في الزيارة الأخيرة التي قام بها الموفد الرئاسيّ الأميركيّ آموس هوكشتاين إلى لبنان، تبيّن أنّ همّ إدارة الرئيس جو بايدن، هو العمل بكلّ قوّة على عدم توسّع رقعة الحرب الدائرة في غزة، إلى لبنان. وهذا الأمر أصبح واضحاً بحسب العديد من المراقبين للوضع الأمنيّ، بعد فشل التوصّل لاتّفاق بين الحكومة الإسرائيليّة والفصائل الفلسطينيّة، برعاية قطريّة ومصريّة وأميركيّة، وسط خشية واشنطن من تمدّد النزاع إلى أبعد من الحدود الجنوبيّة اللبنانيّة.


 
وحاليّاً، هناك تهديدات إسرائيليّة متزايدة للبنان و"حزب الله"، لإبعاد مقاتلي "المقاومة الإسلاميّة" إلى شمال الليطاني، كيّ يعود المستوطنون إلى مدنهم وقراهم. واللافت أنّ هوكشتاين في الزيارة الأخيرة إلى لبنان، قدّم سلّة من الإقتراحات، ليست متعلّقة فقط بوقف إطلاق النار في الجنوب، وإنمّا بإيجاد طريقة فعالة لتطبيق القرار 1701 من الجانبين اللبنانيّ والإسرائيليّ، إضافة إلى حلّ ملف رئاسة الجمهوريّة.
 
وفي هذا السياق، أعلن نائب الأمين العامّ لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم عن تشدّد محور "الممانعة" أكثر بترشّيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجيّة، ما رأى فيه البعض أنّه رسالة إلى الداخل والخارج، عن رفض المبادرات التي تُطرح، وخصوصاً بما يتعلّق بانتخاب رئيس وسطيّ، لا يحمي "ظهر المقاومة".
 
ولأنّ الإدارة الأميركيّة أمست مقتنعة بأنّ أيّ هدنة في غزة لن يتأثّر فيها بالضرورة لبنان، وقد يستمرّ القصف المتبادل بين "حزب الله" وإسرائيل، وهذا ما حذّر منه هوكشتاين بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، يبدو أنّ الموفد الأميركيّ حمل معه بعض المقترحات، التي يُمكن أنّ تكون مكاسب لـ"الثنائيّ الشيعيّ"، مثل انسحاب مقاتلي "الحزب" بعض الكيلومترات عن الحدود الجنوبيّة، مقابل وقف إطلاق النار من الجانب الإسرائيليّ، ودعم مرشّح "الممانعة" لرئاسة الجمهوريّة.
 
ويقول مراقبون إنّ الإدارة الأميركيّة لم تعدّ تُسيطر على "جنون" رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو، والأخير عازمٌ على الدخول إلى مدينة رفح، للتخلّص من تهديد "حماس"، ما سيضع المنطقة على فوهة بركان مُتفجّر، وإشتداد المواجهات في جنوب لبنان.
 
ويُشير المراقبون إلى أنّ هوكشتاين يُريد إراحة الإسرائيليين بأيّ ثمن، حتّى لو تطلب الأمر من إدارته في واشنطن، تقديم تنازلات سياسيّة لـ"حزب الله"، فالوضع في الجنوب قد يبقى متوتّراً لأشهر عديدة، وهناك مخاوف أميركيّة جديّة من أيّ هفوة من قبل "الحزب" أو إسرائيل، تُعطي الذريعة لأحدهما بتوسيع المعارك.
 
وكما يبدو الآن، فإنّه من الصعب التوصّل لهدنة في غزة، وحتّى لو اتّفقت "حماس" وإسرائيل برعاية خارجيّة في وقتٍ لاحقٍ، فإنّ هذا لا يعني وفق المراقبين أنّ الحرب ستنتهي، فتل أبيب تُريد تحقيق كامل الأهداف التي وضعتها، ونتنياهو لا يُصغي إلى التحذيرات الغربيّة الداعية إلى عدم الهجوم على رفح، ولا يزال ينوي جرّ أطراف أخرى إلى النزاع وفتح جبهات جديدة، كيّ يبقى على رأس السلطة السياسيّة.
 
ويقول المراقبون إنّ واشنطن أصبحت تفصل بين ملفيّ غزة ولبنان، وهي تعمل من جهّة على تقريب وجهات النظر بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومن جهّة ثانيّة، تبحث عن إيجاد حلولٍ لإبعاد "حزب الله" عن الحرب، إذا استمرّت المعارك في غزة.
 
