يكتسب إعلان فرنسا عن مساهمتها في صياغة استراتيجية لإعادة تأهيل مرفأ بيروت بناءً على طلب الدولة اللبنانية، سيتم الإعلان الرسمي عنها في الثالث عشر من الشهر الجاري بكلفة تصل إلى ١٥٠ مليون دولار، أهمية خاصة نظراً إلى أنها الخطوة الاقتصادية الوحيدة الإيجابية التي يتم الإعلان عنها، وتتصل بإعادة بناء مرفأ بيروت، بعد أربعة أعوام على انفجاره المزلزل، في ظل أوضاع سياسية وأمنية غير مستقرة يمر بها لبنان، تحت وطأة التهديدات الاسرائيلية المتنامية.


وكتبت سابين عويس في" النهار":على أهمية هذه الخطوة، فإن الشرط الذي أرفقه الملحق الاقتصادي في السفارة الفرنسية في بيروت ومنطقتي الشرق الأوسط والأدنى فرنسوا سبورير في لقاء إعلامي قبل أيام، للإعلان عن التحضيرات الجارية للإعلان الرسمي، يشكل إحدى العقبات الاساسية التي يعجز لبنان عن تخطّيها أو إسقاطها من أي مشروع تمويلي يمكن أن يحظى به لإعادة إطلاق عجلته الاقتصادية والاستثمارية. فقد كان المسؤول الفرنسي شديد الوضوح عندما أعلن، بعد تقديم كل منافع وإيجابيات المشروع الخاص بإعادة إعمار المرفأ، أن فرنسا مستعدة للتمويل، ولكن لا يمكنها أن تقوم بذلك من دون اتفاق مع صندوق النقد الدولي. واللافت أن سبورير أكد أن هذا الشرط ينطبق أيضاً على البنك الدولي الذي أبدى بدوره استعداده لتمويل المشروع، علماً بأن التمويل المطلوب يجب أن يكون من شركات أجنبية، بعدما أكد المسؤول الفرنسي صعوبة أو تعذر تأمين التمويل المحلي.

حمل الكلام الفرنسي رسالة إنذار واضحة للجانب اللبناني الذي يرفض حتى الآن الاستماع الى النصائح والإنذارات الدولية المتكررة ليس من فرنسا فحسب، بل من كل الدول العربية والغربية، حيال أهمية وضرورة إنجاز الاتفاق مع صندوق النقد كشرط أساسي لأي مساعدة أو دعم مالي خارجي. وأهمية هذه الرسالة بأنها تعكس بوضوح انعدام الثقة العربية والدولية بلبنان وبسلطاته، ما يدفع الخارج إلى المطالبة بختم الثقة للصندوق على أي تمويل أو مساعدة ستخصّص للبلد أو لأي مشروع فيه.

قد يكون الفرنسيون الجهة الخارجية الوحيدة التي لا تزال تبدي اهتماماً بالسوق اللبنانية، من منطلق مصالح الشركات الفرنسية فيه، رغم صغر حجمه، علماً بأن هذا الاهتمام كان قد تراجع في شكل لافت في الآونة الأخيرة ولا سيما بعد فشل كل المبادرات الفرنسية الساعية إلى لعب دور في إرساء حل سياسي لأزمة انتخاب رئيس الجمهورية، أو للوضع في الجنوب، وتلافي الانزلاق نحو الحرب الموسعة. وكانت السلطات اللبنانية قد تبلغت في وقت سابق رغبة الشركات الفرنسية في الانسحاب. وتجلى ذلك في ما تردد عن رغبة شركة توتال أيضاً في الانسحاب من مشروع التنقيب عن النفط. لكن الفرنسيين الذين كانوا سيعلنون هذا الموقف في الإعلان الرسمي لمخطط بناء المرفأ الأسبوع المقبل، عدلوا عن ذلك في ظل إلحاح السلطات اللبنانية على البقاء والاستمرار. حتى إن رئيس حكومة تصريف الأعمال كان قد طلب من رئيس الشركة قبل فترة، الاستعداد لبدء الاستكشاف في بلوكات جديدة (٨ و١٠).

