السفير ناصر كامل: مصر اضطلعت بمسئوليتها إزاء أهل غزة.. وحشدت موقفًا دوليًا لرفض تهجير الفلسطينيين
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
أكد الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط، السفير ناصر كامل، أن مصر اضطلعت بدورها ومسئوليتها الإنسانية والأخلاقية والتاريخية إزاء أهل قطاع غزة، وعملت على إنقاذ القضية الفلسطينية من المحاولات الرامية إلى تصفيتها، إذ نبهت بشكل حاسم من خطورة تفريغ الأرض من سكانها ما أدى إلى حشد موقف دولي لرفض التهجير القسري.
وأضاف ناصر كامل، في حديث خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، على هامش مؤتمر "سد الفجوات بين الجنسين في القطاع المالي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: نحو تطوير الأعمال التجارية التي تقودها النساء" -الذي نظمه الاتحاد من أجل المتوسط واتحاد المصارف العربية بالقاهرة - أن القيادة السياسية المصرية ملتزمة بدعم ومساندة الأشقاء في فلسطين لأسباب أخلاقية وتاريخية وجيوسياسية وأمنية واقتصادية.
وتابع أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تمثل خطرًا على الأمن القومي المصري ومقدرات الاقتصاد المصري، إذ إن اتساع رقعة الصراع بالمنطقة تؤثر على قناة السويس وعلى تدفق السياحة إلى البلاد.
وشدد على أن مصر لها دور محوري وأساسي في دعم القضية الفلسطينية ومساندة الفلسطينيين وذلك بحكم وحدة الجغرافيا وارتباط الشعب المصري بهذه القضية التي لم تنفك عنه، حيث قدمت مصر في سبيلها كل ما هو غالٍ ونفيس منذ عام 1948 ولا تزال حتى يومنا هذا تتضامن مع الشعب الفلسطيني في آماله وطموحات المشروعة نحو إقامة دولته المستقلة.
وأشار إلى أن العالم شاهد محددات الموقف المصري في هذه الأزمة بدءا من رفضه تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه التاريخية وتصديه لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية وما يترتب عليه من تهديد للسلم والأمن الدوليين، مرورًا بحتمية نفاذ المساعدات الإنسانية لنجدة أهل غزة الذين يعانون الجوع والعطش والمرض.
ونوه إلى أن مصر تعد أهم وسيط فيما يتصل بمفاوضات الهدنة بقطاع غزة، ومنخرطة في قلب تلك الأزمة ولا يمكن أن تكون خارجها من منطلق موقعها ومسئوليتها تجاه أمتها العربية والتزامها التام بالوقوف مع الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة نحو تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أرضه المحتلة.
وردا على سؤال حول موقف الاتحاد من أجل المتوسط -الذي يضم في عضويته إسرائيل وفلسطين- حيال الحرب الدائرة ضد قطاع غزة، قال إن اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد من أجل المتوسط الذي عقد ببرشلونة في نوفمبر الماضي، قد تمّ تخصيصه لمناقشة تطورات الأوضاع في قطاع غزة، وكان فرصة لتبادل آراء البلدان في هذا الشأن وتحليل الوضع المأساوي اﻟﻘﺎﺋﻢ في المنطقة واستكشاف السبل المستقبلية.
وأبرز أن الاجتماع شهد أكبر مشاركة لوزراء الخارجية في تاريخ المنظمة الأورومتوسطية منذ انشائها، بحضور ٣٩ وزيرًا من بينهم كافة وزراء خارجية الدول الأوروبية الرئيسية ووزراء الخارجية العرب الأعضاء بالاتحاد، بجانب وزير المملكة العربية السعودية ممثلًا عن اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المعنية بالتواصل مع الفاعلين بالمجتمع الدولي ولاسيما دول الاتحاد الأوروبي لعرض وجهة النظر العربية الإسلامية الداعية إلى ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار والعمل حثيثًا نحو عملية سياسية تفضي إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية تتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل وعاصمتها القدس.
