شهر الطاعات موضوع خطبة أول جمعة في رمضان في رحاب الجامع الأزهر
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
حددت وزارة الأوقاف، موضوع “رمضان شهر الطاعات”، عنوانا لـ أول جمعة في رمضان 2024، وينقلها التلفزيون من الجامع الأزهر.
شهر الطاعات موضوع خطبة أول جمعة في رمضانوتستطلع دار الإفتاء المصرية، مساء الأحد المقبل هلال شهر رمضان 2024، من قاعة مؤتمرات الأزهر الشريف، بحضور القيادات الرسمية والدينية، وفي حفل شعبي بمناسبة شهر رمضان 2024.
وفي بيان أفضل ما يستقبل به شهر رمضان، قال خطيب المسجد الحرام فيصل غزاوي إنها التوبة النصوح والنية الجازمة على عدم العودة للذنوب والمعاصي والتحلل من أهل الحقوق؛ فلا بد لنا ونحن في هذه الأيام أن نجدد التوبة، فقد كان صلى الله عليه وسلم قدوتنا الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يستغفر ربه ويتوب إليه في اليوم مئة مرة. ولا عجب أن نبادر بالتوبة فهي واجبة على كل مؤمن قال تعالى: ﴿وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون﴾ "والتوبة أول منازل السائرين إلى ربهم وأوسطُها وآخرها"، كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله. كما أن بقاءنا على المعاصي وعدم التوبة قبل رمضان قد يحرمنا من الجد في العبادة والاجتهاد في قراءة القرآن والقيام، ويمنعنا عن الاستكثار من الخير وصنع المعروف والاستقامة والإحسان، مسترسلاً بقوله: "فلنبادر عباد الله بالتوبة قبل رمضان لنحسن استقباله واغتنامه".
وأشار إلى أن على كل مفرّط مسيئ فرّط في جنب الله أن يحمد الله على أن مد له في العمر واستبقاه وأمهله حتى يدرك مواسم الخيرات، فيجب المبادرة وتدارك النفس وتعويض ما فات من العمر، مستشهداً بقول ابن القيم رحمه الله: "وَإِنَّمَا حسن طول الْعُمر ونفع ليحصل التذكّر والاستدراك واغتنام الْفرَص وَالتَّوْبَة النصوح كَمَا قَالَ تَعَالَى ﴿أولم نعمّركم مَا يتذكّر فِيهِ من تذكّر﴾ فَمن لم يورثه التَّعْمِير وَطول الْبَقَاء إصْلَاحَ معائبه وتدارك فارطه، واغتنام بقيّة أنفاسه فَيعْمل على حَيَاة قلبه وَحُصُول النَّعيم الْمُقِيم وَإِلَّا فَلَا خير لَهُ فِي حَيَاته".
وقال: "لذلك يا عباد الله لنأخذ أنفسنا بالجد ولندع التسويف والأماني ولنبادر بالإقبال والاغتنام، ولنعتبر بما يجري لغيرنا؛ فما أكثر من رحل ممن حولنا! قريب رحل، صديق رحل، جار رحل، وفي كل يوم نودع راحلاً ونشيع غاديًا ورائحًا إلى اللَّه عز وجل، حيث كم كانت عند هؤلاء الذين قد قضوا نَحْبَهُم، وَانقَضَت أَجْالُهُم من الآمال والأحلام والمطالب، كم كان منهم من يأمل أن يعيش ليدرك رمضان وأكثرهم فاجأه الموت وكان الأمر غير متوقع ولا مُعَدَّا له، وكثير منهم كان يرتب لحياة طويلة، فإذا به تأتيه منيته وتنقطع لذته، والآن نحن نأمل أن ندرك الشهر -ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لبلوغه ويعينَنا على اغتنامه- لكن كم من إنسان لا يبلغه، وإن كان لم يبق على دخوله إلا قليل، فلنحذر الغفلة وطول الأمل خشية أن يدهمنا الأجل، حيث قال ابن الجوزي رحمه الله: "العمر يسير وهو يسير، فاقصروا عن التقصير في القصير. من تذكر حلاوة العاقبة نسي مرارة الصبر. الدنيا دار الآفات، الإثم بقي، والالتذاذ فات.
