خطيب المسجد الحرام: ما أسرع انقضاء الليالي والأعوام تمضي كأنها أضغاث أحلام
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
قال الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي، إمام وخطيب المسجد الحرام: أيها المسلمون ما أسرع انقضاء الليالي تمضي الأعوام تلو الأعوام وكأنها أضغاث أحلام، وقد جعل الله في تقلب الأيام ومرور الشهور والأعوام تذكرةً وعظةً للأنام.
كأنها أضغاث أحلامواستشهد " غزاوي " خلال خطبة الجمعة الأخيرة في شعبان اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة،، بقول الله تعالى : ﴿يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُوْلِي الأَبْصَار﴾" ، منوهًا بأنا مقبلون بإذن الواحد الجليل على مشارف موسم فضيل يحظى فيه من اغتنمه بالخير الوفير والأجر الجزيل، ومن فضل الله أن شَرعه لنا مواسم خيرات؛ لتدارك ما فات والاستباق إلى الأعمال الصالحات، والتعرض لنفحات رب البريات؛ طلباً لمغفرة الخطايا وتكفير السيئات".
وأوضح أن شهر رمضان لمن أعظم المواسم وأجلها وأكثرها أجراً؛ لذا فما أجمل التواصي بما فيه النفع قبل حلول هذا المغنم الخيِّر الوفير والمتجر الرابح الكبير، مشيرًا إلى أن من أعظم ما يذكر به تجريد القصد والنية لله جل وعلا، وجَعْلُ الصيام والقيام لله خالصاً؛ فيترك المرء الرياء والعُجب.
ونبه إلى أن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان لله خالصاً، وابتغى به صاحبُه وجه الله عز وجل، والحرص على أن يكون له خبيئة من العمل الصالح لا يراها إلا الله، وبما أن أعظم الربح في الدنيا إشغال النفس في كل وقت بما هو أولى بها وأنفع لها في معادها، فينبغي لكل منا أن يَعقد العزم من الآن على أن يكون في شهر الرحمات من السابقين إلى الخيرات المشمرين إلى الطاعات.
وأضاف أن أوقاته غالية نفيسة لا تقدر بثمن، ولا يصلح أبداً أن تضيّع أو تهدر وهو يرى الناس يقبلون ويغتنمون، ومع تنوع العبادات في رمضان فمن أجلِّ ما يَقضي فيه العبد وقته أن يعيش مع كتاب ربه تلاوة وتدبراً وأن يعكف عليه آناء الليل وأطراف النهار، وفي المقابل فإنه يبتعد عن الصوارف وكل ما يحجبه عن ربه في هذا الشهر من الشواغل والملهيات، وأن يصون جوارحه عن محارم الله والمفسدات.
أوقاته غالية نفيسةوتابع: وأن يكثر من العطاء بكل أنواعه في شهر الجود والبذل، تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، كما علينا أن نغتنم إقبال الناس في هذا الشهر وحرصهم على الخير بأن نحسن إليهم وأن ننفعهم بشتى أنواع النفع، وعلى رأس ذلك أن تكون من الأمور المشاعة بيننا النصيحة والتذكير والتوجيه والموعظة الحسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والكلمة الطيبة الصادقة".
وأكد أن الدعوة إلى الله من أعظم القربات إلى الله عز وجل، وقال: "إن من الأمور التي يؤكد عليها وينبغي عدم الغفلة عنها أن نتذكر إخوة لنا في الدين ممن رحلوا عنا وغيبهم الثرى أو نزلت ببعضهم المصائب والضوائق والخطوب أو اضطهدوا في دينهم أو امتحنوا بأن تكالب عليهم الأعداء فكانوا في شدة وكرب وبلاء.
وأشار إلى أنه من الواجب نحو هؤلاء أن نستشعر حالهم وننفعهم بما يستطاع وأن نخصهم بدعوة صادقة في ظهر الغيب؛ فإن ذلك من حقوق الأخوة الإسلامية، مضيفًا: معاشر المسلمين: والمؤمن إذا فاته شيء من الخير فيما مضى ندم عليه وتحسر على فواته، وحَرَص على تداركه واعتياضه.
ولفت إلى أن هذا أَنَسُ بنُ النَّضْرِ رضي الله عنه وأرضاه لما غاب عن يوم بَدْرٍ أحس بألم ضياع ما فاته، فقال غِبْتُ عن أوَّلِ قِتَالِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَالَ المُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ ما أَصْنَعُ، وقد وفى بعهده فأبلى بلاءً حسناً في أحد، وكان يقول: "الجنةَ وربِّ النضر، إني لأجد ريحها من دون أحد" فلما انتهت المعركة وجدوه قد قتل، ومثل به المشركون. وهذا عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه وأرضاه يسلم عام الفتح، وشعر بما فاته من سابقة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يقول: "والذي نجاني يوم بدر يا رسول الله لا أدع نفقة أنفقتها في الصد عن سبيل الله إلا أنفقت أضعافها في سبيل الله، ولا قتالاً قاتلته في الصد عن سبيل الله إلا قاتلت ضعفه في سبيل الله".
