بابكر فيصل بابكر

7 مارس 2024

في أثر إندلاع حرب الخامس عشر من أبريل 2023 واستمرارها حتى اليوم، طفت على السطح دعوات لعقد "حوار سياسي شامل لا يستثني أحد"، والمقصود من هذه الدعوات بشكل مباشر هو إشراك حزب المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية التابعة له في أية عملية سياسية تعقب عملية وقف إطلاق النار بين طرفي الحرب : الجيش والدعم السريع.



من جانب، يتمثل مصدر هذه الدعوات في أطراف عديدة متحالفة (علناً أو سراً) مع المؤتمر الوطني منذ سقوط نظام الإنقاذ وطوال فترة حكومة الإنتقال المنقلب عليها، ومن جانب آخر، هناك أطراف تعتقد بصدق أنه لا يمكن إيقاف الحرب إلا بعدم إستثناء المؤتمر الوطني من المشاركة في أية حل قادم للأزمة الوطنية بإعتبار أنه الطرف المتحكم في قرار الجيش ولا يمكن إنتزاع موافقة الأخير على وقف الحرب قبل أخذ الضوء الأخضر من الطرف الذي يتحكم في قراره.

وبغض النظر عن مصدر هذه الدعوات، الصادق منها والكاذب، فإنَّ الرفض لمشاركة المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية التابعة له في أية عملية سياسية قادمة لا ينبع من رغبة في الإقصاء أو محاولة لإستئصال فكر معين كما يدعي بعض المغرضين، بل تقف وراءه أسباب موضوعية مرتبطة بالموقف من ثورة ديسمبر المجيدة وشعاراتها وقضية التحول المدني الديمقراطي في البلاد.

من ناحية، المؤتمر الوطني ليس حزباً سياسياً مدنياً طبيعياً، بل هو منظومة عسكرية وأمنية، وتنظيم قابض على بيروقراطية الدولة، ومن ناحيةٍ أخرى، فإنه حزب سيطر على دفة الحكم لمدة 30 عاماً ولم يقم حتى اليوم بكتابة سطر واحد ينتقد فيه تجربته السلطوية الفاسدة، بل هو يعتبر أن الثورة التي شارك فيها ملايين السودانيات والسودانيين ليست سوى إنقلاب عسكري على حكمه الشمولي المجرم.

هذا الكلام ليس مجرد تهويمات خيالية أو "كيزانوفوبيا" كما يسميها بعض المثقفين المتنطعين، بل هى حقائق يشهد عليها الواقع في مسار الحرب الحالية (كتائب البراء والبنيان المرصوص، هيئة العمليات الخ)، تشهد عليها كذلك الممارسات السلطوية في الولايات التي يسيطر عليها الجيش (المؤتمر الوطني) والتي تتمثل في القرارات السياسية وخطاب التعبئة والحرب الشعواء والملاحقات والتصفية التي تستهدف كل أطياف قوى الثورة من أحزاب سياسية ولجان مقاومة ولجان التغيير وشخصيات مستقلة.

إنَّ سيطرة المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية على الدولة أمرٌ إعترف به رأس النظام في الفيديوهات التي سربتها قناة العربية في عام 2020 والتي قال فيها بصراحةٍ تامة: (الإخوان ليسوا في القيادة فقط، بل كل مفاصل الدولة يُسيطرون عليها, ومن يُعيبون علينا السيطرة على مفاصل الدولة، وأننا أتينا بالإخوان ومكنَّاهم أن يشاهدوا ما حدث للإخوان في مصر، لأنَّ كل مفاصل الدولة كانت ضدهم، لذلك أخرجوا من الدولة في يوم واحد) إنتهى.

