قراءة تحليلية.. «نتنياهو» المستفيد الأول من استمرار الحرب على غزة
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
في المشهد السياسي الإسرائيلي المضطرب دائمًا، غالبًا ما يتم تشبيه بنيامين نتنياهو بالناجي السياسي. ومع ذلك، يبدو أن العدوان الحالي علي غزة والمستمر منذ السابع من أكتوبر الماضي، قد أعاد تنشيط حظوظه السياسية بطريقة لم يكن من الممكن أن يتوقعها إلا قليلون. ومع انقشاع الغبار، يصبح من الواضح بشكل متزايد أنه وسط الفوضى والدمار، يقف نتنياهو باعتباره المنتصر الوحيد.
قبل الخوض في ديناميكيات نجاة نتنياهو، من المهم أن نعرف جيدًا الخلفية التي نشأ عليها هذا التحليل.
ففي الأشهر التي سبقت العدوان على غزة، كانت الحياة السياسية لنتنياهو تتأرجح على حافة الانهيار. واجتاحت البلاد موجات من الاحتجاجات تطالب باستقالته بسبب اتهامات بالفساد وعدم الرضا عن تعامله مع جائحة كوفيد-19.
وجد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه محاصرًا من قبل خصومه من داخل ائتلافه ومن المعارضة، مع تزايد الأصوات المطالبة بإقالته يومًا بعد يوم.
ومع ذلك، فإن العدوان والقصف الوحشي علي المدنيين في قطاع غزة أدى بسرعة إلى تغيير المشهد السياسي. لقد أدرك نتنياهو، وهو خبير تكتيكي متمرس، الفرصة التي توفرها له الحرب. ومع استمرار الحرب علي غزة، احتشد الشارع الإسرائيلي حول زعيمها في عرض للوحدة نادراً ما نشهده في أوقات السلام. وتحول التركيز من السخط الداخلي إلى الأمن القومي، مما يوفر لنتنياهو شريان حياة على وجه التحديد عندما كان في أمس الحاجة إليه.
لم يكن توقيت الحرب أكثر مصادفة بالنسبة لنتنياهو. ومع تحول انتباه الجمهور الإسرائيلي نحو غزة، تضاءل الزخم وراء الاحتجاجات. ووجدت المعارضة التي كانت موحدة ذات يوم نفسها تتصارع مع تعقيدات معالجة أزمة متعددة الأوجه، مما لم يترك مجالًا كبيرًا للضغط المستمر على رئيس الوزراء الإسرائيلي المحاصر. وظهرت الانقسامات داخل الشارع الإسرائيلي، حيث أصبحت الآراء حول قيادة نتنياهو مستقطبة بشكل متزايد.
والأهم من ذلك هو أن تعامل نتنياهو مع الحرب علي غزة سمح له بالاستفادة من صورته كحامي حما الصهيونية- وهي رواية لها صدى عميق لدى شريحة كبيرة من الناخبين الإسرائيليين المتطرفيين.
علاوة على ذلك، فإن الرد الدولي على الحرب في غزة كان في مصلحة نتنياهو. ورغم أن الإدانة كانت سريعة من جميع الدول والجهات، وخاصة من المنظمات الإنسانية وبعض الحكومات الغربية، فإن حلفاء إسرائيل التقليديين، بما في ذلك الولايات المتحدة، عرضوا دعماً لا يتزعزع لحقها في الدفاع عن النفس. وقد زود دعم الحلفاء الرئيسيين نتنياهو بقشرة من الشرعية، مما حماه من وطأة الانتقادات الدولية.
ومع احتدام الحرب علي غزة، يجد نتنياهو نفسه في موقف متناقض. وفي حين أن أعمال العنف تلحق خسائر فادحة من حيث الأرواح البشرية والبنية التحتية، إلا أنها من الناحية السياسية تعمل كحاجز ضد منتقديه الذين لا تعد ولا تحصى. وكلما طال أمد الحرب، كلما أصبح موقف نتنياهو أكثر رسوخاً، في حين يتصارع الجمهور الإسرائيلي مع التعقيدات المرتبطة بالأمن القومي.