وأضاف: "أيها المشغول باللذات الفانيات متى تستعد لمُلمات الممات. يا شدة الوجل، عند حضور الأجل، يا حسرة الفوت عند حضور الموت ويا خجلة العاصين، يا أسف المقصرين. يا من يذنب ولا يتوب، كم قد كتبت عليك ذنوب، خل الأمل الكذوب، فرُبّ شروق ولا غروب، إن هممت فبادر، وإن عزمت فثابر، واعلم أنه لا يدرك المفاخر من رضي بالصف الآخر. تفكروا في مصارع الذين سبقوا وتدبروا مصيرهم، أين انطلقوا، واعلموا أن القوم انقسموا وافترقوا، قوم منهم سعدوا، وقوم شقوا. من اجتهد وجد، وليس من سهر كمن رقد يا من شاب وما تاب، أموقن أنت أم مرتاب، يا من عمره يمضي بالساعة والساعة، يا كثير التفريط يا قليل البضاعة. مَن عرف ما يطلب، هان عليه ما يبذل. يا من أنفاسه محفوظة، وأعماله ملحوظة أيُنفق العمرُ النفيس في نيل الهوى الخسيس؟!").
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: أول جمعة في رمضان رمضان شهر الطاعات الجامع الازهر دار الإفتاء هلال شهر رمضان 2024 وزارة الأوقاف شهر رمضان
إقرأ أيضاً:
التمسوا الصفاء وحلاوة الإيمان في رحاب الطبيعة البكر!
الدكتور الخضر هارون
✓ كنت قد أشرت إلي ما قاله الأستاذ مصطفي ◦ صادق الرافعي رحمه الله عن أهمية البيان في الحياة وأنه يضفي علي الجماد في حياتنا حيوية وحركة تحيله كائنا حياً بين الأحياء نأنس بوجوده الذي يضيف لحياتنا معان شتي!
◦ وإلا لم خاطب كثير عزة جبل التوباد حيث كانت اللقيا ومراتع الصبا مع المحبوبة:
جبل التوباد حياك الحيا
وسقي الله صبانا ورعي
وأشار النبي الأعظم إلي جبل أحد : هذا الجبل يحبنا ونحبه.
وجاء في التنزيل قول المولي تعالي " فما بكت عليهم السماء والأرض.".قالوا في ذلك أن أماكن صلاة المسلم ومواضع سجوده للخالق تحن إليه وتبكي عند رحيله عن هذه الفانية إلي دار البقاء. ألا يخلق ذلك شعوراً جميلاً في النفس؟!
وغلبت علي عاشق سوداني الصبابة فأقسم لعشيقته معاتبا هجره مقسما قسما غليظا أنه أرسل إليها الرسائل مع طيور الجنة:
لا طيور الجنة ليك أترسل لي
الحنينات كلمنك وجن حكن لي
أي عن صدودها وإدبارها ..
وصب آخر جام غضبه برحيلها علي الغراب المسكين!
غراب البين حل بدارنا فبكي لصوت نحيبه باكينا وتصدي منصف يرفع العتب عن الغراب محملا جريرته حيواناً مسكيناً آخر لا ذنب له هو الجمل.
ما فرق الأحباب بعد الله إلا الإبل
وما غراب البين إلا ناقة أو جمل!
وينصح الرافعي مواطنيه في مصر وفي تلك البلدان التي يلوذ فيها الناس بالبحر في الصيف يودعون البحر، رهق شهور الكد في طلب الرزق في المدن الصاخبة المكتظة بالبشر والمركبات، أن يفرغوا رؤوسهم هناك من شوائب وهموم تلك المدائن ويقبلوا علي الطبيعة في زرقة الماء وجمال الطبيعة حيث الجمال فيها ليس مجلوباً بتطرية كما هو في الحواضر ولكي تصفوا دواخلهم فتعانق صفاء الطبيعة.
ونحن الذين لا نعرف المصايف، نفزع في عطلاتنا إلي قرانا المستجيرة (ببحرنا ) الذي هو النيل فعلي ضفافه نفائض تصنع الجمال : رمال حمراء ونخيل باسق الطول وجزائر تكسوها ا الخضرة يسكنها الأوز. وعند العشيات تعود القماري إلي أوكارها جزلة فرحة فقد عادت بطانا يطربنا سجعها أيما طرب!
