غزة- لا تحظى الشابة الفلسطينية روان السمّوني بإجازة مدفوعة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف اليوم الثامن من مارس/آذار، مثل نظيراتها في دول العالم. وتعمل يوميا لأكثر من 12 ساعة بمساعدة زوجها في إعداد الفطائر وبيعها للإنفاق على الأسرة.

وتبدي روان عدم اكتراثها بحلول "يوم المرأة العالمي" الذي تقضيه في خيمة أُقيمت على رصيف أحد شوارع مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، بعد أن أجبرها جيش الاحتلال على النزوح من منزلها في مدينة غزة.

ويتزامن اليوم العالمي للمرأة هذا العام مع دخول الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، شهرها السادس، بكل ما ألقته من موت ودمار وموت وثقل معيشي على أكثر من مليونين و200 ألف فلسطيني في قطاع غزة، ولا سيما على النساء منهم.

روان السموني تعمل 12 ساعة يوميا لمساعدة زوجها (الجزيرة) نزوح وخوف

وتذكر روان (25 عاما) للجزيرة نت أنه في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بهذا اليوم، لا تأمن هي على حياتها وحياة أطفالها وزوجها. وبنبرة اختلطت بالبكاء قالت "تعبت، يكفي، نريد أن نعود إلى منازلنا".

وتضيف "لا أستطيع النوم، أنام وأصحو خائفة على أولادي أو زوجي يروحوا (يقتلهم جيش الاحتلال)، أين سأذهب بعدهم؟ أو أن أموت، نريد العودة إلى غزة، يكفي".

وتشكو السيدة الفلسطينية من غياب الخصوصية في خيمتها، حيث تضطر للبقاء طوال اليوم مرتدية ثوب الصلاة. ولا يتوفر في الخيمة مرحاض، وهو ما يدفعها إلى السير مئات الأمتار يوميا لاستخدام المراحيض العامة بمستشفى شهداء الأقصى القريب من مكان إقامتها.

بدورها، تقضي رنا مسعود يوم المرأة العالمي جالسة على الأرض أمام حطب مشتعل، وتصنع أكياسا بطريقة بدائية لبيعها.

واضطرت رنا (30 عاما)، التي تُقيم في خيمة صغيرة في باحة مدرسة تحولت إلى مأوى لآلاف النازحين غربي دير البلح، لصناعة الأكياس التي يحتاجها الباعة لتوفير بعض المال لأسرتها. وتقول للجزيرة نت "في يوم المرأة، لا حقوق للمرأة في غزة، فهي هنا تُقتل وتُعنّف وتعيش في خيمة".

وكبقية نساء غزة، تفتقد رنا للخصوصية حيث يعيش معها في الخيمة أشقاء زوجها وأسرهم.

وبالإضافة إلى خوفها من فقدان حياتها وحياة أسرتها جراء الغارات الإسرائيلية، تعاني من رداءة ظروف الحياة في المدرسة، حيث تضطر للوقوف في طوابير لدخول المرحاض، أو تعبئة الماء. وتختم "في يوم المرأة، لا أحد يشعر بنا".

رنا مسعود تفتقد -ككل نساء غزة النازحات- الخصوصية في خيمتها (الجزيرة) النفاق العالمي

أما فيدا حرب (50 عاما) فلم تتخيل أن يأتي اليوم الذي تضطر فيه للعيش في خيمة مع 18 شخصا، هم: أبناؤها وأحفادها. وبالنسبة لها، فإن يوم المرأة العالمي مثال على "نفاق العالم" الذي يرى معاناة نساء غزة، ويلوذ بالصمت.

وبعد أن كانت تعيش في منزل كبير، تضطر فيدا منذ شهور عدة للمشي مسافات طويلة لإحضار الماء، أو الذهاب للمرحاض. كما تعاني أسرتها من ضائقة مالية كبيرة جراء نفاد أموالها.

وتضيف للجزيرة نت مُعدّدة بعض الصعوبات التي تواجهها، "نقف طوابير على الماء، وربنا يعلم كيف ندبر الطحين، وكيف نخبز وكيف نأتي باللقمة للأطفال، وكيف نذهب للحمام، وكيف نتطهر للصلاة، هذه حياة صعبة ومأساوية". وتابعت "كنا نعيش حياة سعيدة، لكن الآن لا نستطيع حتى تنظيف الأطباق بعد أن نأكل، معاناة لا تنتهي".

وفي خيمتها الصغيرة مثلثة الشكل، تعيش رانيا حبيب، الأم لـ6 أطفال مع أسرة شقيقتها في ظروف بالغة الصعوبة. وتوضح أن حياتها باتت تعتمد على معونات المحسنين، خاصة أن أسرتها كبيرة وزوجها لا يعمل.

