أغنية رائعة لميلاد حزب رائع..
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
بقلم: حيدر قاسم ..
منذ ايام و أنا يتملكني سؤال مهم، سؤال محوري بالنسبة لي، على الأقل في سياق محاولاتي استعادة وفهم جزء من ما مضى من تاريخ بلاد حافل بالأحداث و التحولات العميقة، و أيضاً التغييرات الدراماتيكية التي لا تجعل المرء يتمكن من التقاط انفاسه، و يحدد الرؤية بوضوح، السؤال الذي يشغلني، هو ليس جديداً، و لربما اجاب عنه المئات من الكتاب و المثقفين، بل و حتى من لديه أدنى اطلاع في الواقع السياسي و الثقافي و الأدبي، اذ أن السؤال الذي يكون حاضراً في نقاشات النخب الثقافية و الادبية على الدوام، هو عن موعد ولادة ” الثقافة الوطنية العالمة” كما تسميها الكاتبة فاطمة المحسن، في كتابها تمثلاث الحداثة في العراق، اذ أن الاجابة عن هذا السؤال، تعني فيما تعنيه، اكتشاف موعد ولادة العراق الحديث.
العراق الذي عرف العلوم و الثقافة و الفنون و الآداب، بعد انقطاع حضاري لربما تجاوز الخمسة قرون على الأقل، و هنا لا يمكن لأي باحث منصف أن يُهمل موعداً، أو لحظة انثباق هذا النوع من الوعي الجديد في اكتشاف العالم، حتى يتمكن من تسميتها بوضوح، و عنونتها مع ميلاد حزب وطني أصيل، حزب كانت الارهاصات و التشكلات الأولى له، هي تمظهرات ثقافية، و محاولات أدبية قادها رعيل من الأدباء الأوائل، و انتهت لتأسيس صفحة تامة، متكاملة في تاريخ العراق برمته، صفحة امتزاج السياسي بالثقافي، أو كما يعبر أحد الباحثين في الشأن الثقافي، بأنها اللحظة التي انطلق منها و الى الأمام أول مشروع إنساني، ينشد التقدم، و ينبذ الرجعية، و تغليف الواقع بصفحات ماضوية مستهلكة.
بمعنى آخر، أو لنعبر عن السؤال الذي اردت أن أكتبه هنا، بتساؤل مشروع جداً، ماذا لو الغينا الحزب الشيوعي العراقي من تاريخ الثقافة و الأدب و الفنون و السياسة؟، ماذا سيبقى من هذه الصفحات، و بماذا يمكن أن نحتفي على طول قرن من الزمان مر على تأسيس العراق الحديث؟.
الإجابة ستكون كارثية بكل تأكيد، فهل يستطيع أي عاقل، فضلاً عن كونه مثقفا أو باحثا أو اكاديميا، أن يتخيل مشهد العراق، دونما حزب مثل الحزب الشيوعي العراقي، الذي انجب طليعة الأمة، و قادة الفكر و الثقافة و الآدب و الفنون، و أثرى بنضاله و عطائه الساحة التي كانت قبلهُ قفراً، و منح الوطنية معنىً بعد أن كانت وثناً بنظر البعض؟!.
أسوق هذه المقدمة، و قد وقع نظري مرةً أخرى على قصة وفاء نادرة، بين شاعر عراقي، يساري معروف، و حزبه، الذي انتمى له مبكراً، و غادره تنظيمياً بشكل أبكر، لكنهُ لم يقطع معه حبال الود و الصلة، فتحولت علاقة فالح حسون الدراجي، الشاعر الميساني الرهيف، الذي اغترب منذ عقود الى ابعد نقطة عن بلاده لربما، الى علاقة صوفية جميلة، خالية من المصالح، خالية من أي بعد سوى البعد القيمي الذي يحيلنا الى مدرسة جميلة، مدرسة خالدة، تلك التي كانت شعلة لكل من يريد أن يسترشد بالعمل السياسي، او ينشد عملاً حزبياً حقيقياً، هدفه خدمة الناس، و شعاره نكران الذات، فواصل الدراجي على مدى خمسين عاماً تقريباً الاحتفال و الاحتفاء شعرياً بذكرى ميلاد الحزب الشيوعي العراقي في اذار، عبر اغانٍ يكتب كلماتها بكل حب و اخلاص، و يحرص على أن يختار لها من أجمل الالحان، و أعذب الأصوات، و يطلقها كبالونة فرح ملونة في سماء آذار الربيع، تعبيراً ووفاءً منه لمحبوبه الذي لم يكل و لم يمل من تحيته، و مواصلة التغني بكل ماضيه و حاضره، و التطلع الى مستقبله الذي سيمتد مقترباً من اليوبيل الماسي بعد اقل من عقد تقريباً.