إنَّ أكثر "مفاصل الدولة" التي سيطرت عليها الحركة الإسلامية هى المفاصل العسكرية والأمنية (الجيش، الشرطة، جهاز المخابرات) حيث ظلت هذه المفاصل تمثل "النواة الصلبة" للتنظيم والأداة المتقدمة لهزيمة أية مشروع وطني ديمقراطي، وقد تجلى ذلك بوضوح خلال الفترة الإنتقالية الموءودة التي مثلت فيها هذه الأجهزة وسيلة التعويق الرئيسية لمسيرة التحول الديمقراطي وليس أدل على ذلك من إنقلاب 25 أكتوبر.

الدعوات المغرضة لعدم إستثناء المؤتمر الوطني من العملية السياسية تتعمد الإغفال عن هذه الحقائق الساطعة المتمثلة في سيطرة الحركة الإسلامية على المؤسسات العسكرية والأمنية، وتتحاشى الإجابة على السؤال المهم و الصعب : هل يوافق المؤتمر الوطني على التخلي عن هذه "النواة الصلبة" ليصبح حزباً سياسياً طبيعياً يتنافس مع الأحزاب الأخرى وفقاً لقواعد اللعبة الديمقراطية ؟

الإجابة الواضحة حتى الآن هى : لا . ولذا فإنَّ مشاركة المؤتمر الوطني في العملية السياسية تهدف في المقام الأول إلى تجاوز أية حديث عن "تفكيك نظام الثلا ثين من يونيو 1989" وهو البند الذي أشعلت الحركة الإسلامية بسببه الحرب المدمرة الحالية، وهو كذلك البند الذي تقوم بتوظيف جميع أدواتها السياسية والعسكرية والدبلوماسية والإقتصادية والإعلامية من أجل عدم تضمينه في أية عملية سياسية قادمة.

الحيلة التي يستخدمها المؤتمر الوطني والمثقفين المعطوبين الذي يوالونه والتي يُريدون الإلتفاف بها على بند التفكيك تتمثل في قولهم : "محاسبة الأفراد الذين إرتكبوا جرائم وفقا للقانون"، وهم يعلمون علم اليقين أنَّ القضية أبعد من فساد الأشخاص بل هى قضية "تمكين سياسي وعسكري واقتصادي" شامل لا يمكن مواجهتها بالقانون الذي وضعته ذات السلطة التي طبقت سياسة التمكين وبنفس القضاة ورجال النيابة الذين تم تمكينهم من قبل المؤتمر الوطني، بل يجب تفكيكها عبر رؤية (سياسية/قانونية) لا تهدف لإستئصال المؤتمر الوطني من الدولة و المجتمع (وهو على كل حال أمرٌ مستحيل) بل تسعى لمحو آثار مختلف نواحي التمكين وضمان حياد كافة أجهزة الدولة من التوجهات السياسية و الآيدولوجية.

إنًّ أية محاولة لإشراك المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية وواجهاتها في العملية السياسية تعني قطع الطريق أمام مسيرة التحول المدني الديمقراطي مرة وإلى الأبد، فهذا الحزب لا يعترف حتى الآن بالتغيير الذي أحدثته الثورة وليس لديه أية رغبة في مراجعة تجربته في الحكم ولا يفكر في التخلي عن "النواة الصلبة" التي يتوسل بها للسلطة، ولذا فإنَّ على المغرضين من دعاة "عدم إستثناء أي جهة" أن يكفوا عن هذه الدعوة الملغومة، أما الصادقين منهم فيجب عليهم النظر بعمق في مآلات إشراك المؤتمر الوطني في ظل المعطيات التي أتينا على ذكرها في هذه الأسطر.

وتظل العملية السياسية القادمة مفتوحة لمختلف مكونات "تيار الإسلام السياسي" من الأحزاب والأفراد الذين صححوا موقفهم من ثورة ديسمبر وشعاراتها، وناهضوا الإنقلاب العسكري وطالبوا بوقف الحرب العبثية المدمرة.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی من العملیة السیاسیة مفاصل الدولة عملیة سیاسیة فی أیة

إقرأ أيضاً:

تدريبات فنية ومهارية تصقل المنتخب الوطني للقاء قطر في بطولة خليجي 26

خرج منتخبنا من مباراته الافتتاحية التي خاضها أمام الكويت صاحب الأرض والجمهور بنقطة عادلة وثمينة بعد تعادله 1/1، وذلك عطفًا على الأجواء الافتتاحية الصاخبة التي ضجت بها الجماهير الكويتية في مدرجات استاد جابر الأحمد الدولي، وذلك في المباراة الافتتاحية لبطولة كأس الخليج الـ26، ضمن لقاءات الجولة الأولى لحساب المجموعة الأولى من دور المجموعات.

