بالفيديو.. قصص صمود وتحدي للفلسطينيات في مخيمات لبنان
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
بيروت- صُنّفت الفلسطينية آمال شهابي واحدة من أبرز 8 نساء مؤثرات في المجتمع الفلسطيني حسب الموقع العالمي "سكوب". وهي أيضا مسؤولة العمل الاجتماعي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في لبنان، ومسؤولة وحدة الدعم القانوني لقوات الأمن الوطني الفلسطيني هناك.
وتمثّل شهابي صمود وقوة المرأة الفلسطينية في مخيمات اللاجئين بالشتات، حيث تواجه النساء تحديات عديدة نتيجة الظروف الصعبة التي تعيشها.
من الأسر إلى التميّز
تولّت شهابي تأسيس رياض الأطفال، وتنظيم مشاريع لمحاربة العنف ضد المرأة وتمكين النساء في العمل والحياة العامة.
وتقول للجزيرة نت: "تم اختياري واحدة من 8 نساء فلسطينيات مؤثرات في المجتمع الفلسطيني حسب الموقع العالمي "سكوب". أنا أسيرة محررة، اعتُقلت عام 1982 خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وتم إطلاق سراحي خلال عملية تبادل الأسرى".
وتضيف: "بالتأكيد كانت تجربة قاسية، لكن تعلمت منها الصمود والثبات، وكان لها تأثير قوي، ورغم الألم والعذاب الذي تعانيه المرأة الفلسطينية في الأسر، إلا أنها تخرج قوية ومناضلة وصلبة".
وتتابع: "وهذا ما دفعني دائما للتفكير في تمكين النساء الفلسطينيات داخل المخيمات لتثبيت حقوقهن ومشاركتهن في العمل الاجتماعي والسياسي كشريكات في النضال، وكانت لي ورش عمل عديدة حول أهمية القيادة والمهارات الحياتية من أجل تعزيز قدرات النساء".
والآن، تعمل شهابي مسؤولة عن وحدة الدعم القانوني لقوات الأمن الوطني الفلسطيني منذ عام 2014، وهي أول امرأة تحصل على هذا المنصب. وتقول: "أنا مسؤولة عن الوحدة التي تُعنى بالمعايير الإنسانية التي يجب أن يلتزم بها رجال الأمن ويحترموها أثناء أداء واجباتهم".
وتوضح شهابي: "قد يكون هذا المنصب غير تقليدي وغريبا، وقد يتساءل البعض كيف يمكن لامرأة أن تتولاه وتدرب عناصر قوات الأمن والضباط على كيفية أداء واجباتهم وحفظ أمن ونظام داخل المخيمات".
كما تدير مركز "أمل للمسنين"، إلى جانب تأمين الرعاية النفسية والصحية لهم، وتعمل على توثيق الذاكرة المخزنة لدى المسنين وتأمين التواصل الاجتماعي والثقافي بين الأجيال الفلسطينية.
حلم يتحققوآمال ليست الوحيدة، فالمتطوعة الفلسطينية زينب جمعة أصبحت رئيسة جمعية "زيتونة للتنمية الاجتماعية" في مخيم "المية ومية" للاجئين، بعدما بدأت مسيرتها في العمل الاجتماعي صغيرة.
وتقول للجزيرة نت: "لم أتجاوز الـ18 من عمري عندما عملت متطوعة في العمل الاجتماعي، وعندما بلغت الـ22، أسست جمعية "مدرسة زيتونة" التي كانت حلما صغيرا، ولكننا نجحنا في تطويره. وعام 2013، أسست جمعية "زيتونة للتنمية الاجتماعية" بمساهمة مجموعة من الشابات والشبان. نحن في حالة تطور مستمر".
وتضيف زينب: "كانت فكرتنا في البداية هي أن أكون متطوعة وأساعد الناس في المجتمع المحلي، ولكن تطورت أهدافنا تدريجيا. نركز الآن على دعم الطلاب دراسيا ونفسيا، والعمل مع النساء والشباب في التطوع من خلال برنامج "فشة خلق"، وننظم فعاليات تثقيفية، مثل يوم المرأة بمشاركة قرابة 200 امرأة".