هذا العام، و في الذكرى التسعين لميلاد الحزب الشيوعي، عاد العاشق، ليحفر على شجرة الذاكرة النظيفة، كلمات قلبه المشغوف، بالحزب و بتاريخ الحزب، و بجمال الحزب، و بنضال الحزب، و بإرث الحزب، و بكل ما يمت لهذه الشعلة المتوقدة على الدوام بصلة.
في هذا العام يضيء الدراجي بقناديل فرحه على توهج ” تسعين نجمة” مضيئة، ساطعة، تلك سنون الحزب الذي لم يشخ، و لن يشيخ ما دامت افكاره وضاءة، ناصعة، و ايادي قادته بيضاء من غير سوء، لم تمسسها نيران الطائفية، و لا ” سخام” السرقات المرعبة، فيكتب لنا نصاً يقول في مطلعه:
ما ضاع تعبك يا فهد
و ستار دمك ما ضاع
تسعين نجمة بالسمه
زرعن ضواهن بالكاع
من زاخو للفاو العشب
عالي يظل هذا الحزب
يكصونه و يخضر ابساع
أي حزب هذا الذي تقتلعه آلة الموت الرهيبة، و تدور حبال المشانق حول رقاب قادته الشرفاء، لكنه ينبعث كالعنقاء، ملامساً السماء، هكذا يرى الدراجي، بل و يرى أن هذا الحزب لم يعد تنظيمياً محصوراً بتعاريف السياسة وايدلوجياتها، بل صار مدرسةً لكل من يريد أن يعرف، و يتعلم النضال الوطني:
يل اسمك أصبح مدرسة
و السجن صار ابساتين
العادوك راحوا و انتهوا
و أنت بحلاة العشرين
عمرك مثل خيط الشمس
كل يوم اجمل من أمس
و إبداع يحضن ابداع
ما ضاع تعبك يا فهد
الدراجي يواصل بث رسائله المكثفة بهذا النص الغنائي الجميل، رابطاً كل ذلك الإرث، بواقع الأمس، اذ يرى أن ” دماء فهد”، صالحة لأن تروي أي أرض صالحة للثورة، صالحة لنشدان العدالة الاجتماعية، و رفع الحيف و الظلم عن الانسان، يقول:
ما ضاع تعبك يا فهد
و لا ضاع دمنه بتشرين
حنينه بيه جف الوطن
و ابصمنه على الحياطين
كل كطرة صارت سنبلة
و كل حرة مهرة مكذله
و كل لافتة بجفنه اشراع
ما ضاع تعبك يا فهد
.…. ..… …….. ……
يشار الى أن الأغنية، لحنها و وزعها الملحن الرائع ابراهيم السيد، و اداها باتقان عال، و احساس ملتهب الفنان المقتدر محمد عبد الجبار، بصوته الشجي، و قوة حضوره الادائي المتميز، وانتجتها استوديوهات مدينة الفن، و اشرف على الهندسة الصوتية نبيل وحيد، فيما كان الفنان مالك محسن مشرفاً فنياً على العمل.
userالمصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الحزب الشیوعی
إقرأ أيضاً:
بأداء مطربة شهيرة.. سر أغنية مسّربة بصوت عمرو دياب كشف عنه محمد رحيم
خلال الساعات الماضية رحل عن عالمنا الملحن الكبير محمد رحيم إثر تعرضه لسكتة قلبية حادة، وفى ندوة خاصة للراحل، تحدث عن سبب قرار اعتزاله الفن بشكل حاسم، ومن هى صاحبة لقب صوت مصر وكواليس أول أعماله.
