بغداد اليوم - بغداد

يتميز شهر رمضان في العراق بعادات متوارثة بعضها أصبح عرضة للاندثار بفعل المتغيرات المرتبطة بنمط الحياة الحديثة، والاضطرابات التي هزّت البلاد في السنوات الأخيرة، والبعض الاخر مازال يعيش حتى يومنا هذا مثل "لعبة المحيبس وصينية رمضان". 


طقوس وعادات بغدادية 

الباحث في الشأن الاجتماعي فالح القريشي، يؤكد في حديث لـ "بغداد اليوم"، أن "أهالي العاصمة بغداد لايزالون حتى الان يحافظون على الطقوس البغدادية خلال شهر رمضان المبارك.

وقال القريشي،  اليوم الجمعة (8 آذار 2024)، إن "لاهل بغداد عادات وتقاليد معروفة خلال شهر رمضان، وهي موروثة منذ سنين طوييلة جداً، والتي ابرزها "المسحرجي" و"لعبة المحيبس" بالاضافة الى تزيين الشوارع وتبادل الزيارات ما بعد الإفطار وتبادل حتى الطعام ما بين الجيران، والتي يسميها البغداديين بـ(صينية رمضان)، قبل الإفطار وغيرها الكثير من العادات والتقاليد".

وبين، انه "بالرغم من التطور والتكنولوجيا وحتى تغيير بعض التقاليد من قبل العراقيين بسبب تغير الظروف، الا ان أهالي بغداد مازال يعملون على هذه التقاليد خاصة بقضية المسحرجي ولعبة المحيبس، وعلى وجه الخصوص في المناطق الشعبية التي تكتظ بالناس ما بعد الإفطار".


"المسحراتي" يعود من جديد

من العادات الرمضانية في العراق، ظهور "المسحرجي"، وهو شخصية فلكلورية مشهورة يطلق عليها في بعض الدول "المسحراتي"، كما يسمى في بعض مناطق العراق، بـ"أبو طبل"، نسبة للآلة التي يحملها، وهي "الطبلة" التي يدق عليها وهو يتجول قبل الفجر في الشوارع ليذكّر سكانها بتناول وجبة السحور قبل أن يرفع أذان الفجر.

وكان أهالي بغداد يعتمدون بشكل تام على "المسحرجي" في إيقاظهم ويعتبرونه من أساسيات شهر الصيام، لكن مع التطور وظهور الساعات الحديثة، ضعف دور هذه الشخصية، وكاد يختفي وخصوصا في سنوات الاضطراب الأمني.

وأما لعبة "المحيبس"، تنتشر هذه اللعبة التراثية بشكل لافت للنظر في رمضان، وتستهوي العراقيين من لاعبين ومشجعين، وتمارس في الأحياء والمقاهي الشعبية منذ مئات السنين.

وتاريخ اللعبة غير معروف، لكن الخبراء يجمعون على أنها تعتمد على الفراسة بالدرجة الأولى.

وفي لعبة "المحيبس"، يتكون فريقان بعدد مُتساوٍ من اللاعبين، وقد يصل العدد إلى مائة شخص لكل فريق، ويتم إخفاء خاتم، ويبدأ فريق في رحلة طويلة للكشف عن الخاتم وانتزاعه من الفريق الآخر.

وخلال السنوات القليلة الماضية، عادت اللعبة وبقوة عبر تشكيل رابطة مختصة، وبرعاية قنوات فضائية، مع تأسيس فرق شعبية لها، وهو ما أعطاها حضورا أقوى.

المصدر: وكالة بغداد اليوم

إقرأ أيضاً:

انكسار الشخصيات في «لعبة مصائر» لهلال البادي

في روايته الأولى الصادرة عن دار الانتشار العربي عام 2024م، تناول الكاتب هلال البادي موضوعات حساسة تدور في المجتمع العماني، وناقش قضايا مهمة، كما رسم صورة لصراعٍ متشكّلٍ في الفكر الإنساني استمر لسنوات طويلة في مجتمعاتنا العربية على وجه العموم.

