يختزل خلف هدوئه إبداعا يتفرد في نسج زواياه، ولربما كان ذاك الهدوء هو السر الذي يغلف الجو العام للمصور خالد بن خميس العريمي، فيجعله فنا متفردا تزكى إبداعاته عن كل قرين.

نفرد هنا مساحة حوار قصير مع المصور الشاب عقب الصور ومقاطع الريلز التي ظهرت له خلال فعاليات مهرجان الشرقية السينمائي الدولي في النسخة الثانية.

البدايات

يقول المصور خالد العريمي: البداية كانت في سنة 2016؛ حيث لاحظت إعجاب من حولي بالصور التي ألتقطها بكاميرا الهاتف، ولعل ما غذى ذلك هو تعاملي مع أجهزة التصوير في مجال عملي، ومع مرور الوقت اتخذت قرار اقتناء كاميرا والاحتكاك بالمصورين، وحضور الدورات التدريبية مثل التكوين وأساسيات التصوير، وهنا شعرت بأنني أمتلك الموهبة.

ويشير خالد العريمي إلى ضرورة المزج بين الجانب الأكاديمي والموهبة من أجل الإلمام بكافة الجوانب المتعلقة بموهبته، كما أن فهم الأساسيات والمصطلحات وبعض قوانين التصوير ينميها الشخص عن طريق البحث والتعلم والتدريب.

مشاركاته

ويقول: شاركت في تصوير فيلم (AGENT TEASER) للمخرج (Surrender Reddy) الذي تم عرضه في شهر أبريل 2023، وهو فيلم أكشن على أعلى مستوى لصالح بوليوود وكانت تجربة رائعة أن أكون جزءا من ذاك الحدث والاطلاع على تفاصيل التحضير لمثل هذه الأفلام ذات الميزانية العالية مقابل عدد محدد من المشاهد التي تخرج للمتلقي بتلك الصورة، حيث كنت مكلفا بالتصوير الجوي الذي ارتكزت المشاهد عليه بنسبة 80%.

كما شاركت في تصوير عدد من الأعمال التي عرضت على الجزيرة الوثائقية منها العرس الصوري التقليدي 2020م للمخرج أنور الرزيقي، و(حكاية أغنية) في 2019م. كما شاركت في تصوير مسلسل (عندما تعزف الريح) للمخرج يوسف البلوشي الذي عرض على تلفزيون سلطنة عمان، و(سلسلة حكاية صورية) إخراج أنور الرزيقي.

مقومات النجاح

يرى خالد العريمي أن الأمر في مجمله متعلق بالقصة وطريقة ترجمتها هي أهم مقومات نجاح الصورة، بغض النظر عما إذا كانت ملتقطة بكاميرا الهاتف أو الكاميرات الاحترافية؛ فبعض الصور الملتقطة بالهاتف -كما يقول- تشكل قصة عميقة الملامح أكثر من صور أخرى نلتقطها بالكاميرات الاحترافية.

ويركز خالد العريمي على صنع المشهد دون الاكتفاء بالمتاح؛ كجعل موضوع التصوير يكسب عمقا في الصورة من خلال موقعه مما يجعلها تبدو حقيقية وذات أبعاد ثلاثة، أو سرقة الإضاءة -كما يسميها- التي تتناسب مع سيناريو المشهد من أي مصدر ضوء متاح.

ويضيف: الزاوية التي ألتقط منها الصورة لها دور كبير في تفرد المشهد الملتقط، كما أن ضبط الإعدادات مرتبط بالجو العام للصورة الذي يريد المصور أن يظهره، مشيرا إلى الفارق الذي يحدثه التدخل الشخصي في الصورة بعد التقاطها.

