مركبات الفلسطينيين في القدس.. مخالفات وتضييق انتقامي
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
القدس المحتلة- تحول المقدسيون في حي بطن الهوى ببلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، إلى فريسة لشرطة الاحتلال ومخالفاتها بسبب رَكن مركباتهم بمحاذاة بيوتهم.
ويضطر السكان لذلك بعد استيلاء جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية على قطعة أرض فلسطينية بمساحة دونمين (الدونم= ألف متر مربع)، وذلك في 19 فبراير/شباط الماضي، كان يستخدمها الأهالي كموقف مشترك لمركباتهم.
ووُزعت المخالفات بعد ساعات من قمع قوات الاحتلال للأهالي الذين اعترضوا على مصادرة الأرض، ويرى السكان أنها لم تكن إلا وسيلة أخرى للتنكيل بهم ودفعهم إلى الخروج من الحي.
أعادت هذه الحادثة قضية ركن المركبات شرقي القدس المحتلة إلى الواجهة، حيث يعاني المقدسيون من شح مواقف السيارات في الأحياء السكنية أو الأماكن العامة.
كما يتعرضون لمخالفات يومية بسبب الركن المخالف تُقدر بآلاف الدولارات، وبينما يسمح للمستوطنين بإيقاف مركباتهم عشوائيا خلال المباريات الرياضية، فإن شرطة الاحتلال تتعقب مركبات المصلين أثناء الصلاة في المسجد الأقصى.
يقول المقدسي محمد أيوب من حي رأس العامود بالقدس المحتلة للجزيرة نت، إنه يضطر لإخفاء لوحة مركبته ليلا عند ركنها قرب بيته، لأن طواقم بلدية الاحتلال تتعمد إجراء جولاتها في الأحياء المقدسية فجرا والناس نيام، وتُغرّم معظم المركبات المركونة على الرصيف. ويؤكد أنه "لا بديل ليركن مركبته، فلا يوجد موقف خاص في بيته، ولا موقف عام قريب في الحي".
وتسلط بلدية الاحتلال أذرعها المختلفة بإيعاز من الشرطة أو المخابرات الإسرائيلية لمعاقبة بعض المقدسيين، كما حدث بشكل ملحوظ بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث اقتحمت -وما تزال- طواقم الضريبة والجباية بيوت عائلات الأسرى أو الشهداء وتحرر مخالفات كيدية بحقهم.
كما تبحث عن أبسط الأسباب لتحرير المخالفات، كمحاسبة أحد المقدسيين على أغصان شجرة ياسمين تدلت من بيته نحو الشارع العام قليلا.
وتصاعدت حدة المخالفات على ركن المركبات خلال الأشهر الخمسة الماضية، وتحديدا في الأحياء القريبة من المسجد الأقصى، أو من البؤر الاستيطانية مثل وادي الجوز والطور وبلدة سلوان وأحيائها
وتزامن مع إعلان بلدية الاحتلال في نوفمبر/تشرين الثاني إعفاء المستوطنين الهاربين من "غلاف غزة" وشمالي فلسطين، من دفع رسوم ركن مركباتهم في القدس، ليزاحموا المقدسيين على مواقف مركباتهم الشحيحة أصلا.
وتتراوح قيمة المخالفات على ركن المركبات في القدس بين 50 و300 دولار، كما تتعمد الطواقم في الأحياء السكنية تصوير لوحة المركبات وتحرير المخالفة دون كتابتها ورقيا ووضعها على المركبة، ليتفاجأ المقدسي بتراكم المخالفات الباهظة عليه دون إعلامه بها.
وفي الوقت الذي يفتقر فيه المقدسيون لمواقف عامة لمركباتهم شرقي المدينة، عطّلت بلدية الاحتلال ما يعرف بموقف المصرارة قرب باب العامود الذي كان يستخدمه المقدسيون بحجة إنشاء متنزه. كما عطلت وجرفت في سبتمبر/أيلول الماضي أحد أبرز مواقف المركبات بحجة إقامة مركز ثقافي، حيث تتمتع أرض الموقف بموقع حيوي قرب شارع الزهراء في القدس المحتلة.
وقريبا من شارع الزهراء انتهت بلدية الاحتلال رسميا في بداية مارس/آذار الجاري من تحويل أرض فلسطينية في حي الشيخ جراح إلى موقف لمركبات المستوطنين.
وأصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية في نوفمبر/تشرين الثاني قرارا بمصادرة تلك الأرض التي تبلغ مساحتها نحو 5 دونمات، وتعود ملكيتها لمقدسيين من عائلات عبيدات، وعودة، وجاد الله، ومنصور.