وأكمل الأمين العام أن هذا الاجتماع الوزاري أظهر اهتمامًا بالغًا من قبل الدول الأعضاء بالاتحاد من أجل المتوسط، وكان بمثابة خطوة أولى مثلت الإرادة الجماعية في أن يكون لهم موقف إزاء الحرب الدائرة في قطاع غزة وتداعيات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على المنطقة برمتها.
وتابع أنه وبالفعل أصدرت الرئاسة المشتركة للمنظمة الأورومتوسطية بيانًا تضمن العناصر الرئيسية المطلوبة لحلحلة الأزمة، إلا أن الواقع والوضع الحالي يشيران إلى أنه منذ ذلك الحين وحتى هذه اللحظة لايزال الشعب الفلسطيني يعيش في مأساة داخل قطاع غزة ويعاني من ممارسات الحرب الشعواء التي تشن ضده سواء على صعيد الاستهداف العسكري المباشر أو بسبب عرقلة نفاذ المساعدات الإغاثية بشكل يضمن له استدامة الحياة بتلك المنطقة.
ونبه إلى أن الاتحاد من أجل المتوسط يركز خلال المرحلة الحالية على النظر في كيفية أن يكون له دور في مرحلة ما بعد التوصل لوقف إطلاق النار، وذلك حال استطاعت الدول المعنية وضع إطار يفضي لإعادة إعمار غزة، حيث سيعمل على المساهمة في دعم قدرة الإدارة الفلسطينية وسيلعب دورًا في عملية إعادة الإعمار.
وذكر بأن جدول أعمال الاتحاد من أجل المتوسط كان على رأسه إنشاء محطة لتحلية المياه في قطاع غزة ولكن نظرًا للمعوقات غير المسبوقة التي وضعتها إسرائيل في ذلك الوقت وحتى هذه اللحظة ورغم توفر الأموال المطلوبة لتنفيذ تلك المحطة، لم يتم إنشاؤها حتى الآن.
وسلط الضوء، في هذا الصدد، على أن المنظمة الأورومتوسطية منذ إطلاقها تضع نصب أعينها أن يكون لها دور في مسألة توفير حياة كريمة لأبناء شعب فلسطين ضمن إطار يفضي إلى حل سياسي يُمكن الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإنشاء دولته المستقلة.
وأعرب عن أمله في أن تنتهي هذه المأساة بالتوصل إلى مسار سياسي يحقق للشعب الفلسطيني آماله وتطلعاته من منظور تنموي واقتصادي، مع إعادة إعمار القطاع ودعم قدرة السلطة الفلسطينية، مؤكدًا أن الاتحاد من أجل المتوسط يركز على أن يكون له قيمة مضافة تعود بالنفع على الفلسطينيين وتحديدًا في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب.
وفيما يتعلق بمؤتمر "سد الفجوات بين الجنسين في القطاع المالي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: نحو تطوير الأعمال التجارية التي تقودها النساء"، الذي نظمه الاتحاد من أجل المتوسط (UfM) واتحاد المصارف العربية (UAB)، على مدار يومين بالقاهرة، أوضح الأمين العام أنه تم اختيار توقيت المؤتمر تزامنًا مع الاحتفال باليوم العالمي للمرأة بهدف الحديث حول مسألة اندماج النساء في الحياة الاقتصادية بصفة عامة، ودخولها إلى الخدمات المصرفية بصفة خاصة.
وشدد على أهمية انخراط المرأة في الحياة الاقتصادية لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ إن كل الدراسات أثبتت أنه إذا شاركت المرأة بشكل رئيسي وأساسي في الحياة الاقتصادية للبلدان العربية تحديدًا فسيؤدي ذلك إلى زيادة غير مسبوقة في حجم الناتج القومي الإجمالي لهذه المنطقة، بنسبة تتراوح بين 8 إلى 15%، بما يعني إضافة نحو 600 مليار دولار إلى الناتج القومي الإجمالي للمنطقة بشكل عام.
وأضاف، في هذا الشأن، أن "تمكين المرأة اقتصاديًا" لا يتعلق فقط بفكرة حصولها على الحقوق أو بكونه قضية أخلاقية ولابد أن تحصل على ذات الفرص المتاحة للرجال في المجتمع على الصعيد الاقتصادي، إنما هي ايضًا قضية تحفيز النمو الاقتصادي في المنطقة وتسريع وتيرة اللحاق بركب الدول المتقدمة في هذا المجال.