لم ينس البادي أن ينبش في المجتمع مقدمًا لهذا الصراع المتشكّل بين طبقات مختلفة من مجتمعنا العماني، كل طبقة بتفكيرها وقناعاتها وأيديولوجيتها في نص يمكن أن نلمح من خلاله أنساقًا مجتمعية مضمرة في الخطاب الروائي.

يمكن لنا أن نقرأ النسق المضمر في الرواية من خلال الشخصيات والأمكنة التي تدور فيها الأحداث؛ إذ يرسم لنا الشخصيات التي تتفاعل في محيطها المكاني مستفيدة من تأثيرات المكان ومرجعياته المختلفة في تقديم النص، وهنا نجد الرواية تستفيد من الأحداث المتقاطعة في الواقع العماني في فتراته الزمنية المختلفة، وذلك بدوره ينعكس على الشخصيات التي تتشكّل طبائعها وتفكيرها بناء على المكان والأحداث المستعادة.

تبدأ الرواية في تقديم أحداثها وشخصياتها من القرية التي تكون مسرحًا لنقل الحكايات؛ فالقرية تبدو هنا مكانًا صغيرًا يعلم فيه الناس خفايا بعضهم، ويطّلعون فيه على أسرارهم الخاصة، لا يخفى شيء إلا ما أراد الناس إخفاءه بالقوة، تأخذنا عبارة: «تطلقت شوّان مرة أخرى» إلى توالي الأحداث، فشوّان هنا شخصية تحاول الرواية إظهارها بمميزات خاصة، يتحرك معها الحكي من موضع إلى آخر، ومن زمنٍ إلى زمن؛ إذ ليس من مهام شخصية شوّان تحرك الأحداث فقط، بل عملت كذلك على إبراز طبائع الشخصيات وصفاتهم.

يحاول السرد تقديم صورة عن شوّان بأنها قوية الشخصية في مواجهة زوجها لفظًا وبنية جسمانية، تواجه الكلمة بالكلمة، والضربة بالضربة، كما تحاول أن تقدّمها بأنها ذات لسان سليط متحرر أمام نسوة القرية، وبأنها طوافة للبيوت تنقل الأخبار وتأخذ العطايا، بالإضافة إلى أنها في مواضع معينة تعكس صورة المرأة الماجنة وذلك من خلال الأوصاف القبيحة التي أطلقها عليها زوجها «فايوز» وابنتها أمل بعد ذلك في اعترافها عن الماضي المختزن في ذاكرتها.

لكن مع التقدم في الزمن تظهر صورة شوّان منكسرة في السرد، ضعيفة، وهو حال بقية الشخصيات التي استكملت أدوارها في السرد ثم تجنح إلى الخفوت، نجد ذلك عند أبي طلال مثلًا، وعند زوجته.

إنّ المتأمل في شخصيات العمل الروائي يجد أنها شخصيات منكسرة بالفعل، تُظهر الفرح والبهجة لكن حوارها الداخلي مع الذات يبوح بانكسار وانهزام، يظهر هذا الحوار على لسان الراويتين وداد وأمل في أثناء تناوبهما على السرد؛ إذ يبوح السرد باعترافات الماضي، وتقديمه في هيئة حزينة. تقول أمل: «أنا أمل بنت شوان لم يُغَرِرْ بي أحد لأتهمه، لا قاسم ولا سعيد ولا صالح ولا أي أحد آخر، لا أقول هذا لكي أقنع أحدًا بقضيتي في الأساس لا قضية حقيقية لي! مع أنني لاحقا سأردف وأقول: أنتِ السبب يا شوّان لولاك لما كنت أنا هي التي هي عليه الآن من وحل وخطيئة! أنت تتحمّلين جزءًا، وجزءًا كبيرًا من ذنبي. ما الذي أعطيتني إياه إلا الوقاحة والضعة يا أمي؟ ما الذي أعطيتني إياه إلا خطيئة متواصلة وكأنما على أمثالي أن يعيشوا في قعر ضياع لا متناه على الإطلاق؟