وعلى أعتاب شهر رمضان المبارك، وتحديدا في 6 فبراير/شباط الماضي، أغلق الاحتلال أحد أقرب مواقف المركبات إلى المسجد الأقصى والذي يركن فيه المصلون مركباتهم، وهو موقف أرض "سوق الجمعة" على مساحة دونم و223 مترا مربعا.
ويقع بجوار الزاوية الشمالية الشرقية من سور القدس، حيث افتتحته عائلات حمد، وعطا الله، وعويس عام 2019، لكن سلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية بالتعاون مع سلطة تطوير القدس جرفتا الأرض بعد إغلاقها بهدف إقامة متنزه، وتسعيان لانتزاع ملكية الأرض من أصحابها.
يقول مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان رامي صالح للجزيرة نت، إن شرقي القدس يعاني من نقص كبير في مواقف المركبات، وإن بلدية الاحتلال لا تقوم بالعمل الجاد لتوفير تلك المواقف خصوصا في الأحياء السكنية، مضيفا أن بعض سكان البلدة القديمة مثلا يضطرون لدفع أكثر من 200 دولار شهريا كأجرة لركن مركباتهم.
ويعمل مركز القدس للمساعدة القانونية على إلغاء المخالفات التعسفية والكيدية، حيث اعترض الطاقم القانوني للمركز مرارا أمام بلدية الاحتلال ومحكمة الشؤون المحلية التابعة لها، وتمكن من إلغاء "الفائدة" المترتبة على تراكم آلاف المخالفات، بسبب عدم إعلام البلدية المقدسيين بها.
يقول صالح إن تعمّد المخالفة في وقت متأخر أو مبكر وعدم إعلام المقدسي بها "يكشف عن سوء نية من قبل البلدية، إلى جانب تحرير المخالفات رغم عدم وجود أي لافتة أو علامة تمنع الاصطفاف".
ويضيف أن "هناك تمييزا واضحا بين المقدسيين والمستوطنين في المدينة، فمثلا تسمح شرطة الاحتلال لآلاف المستوطنين بركن مركباتهم عشوائيا في الشارع السريع لحضور مباراة في ملعب "تيدي" الرياضي المقام على أراضي قرية بيت صفافا، بينما تخالف الشرطة ذاتها المصلين الذي ركنوا مركباتهم في محيط المسجد الأقصى أثناء توجههم لأداء صلاة الجمعة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات بلدیة الاحتلال القدس المحتلة المسجد الأقصى فی الأحیاء فی القدس
إقرأ أيضاً:
شيخ الأزهر : موقف أمَّتَيْنا العربية والإسلامية ضد تهجير الفلسطينيين مُشرف
أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على حاجة الأمة للوحدة، بما تواجهه القضية الفلسطينية من مخاطر، فقد بلغتْ المؤامرة ضِدَّ أبنائها، بل ضِدَّ الأُمَّة كلها حَدَّ السَّعْي في تهجيرِ أبنائها في غزَّة من ديارِهم، والاستيلاء على أرضِهم.
ولفت فضية الإمام الأكبر ، إلى أنه من لُطْفِ الله تعالى في ذلك أن دفع أمَّتَيْنا: العربيَّة والإسلاميَّة -شُعُوبًا وقيادات-، إلى مَوقفٍ موحَّدٍ ومُشرِّف، يَرفُض هذا الظُّلم البَيِّن، والعُدوانَ على أهلِ أرضٍ مُباركة، وعلى سيادة دول مسلمة مجاورة، وهو موقفٌ مُشجِّع يعيد الأمل في وحدةِ الصَّف الإسلامي.
وقال الدكتور أحــمَد الطَّـيِّــب شَـيْخ الأزهــر، إنَّ موضوعَ «التقريب» - بين السنة والشيعة- شغلَ أذهان علماء الأُمَّة رَدحًا من الدَّهْرِ، وحرصوا على دوام التذكير به في مجتمعات المسلمين، وترسيخِه في عقولِهم واستحضاره، بل استصحابِه في وجدانِهم ومَشاعرِهم كُلَّما همَّتْ دَواعي الفُرقةِ والشِّقاق أنْ تُطِلَّ برأسِها القبيح، وتعبَثَ بوَحْدَتِهم فتُفْسِدَ عليهِم أمرَ استقرارِهم وأمنِهم.. ورغم كلِّ ذلك لا يَزالُ موضوعُ: «التَّقريب» مفتوحًا كأنَّه لم يَمْسَسْهُ قلمٌ من قَبل، وسبب ذلكم -في غالب الظَّن- أنَّ الأبحاثَ التي تَصَدَّتْ لموضوعِ «التَّقريب» إنَّما تصدَّت له في إطارٍ جَدَليٍّ بَحْت، لم تَبْرحْه إلى كيفيَّةِ النزول إلى الأرضِ وتطبيقه على واقعِ المُجتمعات المُسلِمة.
