ما الذي تسبب في الانتعاش الأخير لأسعار البيتكوين؟
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرًا حول أسباب انتعاش أسعار البيتكوين مؤخرا، ولا سيما بعد تجاوز الرقم القياسي الذي سجلته في سنة 2021.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن سعر البيتكوين وصل إلى قيمة قياسية جديدة بعد أكثر من سنتين من ذروته السابقة. يوم الثلاثاء، تجاوزت هذه الأصول الرقمية ذروتها السابقة في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، التي تقل قليلاً عن 69000 دولار، على الرغم من أنها تراجعت لاحقًا إلى ما يزيد قليلاً عن 64000 دولار.
ما هو البيتكوين؟
تم إنشاء عملة البيتكوين القائمة على تقنية البلوكتشين في سنة 2008 على يد ساتوشي ناكاموتو، المبتكر ذو الاسم المستعار لمفهوم العملة الرقمية، التي تسمح "بإرسال المدفوعات عبر الإنترنت مباشرة من طرف إلى آخر دون المرور عبر مؤسسة مالية". ويتم حل مشكلة "الإنفاق المزدوج" - المتمثلة في قيام شخص ما بنسخ أو تزوير عملة رقمية - من خلال تسجيل المعاملات في دفتر أستاذ يمكن الوصول إليه عالميًا يسمى "بلوكتشين".
ويتم تأمين كل هذا عن طريق التشفير حيث تتم حماية المعاملات عن طريق شكل من التشفير يسمى تشفير المفتاح العام والخاص، مما يتيح إجراء المعاملة دون وجود مؤسسة مالية في المنتصف. وتوضع المعاملات على الـبلوكتشين بواسطة "مُعدّني" البيتكوين، الذين يقومون بتجميعها في كتل مرتبطة معًا عن طريق حل معادلات باستخدام أجهزة متخصصة، وتتم مكافأة هؤلاء المُعدّنين بعملات البيتكوين التي تم إنشاؤها حديثًا.
لماذا حظيت عملة البيتكوين بشعبية كبيرة؟
أحد الجوانب الرئيسية لجاذبية عملة البيتكوين هو موقفها المناهض للسلطة، وقد وصفها تيم سوانسون، أحد المعلقين على صناعة العملات المشفرة، بأنها "نقود رقمية مقاومة للرقابة". كما استفادت من بيئة أسعار الفائدة المنخفضة ــ وهو اتجاه اقتصادي طويل الأمد منذ الأزمة المالية لسنة 2008 ــ الذي دفع بعض المستثمرين نحو الأصول الأكثر خطورة، مثل العملات المشفرة، سعيًا لتحقيق عوائد مالية أفضل. ويُنظر إليها أيضًا على أنها "تحوط من التضخم"، مثل الذهب، مما يعني أنه لا يمكن تخفيض قيمتها من قبل البنك المركزي لأن عملة البيتكوين مصممة بحيث تحتوي على عدد محدود من الوحدات، 21 مليونًا على وجه الدقة.
وحسب كارول ألكسندر، أستاذة التمويل في كلية إدارة الأعمال بجامعة ساسكس، فإن الناس مخطئون في النظر إلى عملة البيتكوين باعتبارها ملاذًا آمنًا من تقلبات السوق والتضخم. فمثل الذهب، كان يُنظر إلى عملة البيتكوين على أنها "غير مرتبطة" بأسواق الأسهم، ولكنها أصل متقلب للغاية. ومن الواضح أن أداءها في مراحل مختلفة خلال وجودها القصير جذب أيضًا الناس بسبب الدعاية حول عوائدها الضخمة في بعض الأحيان.
لماذا ارتفع سعرها هذه المرة؟
أكدت الصحيفة أن أحد العوامل الرئيسية في ارتفاع سعر عملة البيتكوين منذ بداية العام هو موافقة الهيئة التنظيمية المالية الأمريكية في كانون الثاني/يناير على الصناديق المتداولة في البورصة، وهي سلة من الأصول التي يمكن شراؤها وبيعها مثل الأسهم في البورصة، وتتبع سعر البيتكوين.