واستطرد : ويبر بقسمه، فما خاض المسلمون معركة بعد إسلامه إلا خاضها معهم، ولا خرجوا إلا كان معهم، وفي يوم اليرموك أوغل في صفوف الروم، فبادر خالد بن الوليد قائلاً: "لا تفعل يا عكرمة، إن قتلك على المسلمين سيكون شديداً"، قال: "إليك عني يا خالد، لقد كان لك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقة، أما أنا وأبي أبو جهل فقد كنا أشد الناس على رسول صلى الله عليه وسلم، دعني أكفر عما سلف مني"، ولقي الله عكرمة مثخناً بجراحه."
قبل رمضانوأفاد بأن في الوقت نفسه لمن أصلح نفسه قبل رمضان وهيأها على حب الخير والرغبة في نيل الأجر والثواب من الله تعالى، فأفضل ما يستقبل به شهر رمضان توبة نصوحاً ونية جازمة على عدم العودة للذنوب والمعاصي والتحلل من أهل الحقوق؛ فلا بد لنا ونحن في هذه الأيام أن نجدد التوبة.
وبين أنه قد كان صلى الله عليه وسلم قدوتنا الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر ربه ويتوب إليه في اليوم مئة مرة. ولا عجب أن نبادر بالتوبة فهي واجبة على كل مؤمن قال تعالى: ﴿وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون﴾ "والتوبة أول منازل السائرين إلى ربهم وأوسطُها وآخرها"، كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله. كما أن بقاءنا على المعاصي وعدم التوبة قبل رمضان قد يحرمنا من الجد في العبادة والاجتهاد في قراءة القرآن والقيام، ويمنعنا عن الاستكثار من الخير وصنع المعروف والاستقامة والإحسان، مسترسلاً بقوله: "فلنبادر عباد الله بالتوبة قبل رمضان لنحسن استقباله واغتنامه".
ودعا كل مفرّط مسيئ فرّط في جنب الله أن يحمد الله على أن مد له في العمر واستبقاه وأمهله حتى يدرك مواسم الخيرات، فيجب المبادرة وتدارك النفس وتعويض ما فات من العمر، مستشهداً بقول ابن القيم رحمه الله: "وَإِنَّمَا حسن طول الْعُمر ونفع ليحصل التذكّر والاستدراك واغتنام الْفرَص وَالتَّوْبَة النصوح كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿أولم نعمّركم مَا يتذكّر فِيهِ من تذكّر﴾ فَمن لم يورثه التَّعْمِير وَطول الْبَقَاء إصْلَاحَ معائبه وتدارك فارطه، واغتنام بقيّة أنفاسه فَيعْمل على حَيَاة قلبه وَحُصُول النَّعيم الْمُقِيم وَإِلَّا فَلَا خير لَهُ فِي حَيَاته".
يا عباد اللهوأوصى قائلاً: "لذلك يا عباد الله لنأخذ أنفسنا بالجد ولندع التسويف والأماني ولنبادر بالإقبال والاغتنام، ولنعتبر بما يجري لغيرنا؛ فما أكثر من رحل ممن حولنا! قريب رحل، صديق رحل، جار رحل، وفي كل يوم نودع راحلاً ونشيع غاديًا ورائحًا إلى اللَّه عز وجل، حيث كم كانت عند هؤلاء الذين قد قضوا نَحْبَهُم، وَانقَضَت أَجْالُهُم من الآمال والأحلام والمطالب، كم كان منهم من يأمل أن يعيش ليدرك رمضان وأكثرهم فاجأه الموت وكان الأمر غير متوقع ولا مُعَدَّا له.
وواصل : وكثير منهم كان يرتب لحياة طويلة، فإذا به تأتيه منيته وتنقطع لذته، والآن نحن نأمل أن ندرك الشهر -ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لبلوغه ويعينَنا على اغتنامه- لكن كم من إنسان لا يبلغه، وإن كان لم يبق على دخوله إلا قليل، فلنحذر الغفلة وطول الأمل خشية أن يدهمنا الأجل، حيث قال ابن الجوزي رحمه الله: "العمر يسير وهو يسير، فاقصروا عن التقصير في القصير. من تذكر حلاوة العاقبة نسي مرارة الصبر. الدنيا دار الآفات، الإثم بقي، والالتذاذ فات.
وأضاف: "أيها المشغول باللذات الفانيات متى تستعد لمُلمات الممات. يا شدة الوجل، عند حضور الأجل، يا حسرة الفوت عند حضور الموت ويا خجلة العاصين، يا أسف المقصرين. يا من يذنب ولا يتوب، كم قد كتبت عليك ذنوب، خل الأمل الكذوب، فرُبّ شروق ولا غروب، إن هممت فبادر، وإن عزمت فثابر، واعلم أنه لا يدرك المفاخر من رضي بالصف الآخر.
