قراءة مسيحية في موقف التيار الوطني الحر من حزب الله
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
كان من المفترض منطقيًا أن ينتج عن إعلان "التيار الوطني الحر"، بلسان مرشده الروحي الرئيس ميشال عون، كما سمّاه الشيخ نعيم قاسم، ورئيسه النائب جبران باسيل، عن مراسم دفن "تفاهم مار مخايل" تقاربًا مسيحيًا – مسيحيًا، أقّله في مواجهة "حزب الله" رئاسيًا، وقطع طريق بعبدا أمام مرشحه رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، وما يمكن أن ينتج عن هذا التقارب من إعادة وصل ما انقطع بين "معراب" و"ميرنا الشالوحي" بعد انهيار اتفاق "أوعى خيّك".
ويسأل هؤلاء عن حسن نية: هل كان يمكن للرئيس عون أن يتخذ هكذا موقف ضد حليفه الاستراتيجي لو أن "حزب الله" اختار باسيل كمرشح "الثنائي الشيعي" بدلًا من اختياره فرنجية، وهو الذي حمى "المقاومة الإسلامية" بصدره طوال وجوده في بعبدا، وأعطاها غطاء شرعيًا رسميًا أضيف إلى "الغطاء المسيحي"؟
ويضيف هؤلاء استنادًا إلى التجارب السابقة أن "التيار" ليس في صدد تموضع جديد، وهو لن يتخّلى عن تحالفه المطلق مع "حزب الله"، لكنه أراد أن يقول له من خلال اعتراضه على سياسة "وحدة الساحات" وربط ما يجري في الجنوب وفي الموضوع الرئاسي بالحرب الدائرة في غزة، أن لديه أولويات لا تنطبق حسابات حقلها على حسابات بيدر "حارة حريك"، خصوصًا أن لدى القيادة السياسية في "التيار" ممثلة بباسيل ومن يجاريه في سياسته قابلية لـ "التكويع" وفق ما تقتضيه الظروف، أي بمعنى أن "الغاية لديه تبرّر دائمًا الوسيلة" حتى ولو كانت هذه الوسيلة لا تنسجم مع ما يُفترض أن يكون عليه أي موقف مبدئي. وهذا ما يُعرف عن باسيل، الذي يصفه بعض من "المعارضة المسيحية" بـ "الزئبقي"، أي بالمتحرك الذي لا يثبت على موقف.
فـ"شعرة معاوية" بين "التيار" و"الحزب" لم تنقطع، وفق هذه "القراءة المسيحية" لمواقف عون وباسيل الأخيرة. والدليل ما قاله نائب الأمين العام لـ "الحزب" الشيخ نعيم قاسم في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، الذي طمأن إلى أن المياه المقطوعة بين "ميرنا الشالوحي" و"حارة حريك" ستعود إلى مجاريها الطبيعية عندما تتغير الظروف والمواقع السياسية، وأن ما يجمع بين أرضية "التيار" و"الحزب" أكثر بكثير مما يباعد بينهما. وهذا ما أكدته زيارة وفد من "الحزب" للرئيس عون، في محاولة لكسر الجليد، الذي تراكم بين "الرابية" و"حارة حريك".
فـ "حزب الله" يعرف تمام المعرفة أن موقف عون وباسيل الأخير له علاقة مباشرة بإصرار "حارة حريك" على التمسّك بترشيح فرنجية "حتى ولو طبّقت السماء على الأرض"، وهو يعرف أن "التيار" محشور في بيئته المسيحية الرافضة أن يكون قرار السلم والحرب في يد "الثنائي الشيعي"، وكذلك رفضها المبدئي لجرّ لبنان إلى حرب ليس مهيأ لها عبر فتح "الحزب" بوابة الجنوب للأطماع الإسرائيلية، خصوصًا أن تل أبيب تتحين الفرص المؤاتية للانقضاض على لبنان، وتحقيق ما تسعى إليه منذ زمن بعيد، أقّله لضمان أمن مستوطناتها الشمالية.
ولأن "حزب الله" يعرف كل هذا، ويعرف "البير وغطاه" فقد أعطيت التوجيهات لجميع الكوادر الحزبية بعدم الدخول في أي مساجلات مع "العونيين"، وترك الأمور تأخذ مسراها الطبيعي حتى تهدأ النفوس، وحتى تتمكّن قيادة "التيار" من "لملمة" ما فقدته من شعبية في الآونة الأخيرة نتيجة بعض الممارسات غير الصائبة.
وإذا لم تحصل أعجوبة القرن الحادي والعشرين فإن التباعد السياسي بين "التيار الوطني الحر" و"المعارضة المسيحية" سيبقى قائمًا، وأن ما قدّمه باسيل من أوراق اعتماد غير ممهورة بخاتم "المصلحة المسيحية" الصرفة لن تسمح له بعبورٍ سهلٍ من ضفة إلى أخرى وكأن شيئًا لم يحصل، أو عفا الله عما مضى.
انتهى فصل من فصول "القراءة المسيحية" لمواقف "التيار الوطني الحر". إلاّ أن "ثمة قراءة مسيحية" أخرى تعبّر عن وجهة نظر حزب "الكتائب اللبنانية"، الذي يرفض نبش قبور الماضي وفتح الدفاتر القديمة، ويطالب بأن يكون التعامل مع "تكويعة" باسيل إيجابيًا، تمهيدًا لتوحيد المعارضة في وجه أي مشروع لا يصبّ في خانة المصلحة اللبنانية العليا. وهذا ما كان واضحًا في كلام رئيس الحزب الشيخ سامي الجميل، الذي دعا المعارضة إلى ملاقاة باسيل إلى منتصف الطريق. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: التیار الوطنی الحر حارة حریک حزب الله وهذا ما
إقرأ أيضاً:
يسرى نصر الله: الفنان الذي لا يستطيع مواكبة الذكاء الاصطناعي مقصر
قال المخرج الكبير يسري نصر الله أن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا لم يكونا يومًا أعداء للفن أو الفنان، بل على العكس، فالتاريخ يثبت أن الإبداع كان دومًا يسير جنبًا إلى جنب مع التقدم التكنولوجي.
وقال يسري نصر الله، خلال لقاء خاص مع الإعلامية شيرين سليمان ببرنامج سبوت لايت المذاع على قناة صدى البلد، ردًا على سؤال حول موقفه من دخول الذكاء الاصطناعي في صناعة الفن، إن “ما فيش حاجة اسمها مع أو ضد”، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا هي جزء من الواقع وليست قضية خلافية يمكن التصويت عليها.
وأوضح نصر الله أن بعض صُنّاع الفن يشعرون بالغيرة أو القلق من التكنولوجيا، معتبرين إياها خطرًا على “اللمسة الفنية” والجانب الإنساني في العمل الفني، لكن هذا غير صحيح.
مواكبة الذكاء الاصطناعيوأشار يسري نصر الله، إلى أن الفنان الذي لا يستطيع مواكبة التكنولوجيا الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي أو الواقع الافتراضي، هو الذي يعاني من تقصير في أدواته، مضيفًا: “لو أنت مش عارف تتصاحب على الذكاء الاصطناعي أو الواقع الافتراضي، فده تقصير منك كفنان، مش عيب في التكنولوجيا.”