ويظهر إعلان مؤسسة التدريب الأوروبية أن هناك الآن "نضجًا مؤسسيًا" في سوق العملات المشفرة، وذلك وفقًا لجيف بيلينغهام، مدير المبادرات الاستراتيجية في شركة الأبحاث "تشيناليسيس"، الذي يؤكد أن هذا النوع من البنية التحتية والثقة في السوق لم يكن موجودًا في القفزات السابقة لأسعار العملات المشفرة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه تم التأكيد على الشكوك المستمرة حول استقرار سوق العملات المشفرة من أعقاب انهيار بورصة "إف تي إكس" في تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وهي واحدة من أكبر بورصات العملات المشفرة في العالم، وما تلا ذلك من محاكمة وإدانة مؤسسها ورئيسها التنفيذي، سام بانكمان فريد. كما يواجه الشخصية الأكثر نفوذاً في السوق، تشانجبينج تشاو، مؤسس أكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم "بينانس"، السجن بعد اعترافه بارتكاب انتهاكات فيدرالية لغسيل الأموال في الولايات المتحدة.
ولا يزال رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات، غاري جينسلر، متشككًا بشأن السوق على الرغم من موافقته على مضض على صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين، بعد أن تم إجباره على ذلك بموجب حكم قضائي.
ووفقًا لجيمس نايتلي، كبير الاقتصاديين الدوليين في مجموعة "آي إن جي" المصرفية، فإن قراءات التضخم المرتفعة من الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي شجّعت مشتري البيتكوين الذين يرون العملة المشفرة كوسيلة للتحوّط ضد ارتفاع الأسعار، في حين أن الطفرة العامة في أسهم التكنولوجيا دفعت المستثمرين إلى النظر إلى الأصول الأكثر خطورة مثل البيتكوين.
هل الارتفاع الأخير مستدام؟
نقلت الصحيفة عن نيل ويلسون، كبير المحللين في شركة الوساطة المالية "فينالتو"، أن الزخم يجب أن يتراجع في مرحلة ما، مشيرًا إلى أن تحركات السوق "المكافئة" لا تكون مستدامة في حد ذاتها على الإطلاق. وهناك أيضًا حدث "التنصيف" القادم حيث يتم تخفيض كمية البيتكوين التي يتم إطلاقها للتداول عن طريق التعدين إلى النصف، وهو ما أدى إلى تعزيز الأسعار عندما حدث ذلك في الماضي إذ يؤدي انخفاض العرض إلى ارتفاع السعر.
وحسب جون ريد ستارك، وهو مسؤول كبير سابق في هيئة الأوراق المالية والبورصات، فإن نظرية "الأحمق الأكبر" - التي تقول إنه سيكون هناك دائما شخص ما على استعداد لدفع مبالغ زائدة مقابل أصول مبالغ في أسعارها بالفعل - سوف تدخل حيز التنفيذ، مضيفًا أن الناس قادرون على بيع الأصول المبالغ حتى لا يتبقى هناك حمقى، وبعد ذلك ينهار كل شيء.
هل يمكن أن تؤثر الحملة التنظيمية على سعر البيتكوين؟
أوضحت الصحيفة أن المنظّمين يفرضون رقابة أكثر صرامة على العملات المشفرة في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتقترح وزارة الخزانة البريطانية جلب العملات المستقرة - وهي نوع من العملات المشفرة التي ترتبط قيمتها بأصل آخر مثل عملة أو سلعة - تحت رعاية التنظيم الحالي. وأدخل الاتحاد الأوروبي نظام تنظيم الأسواق في الأصول المشفرة، الذي يتطلب من شركات العملات المشفرة التسجيل لدى هيئة تنظيمية في الدولة العضو. وهناك أيضًا الموافقة الأخيرة لصندوق الاستثمار المتداول في الولايات المتحدة، التي ساعدت، كإجراء تنظيمي، في دعم ارتفاع أسعار البيتكوين.
ووفقًا لهاري إديس، الرئيس المشارك العالمي للتكنولوجيا المالية في شركة "لينكلاترز" للمحاماة ومقرها لندن، فإن المزيد من التنظيم الصارم لأصول العملات المشفرة يمكن أن يساعد الناس على الاستثمار في العملات المشفرة لأنه يمنحهم آليات للاستثمار في هذه الأصول التي يمكنهم الوثوق بها ويجذب المزيد من المستثمرين إلى السوق، الأمر الذي يمكن أن يدعم بدوره سعر البيتكوين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي أسعار البيتكوين الاقتصاديين أسعار الاقتصاد العملة الرقمية البيتكوين المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العملات المشفرة عملة البیتکوین سعر البیتکوین عن طریق
إقرأ أيضاً:
الدكتور أبو اليزيد سلامة: العملات المشفرة مخالفة للشريعة الإسلامية وتمثل تهديد اقتصادي
نظم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين، اليوم الأربعاء، ندوة بعنوان "العملات الرقمية والمراهنات الإلكترونية .. رؤية شرعية وقراءة اقتصادية".
