اليوم العالمي للمرأة 2024: لا داعٍ للاحتفال
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
يوافق الثامن من آذار من كل عام "اليوم العالمي للمرأة"، وتخرج في العديد من المدن الكبيرة مسيرات وتجمعات ومظاهرات، وتمتلئ الشوارع في بعض المدن باللون الارجواني. فهذا النهار يمثل رمزا لكفاح المرأة الطويل منذ أكثر من قرن الى اليوم، عندما خرجت النساء العاملات في أميركا الشمالية وأوروبا لتحسين أوضاعهن وللحصول على حقوقهن.
بعض روّاد مواقع التواصل الاجتماعي يعتبرون هذا اليوم مناسبة شبيهة بعيد الأم أو عيد الحبّ، وتقتصر احتفالاتهم فيه على الظواهر كتقديم الزهور والهدايا وتبادل المعايدات والكلام الجميل عن المرأة. أمّا الحقائق التي تحملها تلك المناسبة فهي مختلفة تماما. فالمرأة لا تحتاج الى ورد، ولا الى مجاملات، بل الى الإنصاف والمساواة مع الرجل، وكما تعترف المرأة ضمنيا بانتماء الرجل الى المجتمع وتميزه، بات على المجتمع أن يرد لها الجميل وأن يمنحها نفس الفرص باتباع قوانين حديثة متكافئة مع الرجل، ممّا يرفع من قيمة انسان هذا العالم.
أبرز التحديات
تمثل التحديات الاقتصادية أبرز هواجس النساء لاسيما في الدول التي تشهد أزمات معيشية وحروب، حيث تدفع النساء الثمن الأكبر لهذه الأزمات، بحكم تحملهن لعبء الرعاية والإعالة داخل المنزل، وهو ما يزداد صعوبة خلال الأزمات.
الى ذلك، تلعب النظرة الاجتماعية دوراً بارزاً في مفاقمة معاناة النساء الاقتصادية وعرقلة انخراطها في سوق العمل، الذي لا يزال أقل بكثير من الرجال في منطقة الشرق الأوسط، وبحسب الناشطة النسوية المصرية، لمياء لطفي، فإن الخطاب الذي يحمل المرأة منفردة مسؤولية المهام المنزلية ورعاية الأسرة إلى جانب عملها، يشكل عبئاً كبيراً يدفع المرأة أكثر نحو البقاء في المنزل وترك سوق العمل لعدم قدرتها على التحمل والتوفيق بين المسؤوليات الملقاة عليها.
وتشهد دول منطقة الشرق الأوسط أدنى نسبة تمثيل للنساء في سوق العمل الرسمي في العالم كله، وفق ما تشير منسقة قضايا النوع الاجتماعي في مؤسسة أوكسفام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هديل قزاز.
فعلى الرغم من ارتفاع نسبة النساء المتعلمات في الجامعات، بحسب قزاز، عادة ما يدرسن في تخصصات غير مناسبة لسوق العمل ويحكم خيارهن النظرة الاجتماعية التي تفرض مهن وأعمال تلقى قبولا اجتماعياً ومحددة جندرياً لهن، ما يؤدي إلى انخفاض مشاركتهن في نسبة كبيرة من القطاعات.
وتعيش النساء في منطقة الشرق الأوسط هاجس الأمن والحماية، بفعل الأزمات والحروب. وحتى الدول التي لا تشهد حروباً في منطقة الشرق الأوسط لا تزال هشة لناحية أمن النساء وسلامتهن، حيث يزداد العنف في منطقة الشرق الأوسط والدول العربية بسبب تراكمات مختلفة، من الوضع الاقتصادي والاجتماعي إلى الحروب وجائحة كوفيد، ما رفع من نسب العنف المنزلي بشكل كبير جدا خلال الآونة الأخيرة.
كما تدفع النساء الثمن الأكبر للسياسات الحكومية والأنظمة غير الديمقراطية التي تسيطر على دول منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، بحسب مديرة المعهد العربي للمرأة، ميريام صفير، حيث يلحظ فيها تراجعا في حصول النساء على حقوقهن، واجحاف وتمييز في القوانين والأحوال الشخصية.
