذه الحرب الدامية، مشككًا في جديتهم، ومتسائلا متى سيقرر المجتمع الدولي أنه قد أُزهق ما يكفي من الأرواح البريئة للتحرك، مطالبًا بوضع حد لسفك الدماء المستمر في فلسطين.
وانتقد لاهر المعايير المزدوجة السائدة في القانون الدولي، مسلطًا الضوء على عدم وجود عقوبات أو إجراءات ضد دول بعينها، وشرح بالتفصيل الجهود التي تبذلها جنوب أفريقيا من خلال السبل القضائية الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، سعياً لتحقيق العدالة للفلسطينيين.
وأشار لاهر في كلمته إلى ما حدث في 26 يناير/كانون الثاني، عندما وجدت محكمة العدل الدولية أن ادعاءات جنوب أفريقيا ضد إسرائيل معقولة فيما يتعلق بانتهاكات اتفاقية الإبادة الجماعية، وأصدرت قرارًا باتخاذ إجراءات وقائية فورية، لافتًا أنه على الرغم من هذه الأوامر، صعدت إسرائيل عملياتها العسكرية، لا سيما في غزة، مما أدى إلى تقويض الولايات القانونية الدولية وتفاقم الأزمة الإنسانية.
وفي الختام، أكد لاهر على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي في جميع الدول، وحث المجتمع الدولي على التمسك المستمر بالمبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة لضمان حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
إقرأ أيضا: الصليب الأحمر: لا نستطيع إطعام مليوني شخص بالإسقاط الجوي
في كلمته، سلط كريس غانيس، المتحدث الرسمي السابق باسم الأونروا، الضوء على تداعيات حكم محكمة العدل الدولية في 26 يناير/كانون الثاني، مشيرًا إلى الاتهامات التي لا أساس لها والتي تم توجيهها ضد 12 موظفًا في الأونروا من قبل إسرائيل ونُشرت صحيفة نيويورك تايمز والقرار اللاحق من قبل 18 جهة مانحة بوقف التمويل، مما أدى إلى خسارة نصف مليار دولار.
ولفت غانيس إلى أن هذا القرار كان انتهاكًا للتدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية، والتي تحظر صراحة التدابير التي تقيد المساعدات الإنسانية.
ثم قام بتفصيل العواقب الإنسانية الوخيمة التي ترتبت على قرار وقف التمويل، مشيرًا إلى المجاعة التي يعاني منها المدنيون الآن في غزة، والتي تسببت في وفاة بعضهم بالفعل، مشيرًا أن قرارات الدول المانحة كانت متسرعة وغير إنسانية.
كما تحدث غانيس عن تجربته كمتحدث باسم الأونروا في عام 2014، وقارن بين صراعات الماضي والحاضر، وانتقد تعامل بعض وسائل الإعلام الغربية مع الأكاذيب التي تصدر عن الجهات الإسرائيل، مثل الادعاء بوجود مسلحين في مدارس الأونروا، والتي تم دحضها لاحقًا من خلال التحقيقات.
وشدد غانيس في كلمته على ضرورة المساءلة لكل من يروج لهذه الأكاذيب، مشككًا في نزاهة الدول المانحة ووسائل الإعلام. ودعا إلى إجراء تحقيق في الإجراءات التي تسمح للسياسة بالتأثير على القرارات الإنسانية.
واختتم غانيس حديثه بالإعراب عن أمله في أن يعترف أولئك الذين أوقفوا تمويل الأونروا بأخطائهم، مشددًا على التداعيات الأوسع لأفعالهم فيما يتعلق بالامتثال للمعايير القانونية الدولية وعواقب تفاقم المعاناة الإنسانية.
من جانبه، أعرب الدكتور ديفيد مونياي، المدير المشارك لـ UJCI وخبير العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، عن قلقه العميق إزاء تصاعد العنف في غزة، واستمرار الكارثة الإنسانية والاستهداف المباشر للنساء والأطفال، مشككا في فعالية النظام الدولي وعدالته لعدم تمكنهم حتى الآن من وضع حد لما يحدث.
