مفاجأة.. بلومبرج: إثيوبيا تدرس إلغاء الاعتراف بأرض الصومال
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
كشفت وكالة بلومبرج الإخبارية الأمريكية، اليوم الجمعة عن مفاجأة بشأن عزم إثيوبيا إلغاء الاعتراف بأرض الصومال، حسب مذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين في الأول من يناير الماضي.
وأشارت بلومبرج نقلا عن مصادر لم تسمها، إلى أن إثيوبيا تدرس إلغاء خطة للاعتراف بدولة أرض الصومال الانفصالية، وسط ضغوط دولية لنزع فتيل التوترات الإقليمية بشأن الاقتراح، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.
ووقعت إثيوبيا، وهي دولة غير ساحلية، مذكرة تفاهم غير قانونية مع المنطقة الإنفصالية أرض الصومال في يناير، مقابل حق الوصول إلى خليج عدن لمدة 50 عاما، وهو التحرك الذي أثار ضجة في الدول المجاورة حيث قالت الصومال إنها ستدافع عن سلامة أراضيها.
وأجرى رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد ونظيره الكيني ويليام روتو محادثات الأسبوع الماضي في نيروبي حيث تمت مناقشة الأمر وأعرب آبي عن استعداده للتراجع عن العناصر الأكثر إثارة للجدل في الاتفاق في محاولة لاستعادة العلاقات مع الصومال، حسبما قالت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة بمناقشة الأمر علنًا.
وأضافت "بلومبرج" أن مسؤولون إثيوبيون، أبلغوا مسؤولين أجانب بشكل خاص أن إثيوبيا قد تكون مستعدة للتخلي عن اعترافها بأرض الصومال، وفقًا لخمسة مسؤولين أجانب تم إطلاعهم على موقف أديس أبابا".
وأثار الرئيس الكيني الأمر في اجتماع مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، الذي كان يزور كينيا في نفس وقت زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي.
وقال روتو لـ"بلومبرج" في مقابلة أجريت معه في يناير إن إدارته تحاول "إقناع إثيوبيا" بالنظر في خيارات أخرى تتجاوز طلبها للميناء، على الرغم من أنه من غير الواضح ما هي تلك الخيارات.
وقالت المصادر إن إثيوبيا لم تنسحب رسميًا بعد من الاتفاق مع أرض الصومال، ولا يزال آبي حريصًا على تحقيق هدفه المتمثل في الوصول المباشر إلى الساحل.
وأعلنت أرض الصومال استقلالها من جانب واحد عن الصومال في عام 1991 بعد اندلاع حرب أهلية ومنذ ذلك الحين، وهي تضغط من أجل الاعتراف الدولي الذي من شأنه أن يسمح لها بالحصول على التمويل والمساعدات الأجنبية.
والاتفاق مع إثيوبيا - التي طالما كانت في حاجة ماسة إلى قدر أكبر من الوصول إلى البحر - من شأنه أن يقربها خطوة صغيرة من تحقيق هذا الهدف.
وأعربت الدول المجاورة وبعض أكبر الجهات المانحة لإثيوبيا عن قلقها من أن الاتفاق – الذي قال الصومال إنه غير قانوني وسيمثل ضماً لأراضيه – قد يثير صراعاً في منطقة مضطربة بالفعل.
وقالت مولي في، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الأفريقية، للصحفيين في مكالمة هاتفية الشهر الماضي، إن إثيوبيا يجب أن تسعى للتوصل إلى اتفاق يتيح لها الوصول إلى البحر مع السلطات الفيدرالية في مقديشو، وليس المسؤولين في أرض الصومال.
وقالت الولايات المتحدة والأمم المتحدة أيضًا إن الاتفاق قد يسمح لجماعة الشباب الإرهابية باستغلال الوضع.
ولم يرد المتحدثون باسم الحكومة الإثيوبية والكينية والصومالية على الأسئلة حول الوضع الحالي لاتفاقية أرض الصومال وقالت حكومة أرض الصومال في بيان أمس الأول الثلاثاء إن مذكرة التفاهم التي وقعتها مع إثيوبيا في يناير "تمثل خطوة إيجابية نحو الاستقرار والازدهار الإقليميين".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اثيوبيا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أرض الصومال
إقرأ أيضاً:
عندما تصدق الكلاب ويكذب الانسان
سابقتان في مجلس القضاء صدقت فيهما الكلاب وكذّب الانسان.