كيف بدأ؟
تعود أول مبادرة لتخصيص يوم من أجل قضايا النساء إلى عام 1909، وكان يقف وراءها الحزب الاشتراكي الأميركي، الذي أقر 28 شباط يوما للاحتفال باليوم الوطني للمرأة في الولايات المتحدة، تكريما لإضراب عاملات الملابس عام 1908 في نيويورك، اللواتي خرجن
في مسيرة احتجاجية للمطالبة بتقليل ساعات العمل وتحسين الأجور والحصول على حق التصويت في الانتخابات.
وفي 1910، طالب المؤتمر الدولي للنساء الاشتراكيات، الذي عقد في كوبنهاغن بالدنمارك، بتحديد يوم دولي للمرأة من دون أن يحدد موعدا.
وبدأت أولى مراحل الاحتفال بيوم للمرأة في 19 اذار من عام 1911. في ذلك اليوم تم الخروج في مسيرات للمطالبة بحق المرأة في العمل والتدريب المهني ووضع حد للتمييز ضدها.
وفي 8 اذار من عام 1914، نظمت النساء مسيرات في عدة مدن أوروبية للمطالبة بحق الاقتراع للنساء والاحتجاج على الحرب العالمية.
وفي 1917 في روسيا، اختارت النساء آخر يوم أحد من شهر شباط للاحتجاج والإضراب تحت شعار "الخبز والسلام"، وقد أدت حركتهن في نهاية المطاف إلى سن حق المرأة في التصويت.
وفي عام 1975، بدأت الأمم المتحدة الاحتفال بيوم 8 اذار باعتباره اليوم العالمي للمرأة. وبعد ذلك بعامين، وفي كانون الأول 1977، تبنت الجمعية العامة قرارا بإعلانه يوم الأمم المتحدة لحقوق المرأة والسلام الدولي. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی منطقة الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
إلى ماذا يسعى ترامب حقا في الشرق الأوسط؟
يصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة - أو حتى هو شخصيا - يجب أن "تسيطر" على قطاع غزة، وتزيل سكانها الذين يزيد عددهم عن مليوني فلسطيني، وتحويله إلى "ريفييرا" على البحر الأبيض المتوسط لشعوب العالم.
وجاء في مقال نشره موقع مجلة "ذي أتلانتك" للباحث المقيم الأول في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، حسين إيبش، أنه في هذا الأسبوع فقط نشر ترامب مقطع فيديو تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يظهره هو وإيلون ماسك في حفل في "ترامب غزة"، وهي جنة يهيمن عليها تمثال ذهبي للرئيس.
وأكد المقال أنه كمسألة عملية وسياسية، فإن الفكرة غير قابلة للتنفيذ، ولكن بمجرد اقتراحها، ربما مهد ترامب الطريق لهدفين آخرين يمكن تحقيقهما من شأنهما إعادة تشكيل الشرق الأوسط ويؤديان إلى الفوضى للفلسطينيين، وخاصة في الضفة الغربية.
وأوضح "يبدو أن الأول هو الاتفاق النووي مع إيران، وكان ترامب صريحا إلى حد ما بشأن رغبته في التوصل إلى اتفاق، ولكن بعد أن أعلن عن فرض عقوبات جديدة على إيران في وقت سابق من هذا الشهر، عقد ترامب مؤتمرا صحفيا خاطب فيه إيران مباشرة قائلا: أود أن أكون قادرا على إبرام صفقة عظيمة، صفقة حيث تمكنكم من الاستمرار في حياتكم وسوف تبدعون بشكل رائع".
وذكر أنه "يتعين على ترامب أن يدرك أن اليمين الإسرائيلي ــ وحلفائه المحافظين في أميركا ــ سوف يغضبون من مثل هذا الاتفاق ويطالبون ببعض أشكال التعويض".
وقال إنه "هذا يقودنا إلى هدفه الثاني، ففي نفس المؤتمر، ألمح ترامب إلى أنه قد يخفف من مخاوف إسرائيل من خلال عرض توسيع سيطرتها الرسمية في الضفة الغربية، وعندما سئل عما إذا كان يدعم "سيادة" إسرائيل في المنطقة، قال إن إدارته ستعلن على الأرجح عن هذا الموضوع المحدد للغاية خلال الأسابيع الأربعة المقبلة، ولا يزال الفلسطينيون يكتمون أنفاسهم".