وانتقد الدكتور مونياي المعايير المزدوجة الواضحة في تطبيق حقوق الإنسان من قبل الدول الغربية، مشيراً إلى أن الاستجابة العالمية لأزمة غزة تسلط الضوء على التناقض بين القيم التي تعترف بها الدول الغربية وقيم الجنوب العالمي. وعقد مقارنات بين ردود الفعل الدولية تجاه الحرب في غزة ومناطق أخرى، مثل أوكرانيا، مما يدل على التحيز في وسائل الإعلام والسياسة العالمية.
ودعا إلى صوت موحد من الجنوب العالمي لمعالجة هذه المعايير المزدوجة، كما دعا إلى إجراء إصلاحات جوهرية داخل منظومة الأمم المتحدة، بما في ذلك تغييرات في ديناميكيات سلطة النقض داخل مجلس الأمن.
في ذات السياق انتقد الدكتور مونياي الولايات المتحدة لتعاملها غير المتسق لمبادئ حقوق الإنسان، الأمر الذي قال إنه يكشف عن عدم المساواة في تطبيق القانون الدولي.
وشدد الدكتور مونياي على الحاجة إلى تمثيل أوسع داخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ليشمل وجهات نظر متنوعة من الشرق الأوسط، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وآسيا. كما أعرب عن خيبة أمله في الاستجابة الفكرية والإعلامية الغربية لأزمة غزة، ومقارنتها مع انخراطهم النشط في قضايا حقوق الإنسان الأخرى.
كما سلط الدكتور مونياي الضوء على صمت الشخصيات والمنظمات الغربية المؤثرة التي عادة ما تدافع عن حقوق الإنسان، ولكنها كانت غائبة بشكل ملحوظ حين تعلق الأمر بغزة. واختتم كلمته بتكرار دعوة الجنوب العالمي للعمل والاهتمام بانتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
في كلمته، حذر جيف هالبر، عالم الأنثروبولوجيا البارز والمؤلف والناشط السياسي المعروف، من خطورة الوضع في غزة، ووصفه بأنه إبادة جماعية ضمن السياق الأوسع للمشروع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في فلسطين. وشدد على أن الأزمة الحالية هي تفاقم لعملية طويلة الأمد من الإبادة الجماعية المتزايدة ضد الفلسطينيين، والتي تعود أصولها إلى أحداث ما قبل عام 1948.
وتحدث هالبر بالتفصيل عن الطبيعة المتأصلة للاستعمار الاستيطاني، الذي يستلزم محو وتهجير السكان الأصليين، وربط ذلك بوضوح بالأجندة الصهيونية في فلسطين، مشيرًا أن ما تفعله إسرائيل ضد الفلسطينيين هو تطبيق عملي واضح لهذه المفاهيم.
ومن خلال تسليط الضوء على الإنكار المنهجي وتقويض الوجود الفلسطيني وحقوقه من قبل إسرائيل، صور هالبر سلب الأراضي والتهميش المستمر للفلسطينيين منذ النكبة باعتباره جزءًا لا يتجزأ من المشروع الصهيوني. وربط هذه السياسات بشكل مباشر بالفظائع المستمرة في غزة وشدد على ضرورة الاعتراف بهذه الأحداث ضمن السياق الأوسع للقمع الفلسطيني، بما في ذلك الأعمال في الضفة الغربية والمنطقة (ج).
كما انتقد هالبر بشدة مفهوم حل الدولتين، بحجة أنه يفشل في معالجة القضايا الأساسية للاستعمار الاستيطاني ويرقى فعليًا إلى تأييد نظام الفصل العنصري.
وفي الختام، دعا هالبر إلى وقف الحوار حول حلول الدولتين، مشددًا على ضرورة وجود استراتيجية موحدة تعالج المظالم العميقة التي يعاني منها الفلسطينيون في جميع أنحاء الأراضي. وفي سياق الإبادة الجماعية الحالية التي تؤثر على جميع السكان الفلسطينيين في جميع أنحاء فلسطين، أكد هالبر أن الحل السياسي المطلوب سيكون استراتيجية مناهضة للاستعمار تواجه المساعي الاستعمارية الصهيونية في جميع أنحاء فلسطين، بدلاً من التركيز فقط على مناطق منفصلة.