وتحدث عن أن "مؤتمر القاهرة" سلط الضوء على كافة القضايا الفنية المتعلقة بكيفية زيادة قدرات وإمكانيات المرأة، خاصة رائدات الأعمال، على النفاذ إلى رأس المال والخدمات المصرفية والاستثمارات، قائلًا:" لذا قمنا بتنظيم هذا المؤتمر مع اتحاد المصارف العربية بهدف تشجيع المؤسسات المصرفية في العالم العربي وشمال أفريقيا بما يجب فعله حتى تزيد مساحة انخراط المرأة ولاسيما من رائدات الأعمال في مجمل النشاط الاقتصادي بمعدلات أسرع لتحقيق الأهداف المرجوة".
وحول ملف المرأة في مصر، أكد أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط أنه بلا شك منذ عام 2014 وضعت القيادة السياسية والحكومة المصرية ملف تمكين المرأة في مصر على رأس أولوياتها.
ونوه بأن مصر إحدى دول المنطقة الأكثر اهتمامًا وانخراطًا فى هذا الملف منذ سنوات عديدة، وتسارع هذا الاهتمام سواء على المستوى التشريعي أو على المستوى العملي خاصة فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة أو التحرش أو التنمر الإلكتروني، مستشهدًا بتحرك الدولة المصرية سريعة للتعامل مع بعض تلك الأحداث.
وتابع أن مصر لديها عدد كبير من النساء رائدات الأعمال المشاركات في جميع مناحي النشاط الاقتصادي، منبهًا بأن ذلك لا يعني أننا قد وصلنا إلى المستويات العالمية في هذا الشأن، معتبرًا في الوقت ذاته أنه لا يزال هناك حاجة لبذل الكثير من الجهد للوصول إلى تلك الأهداف.
ورأى أن ما هو مبشر وسط تلك التحديات، أن الحكومة المصرية لديها وعي ومدركة لذلك وتعمل على الوصول بمعدلات إدماج المرأة، في سوق العمل وخاصة بالنسبة لرائدات الأعمال لتعزيز قدرتهن على تطوير وزيادة حجم أعمالهن، الأمر الذي لا يمثل فقط إضافة لدور المرأة في المجتمع، وإنما يعزز أداء الاقتصاد المصري من منظور تسارع معدلات النمو.
واختتم السفير ناصر كامل بالتأكيد على أن مصر تسير على الطريق الصحيح في ملف تمكين المرأة، وقادرة على بذل المزيد من الجهود للوصول إلى ما تصبو إليه فيما يتعلق بالمساواة وسد الفجوات بين الجنسين في القطاع المالي وتعزيز مكانة المرأة فى كافة المجالات.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الحكومة المصرية غزة التهجير القسري الاتحاد من أجل المتوسط الشعب الفلسطینی وشمال أفریقیا الشرق الأوسط المرأة فی ناصر کامل قطاع غزة أن یکون أن مصر إلى أن فی هذا على أن
إقرأ أيضاً:
حملة لرفض بيع ثالث أكبر بنك حكومي مصري للإمارات.. وخبراء يقدمون البديل
بدأ بنك "الإمارات دبي الوطني" بإجراءات الفحص النافي للجهالة تمهيدا لشراء "بنك القاهرة، وبعد موافقة البنك المركزي المصري ، وسط توقعات بإتمام الصفقة خلال شهر ونصف الشهر، وبقيمة تزيد عن مليار دولار.
و"بنك القاهرة"، الذي جرى تأسيسه نهاية عهد الملك فاروق في 15 أيار/ مايو 1952، على يد عائلات ثرية على رأسها سلالة كاتاوي اليهودية المصرية، وعائلة ساسون المصرفية اليهودية الثرية من حلب، كبنك خاص؛ تم تأميمه وضمه لأملاك الحكومة المصرية في 21 تموز/ يوليو 1961.
