بالأرقام، وإبّان دخول الحرب السورية عامها الرابع تقريبًا، كان لبنان على موعدٍ مع استقبال ما يقارب 1.3 مليون لاجئ.. آنذاك، دقّت الأمم المتحدة ناقوس الخطر، وأوردت تقارير أولية أفصحت عن تكبّد لبنان عشرات المليارات من الدولارات، التي سخّرت لأجل تأمين البنى التحتية للسوريين، الذين توزعوا على مخيمات عشوائية كان من المفترض أن تكون مؤقتة، إلا أن القاعدة اللبنانية المعروفة جعلت من كل ما هو مؤقت دائما إلى أن يفرجها الله.

.
من بين البنى التحتية التي تهالكت على مرّ السنوات وتعاظمت أزماتها هي شبكة الكهرباء، التي شهدت مسرحًا للسرقات غير المسبوقة، مع تعمد مئات الآلاف من السوريين الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، سواء عبر مدّ كابلات من خلال التعدي على الشبكة، أو من خلال دفع رسوم تعرفة غير شرعية لأصحاب الأراضي التي تقوم عليها بعض من المخيمات، إذ يسعى المالك، خاصة في المناطق النائية، أو تلك القريبة من  الحدود السورية، إلى وصل خطوط كهرباء محدودة إلى داخل المخيم، ويتقاضى أموالا كبدل تزويدهم بهذه الخدمة.
وخلال العام المنصرم، كانت قد اتجهت مؤسسة كهرباء لبنان لوضع حدّ لما يحصل، من خلال عملية إلزام المخيمات بالدفع عبر تركيب عدادات ذكية.. ولكن، ما انتظر المؤسسة لم تكن تتوقعه أبدًا، إذ إن المهمة ليست صعبة فقط، إنّما شاقة لا وبل شبه مستحيلة وسط انعدام تنظيم تواجد النزوح، في ظل أن المصادر تؤكّد على أن عملية الجباية قد بدأت وإن بوتيرة محدودة.
مصادر خاصة مطّلعة على الملف تواصل معها "لبنان24"، فأكّدت أنّ المؤسسة في الوقت الحالي تحاول أن تقوم بواجباتها، إلا أن الأرضية الآن هي غير مجهّزة كما ينبغي. فمن ناحية أولى، إن الايحاء بأن الجباية ستكون شاملة لكافة المخيمات هو ضرب من الخيال، سواء لناحية العشوائية التي تتخبط بهذه المخيمات، أو لناحية تشكيل بعض المخيمات بؤرا أمنية خطرة، حسب مصدر أمني،اوضح لـ"لبنان24" أن عملية الدخول  لبعض المخيمات صعبة نوعًا ما على أي مدني، حيث تحتاج لمواكبة أمنية، وفي ظل النقص العددي الذي تعاني منه المؤسسات، فإنّه من الخطر أن يدخل أي فريق مدني، كمؤسسة كهرباء لبنان مثلا بشكل دوريّ إلى المخيمات، علمًا أن المداهمات الأمنية الدورية، كشفت ولا تزال تكشف حسب المصدر عن أسلحة وعتاد عسكرية داخل الخيم، وبالتالي إن أي احتكاك بين موظف وسوري مسلح داخل المخيم قد يؤدي إلى كارثة لا تحمل عقباها في الوضع الراهن.
ويكشف المصدر الأمني أن سوء التنظيم، والسماح ببناء مخيمات عشوائية في مناطق قريبة للحدود السورية، أو في مناطق نائية، أدى لتعاظم هذه المشاكل، وسمح للمسلحين بإدخال ما يشاء لهم من أسلحة، إلا أن القوى الأمنية هي دائما بالمرصاد، والأمر ممسوك إلى حدّ ما.
طرق ملتوية
على مقلب آخر، وبالرغم من أن قاطني الخيم لم يتخلفوا يومًا عن دفع فواتير المولدات الخاصة، فإنّ أصحاب الأراضي التي قامت عليها هذه الخيم أجبروا النازحين على دفع فواتير كهرباء الدولة بطرق غير شرعية حسب تعبير المصدر، الذي يؤكّد أن مؤسسة كهرباء لبنان حاولت منذ أخذ قرارها بقطع الكهرباء عن الخيم في حال عدم الدفع بأن ترتب الأمور وتديرها على نحوٍ لا يستفيد صاحب الأرض بأي طريقة ملتوية من تحصيل أموال لقاء الخدمة، علمًا أن العديد منهم اعترضوا على آلية تركيب العدادات وعملية التحصيل التي فرضتها المؤسسة، وهذا ما وضعها في مواجهة مع هؤلاء في بعض المناطق، وهم يراوغون لعدم الدفع بصفتهم أصحاب الأراضي، علمًا أن العلاقة يجب أن تكون معهم وليس مع النازحين، إذ يتحججون بأنّ الجمعيات التي تعد بتغطية التكاليف لم تفِ بوعدها، وهذا ما يدحضه مصدر من مؤسسة كهرباء لبنان،يؤكّد لـ"لبنان24" بشكلٍ قاطع أن المساعدات المالية التي تقدّم بشكل دوريّ من قبل الجهات المانحة إلى النازحين السوريين تتضمن بشكلٍ أساسي نفقات الكهرباء، إذ تم أخذ هذه النفقة بعين الإعتبار، وبالتالي تحجُّج أصحاب الأراضي بعدم دفع الجمعيات أو السوريين قيمة الفواتير ما هي إلا عملية تهرّب من الموجبات، ومماطلة بتمييع الملف لا أكثر، علمًا بأن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون النازحين قد أصدرت بيانًا توجّهت من خلاله للنازحين بالقول أن المساعدات التي يتلقونها تشمل مساعدات بدفع قيمة استهلاكهم للكهرباء، وأوصت بأنّ استهلاك الكهرباء من دون دفع القيم المستهلكة هو أمر مخالف للقانون، وله عواقب كقطع الكهرباء عن المخيمات، وترتيب غرامات.
 