وذكر "يبدو ضم أجزاء إضافية من الضفة الغربية تافها مقارنة بغزة، وربما يكون هذا هو الهدف على وجه التحديد، فمن خلال تكرار خطته لإخلاء غزة، نجح ترامب في تحويل "نافذة أوفيرتون" (مصطلح يصف مجموعة الأفكار المقبولة في الخطاب العام) في الشرق الأوسط وتعزيز فكرة أن مطالب الفلسطينيين باطلة بطريقة أو بأخرى، وهذه الخطوة تتبع تكتيك ترامب المعتاد: تكرار نفس الشيء المروع مرارا وتكرارا حتى لا يصبح صادما بعد الآن، يبدو "غزة - لاغو" جنونا، ولكن إذا طبقنا عدسة ترامب، فسوف تظهر طريقة معينة - طريقة قد تجعله يحصل على صفقة نووية مع إيران".
وكشف المقال أن "هناك عدة أسباب للاعتقاد بأنه قادر على إبرام مثل هذا الاتفاق، وربما اتفاق بشروط مواتية للولايات المتحدة، أولا، موقف إيران التفاوضي ضعيف بشكل استثنائي، ولقد ألحقت إسرائيل أضرارا جسيمة بوكلاء طهران الإقليميين، بما في ذلك حزب الله في لبنان، والميليشيات العراقية والسورية، والحوثيين في اليمن، وحماس، والأسوأ من ذلك بالنسبة لإيران كان سقوط الدكتاتور السوري بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر، الحليف الأقوى للنظام في المنطقة".
ونتيجة لهذا، أصبحت إيران غير قادرة على فرض قوتها في الشرق الأوسط أو الدفاع عن نفسها بشكل كاف ضد الهجمات المحتملة من "إسرائيل" أو أي مكان آخر.
وأكد المقال أن "الاتفاق من شأنه أن يمنح النظام ليس فقط قدرا إضافيا من الحماية ولكن أيضا تخفيف العقوبات، الأمر الذي من شأنه أن يسمح للبلاد بالبدء في إعادة بناء اقتصادها وإعادة النظر في استراتيجيتها للأمن القومي".
وبيّن أن "النفوذ الإيراني المتبقي القليل يأتي في الغالب من التقدم الذي أحرزته نحو التسلح النووي منذ عام 2018، عندما انسحب ترامب من الاتفاق الذي تفاوض عليه الرئيس باراك أوباما، ولهذا السبب فإن الاتفاق الآخر هو أحد الخيارات القليلة المتاحة لإيران لاستعادة بعض القوة. ويمكن للمرء أن يتخيل أن البلاد تسابق الزمن للحصول على سلاح نووي، لكن النظام يجب أن يعلم أن واشنطن لديها خطة لتدمير قدراته النووية في غضون أيام قليلة من خلال القصف على مدار الساعة".
ولكن في رد فعل على إعلان ترامب هذا الشهر عن زيادة العقوبات، بدا المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي وكأنه يرفض فكرة التوصل إلى اتفاق، لكن طهران كانت تشير بخلاف ذلك منذ ثمانية عشر شهرا على الأقل إلى أنها منفتحة على تجديد المحادثات مع واشنطن.
أما بالنسبة لترامب، فإن الاتفاق هو أبسط طريقة لمنع إيران من الاندفاع نحو القنبلة وجر الولايات المتحدة إلى الصراع، وهو آخر شيء يريده، وقد يمثل أيضا أفضل فرصة له لترسيخ نفسه كصانع صفقات دولي.
ومن المؤكد أنه سيزعم أن "عبقريته الفريدة" أنتجت صفقة لم يتمكن أوباما من الحصول عليها (على الرغم من أن كل شيء تقريبا كان سيجعل ذلك ممكنا حدث في عهد جو بايدن). وربما يطالب بجائزة نوبل للسلام، وقد يحصل عليها.