"3 صفقات بيع في 17 عاما"
وفي عهد حسني مبارك، وفي حزيران/ يونيو 2008، وبعد بيع بنك الإسكندرية عام 2006، قررت حكومة أحمد نظيف بيع بنك القاهرة، لكن الصفقة تعثرت حينها، ليعيد رئيس النظام الحالي عبدالفتاح السيسي، فكرة بيع البنك للمرة الثانية عام 2020، لكن جائحة "كورونا"، تسببت في تعثر الطرح.
وفي شباط/ فبراير من العام الماضي، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إدراج "المصرف المتحد"، و"العربي الأفريقي الدولي"، و"بنك القاهرة"، ضمن برنامج الطروحات الحكومية في البورصة أو للبيع لمستثمرين أجانب في خطوة هي الثالثة لبيع خامس أكبر بنك على مستوى أصول الجهاز المصرفي المصري.
لكن، سبق تلك الخطوة، قيد أسهم البنك في سوق الأوراق المالية عام 2017، ما تبعه ضم "صندوق مصر السيادي" لـ"بنك القاهرة"، بداية 2023، تمهيدا لبيع من 20 إلى 30 بالمئة من حصصه، ثم نقل ملكية البنك كاملة إلى "بنك مصر"، في صفقة بنحو 7 مليارات جنيه في نيسان/ أبريل 2023.
ولـ"بنك القاهرة"، شبكة فروع هي الأوسع انتشارا بعد "الأهلي" و"مصر"، بعدد 248 فرعا ونحو 1640 ماكينة صراف آلي بأغلب المدن والقرى المصرية، فيما يمتلك محفظة ودائع تتخطى 347 مليار جنيه،
ووفقا للبيانات المالية لبنك القاهرة، فقد سجل منذ مطلع 2024، وحتى أيلول/ سبتمبر الماضي، أداء إيجابيا، محققا صافي ربح بقيمة 8.6 مليار جنيه بزيادة 90 بالمئة عن الفترة المقارنة من عام 2023، مع ارتفاع إجمالي الأصول إلى 478 مليار جنيه، فيما سجلت ودائع العملاء 347 مليار جنيه، وإجمالي محفظة القروض 216 مليار جنيه.
وفي 10 آذار/مارس الجاري، أعلن موقع "الشرق مع بلومبيرغ"، حصول بنك "الإمارات دبي الوطني" على الضوء الأخضر من البنك المركزي المصري لبدء الفحص النافي للجهالة بغرض الاستحواذ على "بنك القاهرة"، في صفقة قد تزيد قيمتها عن مليار دولار.
ونقل الموقع الاقتصادي عن مصدر مطلع على الصفقة قوله إن مؤسسة كويتية كانت قد أبدت رغبتها في الاستحواذ على البنك، لكن حكومة القاهرة سمحت لبنك "الإمارات دبي الوطني" بالمضي قدما بالصفقة، ما أثار مخاوف واعتراضات مصريين.
"لهذا يرفض المصريون"
وأعرب سياسيون وخبراء اقتصاد مصريون رفضهم للصفقة، لأسباب منها أن البنك مملوك بنسبة 99 بالمئة لـ"بنك مصر"، ثاني أكبر البنوك الحكومية في البلاد بعد "البنك الأهلي"، وكلاهما من المصارف الرابحة، ولهما أصول محلية ضخمة.
ثاني الاعتراضات جاءت تقول إن الحكومة المصرية فضلت التعامل مع البنك الإماراتي، عن المؤسسة كويتية التي أبدت رغبتها في الاستحواذ على البنك، فيما وصفها الكاتب الاقتصادي مصطفى عبد السلام الصفقة بأنها "بيع بالأمر المباشر".
كذلك، أشار البعض إلى أن قيمة الصفقة مع البنك الإماراتي المقدرة بمليار دولار، أقل بكثير من عرض "البنك الأهلي اليوناني" لشراء "بنك القاهرة" عام 2008، قبل 17 عاما، والبالغ حينها 2.250 مليار دولار، في صفقة رفضتها حكومة القاهرة آن ذاك.
