بسم الله الرحمن الرحيم
7 مارس 2024م
التزامًا بالعمل المؤسسي الديمقراطي التشاركي الذي أرسى الحزب دعائمه على مدى العقود،
وحرصًا على دفع دور حزبنا لتقلد مسؤوليته في الشأن الوطني، وسداد رؤاه بالتشاور وتبادل المعلومات في أعلى أجهزة قيادية وتنسيقية للحزب.
ودفعاً لمجهوداته في وقف هذه الحرب اللعينة التي اندلعت في بلادنا الحبيبة منذ 15 أبريل 2023م وقتلت إنسانه وشردته وأفقدته ممتلكاته وكرامته ودمرت بنيته التحتية، وقسمت مكوناته المجتمعية لتدخله في أتون حرب أهلية شاملة، مما جعله لقمة سائغة للأطماع الخارجية وخطط التمزيق، بل صار على شفير التلاشي،
وتأكيدًا على ضرورة الوصول إلى توافق وطني شامل يوقف العدائيات، ويبتدر عملية سياسية جامعة تخطط لبناء السلام وتبرمج للتحول المدني الديمقراطي الكامل، بما يحقق المواطنة وينفي كل آثار التمكين واللا مساواة سياسيًا، جهويًا، نوعيًا أو إثنيًا.
وبناءً على قراره الذي اتخذه مباشرة بعد اندلاع الحرب وبالإجماع، بضرورة العمل على وقفها، وأن الطريق إلى ذلك ينبغي أن يبتدر ببناء جبهة مدنية عريضة ضد الحرب، مع التزام صارم بالحياد بين طرفيها،
وإيمانًا بأهمية العمل الجبهوي لتحقيق تلك الأهداف، على أن يراعي أساسيات العمل التشاركي الشفاف، ويلتزم بمطلوبات الحياد عند مجهودات التوسط لوقف الحرب، مع التأكيد على الانحياز الكامل للمدنية والديمقراطية أثناء العملية السياسية المصاحبة، والعمل على إزالة عسكرة الحياة المدنية السياسية التي توطدت أثناء عقود النظام البائد،
وحرصاً على دعم مجهودات السلام الجارية تحت رعاية أطراف إقليمية ودولية، وضرورة ترشيدها لتحقيق طموحات الشعب السوداني في السلام والوحدة والديمقراطية، وربطها بخطة واضحة لإعادة الإعمار وجبر الضرر، وتصور للعدالة الانتقالية يؤسس لعدم الإفلات من العقاب،
فقد انتظم حزب الأمة القومي في اجتماعات هي الأولى من نوعها على الأرض بعد الحرب، انعقدت بصورة متواصلة لمؤسسة الرئاسة في الفترة 3-5 مارس 2024م بفندق بيراميدز بارك ريزوت بمنطقة حدائق الأهرام بالقاهرة، تلتها اجتماعات ماراثونية لمجلس التنسيق في الفترة 5-7 مارس، شارك في هذه الاجتماعات قيادات الحزب من الداخل والمهاجر المختلفة، والمقيمون بالقاهرة، وتم فيها نقاش مستفيض لدور الحزب الراهن والمأمول في وقف الحرب، والاطلاع على تقارير مفزعة مفصلة حول الأحداث في غرب دارفور، وفي ولاية الجزيرة، كما تم نقاش عميق لمجهودات الحزب ضمن العمل الجبهوي والتحالفات في وقف الحرب، حيث ناقش معلومات وإفادات مختلفة ووجهات نظر متباينة، وفي النهاية وبعد تداول ثر حريص على توحيد القيادة ومن ثم القاعدة الحزبية للانطلاق للأمام خرجت الاجتماعات بالتالي:
يترحم حزب الأمة القومي على الأرواح العزيزة من شهداء الحرب ويتمنى للجرحى عاجل الشفاء وللمحاصرين في المناطق المشتعلة، وللمشردين الذين بلغوا الملايين الإقامة الآمنة في أماكن حصارهم ونزوحهم ولجوئهم، ويناشد أطراف الحرب الوقف الفوري للعدائيات والانخراط في عملية السلام.
أدان الحزب بأقوى وأشد العبارات تعديات واستهدافات قوات الدعم السريع للمدنيين العزل في مدنهم وقراهم حتى التي تخلو تمامًا من أي وجود عسكري قد يجعلها هدفًا للهجوم، وانزعج للانتهاكات المفزعة التي صاحبتها، خاصة في ولايات غرب دارفور والجزيرة وطالب قيادة الدعم السريع بأن تلجم منسوبيها ومن تسميهم بالمتفلتين في أماكن سيطرتها، وأن توقف الاعتداءات فورًا وتتخذ إجراءات فورية لمحاسبة القائمين عليها، وتفرج عن المعتقلين من المدنيين.
