يحل شهر رمضان المبارك خلال الأيام القادمة، ويعتقد كثير من الناس أن النفقات والأعباء المالية تزداد خلال أيام الشهر الفضيل لكثرة الولائم و"العزائم" والمناسبات، وكثرة التزاور بين الناس، وتناول الطعام في الخارج بالمطاعم والبوفيهات والخيم الرمضانية وغيرها، وتواجه عدة أُسر عبئا ماديا كبيرا، وتحديا صعبا في تنظيم نفقاتها وأولوياتها ومصاريفها خلال هذا الشهر الكريم الذي يليه عيد الفطر السعيد والذي له نفقاته ومتطلباته أيضا.

ولعل السؤال الأهم الذي يواجه العديد من أرباب وربات الأسر هو:

كيف يمكن أن تدير ميزانيتك بحكمة خلال شهر رمضان بحيث تختصر الكثير من النفقات غير الضرورية وتوفر المال؟

هذا ما سنتعرف عليه في هذا التقرير بناء على رأي الخبراء والمختصين في حديثهم للجزيرة نت.

ميزانية رمضان تعني التخطيط لكل النفقات المتوقعة خلال أيام الشهر الفضيل (الجزيرة) إستراتيجيات مالية ناجحة خلال شهر رمضان

لعل أفضل الطرق للتعامل مع متطلبات الحياة المادية المختلفة هي وضع إستراتيجية مالية محكمة والالتزام التام بها، وينطبق هذا الأمر مع شهر رمضان المبارك، ومن أبرز هذه الخطط والإستراتيجيات:

1- وضع ميزانية مخصصة لشهر رمضان

ميزانية رمضان تعني التخطيط لكل النفقات المتوقعة خلال أيام الشهر الفضيل، وفي هذا السياق يقول الخبير والمستشار الاقتصادي الدكتور محمد عبد الستار جرادات "إن الموازنة تحدد مصادر الدخل، واستخداماته، ويجب العمل بحكمة في إدارة هذه الموارد مع مراعاة ترتيب الأولويات، وتقسيم المصروفات بمنطقية، ويجب أن يشترك بإعدادها وتحديد بنودها جميع أفراد الأسرة مع مراعاة دور الأم، والتي تُعد اللاعب الأساسي بتنظيم الأسرة وترشيد الاستهلاك، ولها دور أساسي بتشكيل عادات أفراد الأسرة، وغرس القيم الجيدة في نفوسهم".

2- وضع قائمة تسوق والالتزام التام بها

قبل قدوم شهر رمضان، يجب وضع قائمة خاصة تحتوي على الاحتياجات الفعلية للأسرة خلال أيام الشهر المبارك، وشراء ما يوجد بهذه القائمة قبل قدوم شهر رمضان مع الالتزام التام بما يرد بها، فلا تشتري شيئا خارجها، والمعادلة هنا بسيطة جدا، فأنت لا تحتاج حقا للأشياء التي لم تضعها في قائمتك، لو كنت تحتاجها فعلا لوضعتها في قائمتك منذ البداية، لكنها عوامل الإغراء التي تدفعك لشراء ما لا تحتاجه.

3- تنظيم وتحديد أوقات التسوق

يجب التخطيط المسبق لأوقات التسوق مع الابتعاد عن التسوق في أوقات محددة مثل:

التسوق أثناء الصيام: قد يدفعك التسوق أثناء الصيام لشراء منتجات وأطعمة لا تحتاج إليها فعلا بسبب الجوع الذي يوهمك برغبتك في تناول أطعمة زائدة عن الحاجة، لهذا يفضل التسوق بعد الإفطار وليس قبله إلا للضرورة القصوى. التسوق والشراء في الأسبوعين الأول والأخير من شهر رمضان: يؤكد المستشار جرادات على "ضرورة الابتعاد عن التسوق وشراء مستلزمات شهر رمضان خلال الأيام الأولى من الشهر الفضيل، وذلك لتدافع الناس، وزيادة الطلب مما يؤدي لارتفاع الأسعار، والتي تعود للوضع الطبيعي بعد الأسبوع الأول". ينصح بتجنب التسوق والشراء في الأسبوعين الأول والأخير من شهر رمضان (وكالة الأناضول)

وينطبق نفس الشيء على الأسبوع الأخير من الشهر الفضيل، حيث يتدافع الناس لشراء الملابس الجديدة ومتطلبات العيد من كعك وحلوى وغيرها. يفضل أن تشتري هذه الأشياء في منتصف شهر رمضان وليس في الأيام الأخيرة منه.