ونصح قائلاً: تفكروا في مصارع الذين سبقوا وتدبروا مصيرهم، أين انطلقوا، واعلموا أن القوم انقسموا وافترقوا، قوم منهم سعدوا، وقوم شقوا. من اجتهد وجد، وليس من سهر كمن رقد يا من شاب وما تاب، أموقن أنت أم مرتاب، يا من عمره يمضي بالساعة والساعة، يا كثير التفريط يا قليل البضاعة. مَن عرف ما يطلب، هان عليه ما يبذل. يا من أنفاسه محفوظة، وأعماله ملحوظة أيُنفق العمرُ النفيس في نيل الهوى الخسيس؟!").
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد الحرام خطيب المسجد الحرام صلى الله علیه وسلم سبیل الله قبل رمضان ه عز وجل إلى الل إلى أن
إقرأ أيضاً:
بين التبشير والتحذير.. تفسير أحلام حرف الظاء
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
الأحلام هي سلسلة من التخيلات التي قد تكون مترابطة، بعضها قد يكون منطقيًا، وبعضها الآخر قد يكون غير منطقي. فقد تتنوع الأحلام بين ما يشبه الواقع وما هو بعيد عنه، وقد يكون بعضها غامضًا ومخيفًا يثير القلق، بينما البعض الآخر قد يكون واضحًا ومطمئنًا ويثير السعادة. على مر العصور، اهتم العلماء والمفسرون بتفسير الأحلام، محاولةً تقديم تفسيرات قد تكون شفاء للقلق أو التوتر، أو تطمئن الحالم وتجعله أكثر اطمئنانًا بذكر الله، مما يعزز التقرب من الله.
فيما بين الشعور بالقلق والراحة، تأتي الأحلام برسائل قد تكون للتبشير أو للإنذار. دعونا نتوقف عند تفسير بعض الأحلام التي تبدأ بحرف "غ"، ومنها:
1. الغاب:
يشير إلى الوحشة والفزع، وقد يقال إنها تمثل أهل الفسق والفساد. رؤية الغاب في المنام قد تدل على الشعور بالعزلة أو المحيط غير المريح.
2. الغدر:
يشير إلى شعور الحالم بالمنقصة في الدين والدنيا. قد يُفسر الغدر أيضًا على أنه سرقة أو خيانة في العلاقات. من يرى الغدر في حلمه، قد يواجه خيانة أو خيبة أمل.
3. الغراب:
تُنسب إلى الغراب العديد من التفسيرات؛ فقد يرمز إلى شخص عظيم ضخم وصبور، أو قد يدل على شخص معجب بنفسه. إذا تحول الشخص في الرؤية إلى غراب، فقد يُفسر ذلك بالحصول على مال حرام. وتعتبر رؤية غراب يسقط على الكعبة تعبيرًا عن فساد الشخص الذي يراه، وقد يُشير إلى زواج من امرأة شريفة. أما إذا كان الغراب في منزل الحالم، فقد يدل على دخول شخص فاسق إلى بيته.
4. الغرق:
له تفسيرات متعددة، ويعتمد تفسيره على نوع الماء وحالة الغرق. إذا غرق الحالم في الماء، فقد يعني أن عدوه يكيده. وإذا غرق في ماء عذب، فقد يُفسر بأن الحالم سيغرق في مال كثير. وإذا غرق في البحر، فربما يشير إلى النجاة أو الأمان، استنادًا إلى قول الله تعالى: "حتى إذا أدركه الغرق قال أمنت أنه لا إله إلا الذي أمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين". كما يمكن أن تُفسر رؤية الغرق في النار بناءً على قول الله تعالى: "مما خطيئهم أغرقوا فأدخلوا نارا".
5. الغناء:
الغناء في الأحلام يعبر عن كلام باطل أو مصيبة. إذا كان الصوت جميلًا، فقد يدل على تجارة ناجحة. وإذا كان الحالم يرى نفسه يغني، فقد يُفسر ذلك بأنه حكيم أو عالم أو مذكر أو خطيب. وإذا غنى في الحمام، فيُعتبر كلامه غير واضح. وإذا غنى في السوق، فقد يدل على فضائح وأمور قبيحة أو فتن.
6. الغيظ:
الغيظ يُفسر في بعض الحالات على أنه موت مفاجئ، أو قد يرتبط بارتكاب فضائح وأمراض تغيّر حال المغتاظ. إذا كان الحالم مغتاظًا من شخص ما، فإن الأمر قد ينقلب عليه ويُفقد ماله، وفقًا للآية الكريمة: "ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرًا". قد يُفسر الغيظ أيضًا على أنه فقر وضياع مال.
بهذا الشكل، يمكن تفسير الأحلام وفقًا لما ترمز إليه الرموز والكلمات الواردة فيها، والتي تحمل في طياتها رسائل قد تكون للإنذار أو التبشير، وذلك بما يتناسب مع سياق الحياة اليومية والتوجهات الروحية للفرد.