كما شجب الحزب بقوة استمرار القصف العشوائي بالطيران من القوات المسلحة على المدنيين واستهداف البني التحتية، ومنع وصول الإغاثة للمتضررين، والاعتقالات التي تقوم بها الاستخبارات العسكرية، وطالب بوقف القصف العشوائي على المدنيين، وفتح ممرات الإغاثة لمتضرري الحرب الذين يعانون مجاعة طاحنة، وحث على الإفراج عن المدنيين الموقوفين فورًا.
دعا الحزب أطراف الحرب اللعينة الحالية للاحتكام لصوت العقل والعودة إلى طاولة التفاوض تأسيسًا على مقررات لقاء جدة في مايو 2023م والتي قدمت مطلوبات أساسية تتسق مع القانون الدولي الإنساني خاصة فيما يتعلق بإخلاء الدعم السريع للأعيان والمرافق المدنية ووقف القصف الجوي من القوات المسلحة على المدنيين، وحماية المسارات الإنسانية لوصول الإغاثة للمدنيين المحاصرين.
أمن الحزب على ضرورة العمل الجبهوي، والذي يتفق مع إرث وأدبيات حزب الأمة، وذلك من خلال أوسع جبهة مدنية تعمل على وقف الحرب فورًا وفق برنامج واضح وآلية تشاركية وشفافة وتوافقية تمنع أي انقسام داخل المدنيين، وتحول دون الانشطار بين قواعد الحزب وكوادره. وراجعت الاجتماعات مجهودات حزب الأمة القومي في هذا الإطار، مثمنة للإيجابيات، مع الاتفاق على رسم ملامح الإصلاح المطلوب والسعي لتحقيقه على وجه عاجل.
أقر الحزب حزمة من الإصلاحات التنظيمية لتجويد أدائه وتطويره وتقويمه وتحقيق وحدته والدفع بمجهوداته من أجل إغاثة متضرري الحرب والنازحين، وتسريع مساعيه لوقف الحرب فورًا، يتضمن ذلك الاتصال بالأطراف المتحاربة والقوى السياسية والمدنية وصولًا لمؤتمر مائدة مستديرة يحقق التوافق الوطني لوقف الحرب وبناء السلام العادل والشامل والتحول المدني الديمقراطي الكامل.
يدعو الحزب لآلية دولية موثوقة للتحقيق في الانتهاكات الفظيعة التي رافقت هذه الحرب الدموية البشعة ومساءلة مرتكبيها.
على أعتاب اليوم العالمي للمرأة يحي حزب الأمة المرأة السودانية ومجاهداتها من أجل صون الأسر والأطفال وصناعة الحياة في وجه آلات الموت المنصوبة، ويناشد الحزب المحاربين بالإقلاع تمامًا عن استخدام العنف الجنسي كسلاح في الحرب.
أشاد الحزب بكرم ضيافة جمهورية مصر العربية وشعبها الشقيق للشعب السوداني، وخص بالشكر الجهات المسؤولة على تسهيل هذا اللقاء في وقت ضيق، ويسعى الحزب لمواصلة التواصل مع الأشقاء في مصر وفي مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة لمخاطبة أوضاع السودانيين اللاجئين بمصر ومعالجتها بالسرعة المطلوبة. كما سوف يسعى للاتصال بالأشقاء في دول الجوار الأخرى التي استضافت اللاجئين السودانيين بكثاقة خاصة تشاد وجنوب السودان وأثيوبيا لذات الغرض.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: حزب الأمة القومی وقف الحرب
إقرأ أيضاً:
ملاحظات نقدية حول مبادرة الشيوعي لوقف الحرب
بدءً أثمن عالياً هذه المبادرة التي أصدرها الشيوعي وأتمني من أسهامي هذا أن يثري النقاش حولها حتي تكتمل كل جوانبها وتكون نبراساً ورافعة لكل القوي المناهضة للحرب والمحبة للسلام والتي تنادي بأستعادة ثورة ديسمبر المجيدة . أطلعتُ كغيري من الكثيرين الذين يهمهم رأي الحزب الشيوعي فيما يدور في الساحة السياسية حول مبادرته لوقف الحرب وأستعادة الثورة في البيان الصادر من المكتب السياسي بتاريخ 9 ديسمبر 2024 . صاغ البيان توجيه واضح لأعضاء الحزب بضرورة العمل القاعدي بكل همة ونشاط في الأمساك بزمام "المبادرة" وتحويلها لعمل سياسي وهم يومي وكما جاء في الخطاب الداخلي المصاحب للبيان : نبدأ بالديمقراطيين ثم القوي السياسية والنقابية والمطلبية والأجتماعية ومنظمات المجتمع المدني .