وختمت: "نؤمن بأهمية تمكين المرأة، فعندما تهتم بنفسها وتعمل على تطوير ذاتها، فإن هذا يؤثر إيجابا على العائلة والمجتمع بأسره".
ولا تختلف قصة المناضلة الفلسطينية سميرة صلاح عن سابقاتها، وتجسد الصبر في مواجهة التحديات، إذ عايشت الفترة الذهبية للقضية الفلسطينية منذ عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر إلى أيام النضال الفدائي، حيث شاركت النساء في أقوى عمليات المقاومة تاريخيا.
وتتمتع سميرة بروح المثابرة والإيمان بالقضية، مع امتلاكها حس الدعابة الذي يعكس مرارة الواقع. وتشارك مع الجزيرة نت ذكريات طفولتها وتروي قصة والدها الذي كان نقيبا في حيفا ومقاتلا في جيش الإنقاذ. وتتذكر لحظات صعبة؛ حيث وضع والدها رصاصاته حول جسدها لتجنب التفتيش البريطاني.
وأصيبت في عمر السنتين، وتقول: "عندها تعرض والدي لمحاولة اغتيال، أصابت الرصاصة فمي فقط ولم تتسبب سوى في جرح بسيط أشعر به حتى اليوم".
فادية الخربيطي لاجئة فلسطينية تقيم في مخيم برج البراجنة ببيروت عملت في الدفاع المدني (الجزيرة) بطولات وتضحياتوتحمل رحلات اللجوء والترحال في طياتها بطولات وتضحيات كثيرة، وتذكر سميرة: "تنقلت بين عدة محطات من حيفا إلى طبريا، ثم إلى الأردن ودمشق، قبل أن أنضم إلى حركة القوميين العرب وأتزوج من صلاح صلاح وأعيش في مخيم عين الحلوة بلبنان".
ومع تطور الأحداث، تنقلت وعملت تقريبا في كافة المخيمات الفلسطينية في لبنان، وأصبحت عضوا في الأمانة العامة لاتحاد المرأة الفلسطيني، ومسؤولة لجان المرأة في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
كما شاركت في مؤتمرات ونضالات متعددة لتمكين المرأة وتشجيعها على الانخراط في المجال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، ومثلت الجبهة الشعبية في عدة دول أوروبية.
وتضيف سميرة: "كان دوري يتمحور حول توعية المرأة وتمكينها قيادة العمل والانتماء للوطن، بالإضافة إلى المشاركة في العمل السياسي المنظم. وشملت مهامي العمل في مركز الأبحاث الفلسطيني، وكانت من بين مهامنا نشر المعلومات التي يصدرها العدو باللغة العربية لتوجيه وتوعية الناس".
كما تولت إدارة دائرة شؤون اللاجئين في لبنان من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، حيث كانت مهمتها الأساسية رعاية المخيمات الفلسطينية، و"خلال 21 عاما في هذا المنصب، نجحنا في مساعدة الناس عبر مشاريع البنية التحتية والمشاريع الكهربائية، نظرا لعدم تقديم الدولة اللبنانية المساعدة الكافية في المخيمات".
أما فادية الخربيطي أو "أم بيسان"، فهي لاجئة فلسطينية من قرية أم الفرج في عكا، وتقيم في مخيم برج البراجنة في العاصمة اللبنانية بيروت، وتحدثت للجزيرة نت عن انتمائها القوي لوطنها فلسطين منذ صغرها، وكيف تأثرت شخصيتها بنشوء الثورة الفلسطينية.
واستعادت ذكريات التدريب مع الأشبال، حيث تعلمت كيفية الدفاع عن نفسها، مؤكدة أهمية تلك التجربة التعليمية في حياتها.
تقول أم بيسان: "شاركت في تجربة التدريب والعمل في الدفاع المدني وخدمات الإسعاف، وتعلمت كيفية تقديم الرعاية الأولية والمساعدة للمصابين، وشاركت في العمل النسائي على خطوط النار لدعم المقاتلين".
وتضيف: "كنت في الأحداث بشكل مباشر، بما في ذلك القصف على المطار والأحداث الأخرى التي تلتها، ومجزرة صبرا وشاتيلا، وكنا نعالج المقاتلين والجرحى ميدانيا".