التحصيل معقول
وعلى هذه الوتيرة تؤكّد مصادر مؤسسة كهرباء لبنان، أنّ المؤسسة بدأت بالفعل عملية التحصيل، بعد تركيب ما يقارب الـ900 عدّاد خلال العام المنصرم، والمحاضر بدأت تصدر تباعًا لناحية تحصيل الفواتير.
وتؤكّد المصادر أنّه عملا بخطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء فإن المؤسسة باتت توسّع من عملية التحصيل بشكل أسبوعيّ على كافة الأراضي اللبنانية، حيث تم مؤخرًا إخضاع مخيمات موجودة في حلبا، وبعلبك ومرجعيون وجب جنين إلى عملية التحصيل.
وهذه المخيمات تضاف إلى حصيلة المخيمات التي بدأت المؤسسة تحصّل منها سابقًا الفواتير، وبانتظار رصد المخيمات الأخرى التي لم تخضع بعد لخطة الطوارئ.
ولفت المصدر إلى أن مخيمات زحلة لا تخضع إلى هذه الخطة، علمًا بأنّ هذه المخيمات التي تخضع لشركة زحلة لم تحصل ولو ليوم واحد على كهرباء غير شرعية، إذ إن حسن التنظيم، وإدارة القطاع من دون هدر الكهرباء، مكّن الشركة من ضبط الأوضاع، وتحصيل كافة القيم الإستهلاكية من خيم النازحين.
وأظهرت الأرقام بأنّ استهلاك الكهرباء في هذه الخيم هو أقل بكثير من استهلاك الكهرباء من خيم أخرى، كالقاع مثلاً، ويوعز المتابعون ذلك إلى أن النازحين يدفعون قيم الإستهلاك، وهذا ما دفعهم إلى التقنين، إذ أن معدل الإستهلاك هو أقل من 2 ميغاواط.
وحسب المصدر، فإن شركة كهرباء زحلة بنت علاقتها بشكل مباشر مع أصحاب الأراضي التي تقوم عليها المخيمات، إذ إنّ هذه الأراضي لا تعتبر من قبيل المشاعات، وبالتالي فإن الشركة تزوّد صاحب الأرض بالكهرباء، الذي يقوم بدوره بتوزيعها على الخيم عن طريق نظام المحوّل، حيث لا علاقة مباشرة بين الشركة والنازحين، ويتم ذلك من خلال تركيب عدادات على عواميد خارج المخيم.
ويرى المصدر بأن هذه الخطة وفّرت على الشركة عناء الدخول إلى المخيمات، والتواصل مع النازحين، كما ووفرت على نفسها مغبة افتعال أي إشكالات في حال عدم دفع أي من النازحين فواتير الكهرباء، وبالتالي أبقت علاقتها مباشرة مع الشاويش أو صاحب الأرض، وفي حال تمنع الاخير عن الدفع، فإنها تقوم وبكل سهولة بقطع الكهرباء عنه، إلى حين معالجته للمشكلة مع النازحين. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: مؤسسة کهرباء لبنان أصحاب الأراضی من خلال

إقرأ أيضاً:

بتواطؤ مع الجزائر.. البوليساريو تعرض أطفال المخيمات للبيع في سوق النخاسة بأوروبا (صور)

أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة

ذقت تقارير إعلامية ناقوس الخطر محذرة من جرائم عصابة البوليساريو المتواصلة، مشيرة إلى أن الجبهة الوهمية انخرطت في "أكبر عملية لتهجير الأطفال الصحراويين" من مخيمات تندوف إلى عدد من الدول الأوروبية تحت غطاء برنامج ما يسمى بـ"عطل في سلام".