وفي السياق، لفت مصريون إلى المخاوف المتعلقة بالأمن القومي، خاصة وأن البنك يمتلك محفظة أصول كبيرة في شبه جزيرة سيناء، التي تمثل منطقة أمن قومي هامة لمصر، ويتخوف عليها المصريون من تنفيذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته بتهجير أهالي غزة إليها.
"صفقة مشبوهة"
وشن القيادي بحزب المحافظين مجدي حمدان موسى، حملة مع سياسيين آخرين ضد التفريط في البنك، مؤكدا أن القيمة المعروضة الآن لبيع البنك لا يتناسب مع قيمة أصول البنك التي تجاوزت 477 مليار جنيه (نحو 9 مليارات دولار) وأرباحه التي بلغت 120 مليار جنيه (2.4 مليار دولار) حتى نهاية 2024.
وحول الحلول البديلة عن البيع ووقف صفقة "بنك القاهرة" مع بنك إماراتي، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بحزب المحافظين، لـ"عربي21": "عن طريق الاعتراض الجماعي بالكتابة على كل الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي"، داعيا لحملة تدوين واسعة لرفض الصفقة، وتبيان مخاطرها وخسائر مصر منها.
وكان موسى، قد وصف الصفقة بـ"المشبوهة"، مشيرا في تصريح لموقع "حزب المحافظين"، إلى أنها تمت بتسرع ودون دراسة كافية، وشبهها ببيع "تاجر أفلس ممتلكاته بأقل من قيمتها"، محذرا "من تداعياتها على استقرار القطاع المصرفي وثقة المستثمرين"، ومطالبا بمراجعة التفاصيل واعتماد حلول بديلة كتحسين أداء البنك بدلا من بيعه".
"دفن الدفاتر القديمة"
من جانبه، قال مؤسس "موسوعة المعرفة" المصري نائل الشافعي، إن "الدولة تحاول منذ عام 1995 بيع بنك القاهرة للتخلص من دفاتر جرائم نهب هي التي صنعت تقريبا كل رجال الأعمال الحاليين".
وبين أن "ديون البنك المعدمة تصل 12 مليار دولار، وراح ضحيتها النزيه محمد أبوالفتح عبدالعزيز رئيس البنك، الذي قال إن لديه تسجيلات بالأوامر الهاتفية لمنح كل تلك القروض، فعثروا على جثته عام 2004 في الزنزانة".
وعن ضعف أرقام صفقة بيع بنك القاهرة في عهد السيسي عنها بعهد حسني مبارك، كشف الباحث الاقتصادي مصطفى عادل، أن العروض المالية المقدمة حينها كانت من "الأهلي اليوناني" بقيمة 2.250 مليار دولار، ومن "المشرق الإماراتي" بنحو 1.3 مليار دولار، ومن "العربي الأردني" بحوالي 1.2 مليار دولار"، لافتا إلى أنه بعد 17 سنة يرصد له مليار دولار فقط.
"مع الاستثمار.. ولكن"
البرلماني المصري السابق طلعت خليل، لفت إلى أنها "صدمات لا تنتهي، وبنك القاهرة ليس الأخير في سلسلة الصدمات"، مشيرا لضرورة "تقديم الحل البديل كمعارضة وقوى مدنية وكبرلمانيين سابقين"، ملمحا إلى حلول عرضها البعض "مثل طرح البنك للاكتتاب العام، أو دخول رجال أعمال شرفاء للشراء، لإنقاذ أحد أهم الأصول المالية".
وقال لـ"عربي21": "للأسف الشديد الأمر يتم تحت زعم الاستثمار، وللتوضيح والتأكيد لست ضد الاستثمار الخارجي، ولكن أن يتحول الاستثمار الخارجي للدخول في مفاصل الاقتصاد، وتوجيهه بشكل معين، ووضعه تحت المقصلة لدولة أخرى، فهذا مقلق".
وأضاف: "بشكل عام الاستثمارات الإماراتية في مصر تُقلق كثيرا خاصة وأنها لم تتوقف على بنك القاهرة، وجرى منحها استثمارات بمجالات الأغذية، والأدوية، والكيماويات، والموانئ، والمطارات، وغيرها من الأمور التي تمس الأمن القومي".