العروض المسرحية

ويفصح لنا العريمي عن أكثر المشاهد الجاذبة له في التصوير حيث يقول: لم أجد نفسي في جانب تصوير محدد فقد مررت على أغلبها من تصوير حياة الناس أو الحياة الفطرية أو التصوير الرياضي وغيرها الكثير، وعلى الرغم من ذلك تجذبني إضاءات المسرح وتكوينات المشاهد ورمزياتها وإكسسوارات العرض والممثلين؛ ولأن المسرح متجدد بتفاصيله فأنا من محبي تصوير العروض المسرحية التي تشعرني أن المشاهد التي ألتقطها بها روح، وبالرغم من ذلك فإن خالد العريمي بين التصوير الفوتوغرافي والفيديوغرافي يميل إلى صنع مواد متميزة من مقاطع الفيديو؛ لإيمانه أن الفيديو به حياة وأقرب للواقع، ولعل أقرب ظهور له كمصور (للريلز) خلال الدورة الثانية من مهرجان الشرقية السينمائي الدولي، كما يجيد أعمال المونتاج ويتابع باستمرار التطورات الحاصلة في عالم التصوير بشقيه الفوتوغرافي والفيديوغرافي.

الرفيق الأقرب

يقول خالد العريمي: السيناريست هو الشخص الأقرب للمصور والرفيق المنسجم معه، ومن هنا أشير إلى السيناريست والمخرج أنور الرزيقي الذي أسميه الرفيق؛ فقد تعلمت منه الكثير وأوجه له شكري وتقديري لثقته ودعمه، ومن مبدأ الشيء بالشيء يذكر، أذكر هنا الأخ علي العريمي وهو من الأشخاص المجتهدين الذين وثقوا في قدراتي كذلك ولنا أعمال مشتركة.

إضافات معنوية

ومما قاله: خلال ممارستي للتصوير اكتسبت علاقات متعددة، فقد كنت أحب التجربة وهذا أمر أضاف لي الكثير، وأقر بأنني اكتسبت الصبر خلال تأدية الأعمال في سبيل النتيجة النهائية التي تنسيني التعب، وثقة من أعمل معهم هو الدافع.

وعن محددات وجوده ومشاركاته يقول العريمي: لعل أولوياتي الوظيفية تحد بيني وبين المشاركة في العديد من الفعاليات والملتقيات التي يستطيع من خلالها المصور وضع بصمته، ولكنني أحاول؛ لأن الفعاليات تسهم في احتكاك المصور -وأي موهوب- بخبرات متفاوتة الإبداع وتبادل الحوارات الهادفة.

ويضيف: لي تجارب عديدة في التطوع ولي أيضا أعمال تعاقدية، منها مهرجان الشرقية السينمائي الدولي في نسختيه الأولى والثانية.

ويشير هنا إلى أن المشاركة في طاقم التصوير في المهرجانات ليس أمرا سهلا كأن تكون مكلفا بالتصوير الفوتوغرافي والفيديوغرافي معا مثل تجربتي في النسخة الأولى في مهرجان الشرقية السينمائي الدولي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مهرجان الشرقیة السینمائی الدولی

إقرأ أيضاً:

من حمص إلى المسرح العربي... وداعاً فرحان بلبل

لم يكن المسرحي السوري فرحان بلبل (1937-2025)، الذي رحل عن خشبة الحياة يوم أمس ووري غب الثرى اليوم في مدينته حمص، مجرد رجل مسرح عادي. بل هو الممثل والمخرج والناقد والباحث والمدرّس ومدير فرقة، وأب مسرحي للعديد من الممثلين.

عرفته لجان تحكيم مهرجانات سورية وعربية عديدة، وصدرت كتبه في أكثر من دولة عربية. وكان أول تكريم كبير له من مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي الدولي عام 1995.

من الشعر إلى المسرح

لم يغادر الراحل بلبل مدينته حمص، سواء قبل الحرب أو خلالها، إلا للتدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، أو للمشاركة في لجان تحكيم المهرجانات، أو لمرافقة فرقته "المسرح العمالي بحمص" التي نشرت خطابها الفكري والفني في العديد من المحافظات السورية. عمل بلبل في كل الاختصاصات المسرحية داخل الفرقة، التي تأسست عام 1973 بناءً على رغبة اتحاد عمال حمص.

بدأ بلبل حياته الأدبية بكتابة الشعر والنقد الأدبي قبل أن يتحوّل إلى المسرح، حيث اعتكف في منزله لمدة 4 سنوات لدراسة فن المسرح بشكل معمق. قرأ النصوص المسرحية المترجمة إلى العربية من الإنجليزية والفرنسية والألمانية، وكتب أول نص مسرحي له بعنوان "الجدران القرمزية"، الذي قدّمه ضمن فعاليات نادي دوحة الميماس عام 1969. ومنذ ذلك الحين، كرّس حياته للمسرح، مؤسساً فرقة "المسرح العمالي" التي أصبحت منصة لنشر الفكر الإنساني وقضايا المجتمع.

