ألقى خطبة الجمعة اليوم، بالجامع الأزهر الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول "استقبال شهر رمضان".

وقال د. الغفير، إن الأمة الإسلامية بقلوبها المؤمنة، ونفوسها العاشقة والتواقة، تتأهب الآن لاستقبال أهم وأجل مواسم الخيرات في العام كله، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدًا)، فالأمة تترقب حفلاً تعبدياً عظيماً وهو شهر رمضان المبارك الذى اتصلت فيه أنوار السماء بأنوار الأرض في ليلة طاب هوائها، ورق نسيمها ليبدد الله الظلام ويملأ الأرض عدلاً ونوراً بعد أن كانت ظلماً وجوراً.

ولفت خطيب الجامع الأزهر ، إلى أن شهر رمضان الذى أنزل الله فيه القرآن، يبارك الله فيه العمل ويضاعف فيه الأجر والثواب، تفتح فيه الأبواب، وتصفد الشياطين، وينادي مناد: "يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر"، ولله فيه عتقاء من النار في كل ليلة من لياليه، فهو ضيف كريم يحل ليمكث أياماً معدودات ثم يرجع من حيث أتي محملاً بأعمال العباد، شاهداً لقوم وشاهداً على آخرين، إلي رب العالمين.

وشدد على أن شهر رمضان هو أجل نفحات الله في الزمان بلا خلاف، وتفسير معني قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا إن لكم في أيام دهركم لنفحات" أى أوقات يتجلي الله فيها على عباده فيبارك العمل ويضاعف الثواب ويعظم الأجر.

وتابع د.الغفير، بقوله: قال العلماء إن العمل يضاعف بزمان العمل، ومكان العمل، ونية العامل، فالصلاة هنا غير الصلاة في المسجد الأقصى التي تعدل خمسمائة صلاة، وفي مسجد النبي ﷺ تعدل ألف صلاة، وفي المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة، وباعتبار زمان العمل، فركعة تصليها في رمضان خير ممن تصليها في غير مضان، وفي العشر الأواخر من رمضان ركعة خير من غيرها في رمضان، وفي ليلة القدر إذا وفق الله فيها العبد كانت خير ممن صلي ألف شهر.

واسترسل : أما باعتبار النية: فهذا عندما يقف اثنان للصلاة في مكان واحد، فتقبل من أحدهما وترفض من الآخر، مشير إلى نفحات الله في شهر رمضان، ومنها أن الله عزّ وجلَّ تجلى فيه على الأمة بالقرآن، ففتح قلوب العباد إلى عبادة رب العالمين، فاستقبال هذه النفحات يجب أن يكون بكامل الطاقة والهمة عسى أن تصيبنا منها نفحة، فرمضان ضيف كريم في نفحاته، فالصيام فُرض على جميع الأمم قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".

وأوضح أن صيام رمضان هدية من الله للأمة التي يحبها الله ورسوله، كانت الأمم السابقة إذا كذبت رسولها أنزل الله عليهم عذاباً يسمي الاستئصال إلا أمة محمد ﷺ فهي أمة مكرمة لا معذبة، أمة مرفوعة القدر، روى الحاكم أن سيدنا موسي عليه السلام قال: يارب إنى أرى فى الألواح أمة هى خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، رب أجعلهم أمتى، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب إنى أجد فى الألواح أمة هم الآخرون فى الخلق، السابقون فى دخول الجنة، رب اجعلها أمتى، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب إنى أجد فى الألواح أمة أناجيلهم فى صدورهم يقرأونها وكان من قبلهم يقرأون كتابهم نظراً، حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئاً ولم يعرفوه وإن الله أعطاهم من الحفظ شيئاً لم يعطه أحداً من الأمم، رب اجعلها أمتى، قال: تلك أمة أحمد، قال: رب إنى أجد فى الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول و بالكتاب الآخر ويقاتلون فضول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب، فاجعلهم أمتى. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إنى أجد فى الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها فى بطونهم ويؤجرون عليها وكان من قبلهم من الأمم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها ناراً فأكلتها وإن ردت عليه تركت فتأكلها السباع والطير، وإن الله أخذ صدقاتهم من غنيهم لفقيرهم يأكلونها قال: فاجعلهم أمتى قال: تلك أمة أحمد. قال: رب فإنى أجد فى الألواح أمة إذا همّ أحدهم بحسنة ثم لم يعملها كتبت له عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف. قال: رب اجعلها أمتى. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إنى أجد فى الألواح أمة هم المشفعون المشفوع لهم، فاجعلهم أمتى. قال: تلك أمة أحمد. قال قتادة: فذًكر لنا أن موسى عليه السلام نبذ الألواح، وقال اللهم أجعلنى من أمة أحمد، فسيدنا موسى عليه السلام طلب وتمني أن يكون من أمة محمد ﷺ.