المؤلف والأكاديمي البارز ريكاردو بوكو انتقد في كلمته عجز الولايات المتحدة ضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لافتًا أن لجوئها لإسقاط المساعدات إلى غزة عبر الجو كان أكثر تكلفة، مضيفًا أن هزلية الأمر لم تقف عند هذا الحد، بل إن المساعدات التي تأتي من الجو لا تلبي حاجة السكان، خاصة وأنها لا تحتوي على أي مساعدات صحية.
وأشار بوكو إلى عدم كفاية معالجة الصهيونية من خلال نسختها السياسية أو اليمينية، وسلط الضوء على وجهات النظر الصهيونية البديلة، مثل وجهات نظر مارتن بوبر، الذي دعا إلى دولة ثنائية القومية، واقترح إعادة النظر في هذه الرؤى الأكثر تعاونًا والأقل استعمارًا.
وشدد على أهمية إدراج وجهات النظر الفلسطينية في أي مناقشات تتعلق بتقرير المصير، معربا عن أسفه لعدم التشاور مع الفلسطينيين بشأن رغباتهم في المستقبل. ودعا بوكو إلى إعادة تنشيط المجلس الوطني الفلسطيني كخطوة نحو فهم حقيقي وإدماج الأصوات الفلسطينية في السعي إلى حل عادل وقابل للتطبيق.
وفي كلمته، بدأ عيسى ج. شيفجي، المؤلف والأكاديمي التنزاني الشهير، كلمته بالقول إن سياسات الفصل العنصري لم تنجح في جنوب أفريقيا ولن تنجح في فلسطين. ثم وصف شيفجي الأحداث في غزة بأنها التقاء بين أكثر نزعتين للإمبريالية تدميراً: الحرب والفاشية. وقارن بين الفظائع التي ارتكبت في غزة وأهوال الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى أن الوضع في غزة يمثل مظهراً أكثر خطورة بسبب الحالة الراهنة للرأسمالية، التي وصفها بأنها نظام مالي متدهور.
بالإضافة إلى ذلك، وصف العدوان على غزة بأنه شكل من أشكال "الفاشية الصهيونية العنصرية" التي تحظى بدعم الدول الإمبريالية، مما يعني تواطؤًا جيوسياسيًا أوسع. وقال شيفجي إن المصطلحات المعتادة مثل "أزمة إنسانية" أو "انتهاكات وقف إطلاق النار" غير كافية للتعبير عن حجم وطبيعة المأساة التي تتكشف في غزة، مما يشير إلى أن النضال هناك هو صراع ضد الإمبريالية الفاشية نيابة عن الإنسانية جمعاء.
واختتم عيسى ج. شيفجي خطابه بدعوة قوية للعمل، مؤكدا على أن المجتمع العالمي يجب أن يتحد ويرفع أصواته بشكل جماعي ضد الإمبريالية الفاشية التي حددها في غزة. وشدد على أهمية التضامن العالمي، مؤكدا أن شعب غزة لا يقاتل بمفرده، بل هم في طليعة نضال أوسع من أجل الإنسانية، بقوله: "إن سكان غزة يخوضون الحرب نيابة عنا جميعًا. إنهم في الجبهة الأمامية... وواجبنا هو الوقوف إلى جانبهم".
أما مايكل بينيون، الصحفي الإنجليزي ومراسل صحيفة التايمز في موسكو، شدد في كلمته على الحاجة الملحة إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة، مسلطًا الضوء على الوضع الإنساني الكارثي الذي يواجهه المدنيون في غزة الآن، ولا سيما على الأطفال مع ندرة الغذاء، وتزايد العقبات التي تحول دون إيصال المساعدات.
وقال بينيون إن ما يحدث حاليًا هو انتهاك للقيم الإنسانية الأساسية، معربًا عن صدمته من فشل المجتمع الدولي في التدخل بفعالية لوضع حد لهذه الانتهاكات وإنهاء هذه الأزمة.
وأشار بينيون إلى أن الولايات المتحدة لها دور محوري في الضغط على إسرائيل للموافقة على وقف فوري لإطلاق النار، كما انتقد المتطرفين داخل الحكومة الإسرائيلية الذين يعارضون وقف الأعمال العدائية.
وانتقد بينيون خطوة الولايات المتحدة باللجوء لإسقاط المساعدات الإنسانية جوًا، لافتًا أنه في الوقت الذي تقدم فيه المساعدات لغزة بهذه الطريقة، تمد يد العون والدعم لإسرائيل من ناحية أخري عبر تسليحها بالقنابل والصواريخ المستخدمة في الهجمات على المدنيين، والتي تسببت في الدمار الحالي.