وتقول للجزيرة نت "كوني امرأة، أقضي يوم المرأة العالمي في خيمة، وضعنا صعب جدا، نحصل على الطعام والماء من آخر الدنيا، وكل حياتنا أصبحت طوابير، نتسول كل شيء".

وتضيف "يُفترض أن تكون المرأة في يومها العالمي، مكرّمة وتعيش حياتها الطبيعية، وليس الجلوس في خيمة وتجري بين الرمل والأوساخ وتغتسل على الأرض، ولا تملك حتى مرحاضا ومطبخا، وتتسول صحن الطبيخ والخبز لأطفالها".

ومثل بقية أصحاب الخيام، تستخدم رانيا وأسرتها مرحاضا عاما يبعد عنها عشرات الأمتار، وتضطر لأخذ الماء معها. وتقول "لا نملك -نحن النساء- أي خصوصية ولا حرية، لا نستطيع أن نجلس بلا حجاب لأن الخيمة مكشوفة، وزوج أختي يعيش معنا، وحتى المارة في الشارع سيرونني".

سهام الشنتف نازحة تحتاج إلى رعاية خاصة في خيمة تفتقد لأدنى مقومات الحياة (الجزيرة) ادعاء الحقوق

وتبدو معاناة سهام الشنتف مختلفة كونها مُسنة وتبلغ من العمر 68 عاما. ونظرا لتقدمها في العمر، تحتاج إلى رعاية خاصة واحتياجات كثيرة، لكنها وجدت نفسها تقيم في خيمة، تفتقد لأدنى مقومات الحياة. وتقول إن بناتها العشرة، يبدأن يومهن بالسير مئات الأمتار للوصول إلى مراحيض عامة مخصصة للنساء.

ومع طول أمد الحرب، ودخولها شهرها السادس، لا تدري سهام كيف ستتدبر أسرتها أمور حياتها اليومية مع غياب مصدر للدخل. وتوضح "معاناتنا الأساسية في النزوح، تركنا بيتنا ولا تأتينا أي مساعدات، نحن حوالي 20 شخصا في الخيمة، وحتى الآن لا يوجد لدينا طعام".

وتتساءل، موجهة حديثها للولايات المتحدة وأوروبا، "يدّعون حقوق المرأة، أين هي؟ هل هي لهم فقط؟، ونحن لنا القتل والاضطهاد، يدعمون إسرائيل كي يبيدوا ذريتنا".

فيدا حرب: يوم المرأة العالمي مثال على "نفاق العالم" الذي يصمت على معاناة نساء غزة (الجزيرة) الضحايا بالأرقام

وقال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في بيان أصدره الخميس الماضي، إن 9 آلاف امرأة استُشهدت من إجمالي عدد الشهداء البالغ نحو 31 ألفا، منذ بدء العدوان على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأوضح الجهاز أن 75% من إجمالي عدد الجرحى البالغ 72 ألفا و156 جريحا، هم من الإناث. كما شكّلت النساء والأطفال 70% من المفقودين البالغ عددهم 7000 شخص. وأشار إلى اضطرار قرابة مليوني شخص للنزوح من أماكن سكناهم، نصفهم من الإناث، وأن جيش الاحتلال يخفي قسريا أعدادا غير معلومة من النساء، اعتقلهن خلال الحرب.

وحذَّر الإحصاء -في بيانه- من أن حوالي 60 ألف امرأة حامل في القطاع، يواجهن ظروفا قاسية. كما ارتفع عدد الولادات المبكرة لدى النساء بنسبة الثلث تقريبا بسبب عوامل مثل التوتر والصدمات، ومنهن من أجهضن نتيجة الخوف، ما أدى إلى ازدياد حالات الإجهاض بنسبة 300%. وأشار إلى أن الحوامل يعانين سوء التغذية والجفاف، إذ يواجهن فقرا غذائيا حادا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات یوم المرأة العالمی للجزیرة نت نساء غزة فی خیمة

إقرأ أيضاً:

هيئة الأمم المتحدة للمرأة: الأزمة الإنسانية في السودان لها تأثير كارثي خاص على النساء والفتيات

قالت هيئة الأمم المتحدة للمرأة إن الصراع في السودان والأزمة الإنسانية الناتجة عنه كان لهما تأثير كارثي خاص على النساء والفتيات، حيث يواجهن الجوع والنزوح ونقصا في الخدمات والإمدادات الأساسية، فيما تضاعف العنف القائم على النوع الاجتماعي.

جاء ذلك في تقرير صدر عن الهيئة بعنوان "النساء والفتيات في السودان: الصمود وسط لهيب الحرب"، والذي سلط الضوء على التأثيرات غير المتناسبة للصراع المتصاعد على النساء والفتيات السودانيات.