نحمد للشيوعيين السودانيين في طرحهم هذه المبادرة علي الرغم من مضي حوالي العامين علي حرب قضت علي الأخضر واليابس بعد أن سبقتها في الساحة السياسية مبادرات من أفراد ومنظمات مجتمع مدني وتنظيمات سياسية مختلفة وعلي قول الفرنجه أن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي .
بدأت المبادرة بالتشديد علي وحدة العمل الجماعي كشرط أساسي لنجاح ثورة ديسمبر مثلما كان في أبريل وأكتوبر ويناير 56 . كما أكدت أن حرب 15 أبريل كان الهدف منها تصفية الثورة بعد أن فشل أنقلاب 2021 في القضاء عليها . وهذه خطوة في الأتجاه الصحيح بعد أن بح صوتنا بتأكيد أن السبيل الوحيد لوقف الحرب يتطلب وحدة قوي الثورة ولا سبيل الي ذلك الأ ببناء جبهة للعمل الموحد تضم كل الفصائل والفئات من القوي والكيانات المناهضة للحرب . ومضت المبادرة في مطالبة القوي السياسية وسلطة الأنتقال وكافة قوي الثورة ليس بتقديم نقداً ذاتياً فحسب وأنما يجب أن يوازي النقد حجم القصور والخطأ الذي قاد الي هذه الحرب وأن تتصدي الجماهير لمنع الأنزلاق للحرب الأهلية . كما أشارت المبادرة الي أن الوضع الكارثي من جراء الحرب أدي الي تعويل بعض القوي السياسية والوطنية الي البحث عن حلول خارجية دون تسمية هذه القوي .
وبالتطرق للحلول الخارجية ، أري أنه في حالة نجاح وحدتنا كقوي داخلية وكعامل أساسي في وقف الحرب والدمار الشامل من الضرورة أن يتمخض عن هذا النجاح إرغام الطرفين علي الجلوس لطاولة مفاوضات . وللخروج بنتائج أيجابية من المفاوضات لا بد من الأستعانة بقوي أجنبية مسلحة لكي تفرض سيطرتها علي المتحاربين بالسلاح وتمنع التفلتات الأمنية و تشرف علي تطبيق معاهدة السلام وتضمن تنفيذها بنص أتفاقية الأمم المتحدة لنزع السلاح والتسريح وإعادة الأندماج . الحرب أدخلت البلاد في نفق مظلم والكل يعلم التدخلات الدولية والأقليمية . فرض السلام علي المتحاربين بالضرورة أن يتبعه تدخل خارجي ولا مناصة من دور الدول التي دعمت المتحاربين بمالها وسلاحها وأرادتها . الشيئ الاساسي أن نمتلك قوة الأرادة والحذر لكي نحد من تدخل القوي الخارجية بعد أن فرطنا في الوطن وسيادته وساعدنا جميعاً في الأنزلاق الي هذه النهاية في أعقاب أنجازنا لثورة سلمية شهد لها العالم .
بعد هذه المقدمة التي وردت في المبادرة مع عدم التعرض بأستفاضة لأكبر كارثة أنسانية في هذا القرن من نزوح وتشريد ولجوء وأنتهاكات يشيب لها الوجدان وحق في الحياة والعيشة الكريمة ، وبدلاً من أن تشرع في الكيفية التي تقترحها لوقف الحرب بتفاصيل وآليات وخطة واضحة ومحددة في توحيد قوي ثورة ديسمبر التي أطاحت بالنظام البائد وحالة التشتت التي حاصرتها ، سارت المبادرة التي عنوانها وقف الحرب في خط دعائي يشرح برنامج الفترة الأنتقالية وأهداف ثورة ديسمبر والأعلان الموقع عليه في يناير 2019 علماً بأن الحرب جبتْ ما قبلها . بل نجد أن المبادرة في بعض من أجزائها تطابقت رؤياها مع ما تم طرحه من جانب قوي الأتفاق الأطارئ وأحزاب الحرية والتغيير وحتي ما تم طرحه من قبل الأمام الراحل . تسمية هذا التطابق أو الأعتراف بتشابه الأهداف بوضوح يساعد في ردم الهوة بين أطروحات الشيوعي وأطروحات القوي الأخري .
