لبنان ٢٤:
2024-12-23@12:51:28 GMT
قراءة مسيحية في موقف التيار الوطني الحر من حزب الله
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
كان من المفترض منطقيًا أن ينتج عن إعلان "التيار الوطني الحر"، بلسان مرشده الروحي الرئيس ميشال عون، كما سمّاه الشيخ نعيم قاسم، ورئيسه النائب جبران باسيل، عن مراسم دفن "تفاهم مار مخايل" تقاربًا مسيحيًا – مسيحيًا، أقّله في مواجهة "حزب الله" رئاسيًا، وقطع طريق بعبدا أمام مرشحه رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجية، وما يمكن أن ينتج عن هذا التقارب من إعادة وصل ما انقطع بين "معراب" و"ميرنا الشالوحي" بعد انهيار اتفاق "أوعى خيّك".
ويسأل هؤلاء عن حسن نية: هل كان يمكن للرئيس عون أن يتخذ هكذا موقف ضد حليفه الاستراتيجي لو أن "حزب الله" اختار باسيل كمرشح "الثنائي الشيعي" بدلًا من اختياره فرنجية، وهو الذي حمى "المقاومة الإسلامية" بصدره طوال وجوده في بعبدا، وأعطاها غطاء شرعيًا رسميًا أضيف إلى "الغطاء المسيحي"؟
ويضيف هؤلاء استنادًا إلى التجارب السابقة أن "التيار" ليس في صدد تموضع جديد، وهو لن يتخّلى عن تحالفه المطلق مع "حزب الله"، لكنه أراد أن يقول له من خلال اعتراضه على سياسة "وحدة الساحات" وربط ما يجري في الجنوب وفي الموضوع الرئاسي بالحرب الدائرة في غزة، أن لديه أولويات لا تنطبق حسابات حقلها على حسابات بيدر "حارة حريك"، خصوصًا أن لدى القيادة السياسية في "التيار" ممثلة بباسيل ومن يجاريه في سياسته قابلية لـ "التكويع" وفق ما تقتضيه الظروف، أي بمعنى أن "الغاية لديه تبرّر دائمًا الوسيلة" حتى ولو كانت هذه الوسيلة لا تنسجم مع ما يُفترض أن يكون عليه أي موقف مبدئي. وهذا ما يُعرف عن باسيل، الذي يصفه بعض من "المعارضة المسيحية" بـ "الزئبقي"، أي بالمتحرك الذي لا يثبت على موقف.
فـ"شعرة معاوية" بين "التيار" و"الحزب" لم تنقطع، وفق هذه "القراءة المسيحية" لمواقف عون وباسيل الأخيرة. والدليل ما قاله نائب الأمين العام لـ "الحزب" الشيخ نعيم قاسم في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، الذي طمأن إلى أن المياه المقطوعة بين "ميرنا الشالوحي" و"حارة حريك" ستعود إلى مجاريها الطبيعية عندما تتغير الظروف والمواقع السياسية، وأن ما يجمع بين أرضية "التيار" و"الحزب" أكثر بكثير مما يباعد بينهما. وهذا ما أكدته زيارة وفد من "الحزب" للرئيس عون، في محاولة لكسر الجليد، الذي تراكم بين "الرابية" و"حارة حريك".
فـ "حزب الله" يعرف تمام المعرفة أن موقف عون وباسيل الأخير له علاقة مباشرة بإصرار "حارة حريك" على التمسّك بترشيح فرنجية "حتى ولو طبّقت السماء على الأرض"، وهو يعرف أن "التيار" محشور في بيئته المسيحية الرافضة أن يكون قرار السلم والحرب في يد "الثنائي الشيعي"، وكذلك رفضها المبدئي لجرّ لبنان إلى حرب ليس مهيأ لها عبر فتح "الحزب" بوابة الجنوب للأطماع الإسرائيلية، خصوصًا أن تل أبيب تتحين الفرص المؤاتية للانقضاض على لبنان، وتحقيق ما تسعى إليه منذ زمن بعيد، أقّله لضمان أمن مستوطناتها الشمالية.
ولأن "حزب الله" يعرف كل هذا، ويعرف "البير وغطاه" فقد أعطيت التوجيهات لجميع الكوادر الحزبية بعدم الدخول في أي مساجلات مع "العونيين"، وترك الأمور تأخذ مسراها الطبيعي حتى تهدأ النفوس، وحتى تتمكّن قيادة "التيار" من "لملمة" ما فقدته من شعبية في الآونة الأخيرة نتيجة بعض الممارسات غير الصائبة.