وارتباطا بما جرى ذكره، أكد منتدى "فورساتين" أن هذه العملية تروم نقل وبيع مئات الأطفال الصحراويين إلى جمعيات وعائلات أوروبية بغرض التبني، مشيرا إلى أن هذه الجريمة تمر عبر مجموعة من المراحل تحت مسميات وغطاءات مختلفة، من قبيل أنشطة ترفيهية، زيارات، رحلات، حملات علاجية، قبل أن يؤكد أن كل هذه المسميات إنما الغرض منها هو تمويه الجميع حول ما حقيقة تلك البرامج، التي تهدف إلى غسل أدمغة أطفال مخيمات تندوف واقتلاعهم من جذورهم، في أفق "تنصيرهم" لسهولة الأمر بسبب حداثة سنهم.

في ذات السياق، أوضح ذات المنتدى أن هؤلاء الضحايا يتم توزيعهم على عائلات أوروبية تنتظر دورها في طوابير سنوية للظفر بأحد الأطفال القادمين من مخيمات تندوف، في عملية وصفها بـ"المعقدة"، تتدخل فيها أطراف متعددة وتديرها قيادة جبهة البوليساريو عبر أذرعها ومؤسساتها، مشيرا إلى أنها تنطلق من الاختيار الدقيق للمرشحين، والتركيز على أطفال ينتمون لأقليات قبلية أو أطفال يتامى، بهدف تفادي الاحتجاجات بسبب عدم عودتهم إلى المخيمات عقب نهاية عطلة الصيف.

كما أوضح منتدى "فورساتين" أيضا أن العملية تعرف استثناءات فيما يتعلق ببعض المشاركين في برنامج العطل، مشيرا إلى أن قيادة البوليساريو تستغل بعض المقاعد لبيع الفيزات لبعض الأهالي النافذة، بهدف تسهيل خروج ابنائهم الى الخارج والتحاقهم ببعض أقاربهم بأوروبا للدراسة والعيش.

وشدد أيضا على أنه بالتزامن مع عملية بيع وتهجير الأطفال، تجري عملية تجارية أخرى تهم تمكين أشخاص من الهجرة إلى أوروبا تحت مسمى أطر أو مرافقين بمقابل مالي مهم، وهي عملية مضمونة وسهلة، وفق ما أكده ذات المصدر، بالنظر إلى حجم التسهيلات المقدمة من طرف الدول الأوروبية المستضيفة وكذا من النظام الجزائري الذي يجند مؤسساته وموظفين لخدمة عملية تهجير الأطفال الصحراويين من مخيمات تندوف بغرض بيعهم في الخارج. 

في سياق متصل، شدد المنتدى سالف الذكر على أن الصور المرفقة، هي نماذج فقط من أولى الرحلات التي وصلت إلى فرنسا، حيث تظهر أطفال صحراويين وهم في ضيافة إحدى الكنائس يستمعون لدروس ويتعرفون على طقوس دينية، ويخضعون للتعميد من طرف قساوستها، الأمر الذي اعتبره ضربا تاما لتعاليم الدين الإسلامي، في غياب تام لذويهم ومرافقيهم، وبعيدا كل البعد عن الشعارات الرنانة التي يرفعها برنامج "عطل في سلام " على أنه جولات ترفيهية وانسانية لأطفال مخيمات تندوف، قبل أن يؤكد أنها مشاهد تشكل صدمة سنوية لعائلات وذوي الأطفال الجدد المستفيدين من عملية التهجير، تليها صدمات أكبر وأخطر، بعد انقضاء فصل الصيف دون عودة الأطفال الأبرياء.

مقالات مشابهة

  • تحرير 17 ألف قضية سرقة كهرباء خلال حملات تفتيشية
  • بتواطؤ مع الجزائر.. البوليساريو تعرض أطفال المخيمات للبيع في سوق النخاسة بأوروبا (صور)
  • ضبط موزع أنابيب سرق سيارة "الكهرباء" جنوب الجيزة
  • أحياء واسعة في بنغازي دون كهرباء، وحماد يوجه بتكليف شركة أجنبية لحل الأزمة
  • مصطفى كامل عن أزمة انقطاع الكهرباء: «متأذي.. لكن مش هطلع اشتم في بلدي»
  • مدير كهرباء الاحتلال للإسرائيليين: لا تشتروا مولدات.. في الحرب مع حزب الله لن تجدوا وقوداً لتشغيلها
  • تحرير 16 ألف قضية سرقة كهرباء خلال حملات تفتيشية
  • أكسفورد تهدد المؤيدين لفلسطين بالعقوبات بسبب المخيمات الطلابية
  • جامعة أكسفورد تمهل الطلاب المؤيدين لفلسطين إلى يوم غد لتفكيك اعتصامهم (شاهد)
  • مصر تغلق أنشطة السودانيين حتى توفيق أوضاعهم.. تقنين أم جباية وتضييق؟