وأشار شَـيْخ الأزهــر، خلال كلمته - بمُؤتمر الحوار الإســلامي الإســلامي، بعنوان: أُمَّــة واحِـــدة.. ومَصيـــر مُــشْتَــرَك 1446هـ -2025م، «بالمَنـــامَة – البَحْـــــرين»- إلى أنَّ دارَ التَّقــــــريـــــــب -وحدها- بالقاهرة، أَصْدَرَتْ، تحتَ إشرافِ الأزْهَر الشَّريف مُمَثَّلًا في عُلمائِه، مِن أساتذة الأزهر، وَمِن مَراجِع الشِّيعة الإماميَّة، أَصْدَرَتْ مجلَّة: «رسالة الإسلام» في تسعةِ مجلَّداتٍ تَخَطَّتْ صفحاتُها حاجزَ الأربعة آلاف صفحة، وغَطَّتْ مساحةً من الزمن بلغتْ ثماني سنوات من عام 1949م حتى عام 1957م، دعْ عنكَ عشرات الأبحاث والكُتُب والرسائل الجامعيَّة التي دارت عليها المطابع، واهتمَّت بتوزيعِها دورُ النَّشْرِ في مصرَ والعِراق وإيران ولُبنان، بل وجامعاتُ الغرب الأوروبي بمُختلفِ لُغاتِها وتوجُّهاتِها..
وأكد الإمام الأكبر على أهمية الاعترافِ بأنَّنا نعيشُ في أزمةٍ حقيقيَّةٍ يدفعُ المسلمون ثمنها غاليًا حيثما كانوا وأينما وُجِدوا، لافتا إلى أنَّه لا سبيلَ لمُواجَهةِ التَّحَدِّيات المُعاصرة والأزماتِ المتلاحقة، إلَّا باتِّحادٍ إسلاميٍّ تفتحُ قنواتِ الاتِّصال بين كلِّ مُكوِّنات الأُمَّة الإسلاميَّة، دون إقصاءٍ لأيِّ طرفٍ من الأطراف، مع احترام شؤون الدولِ وحدودِها وسيادتِها وأراضيها.
وعبر شيخ الأزهر عن ثقته في أنْ يخرجَ هذا المؤتمر المُبارك بخطةٍ جادَّةٍ قابلةٍ للتطبيقِ «من أجلِ إقرارِ الوحدة والتَّفاهُم والتَّعارُف بين كل مدارسِ الفِكر الإسلامي، ومن أجلِ حوارٍ دائمٍ تُنبَذُ فيه أسباب الفُرقة والفتنة والنِّزاع العِرقي والطَّائفي على وجْهِ الخُصوص، ويُركَّز فيه على نقاطِ الاتِّفاق والتَّلاقي، وأنْ يُنصَّ في قراراتِه على القاعدةِ الذهبيَّة التي تقول: «نتعاون فيما اتَّفقنا فيه، ويَعْذُرُ بعضُنا بعضًا فيما نختلفُ فيه"، كما يُنَصُّ فيه على وقفِ خطاباتِ الكراهيةِ المتبادلة، وأساليبِ التَّفسيقِ والتَّبديع والتَّكفير، وضرورةِ تجاوز الصِّراعات التاريخيَّة والمعاصرة بكلِّ إشكالاتِها ورواسبها السَّيْئة، وأنْ يَلتقيَ الجميعُ بقلوبٍ سليمةٍ وأيدٍ ممدودةٍ للجلوسِ، ورغبةٍ حقيقيَّةٍ في تجاوزِ صفحةِ الماضي وتعزيز الشَّأن الإسلامي، وأنْ يَحْذَرَ المسلمون دُعاةَ الفِتنَة والوقوعَ في شَرَكِ العَبَثِ باستقرارِ الأوطان، واستغلالِ المذهبيَّة في التدخُّل في الشؤونِ الدَّاخليَّة للدول، وشَقِّ الصُّفوف بين مُواطني الدولة الواحدة لزعزعةِ استقرارِها الأمنيِّ والسياسيِّ والمجتمعي، فكلُّ أولئكم جرائمُ بشعةٌ يُنكرُها الإسلام، وتأباها الأخلاقُ الإنسانيَّة والأعرافُ الدوليَّة.