سبب اتخاذ قرار الاعتزال ورجوعه عن القراروقال الملحن الراحل محمد رحيم إنه كان يفكر فى إتخاذ قرار الاعتزال بالفعل ، بسبب شعوره بعدم التقدير لمسيرته الفنية، بسبب تجاهله وعدم دعوته فى جميع الحفلات الهامة بالرغم من دعوة الفنانين الذين لحن الأغاني الخاصة بهم، وأن طبيعة الفنان أن يهتم دائمًا بالجانب المعنوي.
وأضاف الملحن الراحل محمد رحيم: أن جميع أعماله التى قدمها على مدار الـ 26 عاما شهدت نجاحًا كبيرًا على مستوى العالم، وأنه حصد عدة جوائز عالمية منذ إنطلاقة مشواره الفني 1998 حيث كانت بدايته مع الفنان عمرو دياب بأغنية “وغلاوتك”.
وعن قرار الإعتزال، قال الملحن محمد رحيم إنه تراجع عن القرار بعد أن شاهد التعليقات وحب الجمهور من خلال الرسائل التى أرسلت له حيث استقبلها بالبكاء الشديد، معلقًا: فى حد قالي انت مثلي الأعلي وحد بيقولي أنا لما بسمع أغانيك مش باخد دوا، والتعليقات قطعت قلبي كان لازم أتراجع.
من هي صاحبة صوت مصروتحدث الراحل محمد رحيم عن رأيه بما يخص الجدل بشأن من هى صاحبة صوت مص، وقال الملحن محمد رحيم إن لا يوجد لقب “ صوت مصر ” ، وأن هذه الجملة تستفزه للغاية ، وأن ليس يوجد مقارنة بين الفنانتين أنغام وشيرين عبد الوهاب من الناحية الفنية ، لأن كل منهما له مدرسته المنفردة.
وأضاف محمد رحيم خلال ندوته بموقع “صدي البلد”: ممكن أن كل منهما يلتقي فى منطقة الأخري ، وعلى سبيل المثال يمكن لأنغام أن تغني أغنية “مشاعر” للفنانة شيرين عبد الوهاب ، وشيرين يمكن أن تغني أغنية “سيدي وصالك” ، لكن لا يمكن لواحدة منهما أن تحل مكان الأخر .
واستكمل محمد رحيم حديثه، معلقًا: كلمة صوت مصر دي مستفزة جدًا ومينفعش نقولها ، لأنها كلمة غير مسؤلة.
كواليس أغنية “اللى بيني وبينك” بين عمرو دياب وجناتوكشف أيضا الملحن الراحل محمد رحيم عن كواليس أغنية “اللى بيني وبينك” ، وهى واحدة من أشهر ألحانه والتى اشتهر بها كل من الهضبة عمرو دياب والفنانة جنات.
قال محمد رحيم خلال ندوته فى "صدي البلد": أن أغنية “اللى بيني وبينك” ، كانت فى البداية مطروحة على الفنان عمرو دياب وأعجب بها ونفذها بالفعل ضمن ألبوم “ليلي نهاري” ، ولكن فى وقت ترتيب الألبوم تردد فى إصدار الأغنية وتم استبعادها تمامًا.
وأضاف الراحل قائلًا: كانت جنات فى هذا الوقت مبتدئة وصوتها مميز، وأنه بطبيعة الحال يحب اكتشاف المواهب الجديدة ، لذلك لم يمانع من إعطائها اللحن وبالفعل بدأت فى العمل على الأغنية، وعندما حاول الهضبة عمرو دياب التواصل معي لإستعادة الأغنية كانت بالفعل مع جنات ولا يمكن أن يأخذها بشكل قانوني، وحدث تسريب لها بصوت عمرو دياب كما حدث للكثير من أغانيه من قبل.