شيخ الأزهر يُعرب عن تقديره لدعم الرئيس السيسي للتعليم الأزهري بالعربية والإنجليزية.. جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره "معجم مصطلحات الحج والعمرة"حاضر فيها الدكتور فياض عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر ووزير المالية الأسبق، الدكتور أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، وأدار الندوة الإعلامي القدير حسن الشاذلي.
قال الدكتور فياض عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر ووزير المالية الأسبق، أن البيتكوين والعملات الرقمية المشفرة من الظواهر الاقتصادية الحديثة التي تحمل العديد من المخاطر، ورغم الفرص التي قد توفرها، فإنها تفتقر إلى الرقابة المركزية، مما يجعلها عرضة للمضاربات وتقلبات حادة تهدد استقرار الاقتصاد، كما تساهم في تعزيز الأنشطة غير القانونية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتشكل خطرًا على الأفراد بسبب غياب الضمانات التقليدية، مبينًا أنه من الضروري التعامل مع هذه العملات بحذر وتنظيمها لضمان حماية الأفراد والاقتصاد، لأنها باتت تشكل تحديات معقدة على الصعيدين الشرعي والاقتصادي، ويترتب عليها نتائج اقتصادية سلبية، حيث تساهم في زيادة القمار وتعميق الفقر لدى بعض الأفراد.
ومن الناحية الشرعية، أوضح الدكتور فياض أن المعاملات الرقمية المشفرة، يجب أن تدرس بعناية وفقًا للضوابط الشرعية، خاصةً فيما يتعلق بالربا والتعاملات التي قد تتعارض مع مبادئ الإسلام، مثل المراهنات الإلكترونية، معتبرًا أنها تتعارض بشكل صريح مع الشريعة الإسلامية التي تحظر القمار بكل أنواعه، وهو ما يتطلب ضرورة تبني ضوابط صارمة في التعامل مع هذه القضايا لضمان تحقيق التوازن بين الفوائد الاقتصادية والالتزام بالمبادئ الشرعية.
من جانبه أوضح الدكتور أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، أن العالم شهد في الآونة الأخيرة تطورًا واسعًا في استخدام العملات المشفرة والمنتجات المالية الرقمية، وشهد ثورات تكنولوجية غيرت وجه التاريخ، مما يتطلب من الجميع مواكبة التطورات والتعامل معها، ويفرض العديد من التحديات الجديدة، نظرًا لأن هذه التعاملات الرقمية الجديدة، تأتي مع قواعد معقدة ومتعددة، وهناك خطر من تعارض المصالح الخاصة والعامة في استخدامها، حيث تُستثمر أموال ضخمة يصعب مراقبتها والتحكم فيها، بالإضافة إلى أن منصات التداول الخاصة بها غالبًا ما تكون خارج النظام الرسمي، ويترتب على ذلك أن التداول بهذه العملات يرتبط بأنشطة مضاربات ومراهنات، تهدد المدخرات الشخصية وتساهم في إهدارها.
وأكد مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، في سياق حديثه عن العملات الرقمية المشفرة والممارسات المرتبطة بها مثل البيتكوين، أن هذه العملات لا يعلم مصدرها ولا قيمتها على وجه اليقين والتي من الممكن في أي لحظة أن تذهب بمال الإنسان ومدخراته، ولذلك لا يجوز التعامل بهذه العملة حتى توضع لها الضوابط المحكمة التي تجعلها عملة موثوق فيها، موضحًا أن المؤسسات الدينية في مصر تحرم التعامل مع هذه العملات، نظرًا للمخاطر والمضاربات التي تتضمنها، والتي لا تتوافق مع شروط التعامل النقدي الطبيعي، كما نبه إلى أن هذه العملات تمثل تهديدًا للاقتصاد الوطني، وتؤثر سلبًا على العملة المحلية، والاستثمار في هذه المعاملات الرقمية عالي المخاطر، محذرًا من خطورة التداول بالعملات المشفرة والمراهنات الإلكترونية، ليس فقط لكونها مخالفة للشريعة الإسلامية، ولكن أيضًا لأنها تمثل تهديد اقتصادي وأخلاقي يستدعي التدخل العاجل.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام، ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.