الأولى من قصص التراث الشعبي العربي وقد تكون قد حدثت بالفعل فليس للكذب والكاذبين حدود وهي تروي عن قصة رجل ثري من أهل اليسار تعلق قلبه ببنت جميلة ولكنها من اسرة فقيرة وفكر في الزواج منها، ذهب فطرق باب ابيها المسكين الفقير بسيط الحال وطلب منه يد ابنته فسر الرجل المسكين وقال له لا بد من مشورتها وموافقتها بعد ان اخبرها فوافقا على ذلك ثم وافقت البنت على طلب الزواج ثم أحضر هذا الرجل الثري شيخاً لكتابة عقد الزواج وبحضور شاهدين والتزم بموجب العقد ان يدفع الصداق مؤجلاً أي الى أقصر الأجلين الطلاق أو الموت وتم العقد بعد أن شهد الشهود في حضور الأب الولي الشرعي للبنت.
وبعد سنين قليلة من الزواج ساءت العشرة من جانب الزوج مما حدا بالزوجة طلب الطلاق فطلقها وبعد أن سألت عن حقوقها الزوجية في الصداق المؤجل والنفقة رفض ان يعطيها أي شيء من ذلك فرفعت امرها للقاضي فطلب القاضي الزوج والشهود والشيخ الذي أجرى العقد فأنكروا جميعا واقعة الزواج من الأساس. فنظر القاضي للزوجة وأبيها نظرة فراسة فأدرك أنهما من أهل الصدق ولكن ليست ثمة بينة يقضي بها لهما. ففكر بحكمة وذكاء ثم سأل الزوجة وزوجها هل لكما كلب أو كلاب في بيت الزوجية؟ فقالا: نعم.
فقال القاضي هل تحتكمان الى شهادة الكلاب؟ فرد الزوج على القاضي أتهزأ أم تمزح، وكيف تنطق الكلاب حتى تشهد؟ فقال القاضي أريد إجابة بنعم أم لا.
فقال الزوج نعم نقبل بشهادة الكلاب أن كانت فعلاً تشهد.
فأمر القاضي أثنين من رجال الشرطة أن يصطحبا المرأة وأبيها الى بيت الزوجية وعند مقربة من البيت وبمسمع من الكلاب دون مرأي أن يشهدا عندما تدخل المرأة وحدها للبيت هل تنبح الكلاب أم لا؟
صحب رجال الشرطة المرأة وابيها كما أمر القاضي الى بيت الزوجية واختبأ الشرطيان وأبو الزوجة على مقربة من البيت دون أن تراهم الكلاب.
وعندما دخلت المرأة البيت استقبلتها الكلاب ببشر وترحاب وهي تهز ذيولها ترحاباً بها حيث كانت تطعمهم.
شهد الشاهدان من رجال الشرطة بما رأوه ثم شعر الزوج بالذنب يحوك في صدره ثم أقر بواقعة الزواج والمهر فحكم القاضي للزوجة بما طلبت وأرسل الزوج والشهود والشيخ الذي أجرى العقد الى السجن ثم قال:
تباً لقرية كلابها أصدق من أهلها.
السابقة الثانية وهي واضحة بذاتها جرت في المحاكم السودانية وفيها بينة كلب بوليسي مؤيدة ببينات أخرى بعد أن أنكر المتهمان ما نسب اليهما من تهمة جنائية.
في محكمة الاستئناف المدنية
الدائرة الجنائية
تأييد محكمة كبرى
حكومة السودان ضد كوكو تية انقلو وآخر
م ا / ت م ك / 216/71
المبادئ:
قانون الإجراءات الجنائية – قانون الإثبات – العدول عن الاعتراف القضائي – تقديم المتهم للكلب البوليسي بغرض التعرف على شخصيته – العدول عن الاعتراف بسبب الضغط على المتهم عن طريق استعمال الكلب البوليسي- هل يرقى استعمال الكلب للقول بانتفاء عنصر الطواعية في الاعتراف.
(1) إجراء طابور التعرف على المتهم بواسطة الكلب البوليسي وسيلة من وسائل التحري ولا تعتبر نوعا من أنواع الضغط على المتهم مما يؤثر في ارادته.