التسوق أثناء العروض التي تقدمها المتاجر الكبرى: تقدم العديد من المتاجر عروضا وتنزيلات حقيقية قد تصل إلى 50% أثناء شهر رمضان، يفضل متابعة هذه العروض، وتنظيم أوقات التسوق والشراء خلالها لتوفير المال. 4- التخطيط لدعوات الإفطار والولائم الواجبة خلال شهر رمضان

مثل دعوة الأهل والأقارب للإفطار أو السحور، وهنا سَجِّل هذه الدعوات في سجل مسبق، واحسب عدد الأشخاص الذين سيحضرون في كل دعوة، وما تحتاجه من مواد غذائية أولية لهذه الولائم. إن تسجيل كل شيء هو أمر ضروري لضبط ميزانيتك بشكل دقيق بعيدا عن التقتير أو الإسراف والتبذير.

وهنا يؤكد الدكتور جرادات على أهمية "التركيز على أن تكون الكميات المطبوخة تتناسب مع أفراد الأسرة والمدعوين عند إعداد الولائم".

بينما يؤكد الكاتب الاقتصادي الأردني عصام قضماني على أن تتضمن مائدة الإفطار "الحاجة الفعلية التي يحتاجها كل فرد من الطعام لأن مصير الزائد منها هو التلف؛ ما يعني هدر الأموال على حساب نفقات الأيام التالية من الشهر الفضيل".

5- الحد من تناول الطعام في الخارج

هناك عادات جرت بين الناس يعتبر الإكثار منها نوع من الإسراف والتبذير، مثل تناول وجبة الإفطار أو السحور في المطاعم والخيم الرمضانية، أو التعود على طلب وجبات الإفطار والسحور من المطاعم. إذا أردت ضبط ميزانيتك والتوفير فيجب عليك الحد من هذه التصرفات، فتناول الطعام في البيت أوفر بكثير من تناوله في الخارج.

إذا أردت ضبط ميزانيتك والتوفير فيجب عليك الحد من الإسراف والتبذير (شترستوك)

وفي هذا السياق يؤكد الكاتب الاقتصادي عصام قضماني أن "المطلوب من كل العائلات أن يتعاملوا مع متطلبات شهر رمضان بالشكل الذي حضّ عليه الإسلام من معروف وأن نكون رحماء بأنفسنا، وألا نبالغ في الإنفاق والمصروف حيث يفترض بشهر رمضان أن يذكرنا بالآخرين وحاجاتهم والظروف التي يمرون بها" بدلا من التباهي أين نتناول طعام الإفطار، وفي أية خيمة رمضانية نسهر أو نتناول وجبة السحور.

وبعد، شهر رمضان هو شهر المحبة والتواصل والعطاء والبذل والتضحية، وهو تدريب للنفس على الصبر على مشقات الحياة، ومواجهتها بعزم وإيمان، وهو أيضا شهر العطاء والصدقة ومساعدة المحتاجين، وليس شهرا للتباهي والتفاخر والمبالغة والإسراف في الطعام والشراب التزاما بقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ).

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات خلال أیام الشهر الشهر الفضیل شهر رمضان

إقرأ أيضاً:

رمضان.. بين فرحة الطاعة وهيبة الفراق

 

د.  سالم بن عبدالله العامري

رمضان.. ذلك الضيف العزيز الذي حلَّ علينا بروحه الإيمانية، مضت أيامه سريعًا، وكأنها لم تكن سوى لحظات، وها هو الآن يرحل، تاركًا في القلوب أثرًا لا يُمحى، وذكريات لا تُنسى؛ فكيف هو شعور من أتم هذا الشهر المبارك بالطاعات، وأعرض عن المحرمات، وعاش أيامه ولياليه متزودًا من كنوز القرب من الله؟

ها نحن نودعه بقلوب يملؤها مزيجٌ عجيبٌ من الفرح والحزن، بين نشوة الطاعة وهيبة الفراق.