وإذا لم تحصل أعجوبة القرن الحادي والعشرين فإن التباعد السياسي بين "التيار الوطني الحر" و"المعارضة المسيحية" سيبقى قائمًا، وأن ما قدّمه باسيل من أوراق اعتماد غير ممهورة بخاتم "المصلحة المسيحية" الصرفة لن تسمح له بعبورٍ سهلٍ من ضفة إلى أخرى وكأن شيئًا لم يحصل، أو عفا الله عما مضى.
انتهى فصل من فصول "القراءة المسيحية" لمواقف "التيار الوطني الحر". إلاّ أن "ثمة قراءة مسيحية" أخرى تعبّر عن وجهة نظر حزب "الكتائب اللبنانية"، الذي يرفض نبش قبور الماضي وفتح الدفاتر القديمة، ويطالب بأن يكون التعامل مع "تكويعة" باسيل إيجابيًا، تمهيدًا لتوحيد المعارضة في وجه أي مشروع لا يصبّ في خانة المصلحة اللبنانية العليا. وهذا ما كان واضحًا في كلام رئيس الحزب الشيخ سامي الجميل، الذي دعا المعارضة إلى ملاقاة باسيل إلى منتصف الطريق. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: التیار الوطنی الحر حارة حریک حزب الله وهذا ما
إقرأ أيضاً:
3 كلمات ستحدّد مُستقبل لبنان.. مركز أميركي يكشفها
نشر مركز "مالكوم كير – كارينغي للشرق الأوسط" الأميركي تقريراً جديداً تحدث عن مستقبل لبنان وتحديداً بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد وانتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية في كانون الثاني المُقبل.ويلفت التقرير الذي ترجمهُ "لبنان24" إلى أنه حينما يحل شهر كانون الثاني، وحين يُفترض أن ينتخب لبنان رئيساً جديداً للجمهورية، فإن مصير 3 كلمات هو الذي سيُحدّد موقع لبنان اليوم، وقوة "حزب الله" النسبية، والمزاج السائد لدى مختلف الطوائف في البلاد، وأضاف: "هذه الكلمات هي الجيش، الشعب والمقاومة".
التقرير يقولُ إن "هذه الكلمات تمثل صيغة تمّ إدراجها على مدى سنوات عديدة في البيانات الوزارية للحكومات كحلّ وسط بين من يدعمون الفكرة القائلة إن قرار الحرب والسلم يجب أن يكون بيد الدولة وحدها وبين إصرار "حزب الله" على أن سلاحه، أي سلاح المقاومة يجب أن يحظى بالشرعية من الدولة".
ويتابع: "في ضوء ذلك، تجاهَل الحزب على مرّ السنين مطالب خصومه بضرورة توصّل اللبنانيين إلى نوعٍ من التوافق حول استراتيجيةٍ دفاعيةٍ وطنية، وهي مصطلحٌ اختزل فعليًّا دمج سلاح حزب الله في الدولة".
وأضاف: "بعد أن مُني الحزب بخسائر ضخمة خلال صراعه الأخير مع إسرائيل، وإثر خسارته أيضاً قاعدته الاستراتيجية في سوريا إثر سقوط نظام الأسد، أُعيقَت إمكانيته على فرض إرادته على سائر المجتمع اللبناني".
وأردف: "لقد شكّل المسعى الرامي إلى تبديد كل مؤشرات الضعف ركيزة الخطابات الأخيرة التي ألقاها أمين عام حزب الله الجديد الشيخ نعيم قاسم، فالأخير أكّد أن الحزب يتعافى من جراحاته التي تكبّدها نتيجة العدوان الإسرائيلي، وأن المقاومة مستمرة، وأن هذا العدو لا يكبحه إلّا المقاومة".
ويلفت التقرير إلى أن "قاسم ربما أزاح جانباً الحقيقة التي تقول إنَّ الحزب فشل في ردع إسرائيل، التي لا تزال قواتها منتشرة في مناطق من جنوب لبنان"، وقال: "حالما يُنتخَب رئيسٌ للجمهورية، سيحتاج لبنان إلى حكومة جديدة. وأثناء عمل القوى السياسية المختلفة على صياغة البيان الوزاري للحكومة، ستكمن إحدى العقبات الأولى التي ستعترضها في مسألة إعادة إنتاج ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة".
وأكمل: "يبدو من شبه المؤكّد أن عددًا من المشاركين في الحكومة سيرفضون المصادقة مجدّدًا على هكذا الصيغة.. وفي حال حصل ذلك، فما الذي يستطيع حزب الله فعله؟".