أما فيما يتعلق بأخفاقات الفترة الأنتقالية لم تشر المبادرة من قريب أو بعيد للدور الذي لعبه الحزب الشيوعي بطرحه برنامج لا يتماشي مع الواقع التاريخي المعين بعد فوات الفرصة التاريخية للتغيير قبل إستلام اللجنة الأمنية لمقاليد الحكم علي الرغم من أن المبادرة في مقدمتها إفردت جملة علي أستحياء (لذا نري أن هنالك أهمية وضرورة لتقويم ونقد التجربة أنطلاقاً من أهداف ثورة ديسمبر 2018 ) . وهي بذلك أخرجتْ نفسها خروج الشعرة من العجين من كل العقبات والمتاريس التي وقفت أمام أنجاز مهام الفترة الأنتقالية بسلاسه و كانت فرصة لنقد الأداء والمنهج الذي صاحب الشيوعي أبان الفترة الأنتقالية بدءً من وضع العراقيل في تجمع المهنيين مروراً بقوي الحرية والتغيير ولجان المقاومة مع سبق الأصرار علي القفز فوق المراحل لتنفيذ برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية وتجاهل القوي السياسية الأخري التي ساهمت مع الشيوعي جنباً الي جنب في أزالة النظام البائد . زاد من الألتباس وعدم وضوح الرؤيا طرح خيار التغيير الجذري الذي قسم المعارضة الي فسطاطين في وقت كان يستلزم وقوف كل القوي التي أسقطت النظام البائد في وجه تمدد قوي الثورة المضادة واللجنة الأمنية في برنامج حد أدني .
المبادرة في صفحتها السادسة وليس الأولي تعرضت لوحدة المعارضة وهي المعول الأساسي لوقف الحرب وأستعادة السير في خطي ثورة ديسمبر المجيدة حينما ذكرت ( أزاء هذا لا بد من وحدة أرادة كل القوي المؤمنة بالتغيير وتنظيم صفوفها لهزيمة المخطط الأجرامي علي السودان للحفاظ علي وحدته وسيادته وموارده وأراضيه وسواحله ) . توقع القارئ أن يتواصل الشرح في الخطوات العملية التي سيتبناها الشيوعي وعضويته لتحقيق الهدف الأساسي لوقف الحرب . ما هي الموجهات التي يطرحها في صحيفة الحزب للقواعد والقطاعات والفروع المختلفة لتبني هذا الرأي . وما هي المحاولات التي يتبناها لرأب الصدع فيما تم بينه والأحزاب السياسية الأخري ، مع العلم أن صحيفة الحزب الرسمية لا زالت تطرح تخوين الاحزاب المنضوية تحت لواء تقدم بدلا من النقد البناء للمتصارعين علي السلطة . ما هو رأي الحزب في تكوين الجبهة المشتركة هل سيقبل الدعوة للمشاركة وأبداء الرأي في الأجتماعات التي تدعو لها تقدم أم يواصل الرفض في تلبية الدعوات ؟ ما هي توجيهاته لعضويته في معسكرات النزوح سواء كانت في الداخل او الخارج لتنفيذ شعار وقف الحرب؟ ما هي الموجهات للحزبيين الذين يقفون في خندق ٍواحد في لجان الأحياء والمقاومة والتكايا مع بقية رفاقهم ذو التوجهات الحزبية المختلفة ؟ ما هو موقف الحزب أزاء المبادرات الأقليمية والدولية وتلك التي تمت الدعوه له للمشاركة و أبداء الرأي فيها ؟ هل اللجنة المركزية ومكتبها السياسي موحد حول هذه المبادرة حتي لا يتم خروج عن المركزية الديمقراطية ؟ هل هذه المبادرة دعوة لتكوين منبر موازي لتقدم او محاولة للانخراط فيما تم من تقدم ؟ رغم الثناء علي هذه المبادرة الأ أني أري أنها أفتقرت الي تفاصيل مهمة لانجازها حتي يتم تطبيقها علي أرض الواقع .
وأضافة أخيرة ، أن واقع وحقيقة تشرذم الحركة الأسلامية السودانية والمؤتمر الوطني يجعل من توقيت المبادرة للم الشمل فرصة مواتية أذا صاحبتها جدية وفعل من الحزب الشيوعي وهو قوة أساسية من قوي ثورة ديسمبر المجيدة لا ينكرها الأ مكابر.
حامد بشري
22 ديسمبر 2024
hamedbushra6@gmail.com