(2) لا يبطل ما يدلي به المتهم من اعتراف نتيجة التعرف عليه بواسطة الكلب البوليسي ولا يتعارض استعمال الكلب وعنصر الاختيار إلا إذا صاحب التعرف على المتهم شراسة أو وحشية من الكلب نحو المتهم.
(3) لا يلزم ان تتوفر البينة مؤيدة للاعتراف إذا ثبت أن الاعتراف صحيح واختياري إلا في حالات الجرائم المعاقب عليها بالإعدام وفي جرائم القتل الجنائي.
الحكم:
عمر بخيت العوض – قاضي المحكمة العليا بالإنابة بتفويض من السيد رئيس القضاء – 28/3/1972
هذا طلب للاستئناف تقدم به المتهمان أعلاه للطعن في الحكم الصادر ضد الأول بالسجن لمدة ثلاثة أعوام مع الغرامة خمسمائة جنيه وفي حالة عدم الدفع يسجن لمدة سنتين وضد الثاني بالسجن لمدة عامين مع الغرامة خمسمائة جنيه وبالعدم يسجن سنتين وذلك تحت المادة 396/78 من قانون العقوبات مع إنذارهما تحت المادة 77/أ تحت نفس القانون. وأصدرت الحكم محكمة كبرى عقدت في واد مدني في يوم 3/5/1971.
وبالرجوع إلى المحضر نجد أن البينة الموجودة ضد المستأنفين هي الاعتراف القضائي الذي أدلى به المتهم الأول حيث اعترف على نفسه وعلى المتهم الثاني بأنهما اشتركا في ارتكاب السرقة والاعتراف الذي أدلى به في مرحلة التحري وقد شهد عليه الضابط المتحري الذي أدلى بأقواله على اليمين موضحا أقوال المتهمين الأول والثاني وأخيرا الاعتراف الذي أدلى به المتهم الثاني لشاهد الاتهام الثاني مأمون أبو سنون.
في هذه الاعترافات أقر المتهمان الأول والثاني أنهما اشتركا في ارتكاب جريمة الكسر المنزلي ليلا بقصد السرقة ولكنهما في مرحلة التحقيق القضائي وأمام المحكمة الكبرى زعما بأن هذه الاعترافات غير اختيارية وتمت عن طريق الخوف والإرهاب البوليسي الذي تعرضا له من الكلب البوليسي الذي وصفاه بقولهما بأنه ذئب وليس كلبا وذلك بقولهما أن البوليس في طابور الشخصية أطلق عليهما ذئبا (مرفعين) وليس كلبا ومن هنا يتوجب علينا معالجة المسائل التالية:
أولا: هل صدرت اعترافات المتهمين طواعية واختيارا؟
ثانيا: إذا كانت الإجابة بنعم فهل تعتبر هذه الاعترافات مسحوبة مما يلزم تأييدها ببينة أخرى؟
فيما يتعلق بالنقطة الأولى فإننا نجد أن مزاعم المستأنفين تنحصر في أمرين أولهما تعذيب البوليس لهما وهذا الزعم لا أساس له ولا تسنده بينة وإنما هو في رأينا مجرد زعم ألقى به المستأنفان سعيا وراء إبطال هذا الدليل الوحيد وطالما أنه مجرد من أي شيء يسنده فإننا لا نود أن نقف أمامه طويلا خصوصا تلك الفرية التي قال بها أحدهما واصفا ما لحقه من تعذيب بان البوليس كان يتركه يقف عاريا أمام الجمهور إمعانا في تعذيبه نفسيا حتى يحمله على الاعتراف مما أدى بالمتهم للتفكير في الانتحار حسب ما زعمه. ولو كان هذا الأمر صحيحا لوجد المتهم واحدا من أفراد الجمهور الذين شاهدوه يقف بتلك الصورة ولقدمه كأحد شهوده سواء في مرحلة التحقيق القضائي أو في مرحلة المحاكمة وليس هذا بمستبعد لا كلا المستأنفين من سكان مدني وإذا لم يعثرا على شاهد من أفراد الجمهور فلماذا لم يقدما شاهدا واحدا من الذين كانوا معهما في الحراسة لكي يشهد على ذلك التصرف.
أما الادعاء الثاني فهو يتلخص في أن المستأنفين يدعيان بان البوليس أطلق عليهما(مرفعينا) وهما يقصدان بالطبع الكلب البوليسي إمعانا منهما في وصفه بصورة وحشية ليدخلا في روع المحكمة أنهما كانا تحت تأثير خوف شديد من ذلك الكلب المتوحش(كالمرفعين) ومن هنا لم تكن اعترافاتهما إرادية.