ويوضح المراقبون أنّ هوكشتاين حائر بين موقف لبنان الرسميّ الداعي لقيام إسرائيل بتطبيق القرار 1701، وبين شرط "حزب الله" بوقف الحرب في غزة وتوقّف العدوّ عن قصف المناطق الجنوبيّة، كيّ يتقيّد بأيّ إتّفاق تهدئة. ويُتابع المراقبون أنّ المعارضة النيابيّة التقت بالموفد الأميركيّ، وشرحت له وجهة نظرها، وأهميّة عدم إعطاء "الحزب" ما يُعزّز دوره في الداخل، على حساب السيادة اللبنانيّة، فإذا قدّمت واشنطن تنازلات سياسيّة لـ"الممانعين"، فإنّه هذا الأمر يتعارض مع المواقف الأميركيّة السابقة.
 
 
وبانتظار الردّ الإسرائيليّ على المقترحات التي سمعها هوكشتاين في لبنان، من الواضح أنّ هناك رغبة أميركيّة بإعادة الهدوء والإستقرار إلى المنطقة الحدوديّة الجنوبيّة، وهذا لا يتحقّق من دون أنّ تضمن واشنطن مكاسب لكلّ من "حزب الله" وإسرائيل، على حدٍّ سواء. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الجنوبی ة حزب الله فی غزة

إقرأ أيضاً:

هوكشتاين عاد إلى واشنطن ولبنان بانتظار جوابه... الأمور ستأخذ وقتاً

عاش لبنان أمس ترقّباً في انتظار ما ستؤول إليه المفاوضات بين الموفد الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ، علما ان هوكشتاين عاد الى واشنطن.   وكتبت" النهار": سادت انطباعات لبنانية قاتمة في الساعات الأخيرة وسط انتظار مؤشرات الرد الإسرائيلي على مشروع وقف النار الذي حمله الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل، في ظل تطورين واكبا محادثاته الحرجة والدقيقة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمسؤولين السياسيين والعسكريين الآخرين: الأول تمثل في اطلاق الجيش الإسرائيلي موجات كثيفة وعنيفة من الغارات الجوية الحربية على مناطق الضاحية الجنوبية وصور والجنوب تُوّجت عصراً ومساءً بمجموعة متعاقبة من المجازر في بلدات البقاع الشمالي بما أوحى للأوساط اللبنانية، استباقاً للرد، أن التمهيد له جاء بالنار والدمار عاكسا الموقف الضمني الإسرائيلي من المشروع. والتطور الثاني تمثّل في تزامن الرد الإسرائيلي على مشروع التسوية في لبنان مع صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، إذ صادف تبلّغ نتنياهو هذا القرار فيما كان مجتمعاً مع هوكشتاين الأمر الذي فسر ازدياد حالة الغضب الإسرائيلية عبر تصعيد العمليات والغارات في لبنان. وما زاد في غموض المشهد أن أي بيان أو تصريح لم يصدر حتى مساء أمس عن هوكشتاين أو نتنياهو في شأن نتائج محادثاتهما فيما طغت ردود الفعل الإسرائيلية الغاضبة على قرار المحكمة الجنائية الدولية على حالة ترقب الرد الإسرائيلي على مشروع التسوية في لبنان. حتى أن الاصداء التصعيدية التي سادت إسرائيل دفعت بالوزير السابق بني غانتس إلى القول إنه "إذا لم يقبل لبنان اتفاقاً يسمح لإسرائيل بحرية العمل بمواجهة الانتهاكات فيجب توسيع نطاق الهجمات على البنية التحتية اللبنانية". وقد اجتمع هوكشتاين مساءً مع وزير الدفاع ورئيس الأركان الإسرائيليين. ونقل موقع "إكسيوس" عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين أنه لا تزال هناك بعض الفجوات في الاتفاق حول لبنان، في حين نقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن مصدر سياسي إسرائيلي أن تقدماً كبيراً آخرَ أُحرز لتسوية على جبهة لبنان بعد زيارة هوكشتاين وضاقت الفجوات، وفي اطار التسوية ستحتفظ إسرائيل بحرية العمل في لبنان وستكون هناك آلية تنفيذ قوية.     ونقلت رويترز أمس عن مسؤول لبناني أن لبنان يسعى إلى ادخال تعديلات على الاقتراح الأميركي من أجل ضمان انسحاب القوات الإسرائيلية بوتيرة أسرع من جنوب لبنان ومنح كلا الفريقين الحق في الدفاع عن النفس. ويشدّد الطرف اللبناني على ضرورة الانسحاب فور اعلان وقف النار لكي يتسنى للجيش اللبناني الانتشار في كل المناطق ولكي يسمح للنازحين بالعودة فوراً إلى ديارهم، علماً أن موقف إسرائيل هو الانسحاب في غضون 60 يوماً من اعلان الهدنة. كما أن المسودة تشير إلى الانسحاب من "حدود لبنانية" فيما يريد لبنان الإشارة إلى "الحدود اللبنانية" لضمان انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل وليس بصورة جزئية. وفيما كان الجانب اللبناني المفاوض ومعه مجمل الأوساط اللبنانية في حالة ترقب لما سيكون عليه الرد الإسرائيلي، ارتفعت أعداد الضحايا والجرحى في الغارات المتعاقبة على البقاع الشمالي خصوصاً بما عكس انطباعات واضحة حيال عدم تلقي إسرائيل بإيجابية المسودة التي نقلها إليها هوكشتاين بعد زيارته لبيروت.    ولعل اللافت أن وزارة الخارجية الأميركية كانت اعتبرت أن "إسرائيل حققت بعض الأهداف المهمة في حربها ضد "حزب الله" وأن نهاية الحرب قد تكون قريبة". وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحافي في واشنطن: "ما رأيناه هو أن إسرائيل حققت عدداً من الأهداف المهمة. لقد رأينا إسرائيل على مدار الشهرين الماضيين، فعالة جداً في تطهير البنية التحتية لـ"حزب الله" بالقرب من الحدود، ولهذا السبب نعتقد أننا في المكان الذي يمكننا فيه التوصل إلى حل ديبلوماسي الآن".