ومع آخر ليلة من رمضان، يقف المؤمن مُتأملًا رحلته خلال هذا الشهر العظيم، قلبه يفيض بمشاعر متناقضة، لكنه يدرك أن الغلبة للفرح، الفرح بأنه صام وقام، وازدان نهاره بالذكر وتلاوة القرآن، وسجدت جبهته في الليالي المضيئة بدموع الرجاء والخشوع.إنها فرحةٌ لا تشبه أي فرحة، فرحةٌ تشبه وقوف المسافر المتعب بعد رحلة شاقة، يضع أحماله ويستريح وهو يعلم أنه قد بلغ وجهته بسلام. هو الفرح بوعد الله لعباده الصائمين، الذين بشرهم بقوله تعالى: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به" (حديث قدسي)؛ فأيُّ مكافأة أسمى وأجل من أن يتولى الله بنفسه جزاء من أطاعه وصبر؟

إنها فرحة الإنجاز، فرحة من سار في رحلة إيمانية، كبح فيها جماح نفسه، وروض شهواته، وصنع من أيامه ولياليه أجنحةً تحلق به في سماء القرب من الله. كيف لا تشرق الروح سعادةً وقد نادى المنادي: "يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر" فأقبلت النفس على ربها، وفتحت أبواب الجنة، وسُلسلت الشياطين، وخفَّت وطأة الدنيا عن القلب.

لكن مع هذه الفرحة الغامرة، يتسلل إلى القلب شعور مهيب، شعور الفراق الذي يأبى أن يكون هينًا، فكيف يفارق المؤمن هذا الشهر الذي كان فيه قريبًا من الله أكثر من أي وقت مضى؟ كيف تنطفئ تلك المشاعر الروحانية التي تعلقت بها الروح؟ كيف تهدأ تلك الجوارح التي اعتادت الخشوع والبكاء عند تلاوة القرآن؟ كيف تودع العين دموع التهجد، ويودع القلب سكينته، ويعود العبد إلى عاداته بعد أن عاش أيامًا كأنه في جنة من نور؟ إنه وداع ثقيل على النفس، يشبه وداع الأحبة، لكنه أشد، لأن المودَّع هنا ليس مجرد أيام، بل هو موسم نفيس من الرحمات والبركات، موسم تتمنى النفس لو أنها تستطيع إيقاف عقارب الزمن عنده، فتظل تتنفس نوره إلى الأبد. إنه شعور المهاجر الذي وجد واحة ظليلة في وسط صحراء محرقة، ثم أٌمر بالرحيل عنها، فتأخذه الرهبة والحسرة: كيف سيواصل رحلته دونها؟ لكنه يعلم أن الله أكرمه بهذه الاستراحة ليكمل طريقه بقوة، فلا يكون رمضان لحظة عابرة؛ بل محطة تُمده بالزاد طوال العام.

هنيئًا لمن غادره رمضان وقلبه عامر بالإيمان، وروحه متمسكة بطريق الطاعة، وجوارحه ممتلئة بعهدٍ مع الله، عهد لا ينقضي بانقضاء الشهر؛ بل يستمر حتى اللقاء به سبحانه. فمن وُفِّق للطاعة في شهر رمضان، فعليه ألا يتوقف؛ بل يجعل من كل يومٍ بعده رمضانًا جديدًا، فالطريق إلى الله لا يُغلق بانتهاء موسم؛ بل هو ممتد ما دامت الأنفاس تتردد في الصدور.هنيئًا لمن صام وقام وأحسن العمل.. وهنيئًا لمن جعل من رمضان نقطة انطلاق لا محطة توقف.

وداعًا رمضان.. لكن أثرك في قلوبنا باقٍ إلى الأبد.

مقالات مشابهة

  • كيف نعالج الكسل في العبادة بعد رمضان؟.. علي جمعة يجيب
  • تموين السويس يعلن خطته لضبط الأسواق وتوفير السلع خلال العيد
  • في آخر أيام شهر رمضان الكريم.. «الداخلية» تواصل توزيع وجبات إفطار على الصائمين
  • العيد في الإمارات.. القطاع السياحي بكامل طاقته وسط حجوزات قياسية
  • العيد في الإمارات..السياحة تشهد حركة استثنائية وحجوزات قياسية
  • دعاء وداع رمضان 2025.. ماذا نقول في آخر يوم من الشهر الكريم؟
  • وداع رمضان.. الدعاء المستحب في آخر أيام الشهر الفضيل
  • دعاء اليوم الأخير من رمضان.. اغتنم فرصة الدعاء قبل الإفطار
  • رمضان.. بين فرحة الطاعة وهيبة الفراق
  • دعاء وداع رمضان.. ردد هذه الأدعية قبل الإفطار اليوم