وتابع: "قد يقرّر حزب الله مقاطعة أيّ حكومة لا تتبنّى صيغة الجيش والشعب والمقاومة، ولكن كيف ستكون جدوى هذا القرار إذا ارتأى حليف الحزب، رئيس مجلس النواب نبيه بري، عدم مجاراته؟ لا شكّ في أنّ الأخير يدرك أن الشيعة أصبحوا بمفردهم في لبنان، وانقطعوا إلى حدٍّ كبير عن إخوانهم في العراق وإيران، وبالتالي سيكون إقدام حزب الله على عزل الطائفة الشيعية أكثر فكرةً سيّئةً للغاية. ولكن هل يستطيع رئيس مجلس النواب عدم إظهار تضامنٍ مع الحزب في هذه الحالة؟ ربما لا.. مع هذا، إذا سعى حزب الله إلى فرض مقاطعةٍ شيعيةٍ للحكومة، فكلّ ما سيترتّب عن ذلك هو أزمة مفتوحة لن تُحَلّ عمّا قريب، في وقتٍ لم يَعُد بمقدور الطائفة الشيعية أن تتحمّل إلقاء اللوم عليها لتسبّبها بمزيدٍ من الجمود في الدولة".
واعتبر التقرير أنه سيكون للمجتمع الدولي أيضاً رأيٌ بشأن ما سيجري، وأضاف: "الولايات المتحدة ومعظم دول الخليج العربي، ولا سيما السعودية والإمارات، ستراقب عن كثبٍ تصرّف الحكومة اللبنانية المقبلة. ستنتظر هذه الدول أيضًا مآل صيغة معادلة الجيش والشعب والمقاومة من أجل الحكم على ما إذا كان الساسة في لبنان على استعداد للتحرّر من سيطرة حزب الله. هنا، سيكون ردّ الفعل اللبناني حاسماً في تحديد النتائج حيال مسألتَين أساسيتَين للبلاد، هما: تنفيذ القرار 1701، وإعادة إعمار المناطق الشيعية".
كذلك، يقول التقرير إن إيران تشغل حيزاً كبيراً من النقاش، ويضيف: "فيما أعلن قاسم في كلمة له مؤخرًا أن طهران ستقدّم مساعدات مالية لأولئك الذين خسروا ممتلكاتهم في الصراع ضدّ إسرائيل، تُعتبر المبالغ التي وعد بها زهيدةً مقارنةً مع حجم الدمار والتكاليف المُقدَّرة لإعادة الإعمار. علاوةً على ذلك، يبدو أن ثمّة سجالًا مثيرًا للانقسام إلى حدٍّ كبير داخل إيران حول الأموال التي أُنفقَت على الاستراتيجية الإقليمية للبلاد، ولا سيما المبالغ الضخمة التي أُهدرت في سوريا. وحتى أنصار النظام الإيراني انضمّوا إلى جوقة الأصوات المندّدة، ومن بينها الشيخ محمد شريعتي دهقان، الذي قال إن الخطة الإيرانية بُنيت على أُسس ضعيفة. مع هذا، فقد نقلت صحيفة نيويورك تايمز عنه مطالبته باعتماد نهجٍ جديد يُعطي الأولوية لبناء تحالفات مع الدول بدلًا من دعم الفصائل المسلّحة، وإعادة تخصيص الأموال والموارد إلى الشعب الإيراني".
وتابع التقرير: "في ضوء ما سبق، من المستبعد على نحو متزايد أن ينخرط الإيرانيون بشكلٍ واسع في عملية إعادة إعمار المناطق الشيعية في لبنان، وقد تضاءل هذا الاحتمال أكثر بعد أن خسرت طهران موطئ قدمها المهمّ في سوريا. إن صحّ هذا التقييم، لن يكون من السهل أن يستعيد حزب الله مستوى الدعم الشعبي الذي كان يتمتّع به سابقًا في أوساط الطائفة الشيعية، وسيكون من المستحيل تقريبًا أن يتمكّن الإيرانيون وحلفاؤهم من إعادة إحياء السياسة المتمثّلة بتطويق إسرائيل بحزامٍ ناري. وإذا كان هذا الهدف بعيد المنال، فما هي قيمة صيغة الجيش والشعب والمقاومة؟ إن الإجابة عن هذا السؤال ليست واضحة للعيان بتاتاً".
وختم: "سوف يترقّب كثرٌ الاستحقاق الرئاسي لتقييم نقاط قوة حزب الله أو مكامن ضعفه، ومع ذلك، ستكون نتيجة صيغة الجيش والشعب والمقاومة هي المعركة الأهمّ". المصدر: خاص "لبنان 24"