وتحدثت عن التحديات التي واجهتها كامرأة في العقود الماضية، وقالت: "تحدياتي كانت مثل أي امرأة. كان الأهل والمجتمع يرفضون مشاركتي في الدفاع المدني. وكانت المرأة تحت ضغوط معينة وتواجه صعوبات في تحديد دورها في المجتمع، خاصة خلال فترات القصف والاحتلال".
وتختم فادية: "أصبت برصاصة في اليد أثناء تأدية واجبي في الدفاع المدني، وهذا كان تحدّيا آخر، وهو ما صعّب مشاركتي في الأنشطة الميدانية، لكن مع الوقت تكيفت مع هذه التحديات واندمجت في المجتمع، وزادت قوتي وانتمائي وقدراتي على العمل خارج حدود المخيم والمجتمع".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی الدفاع المدنی العمل الاجتماعی فی المجتمع فی العمل فی مخیم
إقرأ أيضاً:
مكتبة القاهرة الكبرى تناقش كتاب "بهانة اليوم"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نظمت اليوم مكتبة القاهرة الكبرى بالزمالك برئاسة الكاتب يحيى رياض يوسف مدير المكتبة، مناقشة مثيرة لكتاب "بهانة اليوم" للكاتبة إلهام قطب، التي تعتبر من أبرز الأسماء في مجال الكتابة والإعلام
الكتاب عبارة عن مجموعة قصصية متنوعة، تسلط الضوء على عدة قضايا اجتماعية هامة، وتعكس رؤى فكرية وثقافية معاصرة وتناقش القصص في الكتاب موضوعات حساسة مثل الظلم، الخيانة، التحديات الشخصية، وأبرزها صورة المرأة في المجتمع.
تنوعت القصص في مجموعة "بهانة اليوم" بين موضوعات الظلم ونجاح النهاية، مما يعكس قضايا معقدة ومؤلمة يعاني منها الكثيرون في حياتهم اليومية. في بعض القصص، يتم تسليط الضوء على الشخصيات التي تتعرض للظلم سواء من أفراد الأسرة أو من المجتمع، لكن الكاتبة لا تترك القارئ في حالة من التشاؤم. بل تحاول أن تبرز في النهاية أن هناك دائمًا فرصة للنهوض والتغيير، مهما كانت الظروف قاسية.
الظلم في الكتاب يظهر في العديد من الأشكال: سواء كان ظلم الأبناء من الآباء الذين يتخلون عن واجبهم، أو من المجتمعات التي لا توفر الفرص المتساوية لكل أفراده. ومع ذلك، نجد أن الكاتبة تؤمن بأن النهاية يمكن أن تكون بداية جديدة، وأن الأمل يظل حاضرًا رغم الصعوبات التي قد يواجهها الأفراد. بعض القصص في الكتاب تنتهي بنجاح الأبطال في تخطي الصعاب والتوصل إلى الحقيقة، مما يضفي على العمل طابعًا من التفاؤل والاستمرار رغم كل التحديات.
أحد المواضيع الأكثر تأثيرًا في كتاب "بهانة اليوم" هو تمثيل صورة المرأة في المجتمع. إذ تتناول إلهام قطب المرأة في أبعاد مختلفة؛ في دور الأم، الزوجة، العامل، والصديقة، وتستعرض التحديات الاجتماعية التي تواجهها في كل هذه الأدوار. توضح كيف أن المرأة، رغم كل الصعوبات التي قد تواجهها، تمتلك قوة داخلية تمكنها من التغلب على الأزمات والظروف الصعبة.
إلهام قطب تدافع عن حقوق المرأة وتدعو إلى توفير بيئة أكثر دعمًا للنساء في المجتمع. فهي لا تقتصر فقط على تصوير المرأة كضحية في العديد من القصص، بل تظهرها أيضًا كامرأة قوية قادرة على التغيير والتطور. في بعض القصص، نجد أن المرأة هي التي تتخذ القرار، وتغير حياتها وحياة من حولها. وهذا يبرز دورها كمحور أساسي في بناء المجتمع وتطويره
إلهام قطب خصصت جزءًا من الكتاب للحديث عن قضايا جحود الأب وزوجة الأب في العديد من الأسر. حيث تصف بعض القصص كيف يمكن أن يكون الأب غائبًا عن مسؤولياته تجاه أولاده، وكيف تتسبب زوجة الأب في تعميق الفجوة بين الأبناء ووالدهم. هذه العلاقات المعقدة في الأسر المفككة تشكل مصدرًا رئيسيًا للكثير من الأزمات النفسية للأطفال، الذين يجدون أنفسهم عالقين بين الأطراف المتنازعة.