كما بينيون النظام المصري لفتح معبر رفح وتسهيل مرور المساعدات، ودعا إسرائيل إلى فتح حدودها أمام إمدادات الإغاثة.
وشدد على ضرورة الوحدة العالمية خلف الأمم المتحدة لممارسة ضغوط كبيرة من أجل وقف دائم لإطلاق النار. ولفت بينيون إلى التعامل الإعلامي الغربي مع الأحداث، مشيرًا أنه نجح بنسبة كبيرة في تغطية ما يحدث، لكنه لا يزال يحتاج إلى جهد أكبر لنقل ما يحدث بدقة عالية.
وفي ختام مداخلته شدد بينيون على ضرورة التفرقة بين جرائم معاداة السامية بالمعنى الحقيقي، وبين أي انتقاد مشروع لإسرائيل وما ترتكبه من جرائم، مؤكدًا أنه يجب عدم الخلط بين المفهومين.
الأكاديمي الزيمبابوي إيبو ماندازا بدأ حديثه بوصف الأوضاع الكارثية في غزة، والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من خمسة أشهر. وأشار إلى التحول الكبير في الوعي العالمي والتعامل مع القضية الفلسطينية منذ العام الماضي، مشيرًا أنه على المستوى العالمي الشعبي لن يتم التعامل مع هذه القضايا كما كان يحدث في السابق بتجاهل أو بدون وعي.
وقال ماندازا إن العدد المروع للضحايا المدنيين في غزة، الذي فاق 30 ألف شخص منهم ما يقارب من 13 ألف طفل، أكبر دليل على وجود كارثة إنسانية في غزة تستوجب تدخل عاجل فوري.
وأشار ماندازا إلى تواطؤ المجتمع الدولي، وخاصة أولئك الذين يدعمون إسرائيل، في المأساة المستمرة وأعمال العنف التي يرتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
ومن خلال تسليط الضوء على الحاجة الملحة للتدخل الدولي، طرح ماندازا أسئلة حاسمة فيما يتعلق بوقف الإبادة الجماعية وإنهاء الاحتلال، وحدد هذه الأسئلة باعتبارها التحديات المباشرة التي تحتاج إلى معالجة.
ومنذ 7 أكتوبر 2023 تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة، خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء ودمارا هائلا بالبنية التحتية وكارثة إنسانية، الأمر الذي أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب "إبادة جماعية".
إقرأ أيضا: خبير أممي: "إسرائيل" تنتهج التجويع وتدمر منظومة الغذاء في غزة
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة فلسطين ندوة الحرب الاحتلال احتلال فلسطين غزة حرب ندوة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة العلاقات الدولیة الولایات المتحدة المجتمع الدولی العدل الدولیة فی جمیع أنحاء جنوب أفریقیا حقوق الإنسان على ضرورة الضوء على فی فلسطین مشیر ا أن وشدد على فی کلمته ما یحدث من خلال من قبل فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف يدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى الفوضى بغزة عبر عصابات النهب المنظم؟
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفيين آدم راسجون وآرون بوكسرمان من القدس بناء على أكثر من 20 مقابلة مع مسؤولين وعمال إغاثة ورجال أعمال وسكان غزة قالا فيه إن العصابات تملأ الفراغ الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي في بعض أجزاء جنوب غزة، وتختطف المساعدات التي يحتاج إليها السكان الفلسطينيون بشدة.
فبينما كان حازم إسليم، سائق شاحنة فلسطيني، يمر عبر أنقاض جنوب غزة الشهر الماضي بشاحنة محملة بالمساعدات نصب له لصوص مسلحون كمينا لقافلة الشاحنات التي كان فيها.
وقال، عبر الهاتف من غزة، إن أحد المسلحين اقتحم شاحنته، وأجبره على القيادة إلى حقل قريب حيث تم تفريغ آلاف الأرطال من الدقيق المخصص للفلسطينيين الجائعين. وبحلول صباح اليوم التالي، كانت العصابة قد جردت كل الإمدادات تقريبا من القافلة التي تضم نحو مئة شاحنة من المساعدات التابعة للأمم المتحدة، والتي تكفي لإطعام عشرات الآلاف من الناس، فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه أحد أسوأ حلقات الحرب.