وتابع: "بل ومدينة كاملة بمحافظة حدودية وهي (رأس الحكمة) في مرسى مطروح، وكلها أمور مقلقة للغاية، ونخشى أن يكون لها تأثير سلبي على الأمن القومي المصري فيما هو قادم".
ولفت إلى أن "قيمة الصفقة لا تساوي ما يحتويه البنك من أصول واسم تجاري كبير، لذلك فهناك ريبة في الموضوع، وهنا على البرلمان المصري دور بمثل هذه الأمور فهو سلطة الشعب التي تراقب الحكومة، في ظل أحزاب سياسية خارج المشهد وأخرى تم تدجينها".
"تدخل مشبوه"
وفي رؤيته، قال كبير المستشارين في "الكونسورتيوم الأمريكي- واشنطن" الدكتور علاء الدين سعفان: "التدخل الإماراتي باقتصاد مصر تدخل سافر بشكل لا ينبغي السكوت عليه منذ 2013، وبشكل ممنهج بقطاعات استراتيجية تمس الأمن القومي".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أنهم "يرون لهم حقا بهذا التدخل لأنه كما يقول المصريون: بـ(فلوسهم)، دعموا النظام الحالي دعما لا محدودا، والآن يأخذون المقابل، ويعتقدون أنه ليس للمصريين أن يعترضوا على تاجر دفع الثمن مقدما ويتسلم البضاعة بالتدريج وعلى مدار السنين، وكلما اشترى شيئا اشتراه بسعر بخس، وأضر بالاقتصاد ومفاصله".
ولفت إلى أن "الفحص النافي للجهالة لا يكفيه 45 يوما ليتم بالنحو الفني المهني المتعارف عليه، وهذا يدل على أن المشتري سيشتري بأي ثمن وفي كل الأحوال، سواء الفحص لصالحه أم لا، هو يريد السيطرة على البنك لمجرد السيطرة".
وألمح إلى أن "هناك أسباب مصرفية كثيرة أبعد بكثير من أن بنك القاهرة يمتلك أصولا بشركات أخرى وبسيناء؛ وهناك أمور لا يعلمها إلا المصرفيون، وهناك أموال ضخمة ببنك القاهرة خارج التغطية الإعلامية، ودخول الإمارات معناه أنها ستسيطر على تلك الأموال، كما الـ45 يوما دالة على أن الدولة تتعجل استلام قيمة الصفقة".
"لهذا يعد فاشلا"
وعلى غير رؤية كثيرين، يرى الخبير المصري أن "البنك قد لا يستحق إلا السعر المتوقع للصفقة وهو مليار دولار حاليا، بينما كان في 2008 أكثر من 2 مليار بعرض البنك الأهلي اليوناني، وسيقول البعض إن الأصول تتجاوز 7 مليارات جنيه لكن أمر المصارف يتم حسابه بطريقة أخرى".
وبين أن "هناك ودائع بالبنك يجري فقط توظيف نسبة النصف منها أو يزيد، وهو ما يعني فشل مصرفي بإدارة الودائع، إذا فهو قد لا يستحق إلا هذا المبلغ، وهذه نقطة فنية، والأمر لا يُقاس بالأصول ولكن بالعائد الداخل للمصرف من قدرته على توظيف أموال المودعين، وهذا ينم عن سوء إدارة مصرفية ومالية وانعدام الخبرة أو ضعفها، وعلى سوء السوق المحلية وأنه غير جيد بالكفاية أن يُضخ به 100 بالمئة من الودائع".
ولفت إلى تجربة بنك خليجي "وظف 117 بالمئة من حجم الودائع عام 2023، وعندما ظهرت نتائج 2024، تراجعت نسبة توظيف الودائع بالسوق إلى 112 بالمئة بنزول 5 بالمئة، وبرغم أن التوظيف هنا تجاوز 100 بالمئة من أموال المصرف والفوائض والاحتياطيات والمخصصات وأكثر من حجم الودائع، إلا أن النزول استدعى تحويل الإدارة التنفيذية للبنك إلى التحقيق".