وبيّن خطيب الجامع الأزهر، أن شهر رمضان شهر غفران الذنوب فتغفر فيه ذنوب العام كله، وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، قد خاب وخسر من لم يفوز فيه برضوان الله، إذا مر يوم على العبد ولم يزداد فيه قرباً من الله فقد ظلم نفسه، فمن استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان يومه شراً من أمسه فهو ملعون، وفي يوم من الأيام صعد النبي ﷺ المنبر وقال: «آمين، آمين، آمين» وفي رواية: صعد رسول الله المنبر فلما رقي عتبة قال: «آمين»، ثم رقى أخرى فقال: «آمين». ثم رقي عتبة ثالثة فقال: «آمين». قيل: يا رسول الله! إنك صعدت المنبر فقلت: آمين، آمين، آمين. فقال: «إن جبريل عليه السلام أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان، فلم يغفر له، فدخل النار؛ فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، ومن أدرك أبويه أو أحدهما، فلم يبرهما، فمات، فدخل النار؛ فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين، ومن ذكرت عنده، فلم يصل عليك، فمات، فدخل النار؛ فأبعده الله، قل: آمين. فقلت: آمين.

وختم د.الغفير، حديثه ببيان واجب المسلمين نحو رمضان والاستعداد لاستقباله الاستعداد الذي يجب أن يكون، فالاستعداد للضيف يكون قبل النزول، بأن تصفو القلوب وتتعاهد النفوس علي طاعة الله وعبادته حق العبادة حتي نفوز برضوان الله وجناته، فيجب تنقية القلوب والنفوس من الحقد والغل والحسد والبغضاء، فالله عزَّ وجلَّ لا يقبل لحاقد وكاره لغيره. قال النبي ﷺ (ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا، رجل أم قوما وهم له كارهون وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط وأخوان متصارعان). ولا يقبل الله عملاً لقاطع الرحم، فعلينا أن نصل أرحامنا.

وأوصى د. ربيع ، بالتعاهد مع الفقراء والمساكين والمعوزين وذلك بإدخال السرور عليهم قبل شهر رمضان المبارك حتي يستقبلوا الشهر بقلوب مؤمنة فرحة مستبشرة، فعلي كل مسلم أن يعد برنامجاً لنفسه ماذا سيفعل في رمضان، وكفانا كسلاً وإهمالاً، وتفريطاً وتضييعاً.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علیه السلام شهر رمضان الله علیه الله فیه الله فی

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس جامعة الأزهر: الرجال والنساء تحملوا عبء الدعوة مع النبي

شهد الدكتور رمضان عبد الله الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري، ندوة تثقيفية حول" مجابهة العنف ضد المرأة والتطرف " بكلية الاقتصاد المنزلي بطنطا، بالتعاون مع إدارة رعاية الطلاب بأمانة وجه بحري، ومرصد الأزهر، وفرع المجلس القومي للمرأة بكفر الشيخ .

تأتي الندوة في إطار مبادرة رئاسة الجمهورية (بداية)، وبرعاية كريمة من الدكتور سلامة داود، رئيس الجامعة، والدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه البحري.

وفي كلمته بين الصاوي، أن الله-سبحانه وتعالى- كرم بني آدم جميعًا  "ذكرًا وأنثى "مستشهدًا بقوله تعالى: " وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا" كما ساوي الله-سبحانه وتعالى- بين النوعين في الجزاء على العمل " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ"، كما أن الله-سبحانه وتعالى- رد الخلق جميعا إلى الذكر والأنثي " ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا".

وأوضح أن دور المرأة المشاركة في كل شيء مستدلًا بحادث النبوة حين أسرع النبي-صلى الله عليه وسلم-  إلى زوجته خديجة -رضي الله عنها-، ودخل خائفًا يرتجف ينادي: " زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي  فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فَقالَ: يا خَدِيجَةُ، ما لي؟ وأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، وقالَ: قدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي، فَقالَتْ له: كَلَّا، أبْشِرْ، فَوَاللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا؛ إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوَائِبِ الحَقِّ".

وأضاف أن الرجال والنساء تحملوا عبء هذه الدعوة مع النبي محمد-صلى الله عليه وسلم-، حينما قال: " خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء "، كما أن  النساء هاجرن إلى الحبشة، وكان من بينهم من حضر بيعة العقبه"، كما أن أم سلمة خرجت لتهاجر فمنعها أهلها وأخذوا ولدها " قالت: فتجاذبوا ابني سلمة بينهم، حتى خلعوا يده وانطلق به بنو عبد الأسد، وحبسني بنو المغيرة عندهم، انطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة، قالت: ففرقوا بيني وبين زوجي وبين ابني، قالت: فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح، فما أزال أبكي حتى أمسي، سنة أو قريبا منها، حتى مر بي رجل من بني عمي أحد بني المغيرة، فرأى ما بي، فرحمني، فقال لبني المغيرة: ألا تحرجون من هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها، قالت: فقالوا لي: الحقي بزوجك إن شئت".