وبحسب التقرير، زاد عدد المحتاجين إلى خدمات متعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي بنسبة 100% منذ بداية الأزمة، ليصل إلى 6.7 مليون شخص – الغالبية العظمى منهم من النساء والفتيات - بحلول كانون الأول/ديسمبر 2023، ومن المتوقع أن يكون هذا الرقم أعلى اليوم.

وأشار التقرير إلى أن العنف المستمر، وخاصة في الخرطوم ودارفور وكردفان، أدى إلى تفاقم المخاطر التي تواجهها النساء والفتيات، وسط تزايد التقارير عن حالات عنف واستغلال واعتداءات جنسية مرتبطة بالصراع.

وفي حين أدت الحرب في السودان إلى أكبر أزمة نزوح داخلي في العالم منذ الصراع السوري عام 2011، تتعرض النساء والفتيات النازحات داخليا- والبالغ عددهن 5.8 مليون امرأة وفتاة- للخطر بشكل خاص، حيث لا يتم الإبلاغ عن العديد من حالات الإساءة بسبب الافتقار إلى الدعم الكافي والخوف من الوصمة والانتقام.

وأكد التقرير أن الأسر التي تعولها نساء تعاني بشكل أكبر من أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد التي تواجهها البلاد، وهي الأسوأ التي تم تسجيلها على الإطلاق في السودان، مضيفا أن النساء والفتيات "يأكلن أقل من غيرهن ويكن آخر من يأكل".

وقال التقرير إن الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية يشكل تحديا آخر، وخاصة للنساء الحوامل اللواتي يتعدى عددهن الـ 160 ألف امرأة، ومن المتوقع أن يولد ما يقدر بنحو 54 ألف طفل في الأشهر الثلاثة المقبلة.

هذا وتتأثر النساء والفتيات بشكل غير متناسب بنقص المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية الآمنة، حيث لا تستطيع ما لا يقل عن 80 في المائة من النساء النازحات داخليا تأمين المياه النظيفة. كما أن 74 في المائة من الفتيات في سن المدرسة - 2.5 مليون فتاة - خارج المدرسة حاليا، مما يزيد من خطر تعرضهن لممارسات ضارة مثل زواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث.

وقالت هودان أدو، القائمة بأعمال المديرة الإقليمية لمكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب أفريقيا: "تواجه النساء والفتيات في السودان تحديات لا يمكن تصورها، ومع ذلك فإن قوتهن وقدرتهن على الصمود لا تزال تلهمنا. لا يمكننا أن نسمح للسودان بأن يصبح أزمة منسية. والآن، أكثر من أي وقت مضى، يجب على المجتمع الدولي أن يتكاتف لدعم النساء في السودان، وضمان حصولهن على الموارد والحماية التي يحتجن إليها للبقاء على قيد الحياة وإعادة بناء حياتهن".

وشددت الهيئة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لضمان حماية النساء والفتيات، وتأمين وصولهن إلى الغذاء والمياه النظيفة وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية، وخاصة من خلال زيادة التمويل للمنظمات المحلية التي تقودها النساء، والتي لم تتلق سوى 1.63 في المائة من موارد الصندوق الإنساني للسودان عام 2023. ودعت هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى وقف الحرب على الفور والعودة إلى طاولة المفاوضات لإجراء محادثات سلام.

   

مقالات مشابهة

  • بالفيديو.. العواملة يفضح كابرانات الجزائر ويكشف السبب الحقيقي الذي عجل بفرض الفيزا على المغاربة
  • بين الإصابات والنزوح وفقدان الرعاية.. تحديات تواجه المرأة السودانية في ظل الحرب
  • نصائح المركز الإفريقي لصحة المرأة بالإسكندرية في اليوم العالمي للقلب
  • أثر الحرب في السودان على النساء والأطفال: العنف ضد النوع واستغلال الأطفال
  • حكايات مُفجعة.. كيف بات اغتصاب النساء سلاحا في الحرب الأهلية بالسودان؟
  • نادية بوعيدا خلال الأكاديمية الأوروبية الخريفية: الاستقلال المالي والتعليم مدخل أساسي لتحرير المرأة الحقيقي
  • خبير استراتيجي: هدف إسرائيل من الحرب في لبنان صرف الانتباه عن الهزيمة بغزة
  • هيئة الأمم المتحدة للمرأة: الأزمة الإنسانية في السودان لها تأثير كارثي خاص على النساء والفتيات
  • تقرير أممي: الأزمة الإنسانية في السودان لها تأثير كارثي على النساء والفتيات
  • المرأة اليمنية تكتسب مهناً حرفية جديدة وتعيل أسراً كاملة