وتشير الكاتبة إلى أن هذا النوع من العلاقات يعكس صورة سلبية عن الأسر في بعض المجتمعات، وتدعو إلى ضرورة تبني قيم الاحترام المتبادل والتفاهم بين الأفراد داخل الأسرة. كما تؤكد على أن الأطفال في هذه البيئات لا بد أن يحظوا بحماية نفسية تضمن لهم نموًا صحيًا وسليمًا.
إلى جانب القضايا الأسرية، تطرقت إلهام قطب إلى ظاهرة اجتماعية معاصرة تتعلق بالزواج بين المطلقين الذين يعيشون معًا في نفس المنزل رغم الزيجات الجديدة. في بعض القصص، يظهر هذا الوضع على أنه نوع من الازدواجية الاجتماعية حيث يحاول الأشخاص الحفاظ على مظهر اجتماعي مثالي أمام الأبناء والمجتمع، بينما الحقيقة مختلفة تمامًا. هذا التعايش بين الزوجين لا يعكس استقرارًا حقيقيًا، بل هو مجرد محاولة لتغطية الفجوات العاطفية والأخلاقية التي تنشأ نتيجة الخيانة أو الانفصال.
تتناول إلهام قطب في كتابها عواقب هذه العلاقات على الأبناء، الذين قد يعانون من فقدان الأمان العاطفي. كما توضح الكاتبة كيف أن المظاهر الاجتماعية لا يمكن أن تحل محل العلاقات الصادقة والمبنية على الثقة والاحترام المتبادل.
تعتبر إلهام قطب أن "نهاية كل ظالم" مسألة لا مفر منها، مهما حاول الظالمون التهرب من عواقب أفعالهم. في الكتاب، يتم عرض أمثلة حية لشخصيات ظالمة في محيط الأسرة والمجتمع، وفي النهاية، تظهر الحقيقة وتكشف الزيف الذي يعشونه. هذه الرسالة تحمل في طياتها دعوة للعدالة والمساواة، وتحث الجميع على التمسك بالقيم الإنسانية.
تؤمن إلهام قطب بأن العدالة في النهاية ستتحقق، وأن كل من يسلك طريق الظلم سيكون له حساب في النهاية، حتى لو تأخرت النتائج. هذه الفكرة تبرز في العديد من القصص في الكتاب، حيث يتمكن الأبطال من استعادة حقوقهم والنهوض مرة أخرى.
اختتمت إلهام قطب مناقشتها بتأكيد أن المجتمع يجب أن يعمل على تعزيز القيم الإنسانية الأساسية، مثل العدالة والمساواة، من أجل تقديم نموذج صالح للأجيال القادمة. وأكدت أن معالجة قضايا مثل الظلم، التمييز، والعنف ضد المرأة تتطلب جهودًا متواصلة على مختلف الأصعدة.، وناشدت إلهام إلى أهمية أن نمنح النساء والأطفال مساحة أكبر في المجتمع لتحقيق إمكانياتهم الحقيقية، وأن نحتفل بالنجاحات الشخصية والعائلية التي تنبثق من بيئات يسودها الحب والاحترام.
"بهانة اليوم" هو كتاب غني بالأفكار والقيم التي تمس الواقع الاجتماعي المعاصر. من خلال تقديم مجموعة من القصص التي تتراوح بين الظلم وتحقيق النجاح، تبرز الكاتبة إلهام قطب جانبًا مهمًا من القضايا الإنسانية التي تؤثر في المجتمع. سواء من خلال تصوير معاناة المرأة أو تحليل العلاقات الأسرية المعقدة، تقدم قطب للقارئ مادة غنية تحفز على التفكير وتدعو للتغيير والتحسين.