يطرح الفرنسيون اليوم أن يُموَّل مشروع بناء المرفأ من إيراداته إن كان الاتفاق مع صندوق النقد متعذراً أو بعيد المنال، وهذا يشير إلى الواقع بأن لا اتفاق قريباً. فرغم استمرار التشاور بين الفريق اللبناني وممثلي الصندوق، لا يقارب هذا التشاور مسألة الدخول في برنامج، ما دام لبنان لم يلتزم إنجاز الإجراءات المسبقة التي كان وقع عليها في الاتفاق الاولي. فالإجراءات الإصلاحية المطلوبة لم تنفذ، ولا مؤشرات جدية على إمكان تنفيذها في المدى المنظور.
وليس لدى المجتمعين الدولي والعربي سوى الضغط على اللبنانيين، للقيام بالإجراءات اللازمة لكسب ثقتهما، وإن لم يؤدّ هذا الضغط حتى الآن إلى أي نتيجة. هذه هي حال الفرنسيين اليوم، وهكذا كانت ولا تزال حال دول الغرب والخليج والمؤسسات الدولية، وهكذا ستبقى!
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: مع صندوق النقد

إقرأ أيضاً:

عاجل | هل ستلجأ مصر إلى التعويم مجددًا ؟.. رئيس الوزراء يُجيب

أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، خلال مؤتمر صحفي، يوم الأربعاء، أن سعر صرف الدولار في مصر سيبقى متقلبًا وفقًا لحجم العرض والطلب في السوق، مضيفًا أن “هذا ليس تعويمًا جديدًا بمعنى الكلمة، ولكن سيستمر الدولار في الصعود والهبوط حسب حركة السوق، وهو الاتجاه الصحي وفق آلية العرض والطلب”.

 

عاجل - الدولار يسجل قفزة تاريخية عقب إعلان فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية الدولار الأمريكي يرتفع أمام الجنيه المصري في تعاملات اليوم: 5 نوفمبر 2024

وجاءت تصريحات مدبولي في وقت يشهد فيه الجنيه المصري أدنى مستوياته أمام الدولار خلال نحو شهرين ونصف، بمتوسط سعر يبلغ 49.23 جنيه للدولار. 

 

ويُعد سعر الدولار عنصرًا حاسمًا في الاقتصاد المصري، حيث يؤدي ارتفاعه إلى زيادة تكاليف مدخلات الإنتاج والسلع المستوردة، ما يرفع الأسعار ويزيد من حدة التضخم الذي تسعى الحكومة للسيطرة عليه، مستهدفةً معدلًا يصل إلى 10% بحلول نهاية العام المقبل.

 

وقد ارتفع معدل التضخم السنوي في سبتمبر الماضي للشهر الثاني على التوالي، مسجلًا 26.4% مقارنة بـ25.7% في يوليو.

 

كما تعهد مدبولي بألا تتخذ الحكومة قرارات تزيد من الأعباء على المواطنين خلال الفترة المقبلة.

 

وأضاف مدبولي أن هناك تفهمًا من صندوق النقد للوضع الحالي في مصر، مشيرًا إلى أن لجنة الصندوق بدأت عملها يوم أمس، وستستمر لمدة أسبوعين. 

 

وأوضح في مؤتمر صحفي سابق مع مديرة الصندوق كريستالينا غورغييفا أن المراجعة الرابعة للبرنامج ستفسح المجال لمصر لصرف 1.2 مليار دولار من قرض الصندوق.

 

 وكانت الحكومة قد رفعت مؤخرًا أسعار الوقود والمواصلات والكهرباء والخبز المدعوم في إطار اتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار، بعد أن واجهت مصر أزمة في النقد الأجنبي إثر انسحاب المستثمرين الأجانب من أدوات الدين المصرية بعد الحرب الروسية الأوكرانية.


من جهته، أشار الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل أسابيع إلى ضرورة مراجعة برنامج مصر مع صندوق النقد إذا كانت شروطه ستثقل كاهل المواطنين، مؤكدًا على أهمية تحويل التحديات إلى فرص. 

 

ولفت إلى أن مصر نجحت في تنفيذ أول برنامج للإصلاح الاقتصادي قبل جائحة كورونا بفضل استقرار الأوضاع العالمية حينها، بينما يواجه البرنامج الحالي صعوبات بسبب الأزمات الاقتصادية العالمية.

مقالات مشابهة

  • النقد الدولي: ندعم الإصلاحات العراقية التي تبعد سوق النفط عن الأزمات
  • عاجل | هل ستلجأ مصر إلى التعويم مجددًا ؟.. رئيس الوزراء يُجيب
  • صندوق النقد.. بين الرفض الشعبى وضغوط الإصلاح
  • خبير اقتصادي: هناك تغير في سعر صرف الدولار بحد أقصى 5%
  • مدبولي: نجحنا في خفض معدل الدَين.. وهذا ما نستهدفه
  • مدبولي: برنامج الطروحات الحكومية كان جزءا من النقاشات مع صندوق النقد الدولي
  • مصر.. تعهد رسمي للمواطنين وتفهم من صندوق النقد
  • رئيس الوزراء: مديرة صندوق النقد الدولي أكدت تفهمها لحجم التحديات التي تواجهها مصر
  • مسيرات إسرائيلية تحلق في أجواء العاصمة اللبنانية ومحيط مرفأ بيروت
  • جامعة أسيوط ومونبلييه الفرنسية تتعاونان لتطوير أبحاث مسببات السرطان