يقول الرافعي في ذلك :
( إذا كنت في أيام الطبيعة فاجعل فكرك خاليا وفرغه للنبت والشجر والحجر والمدر والطير والحيوان والزهر والعشب والماء والسماء ونور النهار وظلام الليل، حينئذ يفتح العالم بابه ويقول : أدخل… (أول ما رأي البحر قال): ما أجمل البحر علي حاشية الأزرقين البحر والسماء يكاد الجالس هنا يظن نفسه مرسوماً في صورة إلاهية.
نظرت إلي هذا البحر العظيم بعيني طفل يتخيل أن البحر قد ملئ بالأمس وأن السماء كانت إناء له، فانكفأ الإناء فانزلق البحر وتسرحت (من السرحان) مع هذا الخيال الطفلي الصغير فكأنما نالني رشاش من الإناء…إننا لن ندرك روعة الجمال في الطبيعة إلا إذا كانت النفس قريبة من طفولتها، ومرح الطفولة ولعبها وهذيانها….( أي أنها تكون أقرب إلي طبيعتها السوية لم تعرف الأثرة والكراهية والبغضاء التي تبني في رحابها قصوراً تحجب الخير فكل مولود يولد علي الفطرة…) لطف الجمال صورة أخري من عظمة الجمال، عرفت ذلك حينما أبصرت قطرة من الماء تلمع في غصن فخيل إليّ أن لها عظمة البحر لو صغُر وعُلق علي ورقة..
في لحظة من لحظات الجسد الروحانية حين يفور شعر الجمال في الدم، أطلت النظر إلي وردة في غصنها زاهية عطرة، متأنقة، متألقة فكدت أقول لها أنت أيتها المرأة ، أنت يا فلانة..
أليس عجيبا أن كل إنسان يري في الأرض بعض الأمكنة كأنها أمكنة للروح خاصة فهل يدل هذا علي شئ إلا خيال الجنة منذ آدم وحواء، لا يزال يعمل في النفس الإنسانية؟).
اللهم نعم أيها الشيخ الجليل، عليك من الله شآبيب الرحمات. قاله حمزة بن عبد المطلب كمقدمة لدخوله الإسلام وقد كان فارساً يصطاد الأسود ، كلما تجولت وحيدا في الصحراء بين الوحوش والآكام أدركت عظمة الله !
التعقيد في إلتماس السبل السليمة لإدارة الحياة وقيادة خطام الحياة يتطلب بالفعل تغليب الرأي وكثرة المشورة لكن الفلاسفة التمسوا التعقيد في بداهة البحث عن الخالق ووجوده مع انها محفورة في دواخل كل مخلوق! حار بعضهم في ذلك السر العجيب الذي يربط المادة بالروح. لما عظمت الشقة بين هذا التوأم أو خافوا أن يصبحوا مضغاً علي الألسن بأنهم تجمدوا في عالم الدروشة والأوهام ولم يدركوا عوالم العلم المطلق تقيمه الحواس الخمس ! ومع ذلك جاء ديكارت ثم امانويل كانط وعلي استحياء وتخوف لفوا ودوروا ليقولوا هناك معارف قبلية تحدث المعرفة. ومن هول ما أنفق كانط من الحروف والعبارات والجمل المعقدة لتعريف تلك المعرفة القبلية وليؤكد أنه لا يعني الغيب المفضي للدين ،جعل نيتشة يصف مراوغات فلسفة كانط بالفلسفة الصينية أي أنها عسيرة علي الفهم مثل اللغة الصينية . استعصي علي كانط أن يوقن بأن الإحساس الداخلي مطية سهلة لمعرفة الله لا ما ذهب إليه بأن الحياة فقط بحاجة للدين لتقوم الأخلاق ، وهي لازمة للحياة ،في كنفه .ولو تأمل نيتشه في نفسه فقط لعرف السر الإلهي المودع في كل كائن ولما نطق بالكفر البواح بأن الله قد مات !
سألني طفل في الخامسة والمطر يتهاطل بقوة: هل من رجل في السماء يصب علينا هذا الماء ! سببية فطرية في الإنسان لا تخطئ. وتأمل رجل عنقودا من عنب وسبيط ، شرموخ من رطب يقطر عسلاً وقال لشاب متقعر هل جاءا هكذا بلا صانع؟! ورأي إسبينوزا أن الصانع والمصنوع شئ واحد وتلك هرطقة تروم الجمع بين الماء والنار.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا!
Sent from my iPhone
abuasim.khidir@gmail.com