وقال إسليم، 47 عاما، الذي احتجزه اللصوص لمدة 13 ساعة أثناء نهبهم للدقيق: "لقد كان الأمر مرعبا. ولكن الجزء الأسوأ هو أننا لم نتمكن من توصيل الطعام إلى الناس".
وينتشر الجوع على نطاق واسع بالقطاع، كما فرض الاحتلال الإسرائيلي قيودا على دخول المساعدات إلى غزة ومنع حركة شاحنات المساعدات بين الشمال والجنوب.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هذا الشهر إنها لن تسلم المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الحدودي الرئيسي بين الاحتلال وجنوب غزة، بسبب انهيار القانون والنظام. وتتراكم مئات الشاحنات المحملة بمواد الإغاثة عند المعبر جزئيا لأن جماعات الإغاثة تخشى أن تتعرض للنهب.
وقال جورجيوس بيتروبولوس، وهو مسؤول كبير في الأمم المتحدة ومقره مدينة رفح الجنوبية، إن ما بدأ كمحاولات أصغر حجما للاستيلاء على المساعدات في وقت مبكر من العام ــ غالبا من قِبَل سكان غزة الجائعين ــ أصبح الآن "نهبا منهجيا وتكتيكيا ومسلحا من قِبَل عصابات الجريمة" المنظمة. وأضاف: "هذه مجرد سرقة واضحة".
ويستند هذا التقرير إلى أكثر من عشرين مقابلة مع مسؤولين إسرائيليين ومن الأمم المتحدة، وعمال إغاثة، وسكان غزة، ورجال أعمال فلسطينيين. كما استعرضت صحيفة نيويورك تايمز مذكرات داخلية للأمم المتحدة ناقش فيها المسؤولون عمليات النهب وعواقبها.
تدهور الوضع في غزة بعد أن دخول الاحتلال الإسرائيلي رفح في أيار/ مايو الماضي، سعيا في القضاء على المقاومة في أحد معاقلها الأخيرة٬ واستغلت العصابات المنظمة ـ دون أن يوقفها أحد ـ الفراغ الذي حدث بعد غياب الإدارة المدنية٬ في اعتراض شاحنات المساعدات أثناء توجهها من معبر الحدود الرئيسي إلى جنوب غزة. وتقول منظمات الإغاثة إن هذه العصابات تقوم بسرقة الدقيق والزيت وغير ذلك من السلع وبيعها بأسعار فلكية.
وفي جنوب غزة، ارتفع سعر كيس الدقيق الذي يزن 55 رطلا إلى ما يصل إلى 220 دولارا. وفي شمال غزة، حيث تقل حالات انقطاع المساعدات، قد يكلف نفس الكيس 10 دولارات فقط.
وقد اتهم عمال الإغاثة الدوليون الاحتلال الإسرائيلي بتجاهل المشكلة والسماح للصوص بالتصرف دون عقاب. ولا تسمح الأمم المتحدة للجنود الإسرائيليين بحماية قوافل المساعدات، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى المساس بحيادها، وقد دعا مسؤولوها إسرائيل إلى السماح لشرطة غزة، التي تخضع لسلطة حماس، بتأمين قوافلها.
وقد استهدف الاحتلال مرارا وتكرارا شرطة حماس، مما أدى إلى إضعافها بشدة، ويقول السكان إنه نادرا ما يُرى ضباط الشرطة في معظم أنحاء غزة.
وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، سمح الاحتلال لبعض شاحنات المساعدات بالسفر على طول حدود غزة مع مصر، وهو طريق جديد تسيطر عليه بالكامل القوات العسكرية الإسرائيلية. وتمكنت وكالات الأمم المتحدة من تجنب اللصوص وتقديم بعض الإغاثة.
ولكن هذا لم يكن كافيا لمعالجة النقص في المساعدات، كما تقول جماعات الإغاثة والسكان. وقد ساهمت الأسعار المرتفعة للسلع التي يبيعها اللصوص في خلق مشاهد يائسة بين سكان غزة العاديين الذين يكافحون من أجل الحصول على القليل من الطعام المتاح بأسعار معقولة.