إن استعمال الكلاب البوليسية أحد الوسائل الناجحة التي يستخدمها البوليس في مراحل التحري لتساعده في الكشف عن الجريمة وأنها دربت خصيصا لهذا الغرض بعيدة عن الشراسة والعدوان. وقد جرت العادة على إجراء طابور التعرف بحضور أعداد كبيرة من غير المتهمين وفي حضور المدرب ولم يعرف عن أحد من المشتركين في طابور التعرف ساوره الهلع أو الخوف إلا هذين المتهمين اللذين تعرف عليهما الكلب البوليسي وحاولا وصفه بهذه الصورة المخيفة والوحشية. ومن العادة أن يجرى طابور التعرف في حضور مدرب الكلب الذي من واجبه منع الكلب من أي تصرف شرس حيال المتهم أو اي مشترك آخر في طابور التعرف. ولم يعرف عن الكلاب البوليسية مع قصر استخدامها في السودان أن قامت بمهاجمة متهم بصورة وحشية تدخل في نفسه الرعب إلا في حالات نادرة لا يجوز اتخاذها قاعدة عامة.
ومن هنا فإننا نرى أن مجرد إجراء طابور التعرف بواسطة الكلاب البوليسية لا يمكن اعتباره نوعا من الإرهاب المؤدي إلى التأثير في إرادة المتهم وقد يكون لهذا الدفع وجاهته إذا اثبت المستأنفان أن الكلب البوليسي تصرف بوحشية أثناء الطابور وأن هذا التصرف جرى تحت بصر مدرب الكلب والشخص المشرف على التحري وأنهما تركا الكلب يتصرف بهذه الطريقة حتى يدخلا قدرا من الخوف في قلب المتهمين ليحملاهما على الاعتراف.
والمستأنفان في هذه القضية لم يوضحا أي شيء يدل على أن طابور التعرف بواسطة الكلب البوليسي قد جرى بصورة غير مألوفة ولا يشفع لهما ما تصوراه من شكل للكلب البوليسي كأنما هو(مرفعين).
ومن هنا نرى أن مجرد استخدام الكلاب البوليسية في مراحل التحري يهدف إلى التوصل لمعرفة المتهم ولا يعتبر نوعا من الإرهاب والتخوف الذي يبطل الاعتراف ما لم تصاحبه ظروف واضحة تبرز شراسة ووحشية الكلب البوليسي أثناء إجراء الطابور حيال المتهم.
وما يدل على انعدام أثر الخوف في نفس المستأنفين أن الفترة الزمنية التي مرت بين طابور التعرف بواسطة الكلب البوليسي والاعتراف القضائي كانت طويلة نسبيا امتدت لأكثر من أسبوع ولو كان أحد المتهمين قد تأثر خوفا فإن هذه الفترة الزمنية تعتبر دليلا قويا على أن آثار الخوف حتى ولو كانت موجودة آنذاك قد زالت عند الإدلاء بالاعتراف. وعليه فإننا نرى أن تلك الاعترافات كانت إرادية ومبرأة من عيوب الإكراه والإغراء وعليه نرفض ما دفع به المستأنفان.
ولما كان الاتهام قد أثبت صدور هذه الاعترافات عن طريق تقديم المتحري وشاهد الاتهام الثاني لإثبات الاعترافات غير القضائية التي صدرت عن المتهمين كما قدم الاتهام القاضي الذي دون اعتراف المتهم الأول القضائي فإننا نصل إلى نتيجة محددة هي أن هذين قد أدليا باعترافات حقيقية مبرأة من العيوب لفشلهما في إثبات أي نوع من الإكراه والإغراء.
وبعد أن تأكد لدينا وجود هذه الاعترافات ذاتها قانونية فإننا نتساءل هل يعتبر سلوك هؤلاء المتهمين بشأن هذه الاعترافات سحبا لها؟ وإن كان الأمر كذلك فهل يلزم تأييدها بينة أخرى؟
إننا نفضل أن ننظر إلى هذه الاعترافات كأنها اعترافات مسحوبة طالما أن المتهمين كانا يطعنان في صحتها وأن هذا ادعى لحماية موقف الدفاع ولأنه يسمح للمحكمة بفرصة أكثر للتأكد والفحص في الأدلة حتى تصل لقرار عادل وسليم وبعيد عن كل شك معقول.