وشهدت المباراة أحداثًا كثيرة وحصول المنتخبين على عديد الفرص التي كانت كفيلة بإنهاء اللقاء لأي منهما، لكنهما لم ينجحا في ترجمة أي منها إلى هدف ثانٍ، حيث كان سيضع أحدهما على صدارة المجموعة، ليتقاسما النقاط في النهاية.

وفي المباراة الأخرى لحساب المجموعة ذاتها، تعادل المنتخب الإماراتي مع المنتخب القطري بهدف لمثله، وذلك في اللقاء الذي جمعهما على استاد جابر المبارك، وبذلك تتقاسم جميع منتخبات المجموعة النقاط برصيد نقطة واحدة.

وبدأت مباراة منتخبنا مع الكويت بأفضلية في الاستحواذ على الكرة للمنتخب الكويتي، ومن ثم سنحت عدة فرص في الهجوم لمنتخبنا لم يستغلها، وفي المجمل جاء الشوط متكافئًا، ونجح الكويت في قص شريط أهداف اللقاء في الدقيقة 34 عبر لاعب الخبرة يوسف ناصر بعد تلقيه كرة عرضية متقنة من الجهة اليسرى، بعد ذلك عدل منتخبنا النتيجة في الدقيقة 42 عبر عصام الصبحي بتمريرة زاحفة من جميل اليحمدي.

وشهد الشوط الثاني إجراء العديد من التبديلات من جانب المدربين، بواقع 5 تبديلات للكويت، و3 تبديلات لمنتخبنا، وتناوبا على شن الهجمات على المرميين، ومن ثم خرج عصام الصبحي للإصابة، وأضاع معتز عبدربه فرصة ذهبية في الدقيقة 72 أمام المرمى، بالإضافة إلى الفرصتين الثمينتين اللتين ضاعتا في الوقت بدل الضائع على القائم بالشوط الأول، لتنتهي أحداث المباراة بنتيجة التعادل العادل.

وبدأ رشيد بن جابر اليافعي مدرب منتخبنا المباراة بتشكيلة ضمت إبراهيم المخيني في حراسة المرمى، وأمجد الحارثي وأحمد الخميسي ومحمد المسلمي وعلي البوسعيدي وحارب السعدي وأرشد العلوي وعبدالله فواز وجميل اليحمدي وزاهر الأغبري وعصام الصبحي.

بينما راهن خوان بيتزي على تشكيلة ضمت خالد الرشيدي في حراسة المرمى، ومشاري العنزي وخالد حاجيه وفهد الهاجري وسلطان العنزي ومحمد عبدالله وأحمد الظفيري وعيد الرشيدي ورضا أبو جبارة ويوسف ناصر السليماني وحسن العنزي.

إحصاءات

في اللقاء الافتتاحي لبطولة كأس الخليج التي جمعت منتخبنا مع المنتخب الكويتي، كانت أول رمية تماس للكويت، وأول ركلة مرمى لمنتخبنا، وأول ركلة ركنية للكويت، بينما أول تسلل جاء على منتخبنا، أما أول فرصة فجاءت لصالح منتخبنا، وأول بطاقة صفراء في اللقاء تحصل عليها لاعب الكويت حمد الحربي، كما أن أول هدف في المباراة سجلته الكويت.