وأكد المقال "من السهل تخيل الخطوط العريضة لمثل هذه الصفقة، ومن المرجح أن تضطر إيران إلى وقف المزيد من تخصيب اليورانيوم، والتخلي عن مخزونها الحالي للاحتفاظ به خارج البلاد، ووضع منشآتها النووية تحت سيطرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو على الأقل مراقبتها، وربما تضطر إلى تدمير بعض أجهزة الطرد المركزي أيضا".
ووفقا لمعظم التقديرات، فإن إيران على بعد عام تقريبا من تطوير رأس حربي قابل للاستخدام، وأي اتفاق من شأنه أن يمدد هذه الفترة بشكل كبير، وتمكن أوباما من إقناع إيران بالموافقة على إيقاف أي تقدم نووي لمدة 15 عاما.
ونظرا لموقف النظام الضعيف اليوم، فقد يحصل ترامب على 20 عاما أو أكثر، قد يصر ترامب أيضا على أن تحد إيران بشكل يمكن التحقق منه من الأسلحة والتمويل الذي تمنحه لوكلائها الإقليميين، لقد أثبتت "إسرائيل" فعليا أن هذه المجموعات لا تستطيع الدفاع عن إيران على أي حال، لذلك قد يكون النظام أكثر استعدادا لتقليص دعمه.
وأوضح "قد تكون العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق هي ترسانة الصواريخ الإيرانية، والتي قد ترفض البلاد تفكيكها، لكن نزع الصواريخ من جانب واحد أمر غير مسموع به تقريبا في العلاقات الدولية، ولا ينبغي لهذا أن يردع الولايات المتحدة.. والواقع أن الضربات الجوية الإسرائيلية في تشرين الأول/ أكتوبر أدت إلى تدهور ترسانة إيران بشكل كبير، فضلا عن دفاعاتها الأرضية الجوية وقدرتها على إنتاج الوقود للصواريخ المتطورة. والصواريخ الإيرانية لا تشكل التهديد الذي كانت تشكله في السابق".
واعتبر أنه "إذا تم التوصل إلى اتفاق، فإن هذا يترك الغضب الناتج عن ذلك لدى اليمين الإسرائيلي وحلفائه في أميركا. والإدارة لديها بالفعل مخطط لكيفية تهدئتهم: إطار "السلام من أجل الرخاء" الذي دافع عنه جاريد كوشنر خلال ولاية ترامب الأولى. والواقع أن الكثير من الاقتراح غير عملي، بل وحتى سخيف، ولكنه يحتوي على خطة لضم إسرائيل لـ 30% إضافية أو أكثر من الضفة الغربية، بما في ذلك وادي الأردن. وهذا من شأنه أن يترك الأراضي الفلسطينية المتبقية محاطة بإسرائيل موسعة جديدة ومعتمدة من الولايات المتحدة".
ويعتبر الإسرائيليون اليمينيون الضفة الغربية بأكملها إرثهم الحصري، لذلك قد لا يكونون سعداء بالحصول على 30 بالمئة فقط منها، ولكن الخطة من شأنها أن توسع بشكل كبير منطقة سيطرتهم السيادية، وفي كل الاحتمالات، سيكون استرضاؤهم كافيا بعد توقيع الاتفاق النووي.
وتابع المقال "سوف يحتج الفلسطينيون، فهم يريدون دولة، وليس أرضا منكمشة محدودة ومهيمن عليها من قبل إسرائيل الموسعة التي قد ترغب قريبا في السعي إلى السيطرة الكاملة من النهر إلى البحر، كما يتصور ائتلافها الحاكم/ ولكن من المرجح أن تتمكن إسرائيل والولايات المتحدة من فرض المخطط بالقوة. لقد سيطرت إسرائيل بالفعل على المنطقة بشكل فعال منذ عام 1967، ولا يوجد الكثير من العوائق التي تحول دون مطالبة الدولة بها صراحة".
وختم "لقد تعرضت خطة "السلام من أجل الرخاء" للسخرية على نطاق واسع عندما صدرت في عام 2020، والآن، بجانب خطة ترامب بشأن غزة، ستبدو لبعض اليمين وكأنها نموذج للعقلانية وضبط النفس. وقد يكون هذا كافيا لتحقيق ذلك".