وما دام الأمر كذلك فهل يلزم لمثل هذه الاعترافات المسحوبة أن تؤيد بينة أخرى وفي مثل هذا النوع من القضايا؟
ومن المعلوم أنه لا يوجد لدينا قانون للإثبات يتطلب تأييد الاعتراف المسحوب ولكن باستقرائنا للسوابق نجد أن العمل قد جرى على تأييد الاعترافات المسحوبة في جرائم القتل باعتبارها من الجرائم الخطيرة حيث تصل عقوبتها إلى الإعدام عند ثبوت القتل العمد وعندما يكون الدليل الرئيسي في الإثبات هو اعتراف المتهم المسحوب فإن المحاكم قد جرت على إقرار مبدأ التأييد.
والحكمة في هذا واضحة وتكمن دائما في خطورة الجريمة منظورا إليها في خطورة العقوبة التي قد تصل إلى الإعدام. وهذه الخطورة تفرض على المحاكم أن تكون أكثر تمحيصا حتى لا تأمر بإزهاق روح بشرية بأدلة مشكوك فيها.
ولكن عندما تنعدم خطورة الجريمة وما يترتب عليها من عقوبة وتصل إلى أدنى درجات الجرائم والمخالفات فإننا لا نلمس وجها للحكمة خلف مبدأ التأييد ولم نجد سابقة واحدة تدل على ضرورة تأييد الاعتراف المسحوب في المخالفات والجرائم البسيطة كالأذى البسيط والتهجم والسب.. الخ
ولكن الأمر يبدو غامضا بالنسبة للجرائم المتوسطة الخطورة والتي تقع بين جرائم القتل والجرائم الطفيفة فهل تعامل مثل هذه الجرائم معاملة الجرائم الخطيرة أو معاملة الجرائم البسيطة.
إن جرائم السرقات والكسر المنزلي وإن كانت جرائم خطيرة وإن عقوبتها في بعض الأحيان قد تمتد إلى أربعة عشر عاما من السجن إلا أنها لا تصل في درجة الخطورة إلى مرحلة الحكم بالإعدام. وما دامت الحكمة تكمن في الخطورة وما دامت الخطورة قد وضحت بأنها عقوبة الإعدام فإننا لا نرى ضرورة تأييد الاعتراف المسحوب في مثل جرائم السرقات والكسر المنزلي وما شابهها من جرائم وقصره فقط على جرائم القتل العمد أو الجنائي، ولكن يجب على المحكمة قبل الأخذ بالاعتراف المسحوب أن تتأكد من أن الاعتراف صدر صحيحا وبعيدا عن الإكراه والإغراء وهذا يساعد على تحقيق العدالة بحيث ينال كل مجرم عقوبته ولا نجعل من السهل عليه أن يفلت من العقوبة لمجرد سحبه للاعتراف الصحيح قانونا مع العلم بأن الاعتراف الصحيح هو خير الأدلة فلا يضحي به من أجل وهم يثيره المتهم. أما عن العقوبة فإنني أرى أنها ملائمة ومناسبة للفعل الذي ارتكبه المتهمان باعتبار أن الجريمة من الجرائم الماسة بأمن المجتمع وتضر بأموال الناس مما جعل المشرع يصعد بعقوبتها إلى أربعة عشر عاما عندما يكون هدف جريمة الكسر المنزلي ارتكاب السرقة ومن هنا يبرز الصالح العام الذي دفع بالمشرع لوضع حد عال من العقوبة هذا يدخل على الفور عامل الردع حماية للمجتمع. وإذا انتقلنا إلى عنصر الملائمة نجد أن المال المسروق كبير وينبغي أن يجد المجرم عقوبة تتلاءم مع ما ارتكبه من فعل وأخيرا فإن سوابق كل المستأنفين توضح سلوكهما المخالف للقانون مما يستوجب النظر إليهما نظرة مخالفة لأولئك الذين لم يحتو سجلهم على سوابق ما.
وعليه فإننا نرى أن محكمة الموضوع قد راعت هذه القواعد وأصدرت حكما لا يدعونا للتدخل فيه.
أمر:
تؤيد الإدانة والعقوبة.
حسين إبراهيم علي جادين
alaaggean@outlook.com