وجرى سؤالهم: " لماذا نزلت النسبة 5 بالمئة؟ وهل ذهبت لمنافس آخر؟ وهل هناك مشكلة بخدمة العملاء وأسلوب التعامل؟ أو بفهم السوق ونوعية الخدمات المصرفية؟ أو أن خدمات مصارف أخرى تطورت ولم يجاريها المصرف؟ أو أن هناك أخطاء من الفريق التنفيذي جعل نسبة من العملاء تذهب لبنك آخر؟".
وأوضح أنه "في المقابل؛ بنك القاهرة يوظف فقط 50 بالمئة أو أكثر قليلا من حجم الودائع، ما يعني أنك تشتري بنك فاشل، ويحتاج لجهد كبير، والنقطة الثانية أن السوق لا يحتمل أن توظف فيه أكثر من ذلك لأن الحكومة هي العميل الرئيسي".
ولفت إلى أنه "في الواقع المقترض الرئيسي هي الحكومة، وإذا سيطرت الحكومة على ودائع العملاء فهذا يضر بالعملاء والاقتصاد، ولذا فاستمرار بنك القاهرة بحوزة الدولة يضر بالاقتصاد والقطاع الخاص، حيث تخرج أغلب ودائعه للدولة، وبدولة مستقرة نقول إنها بأمان".
وألمح إلى أنه "عندما تكون الدولة منتجة تكون قادرة على سداد الأقساط ولا تقترض لسداد قروض جديدة، كما هو وضع مصر الشائك، والاقتصاد غير المتطور والنهضة العمرانية التي لا يقابلها تطور اقتصادي على التوازي، كلها تجعل مسألة إقراض الدولة فقط يعيب وضع بنك القاهرة ويخفض قيمته".
ويعتقد الخبير المصري أن "الحكومة لن تقدر على عدم البيع، ولا حل لها إلا بيع الأصول، وبعدما دخلت بطريق اتجاه واحد لا عودة منه لابد من بيع آخر طوبة من مصر لسداد الأقساط القديمة من القروض القديمة".
"المستثمر الحقيقي وتجار الأزمة"
وقال: "بنظرة فيها شيء من المهنية وبمنطق أنه في كل الأحوال سيبيع الأصول فالأفضل بصفقة بنك القاهرة وغيره أن يكون المشتري أمريكي لا خليجي، لأن مصر بحاجة ماسة للدولار، ولا يمتلك الدولار إلا الأمريكان، فمبيعات النفط والغاز موجودة بالبنوك الأمريكية، وكل ما هو مقوم بالدولار ليس تحت يد مالكه والخليجيون لا يملكون هذه الأرصدة".
ويرى أن "دخول بنك أمريكي أو صندوق استثماري أمريكي على علاقة بوزارة الخزانة أو البنك الاحتياطي الفيدرالي والبيت الأبيض يعود على حجم الأموال بالدولار بالنفع، لأنها دولارات جاءت من المصدر الذي يطبع الدولار، وهذه مسألة لا يفهمها كثير من المتخصصين، لذلك أجزم بأن المستثمر الأمريكي الأفضل بمرحلة (بيع ياعواد) الحالية".
وخلص للقول إن "بيع الأصول للإمارات أمر سيء وتركها بيد الحكومة المصرية سيء، والبيع لمؤسسات أمريكية يجلب التكنولوجيا العالية، والخدمات المصرفية المتقدمة، ووصفات أدوية كنا نستوردها، لنوفر عملة صعبة، وعلاج بتقنيات أعلى وأحدث ومناخ عمل أفضل للعمالة، وتحرك جيد للسوق، وهي تقنيات تفتقد بعضها الدول الخليجية".
لكنه عبر عن أسفه من أن "الوضع في مصر لا يسمح بدخول الاستثمارات الغربية، كون المناخ غير مناسب لها، وأشياء كثيرة غير متوفرة، الوضع القانوني والدستوري والتحكيم التجاري وتحويل الأرباح بين مشاكل كثيرة لا تتوافق مع المعايير العالمية، ما يمنع المستثمر الحقيقي ولا يدخل سوى تجار الأزمة".