حدث أنني جئت إلى هذا العالم، وكانت أمي هي شوّان بنت معصومة بنت من لا أعرف، ولا يهمني أن أعرف اليوم. أما أبي فإنني أسألكِ يا شوّان هل هو «فايوز» الذي صرخت ذات نهار صرخة شقت سماء حارتنا القديمة الوادعة التي تحتضن البحر، حتى تجمعت النسوة عند باب بيتنا يستفسرن عما حدث، ليشاركنني لاحقا في صرختي وبكائي؟ هل هو أبي حقا؟ وكل أولئك الرجال الذين كانوا يدخلون إلى البيت الصغير، بيتنا، ماذا كانوا يفعلون؟ هل تتذكرين يا أمي أحدهم لا أتذكر اسمه ولا شكله وهو يمازحك ويمد يديه إليك، إلى جسدك، وأنت تتغنجين وتضحكين ناهرة إياه بميوعة واضحة كأني بك تقولين له أكمل وافعل بي ما تريد؟».

إنها رسالة اتهام من البنت لأمها سخطًا ورفضًا لما كان يدور في ذاكرتها، والرفض ذاته تقدّمه وداد لخالها عندما وصفته بالوحش. تعيش وداد لحظات الغربة والانكسار منذ الطفولة بوفاة والديها في حادث السير، جاء في ذلك: «في صغرها، وبعد أول موقف حاد مع خالها انكفأت تدعو الله لو أنّ الوقت يعود إلى الوراء قليلًا، لتصر على والديها أن تذهب معهما في رحلتهما المشؤومة تلك، فلا تفارقهما إلى الأبد، تمنت لو أنها ماتت معهما في الحادث، على الأقل ستكون معهما دائمًا، ولن تتعرض لما تعرضت له. لكن الوقت يمضي إلى الأمام، لا يذهب إلى الخلف.

تتذكر أنها لم تذرف أي دمعة، كانت مصدومة وهي ترى خالها يتحول إلى ما يشبه الوحش الذي كانت تشاهده في شاشة التلفاز، يصرخ ولا تفهم ما يقول. كان غاضبًا ولم تستوعب لماذا يغضب، ألأنها كانت تلعب بدميتها الصغيرة التي اشتراها لها والدها قبل زمن؟ إنها صغيرة فهل عليها أن تكون كالكبار تفعل كما يفعلون؟ لم تفهم قط لماذا كان يصرخ ذلك الصراخ، كلّ الذي فعلته يومذاك أنها، وبعد أن تدخلت زوجة خالها أم طلال، أغلقت على نفسها ذاتها وانزوت في عالم ليس لهم أن يدخلوه.

بكت لاحقا، لم تستطع يومذاك تحمّل مزاج خالها الحاد غير المبرر، صرخت صرخة مدوية، وقالت له: أنت وحش. كان رأسها يستحضر كائن الغول الشرير الذي رأته في إحدى حلقات الكارتون، تخيلته خالها الذي صفعها صفعة سيظل ملمسها منحفرًا في خدها، كما لو أنه وشم ظاهر، لكن لا أحد يراه سواها، لا أحد يرى ذلك التشوه الخافي سواها وحدها».

تعيش الشخصيات في صراع مكاني متمثل في المدينة والقرية، وتلجأ إلى الذاكرة واستدعاءاتها بعبورها إلى المدينة باحثة عن حياة أرحب، ومتنفس كبير بعيدًا عن القرى وثرثرتها، لكن القارئ يلمس الانكسار ذاته على الشخصيات، كما يلمح صراعًا داخليًّا واختلافًا في العلاقات القائمة.

في رأيي أن انحياز العمل الروائي إلى ثلاث شخصيات رئيسة قد قدّم لنا صورة عن هذا الصراع وعن هذا الانكسار، نجد ارتباط الشخصيات الرئيسة (طلال، وأمل، ووداد) بالآخر حاضرًا (غرايس، وصالح، وصالح) هذا الارتباط قد تشكّل منذ القرية من خلال ثلاثة حوادث:

أولها: صفعة والد طلال لطلال؛ إذ إنها عملت تمرّد طلال ولجوئه إلى الخطيئة وانتقاله من خطأ إلى آخر، ثم كرهه لوالده وعدم تقبّله حتى بعد ضعفه ومرضه.