وتفوق منتخبنا الوطني في إحصاءات المباراة، حيث سدد منتخبنا على مرمى الكويت 8 مرات، بينما سدد المنتخب الكويتي على مرمانا 7 مرات، واستحوذ منتخبنا على الكرة بنسبة وصلت إلى 54%، بينما جاءت نسبة الكويت 46%، ومرر لاعبوا منتخبنا الكرة 447 مرة، بينما مرر لاعبوا الكويت الكرة 377 مرة، وكانت دقة التمرير لصالح منتخبنا بنسبة وصلت إلى 78%، بينما دقة التمرير للاعبي الكويت 73%، وتساوى المنتخبان في الأخطاء بارتكابهما 14 خطأ، كما تحصل كلا المنتخبان على بطاقة صفراء واحدة، وحصل منتخبنا طوال مجريات اللقاء على ركنية واحدة، بينما حصل المنتخب الكويتي على 5 ركنيات.

التحضير للقاء قطر

وباشر منتخبنا الوطني مساء اليوم تحضيراته للقاء قطر المقرر غدًا الثلاثاء ضمن لقاءات الجولة الثانية من دور المجموعات، حيث يسعى لاعبونا لتحقيق الفوز على المنتخب القطري للوصول للنقطة الرابعة، وخاض منتخبنا تدريبه على ملعب خيطان عند الساعة السادسة مساءً بمعنويات عالية بغية التحضير جيدًا للمباراة، كما يستكمل اللاعبون غدا تدريباتهم النهائية للمباراة عند الساعة السادسة مساءً على الملعب ذاته.

وأغلق المنتخب الوطني ملف مباراة الكويت الافتتاحية، وفتح ملف مباراة قطر التي ستقام غدا في الجولة الثانية من بطولة كاس الخليج السادسة والعشرين. المنتخب الوطني لم يخلد للراحة وتدرب على الاستشفاء للاعبين الذين شاركوا في المباراة خلال الفترة الصباحية مع محاضرة للمدرب رشيد جابر التي طالب فيها بنسيان مباراة الافتتاح والتركيز على مباراة الغد التي تعتبر مفتاح بلوغ المنتخب الوطني للدور الثاني.

ويعقد غدا الاثنين المؤتمر الصحفي الخاص بمواجهة منتخبنا مع المنتخب القطري، حيث سيكون المؤتمر الصحفي الأول لمدرب منتخبنا الوطني رشيد جابر وأحد اللاعبين، ويعقبه المؤتمر الصحفي الثاني لمدرب قطر لويس جارسيا وأحد لاعبيه.

ولحساب المجموعة الثانية، سيقام المؤتمر الصحفي الخاص بلقاء المنتخب الإماراتي والمنتخب الكويتي، حيث سيكون في البداية المؤتمر الصحفي الخاص بمدرب المنتخب الإماراتي وأحد لاعبيه، وسيعقبه بعد ذلك المؤتمر الصحفي لمدرب الكويت خوان بيتزي وأحد لاعبيه.

مقالات مشابهة

  • تدريبات فنية ومهارية تصقل المنتخب الوطني للقاء قطر في بطولة خليجي 26
  • الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
  • السفارة الأمريكية في سوريا: وفد أمريكي بحث في دمشق دعم عملية سياسية شاملة بقيادة سورية
  • رابطةُ العالَم الإسلامي تُدين عملية الدهس التي وقعت في مدينة ماغديبورغ شرقي ألمانيا
  • المندوب الدائم للسودان بالأمم المتحدة: عملية سياسية شاملة تبدأ بعد وقف الحرب والمليشيا لا دور لها مستقبلا
  • الغويل: البرلمان ومجلس الدولة سيعملان على تنظيم الحياة السياسية
  • الحارث: عملية سياسية شاملة تبدأ بعد وقف الحرب
  • الصين تدعو الفصائل السورية إلى "عملية سياسية مفتوحة وشاملة"
  • السيسي يؤكد لأردوغان ضرورة الحفاظ على وحدة واستقلال سوريا وتدشين عملية سياسية تضم الجميع
  • ابوعبيدة يفاجئ الجميع بما قاله عن عملية صنعاء الفرط صوتية التي استهدفت الاحتلال