في الختام، برز العدوان في غزة باعتباره لحظة محورية في مسيرة نتنياهو السياسية، حيث حوله من زعيم على وشك النسيان السياسي إلى شخصية مرنة تبدو قبضتها على السلطة أقوى من أي وقت مضى. وفي حين أن التكلفة الحقيقية للحرب قد لا تتحقق بالكامل إلا في الأشهر والسنوات المقبلة، إلا أن هناك أمراً واحداً يظل واضحاً تماماً – وهو أن الفائز الأول في العدوان علي غزة هو بيبي، بنيامين نتنياهو.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نتنياهو غزة الحرب بيبي إسرائيلي علی غزة
إقرأ أيضاً:
انضموا إلى «التمرد الصامت».. الكوماندوز البحري الإسرائيلي يطالب نتنياهو بوقف الحرب على غزة
في تطور لافت يعكس حجم التوترات الداخلية، تشهد قوات الاحتلال الإسرائيلي موجة من الاحتجاجات والتمردات بين صفوف جنود الاحتياط وضباط داخل الجيش، اعتراضًا على استمرار العمليات العسكرية في قطاع غزة، والتي خلفت حتى الآن آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال.
أصوات من الداخلعدد من الجنود رفضوا المشاركة في العمليات العسكرية أو العودة إلى الخدمة الاحتياطية، معتبرين أن الحرب «لا أخلاقية» وتؤدي إلى مزيد من التدمير والمعاناة الإنسانية دون تحقيق أهداف واضحة، والبعض وصف ما يجري بأنه حرب بلا نهاية تُستنزف فيها الموارد وتُفاقم العزلة الدولية لإسرائيل.
تمرد صامتفي تقارير مسربة لوسائل إعلام عبرية، أشار ضباط إلى وجود ما يُعرف بـ «التمرد الصامت» حيث لا يلتزم عدد من جنود الاحتياط بالاستدعاءات العسكرية، في وقت يتحدث فيه محللون عن تراجع في الروح المعنوية وتزايد التساؤلات حول جدوى العمليات.
احتجاجات عائلات الجنودبجانب العسكريين، خرجت عائلات جنود إسرائيليين في مظاهرات داخل تل أبيب ومدن أخرى، رافعين لافتات تطالب بإنهاء الحرب وعودة أبنائهم من الجبهة. بعض الأهالي عبّروا عن رفضهم للسياسات الحكومية التي وصفوها بـ «العبثية» والتي تدفع بأبنائهم إلى محرقة عسكرية لا مبرر لها.
ضغط دولي متزايدوهذه الاحتجاجات تأتي في ظل تصاعد الضغوط الدولية على الاحتلال الإسرائيلي، وتكثيف الدعوات لوقف إطلاق النار، خاصة بعد التقارير الأممية التي تتحدث عن كارثة إنسانية في غزة.
الانقسام الداخلي يتعمقويرى مراقبون أن هذه التحركات قد تعكس شرخًا داخليًا آخذًا بالاتساع داخل المجتمع الإسرائيلي، خاصة بين من يدعمون الحرب لأسباب أمنية ومن يرون فيها مجازر بحق المدنيين الأبرياء.
قوة الكوماندوز البحري ووحدة السايبرأفادت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، أن فئات جديدة من قوة الكوماندوز البحري ووحدة السايبر في الاحتياط انضمت للاحتجاج للمطالبة باستعادة الأسرى ووقف الحرب على غزة.
جنود الاحتياط في سلاح الجووقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن أكثر من 200 من الجنود والمحاربين القدامى بسلاح البحرية قدموا عريضة جديدة، تدعو لإعادة المخطوفين ولو مقابل وقف الحرب.
الاحتياط والمدنيينوخلال الـ48 ساعة الأخيرة، انضم آلاف الإسرائيليين العسكريين في الاحتياط والمدنيين من قطاعات مختلفة إلى الرسالة التي وقعها المئات من جنود الاحتياط في سلاح الجو من بينهم طيارون، ودعت إلى وقف الحرب لإعادة الأسرى.
العمليات الخاصةوانضم المئات من جنود العمليات الخاصة إلى الرسالة التي وقعها المئات من جنود الاحتياط في سلاح الجو من بينهم طيارون، ودعت إلى وقف الحرب لإعادة الأسرى.
اقرأ أيضاً«تمرد عسكري» في إسرائيل.. لماذا تعصف الفوضى والتفكك بجيش الاحتلال؟!
إعلام عبري: محاولة لاحتواء تمرد جنود احتياط في سلاح الجو الإسرائيلي
جنود الاحتلال يتمردون على الحرب ويطالبون بصفقة