ثانيها: الماضي الأليم الذي كانت تعيشه أمل من العلاقة المتوترة بين والديها، أو من حيث ألم اللف على بيوت القرية مع والدتها وأخذ الملابس القديمة من الناس، ثم دخولها إلى مجال الخطيئة المحرمة منذ طفولتها خاصة بعد حادثة طلال.

ثالثها: تشدّد خال وداد معها، وزجره لها كلما رآها تلعب، وهو ما شكّل جرحًا عميقًا انتقل معها من القرية إلى المدينة ولازمها حتى كبرت، واتسع ذلك بمحاولة تزويجها رغمًا عنها.

عملت هذه الحوادث على انتقال السرد من موضع إلى آخر، كما عملت على تشكيل الصورة السردية للشخصيات المذكورة، وأدّت في المقابل إلى انتقال أثرها إلى الآخر، فكل علاقات الحب مع الآخر كانت فاترة غير حقيقية، خسر فيها كل من طلال وأمل ووداد، وظل الماضي ينهش في ذاكرتهم ويستقطع منها.

لقد توسع طلال في ممارسة كذبه وادعائه مع الحاج رضا، ومع فيوليتا، ومع غرايس، سرق من الأول ماله، وسرق من الأخيرة قلبها، وكذب على الثانية. كان طلال يرى في المرأة جسدًا ففيوليتا وغرايس مثلهما مثل أمل التي خدعها في الصغر، ولم يقابل غرايس بما كانت تتطلع إليه من حب. وانخدعت وداد في علاقتها بصالح، والأمر ذاته بين أمل وصالح.

لقد كانت المرأة ضحية هذه العلاقات، والأمر ذاته مع فتحية وزوجها الذي كان يرى فيها جسدًا يلجأ إليه كلما أراد أن يطفئ لهيب شهوته. إذن فالمرأة في الرواية جسد ومتعة من منظور الرجل، وربما هذه الرسالة التي أرادت الرواية أن تقدّمها للقارئ، المرأة من زاوية رؤية الرجل كانت جسدًا ولذة، ما إن تنتهي حتى يبحث عن غيرها بدءًا بفايوز وشوّان، ثم فتحية وزوجها، وطلال وأمل وفيوليتا وغرايس، وعزيزة ومغامراتها في القاهرة، وأمل وصالح، ووداد وصالح.

لقد حدّد النسق المجتمعي مصائر الشخصية وتحولاتها، فقد قدّمت الرواية انعكاسًا لقضايا المجتمع، وفضحت بعض الممارسات الخاطئة من أبنائه، لذا لم تكن المرأة إلا شخصية منكسرة في ذاتها، تقوم عليها دوائر اللعبة المقصودة.

مقالات مشابهة

  • معارض الكتب.. الكلمة التي تبني وطنا
  • لعبة العنكبوت والسرطان
  • «الصفا الثانوية بنات» يحافظ على المركز الثاني بإيرادات أفلام عيد الفطر بهذا الرقم
  • الذهب يحافظ على ارتفاع قياسي ويقترب من 3500 دولار للأونصة
  • بوتين: الأسلحة التي تحصل عليها أوكرانيا تظهر في السوق السوداء
  • « الإفطار الأخير».. يقتل زوجته أمام أطفالهما لسبب غريب «تفاصيل مأساوية»
  • انكسار الشخصيات في «لعبة مصائر» لهلال البادي
  • يزيد الراجحي يحافظ على نضارة بشرته في المستشفى رغم الإصابة.. فيديو
  • لعبة المصالح ودماء الأبرياء
  • بـ 10 ملايين جنيه.. علي ربيع يحافظ على الأعلى إيرادًا بالسينمات السعودية