وطالب شيخ الأزهر أن نأخذ من تجارب غيرنا من المُعاصرين ما يَشحذُ عزائمنا في تحقيقِ «اتِّحادٍ» إسلاميٍّ تعاونيٍّ يُدافعُ عن حقوقِ هذهـ الأمَّة، ويَدْفَعُ عن شُعُوبِها الظُّلمَ والغَطْرَسةَ والطُّغيان.. لافتا إلى أن أوروبا بدُوَلِها السَّبع والعِشرين لم تجدْ لها وسيلةً تُدافعُ بها عن شُعُوبِها وتُعزِّزُ سلامَها واستقرارَها، وتحفظُ كيانَها وشخصيتَها من الانسحاقِ والذَّوبان، وتُحقِّقُ في ظِلِّه نموَّها الاقتصادي، وتحمي بها ديموقراطيَّةَ أبنائها، غيرَ اتِّحادِها وائتلافها، وذلك رُغم تعدُّدِ أجناسِها، واختلافِ أعراقها، ولُغاتها التي تَجاوَز عددُها أربعًا وعشرين لُغةً، ورُغم تعدُّد مُعتقداتٍ دينيَّةٍ ومذهبيَّةٍ لا تَلْتَقي إلَّا في أقلِّ القليل من العقائدِ والشَّعائر والتقاليد.. فإذا كان غيرُ المسلمين قد استطاعوا -رُغم كثرةِ العوائق- أنْ يُحقِّقوا «اتِّحادًا» يَتدرَّعونَ بِهِ في معاركهم السياسيَّةِ والاقتصاديَّةِ والثقافيَّة، أفيِعْجِز المسلمون -اليوم- عن تحقيقِ «اتِّحادٍ» تقتضيه ضروراتُ حياتهم وبقائهم ثابتي الأقدامِ في مَهَبِّ الرِّيحِ العاتية والعواصفِ المُدَمِّرَة، اتِّحادٍ يَنْبَني على مُشتركاتٍ ودعائم لم تتوفَّر لغيرِهم من الأُمَمِ من الجُغرافيا والتَّاريخ والجِنْسِ واللُّغةِ والدِّين والتُّراثِ والثقافةِ والمَصير المُشتَرك.وقدم شيخ الأزهر اقتراحا لعلماء الأمة المجتمعين في مؤتمر الحوار الإسلامي بالبحرين، مشيرا إلى أنه من بابِ الضَّروراتِ لا من بابِ التَّحسينات، وهو: أنْ يَتمكَّنَ عُلماءُ الأُمَّةِ الأكابرُ الممثِّلون للمَذاهبِ المختلفة، والمجتمِعون في هذا المؤتمر، من وضعِ «ميثاق» أو «دستورٍ» يمكن أن نُسَمِّيَه: «دستورَ أهل القِبْلَة»، أو: «الأخوة الإسلامية» يَتصَدَّرُهـ الحديثُ الصحيح: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَاكم الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ؛ فَلَا تخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ»، لافتا إلى أن الإمام الشيخ أبو زهرة قد سبق إلى هذا المقترح، وعَدَّد أصولًا لهذا الدستور وحَدَّدها، مطالبا الحضور بدراسة هذا المقترح والبِناء عَلَيْه.
وعبر شيخ الأزهر عن شكره إلى جلالةِ المَلِك: حمد بن عيسى آل خليفة، مَلِكِ مَمْلِكة البَحْرين لتفضُّلِه برعايةِ هذا المؤتمر الجليل الحاشد، في هذهـ الظُّرُوف التي تَقِفُ فيها أُمَّةُ الإسلام على مُفتَرَقِ طُرُقٍ، وفي مهَبِّ ريحٍ عَمياءَ عاتية.. تكادُ تعصِفُ بحضارةِ خمسةَ عشرَ قرنًا من الزمان وتقتلعها من الجذور.. مُقدِّرًا لجلالتِه ولرجَالِه -مِنْ حَوْلِه- هذا «الاهتمام» بأمْرِ أُمَّتَيْنا: العَرَبيَّةِ والإسلاميَّة، وهذا «النَّبـَه» الذَّكي لتدارُك ما يُمْكِن تداركُه من أجلِ إنقاذِ هذه «الأُمَّة» مِمَّا يُتربَّصُ بها ويُعَدُّ لها من موجباتِ الهَلاكِ والدَّمارِ والفَناء، ومن أخطارٍ عَرفْنا قوادمَها، واصْطَلينا بنيرانِها، ولا نَدْري -بَعْدُ- علامَ تنطوي خَوافيها وخَواتيمُها..