في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تجمعت الحشود بالفعل عند مخبز "زادنا" في مدينة دير البلح بوسط غزة قبل ساعات من افتتاحه، على أمل شراء كيس من الخبز يحتوي على عشرين قطعة بسعر دولار واحد تدعمه الأمم المتحدة. وفجأة، اندلعت الفوضى عندما اندفع الناس العاديون في الحشد ــ بعضهم يحمل السكاكين ــ للوصول إلى مقدمة الصف، بحسب ما قاله عبد الحليم عوض، صاحب المخبز.
وأثناء الاضطرابات، دوت طلقات نارية. وقال إن امرأتين قتلتا وأصيبت أخريات، وتوفيت امرأة ثالثة في وقت لاحق متأثرة بجراحها. ومع تصاعد الاضطرابات، أغلقت جميع المخابز التي تدعمها الأمم المتحدة في جنوب ووسط غزة أبوابها في الوقت الحالي.
وقال عوض: "اليوم، أصبح حلم المواطن الغزي العادي وطموحه هو الحصول على قطعة خبز. لا أستطيع أن أقول أي شيء أكثر حزنا من ذلك".
يقول أصحاب شركات النقل في غزة وسائقو الشاحنات ومنظمات الإغاثة إن عصابات متعددة شاركت في عمليات النهب مؤخرا. لكن العديد من الأشخاص المشاركين في توصيل المساعدات أطلقوا على ياسر أبو شباب، 35 عاما، اسم الرجل الذي يدير العملية الأكثر تعقيدا.
يقولون إن عصابة أبو شباب تهيمن على جزء كبير من حي النصر في شرق رفح، والذي حولته الحرب إلى أرض قاحلة. ووصفه بيتروبولوس، المسؤول الأممي، بأنه "صاحب النفوذ في شرق رفح".
قال إسليم، سائق الشاحنة الذي تعرض لكمين في رفح، إن اللصوص الذين أسروه أخبروه أن أبو شباب هو رئيسهم. وقال عوض عبيد، وهو نازح من غزة حاول شراء الدقيق من عصابة أبو شباب في رفح، إنه رأى مسلحين يحرسون مستودعات تحتوي على صناديق مسروقة من المساعدات التي تحمل علامة الأمم المتحدة. وقال عابد: "طلبت من أحدهم كيسا من الدقيق لإطعام أطفالي، فرفع مسدسا في وجهي".
ونفى أبو شباب نهب شاحنات المساعدات على نطاق واسع، رغم أنه اعترف بأن رجاله ـ المسلحين ببنادق كلاشينكوف الهجومية ـ قاموا بمداهمة عددا من الشاحنات منذ بداية الحرب.
وقال في مقابلة هاتفية: "نحن نأخذ الشاحنات حتى نتمكن من الأكل، وليس حتى نتمكن من البيع"، مدعيا أنه كان يطعم أسرته وجيرانه. "كل شخص جائع يأخذ المساعدات".
إن سيطرة اللصوص على الإمدادات وارتفاع الأسعار تقوض حماس في المناطق التي لا تزال تسيطر عليها. وفي 25 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، داهمت قوات الأمن التابعة لحماس الحي الذي يقطنه أبو شباب، فقتلت أكثر من عشرين شخصا، من بينهم شقيقه، حسبما قال أبو شباب.
وأفادت وسائل الإعلام الرسمية التابعة لحماس في ذلك الوقت أن قواتها قتلت عشرين عضوا من "عصابات اللصوص الذين كانوا يسرقون المساعدات".
ومع انتشار عمليات النهب في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل ظاهريا، اقترح سائقو الشاحنات وعمال الإغاثة أن الجيش الإسرائيلي يغض الطرف في الغالب عن هذه العمليات.
وقال بيتروبولوس: "إن القوات الإسرائيلية تتسامح باستمرار مع كميات غير مقبولة من عمليات النهب في المناطق التي تخضع ظاهريا وفعليا لسيطرتها العسكرية".
وفي بعض الأحيان، تنتشر الدبابات الإسرائيلية على طول الطرق الرئيسية التي تسافر عليها شاحنات المساعدات. وقال الوزراء الإسرائيليون إنهم ناقشوا تفويض شركات الأمن الخاصة بحماية قوافل المساعدات الدولية داخل غزة.