وأكد الصاوي، أن الاسلام حين جاء أنصف المرأة وأعطاها حقوقها المهضومة قبل ذلك في الجاهلية، مستدلًا بقوله تعالى: "وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا وهو كظيم".  

وتابع: للمرأة حقًا في أن تكون لها ذمة مالية مستقلة، ويكون لها نسب يتصل بأهلها، وهذا لا يعترف به الغرب، كما كانوا في الجاهلية يحرمونها من حقوقها "مستشهدًا بما حدث عندما توفي سعد بن الربيع وعدى أخوه على ماله، وجاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من سعد ، فقالت : يا رسول الله ، هاتان ابنتا سعد ، قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدا ، وإن عمهما أخذ مالهما ، فلم يدع لهما مالا ، ولا تنكحان إلا ولهما مال ، قال : يقضي الله في ذلك . فأنزلت آية المواريث ، فبعث إلى عمهما فقال : أعط ابنتي سعد الثلثين ، وأعط أمهما الثمن ، وما بقي فهو لك.

 وأكد أن الإسلام حرم  العنف ضد المرأة، فأوصى الفاتحين ألا يقتلوا شيخًا ولا امرأة ، كما مر صلى الله عليه وسلم في غزوة فوجد امرأة مقتولة، فغضب غضبًا شديدًا، وأنكر ذلك.

ومن جانبها قالت الدكتورة شرين جلال محفوظ، عميدة الكلية، إن مثل هذه اللقاءات التي تقام بالكلية وتدعمها رعاية الطلاب بالجامعة والوجه البحري، نافذة على عالم رحب تتطلع فيه الطالبات إلى الفهم العميق للقضايا المعاصرة مما تعم به الفائدة.

واكدت على حرص الجامعة بتخريج شباب قادرٍ على معاصرة كل ما هو جديد، محافظ على القيم والمبادئ تحت مظلة الكتاب والسنة.

من جانبه استعرض الدكتور محمد بناية، مشرف وحدة التطوير والمتابعة بمرصد الأزهر الشريف، صورًا من الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة الفلسطينية؛ لاسيما في ظل استمرار الصمت الدولي وازدواجية المعايير الغربية، والتي تنوعت بين العنف الجسدي، والنفسي، والاجتماعي، وهى تعيش حالة من عدم الاستقرار والقلق المستمر والخوف الدائم، نتيجة التهجير القسري، وقصف المنازل، وتدمير البنية التحتية، وبهذا تتخطى تحديات المرأة الفلسطينية أُطر الحياة اليومية.

فيما ناقش الدكتور عبد الله عابدين، مشرف وحدة الرصد باللغة الإنجليزية بمرصد الأزهر الشريف مفهوم "الإسلاموفوبيا سبب في معاناة المرأة في أوروبا"و تداعيات ظاهرة إرهاب الإسلام على أبناء الجالية الإسلامية وبخاصة النساء والأطفال، إذ تحول الخوف المرضي من الإسلام إلى ممارسة التمييز والعنصرية ضد المسلمين لمجرد  كونهم مسلمين.

وأضاف أن تنظيمات اليمين المتطرف تستغل الأزمات البيئية والمجتمعية، في نشر أفكارها العنصريَّة واستقطاب عدد كبير من الشباب، والترويج للأيديولوجية المتطرفة، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات ضد اللاجئين والأجانب، مستغلة بعض الأزمات كسلاحٍ ضد الأجانب بشكلٍ عام والمُسلمين بشكل خاص.

فيما تناول الدكتور إيهاب شوقي، مشرف وحدة التقارير الدورية بالمرصد، الحديث عن إساءة التنظيمات الإرهابية استغلال المرأة؛ لاسيما بعد أن تبين أن أعداد النساء في صفوف تنظيم داعش الإرهابي تشكل نحو (15%) من إجمالي عناصر التنظيم، موضحًا أن ذلك اتضح بعد ضعف التنظيم عام 2015م.

و من هذا المنطلق حرص المرصد على إصدار كتاب باسم (النساء في صفوف الجماعات المتطرفة)، ثم انتقل للحديث عن أساليب استقطاب التنظيمات الإرهابية للنساء، وكيفية الوقاية منها.

مقالات مشابهة

  • رمضان عبد المعز: القناعة سر السعادة والرضا عن رزق الله
  • رمضان عبدالمعز: القناعة سر السعادة والرضا عن رزق الله
  • نائب رئيس جامعة الأزهر: الرجال والنساء تحملوا عبء الدعوة مع النبي
  • عبدالله النجار: الحروب والتقنيات التكنولوجية تتطلَّب فتاوى مرنة ومتجددة
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • أدعية جميلة عن اقتراب رمضان 2025
  • كلمات عن اقتراب رمضان 2025
  • “استطلاع” الإسناد الشعبي لغزة إرادة شعب ومشروع أمة
  • حتى لا تقع الفأس بالرأس
  • حزب الأمة القومي ينعي القيادي بالحزب العمدة آدم بشير والذي مات تحت التعذيب بمعتقلات الجيش بسنار