رؤية مسرحية إنسانية

قال الراحل بلبل عن توجهاته المسرحية: "بما أن الطبقة العاملة تسعى إلى تحقيق العدالة والخير والرفاه للإنسان، فإن أهدافها تلتقي مع أهداف الناس جميعاً".

ولهذا السبب، لم تقتصر أعمال فرقته على مناقشة القضايا العمالية، بل تناولت قضايا اجتماعية وإنسانية عامة، مما جعلها قريبة من مختلف شرائح المجتمع.

أسرة مسرحية

أصبحت فرقة "المسرح العمالي" بمثابة أسرة فريدة، حيث تخرج منها عدد كبير من الفنانين، من بينهم أحمد منصور، صباح ضميراوي، عمر قندقجي، ونجاح سفكوني. كما عمل أفراد عائلته في المسرح، بما فيهم ابنه نوار، الذي درس المسرح أكاديمياً، وابنته سمر، التي درست الموسيقى قبل أن تهاجر.

توقف نشاط الفرقة عام 2011 بعد بدء الحراك الشعبي السوري، عندما أُوقف الراحل بلبل من قبل اتحاد العمال بقرار أمني بسبب مواقف ابنه نوار السياسية. ورغم ذلك، ظلت الفرقة رمزاً للإبداع المسرحي السوري.

نشر الثقافة المسرحية

قدّمت الفرقة عروضها في مختلف المدن والقرى السورية، حيث وصل عدد عروض المسرحية الواحدة إلى مئة عرض في بعض الأحيان. واعتمدت الفرقة على إقامة ندوات بعد العروض لمناقشة مضمون المسرحية مع الجمهور، مما ساهم في نشر الثقافة المسرحية في سوريا.

كتب الراحل 44 مسرحية، نُشر منها 32، إلى جانب ست مسرحيات للأطفال، ونُشرت أعماله في سورية وعدة دول عربية. كما أصدر 15 كتاباً نقدياً، أبرزها: "المسرح العربي المعاصر في مواجهة الحياة"، و"من التقليد إلى التجديد في الأدب المسرحي السوري".

إحياء التراث بأسلوب معاصر

أعاد بلبل صياغة "رسالة الغفران" للمعري، حيث استبدل الكلمات الغريبة بأخرى مفهومة للقارئ المعاصر، مع الحفاظ على أسلوب المعري الأصلي. قال بلبل عن هذا العمل: "كان الدافع هو حرصي على عدم قطع صلة القارئ المعاصر بكنوز تراثنا".

تكريم مستحق

حظي بلبل بتكريمات عديدة من دول عربية ومؤسسات ثقافية سورية. كما كتب كلمة "يوم المسرح العربي" في مهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس عام 2018، وكانت بعنوان "نريد أن نقفل مخافر الشرطة في عقول المبدعين".

برحيل فرحان بلبل، تفقد الساحة الثقافية السورية والعربية أحد أعمدتها، لكن إرثه المسرحي سيظل حاضراً في ذاكرة المسرح العربي. 

مقالات مشابهة

  • "أسياد" تعتزم طرح 20% من أسهم "أسياد للنقل البحري" للاكتتاب الأوَّلي في بورصة مسقط
  • «أنا أسفة لحضرتك».. منة عرفة تعتذر لـ إلهام شاهين بسبب المشاهد الساخنة (صورة)
  • نجيب الريحاني.. “الضاحك الباكي” الذي خطف القلوب في العصر الذهبي للفن المصري (تقرير)
  • الذكاء الاصطناعي في المسرح
  • «الوطنية لتموين الحقول النفطية» تعقد اجتماعها الأوّل في بنغازي
  • موظفو مستشفى رفيق الحريري ناشدوا رئيس الجمهورية إنقاذه وإعادة دوره ومكانته
  • في ذكرى ميلاده.. قصة كلبة نجيب الريحاني الذي مات حرنا عليها
  • مسرحية الأرتيست
  • خيبتي كبيرة في رفيق درب جعلني في حيرة..
  • من حمص إلى المسرح العربي... وداعاً فرحان بلبل