وكتبت" الاخبار": في لبنان، استمر الحذر من أن لا يستجيب نتنياهو للضغوط الأميركية، علماً أن مصادر دبلوماسية قالت إن الأنباء التي وصلت من واشنطن مساء أمس «أكّدت وجود تقدّم كبير لكنّ الأمر يحتاج إلى بعض الوقت». وأوضحت مصادر سياسية أن «لبنان يلمس ضغطاً أميركياً جدّياً على الإسرائيليين لوقف إطلاق النار، والفرصة سانحة لإسرائيل للخروج من هذه الحرب»، علماً أن «الأمور ستأخذ وقتاً، لكنّ الإيجابية التي تحدّث عنها رئيس مجلس النواب نبيه بري تستند إلى مؤشرات وإن لم تمنعه من أن يكون قلقاً، خصوصاً أن الجانب الإسرائيلي لا يؤتمن». وعن التسريبات حول المسوّدة في الإعلام العبري بأنه «ستكون للجيش الإسرائيلي حرية الهجوم في الجنوب لمواجهة التهديدات، على أن يقدّم شكاوى للجنة الدولية حول الخروق الأخرى مثل مخازن الأسلحة وبناء الأنفاق»، وعن «منح الجيش الإسرائيلي مهلة 60 يوماً لاستكمال انسحابه من جنوب لبنان»، أكّدت مصادر سياسية أن «ما ينقله الإعلام العبري هو نقاط من مسوّدة سابقة قبل التعديلات التي وضعها لبنان والتي رفض فيها مهلة الـ 60 يوماً وأي قرار يُعطي لإسرائيل حرية الحركة»، مشيرة إلى أن الملاحظات اللبنانية «كانت متشدّدة جداً لعدم المس بسيادة لبنان وتؤكد على وقف إطلاق النار بالدرجة الأولى». واعتبرت المصادر أن «اجتماع هوكشتين مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، يعطي مؤشراً إيجابياً إضافياً لأنه يعني مناقشة تفاصيل تقنية تأتي عادة بعد موافقة مبدئية على وقف إطلاق النار. لكنّ الأمور بخواتيمها وقد يعمد العدو إلى تفخيخ المسوّدة لتطيير الاتفاق».          

مقالات مشابهة

  • هوكشتاين إلى واشنطن...نتنياهو لا يريد وقف الحرب إلا بشروطه
  • هوكشتاين عاد الى واشنطن وتواصل مع بري مجددا.. إسرائيل ترفض اي دور لفرنسا في لجنة المراقبة
  • أجواء إيجابية تلوح بأفق لبنان.. مبادرة واشنطن تقترب من وقف الحرب
  • أجواء إيجابية تلوح في أفق لبنان.. مبادرة واشنطن تقترب من وقف الحرب
  • هوكشتاين غادر الى واشنطن ومؤشران يوحيان بالمراوحة في مهمته
  • نتائج زيارة هوكشتاين لإسرائيل: تقدم والوساطة الأميركية مستمرة
  • هوكشتاين عاد إلى واشنطن ولبنان بانتظار جوابه... الأمور ستأخذ وقتاً
  • واشنطن: الحرب في لبنان تقترب من النهاية
  • أميركا توضح: ذهبنا إلى الحل الدبلوماسي في لبنان بعد إضعاف الحزب
  • المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني