نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرٕا نقلت فيه حوارًا مع فابريزيو كاربوني، مدير الشرق الأوسط في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الذي سلط الضوء على الوضع الإنساني المتردي في غزة، داعيًا إلى "وقف التصعيد" في الأعمال العدائية في قطاع غزة واحترام مبادئ القانون الإنساني للمساعدة في الاستجابة لأزمة ذات نطاق غير مسبوق.



وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه بالنسبة لفابريزيو كاربوني، عندما نصل إلى استخدام مثل هذه الأساليب البدائية، فإن الإلقاء الجوي يعني أن الوضع حقًّا ميؤوس منه.

وتساءلت الصحيفة عن كيفية تفسير المأساة التي تسببت في استشهاد أكثر من مائة فلسطيني في غزة يوم 29 شباط /فبراير الماضي أثناء توزيع المساعدات الغذائية، حيث يدعو الأمر إلى إجراء تحقيق إذ يتم التشكيك في مسؤولية إسرائيل عن إطلاق النار على الحشود ونقص الغذاء في القطاع المحاصر.

وعلى ضوء ذلك؛ أكد كاربوني أنها مأساة أخرى في أزمة إنسانية يبدو وكأنه لا نهاية لها. فلدى جميع الأطراف دائما سبب، وعذر، ولكن في النهاية المدنيون هم الذين يدفعون الثمن ولا يستطيعون الوصول إلى الخدمات الأساسية. وبعيدًا عن عدد القتلى والأشخاص المحتجزين في غزة والأشخاص الذين تحتجزهم إسرائيل، فإن الجزء الأسوأ من هذه الأزمة هو أنه حتى الألم البشري أصبح مُسيَّسا، ولم يعد هناك أي مساحة خارج السياسة، وهي مساحة الإنسانية. في المقابل؛ لا ينبغي تسييس هذا الفضاء الإنساني أو عسكرته.

وفيما يتعلق بمدى خطر حدوث المجاعة في قطاع غزة؛ أكد كاربوني أن هناك حالات سوء التغذية. الناس ليس لديهم ما يكفي من الطعام. من الصعب دائمًا معرفة ما إذا كانت هذه قصصًا محددة أو أنها تعكس وضعًا عالميًّا أكثر.

وتابع: "في جميع أنحاء مكاتبنا في قطاع غزة، نرى الأطفال يُتركون لوحدهم لمواجهة مصيرهم، إنه أمر فظيع. إلى جانب ذلك، فإن ما تمكنت اللجنة الدولية من جلبه إلى غزة غير كاف على الإطلاق، فاليوم هناك جدل حول دخول ثلاث أو عشر أو عشرين شاحنة، لكن الاحتياجات أكبر بكثير".

وأضاف أنه "على أقل تقدير، يجب أن يكون هناك وقف لتصعيد الأعمال العدائية وإعادة النظر في بعض المبادئ الإنسانية. والجميل في مفهوم قانون النزاعات المسلحة والعمل الإنساني، عندما تم إضفاء الطابع الرسمي عليه في اتفاقيات جنيف سنة 1949، هو أن القاعدة الإنسانية لم تكن مشروطة باعتبارات سياسية أو عسكرية".

وحسب الصحيفة؛ يعتقد العاملون في المجال الإنساني أن التنسيق غير ناجح مع الجيش الإسرائيلي، وفيما يتعلق بسبب ذلك، أشار كاربوني، مدير الشرق الأوسط في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إلى أن الأولوية تعطى للأنشطة العسكرية بدلا من الإنسانية. ونظرًا لأن قطاع غزة مكتظ بالسكان، ولا يستطيع الناس الفرار، ولأن أعمال العنف تحدث في جميع أنحاء القطاع، فإننا نعمل في ساحة المعركة، وهي أرضية غير مواتية للعمل الإنساني.

وأردف أيضًا أن "عدد العاملين في المجال الإنساني الذين قتلوا لم يسبق له مثيل. وأن أي تحرك خارج مكتبهم، حتى ولو لمسافات صغيرة، يتم بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي".

وعلى حد قوله: "يكمن التحدي في إنشاء تنسيق يسمح بسلامة فرقنا والمدنيين الذين يرغبون في الوصول إلى خدماتنا. لكن مستوى العنف والعداء والدمار كبير جدًّا، فضلًا عن انهيار النظام العام، بحيث لم يعد هناك الحد الأدنى من الأمن. نحن بحاجة على الأقل إلى وقف التصعيد في مستوى القوة لأننا لم نعد قادرين على التأقلم".

وفي سؤال الصحيفة عما هل يمكن أن يكون إسقاط المساعدات الإنسانية هو الحل؛ رد كاربوني أنه "في حالة من اليأس، نعم يمكن أن يكون الحل، ولكن هذا لا يعوض غياب الماء والكهرباء والوقود. لا يمكننا إطعام مليوني شخص من خلال الإنزال الجوي".

وتابع: "عندما نصل إلى مثل هذه الوسيلة، فإن الوضع يائس حقًّا. عليك فقط أن ترى صور هذه المظلات السوداء مع وصول هذه الصناديق، وهؤلاء الأشخاص الذين يركضون. أفكر فيهم: إنه أمر مهين. الكرامة هي الشيء الوحيد المتبقي عندما تفقد كل طاقتك، وعندما لا تتمكن من حماية أطفالك. هناك، لا يمكننا أن نفعل ذلك بعد الآن. وهذا أمر مأساوي للجميع في غزة، بما في ذلك الأسرى الإسرائيليين".

وواصل حديثه قائلًا: "لدينا زملاء يخاطرون بحياتهم كل يوم في غزة، وخاصة بسبب هذا الأمر. إذا كان هناك اتفاق، وشاركنا في هذه عمليات الإفراج مرة أخرى، فسيكون الأمن مشكلة كبيرة. وهذا ينطبق على الرهائن، ولكنه ينطبق أيضا على أي سجناء فلسطينيين سيتم إطلاق سراحهم: سيتعين علينا العمل في بيئة متوترة وخطيرة للغاية. وكما هو الحال دائمًا، يُعد العاملون في المجال الإنساني أهدافًا سهلة وسنكون في وسط أي لعبة سياسية قد تحدث. وأنا متأسف لذلك".

وأوردت الصحيفة أن مسؤولين إسرائيليين يهددون بشن هجوم على رفح. وعلى خلفية ذلك، تساءلت عما إذا كان يعتقد أنه من الممكن، كما يطلب المجتمع الدولي على الأقل، أن تضع إسرائيل خطة لإجلاء وحماية 1.3 مليون فلسطيني مهجرين هناك؟

ويقول كاربوني: "بصفتنا اللجنة الدولية للصليب الأحمر، لم نر أي خطة. ونظرًا للكيفية التي تطورت بها الأشهر الخمسة الأولى من هذه الحرب، فمن الصعب أن نتصور خطة قادرة على حماية السكان المدنيين في رفح وإجلائهم. لكن إلى أين؟ والقاعدة في القانون الإنساني الدولي واضحة: يمكن تهجير السكان من أجل أمنهم الخاص. ببساطة، يجب علينا أيضًا أن نضمن حصول النازحين على المساعدة الإنسانية اللازمة. ويجب أن يتم الإجلاء في ظروف أمان وكرامة مقبولة".


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزة المساعدات احتلال غزة مساعدات الصليب الأحمر طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللجنة الدولیة قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

"حصاد 2024".. أبرز الفنانين الذين فقدناهم وأثروا الساحة الفنية بأعمالهم الخالدة

شهد عام 2024 خسارة مؤلمة لعدد من أبرز نجوم الفن في مصر والوطن العربي، الذين شكلوا جزءًا هامًا من ذاكرة السينما والمسرح والتلفزيون، رحيل هؤلاء الفنانين ترك فراغًا كبيرًا في الوسط الفني، وأحزن جماهيرهم الذين أحبوا أعمالهم وتعلقوا بإبداعهم. 

في هذا التقرير، نستعرض أبرز الفنانين الراحلين خلال هذا العام، وأهم أعمالهم التي بقيت خالدة في ذاكرة المشاهدين.

نبيل الحلفاوي: رحيل نجم الأدوار المؤثرةتاريخ الوفاة: ديسمبر 2024تفاصيل الرحيل: توفي الفنان نبيل الحلفاوي بعد وعكة صحية مفاجئة أدخلته المستشفى لعدة أيام.أهم أعماله: يُعد الحلفاوي من أبرز نجوم الشاشة المصرية. بدأ مسيرته الفنية على خشبة المسرح، وحقق نجاحًا لافتًا في الأعمال التلفزيونية مثل "محمد رسول الله"، وترك بصمة قوية في السينما والمسرح بأدواره المميزة.ما قاله عنه النجوم: نعاه العديد من الفنانين بكلمات مؤثرة، مثل محمد صلاح، وأيتن عامر، وريهام عبد الغفور، الذين أكدوا جميعًا أن رحيله خسارة كبيرة للفن المصري.

 

سيد الفيومي: حضور بارز في الكوميديا والدراماتاريخ الوفاة: ديسمبر 2024تفاصيل الوفاة: توفي الفنان سيد الفيومي بعد صراع مع المرض، تاركًا إرثًا من الأعمال المتنوعة بين الكوميديا والدراما.أهم أعماله: شارك في مسلسلات مثل "الخواجة عبدالقادر"، و"راجل وست ستات"، وأفلام مثل "جاءنا البيان التالي"، و"رشة جريئة".ما يميزه: قدرته على أداء أدوار متنوعة ببراعة، من الكوميديا الخفيفة إلى الأدوار الدرامية المؤثرة.حسن يوسف: نصف قرن من العطاء الفنيتاريخ الوفاة: أكتوبر 2024تفاصيل الرحيل: توفي عن عمر يناهز 90 عامًا، بعد رحلة طويلة من العطاء الفني الذي امتد لأكثر من خمسين عامًا.أهم أعماله: قدم أعمالًا خالدة مثل فيلم "أنا حرة"، ومسلسل "ليالي الحلمية"، ويُعتبر من رواد السينما والتلفزيون في مصر.إنجازاته: عُرف بحرفيته العالية وقدرته على أداء الشخصيات المركبة التي تجمع بين البساطة والعمق.

 

مصطفى فهمي: الفنان الأرستقراطي متعدد المواهبتاريخ الوفاة: أكتوبر 2024تفاصيل الوفاة: توفي بعد معاناة مع ورم سرطاني في المخ.أهم أعماله: قدم العديد من الأفلام والمسلسلات التي جمعت بين الدراما والكوميديا، ويُعتبر من أهم أعمدة السينما المصرية في القرن العشرين.تراثه الفني: ينتمي لأسرة عريقة في السياسة والثقافة، مما انعكس على أدواره التي جمعت بين الأصالة والمعاصرة.

 

شريفة ماهر: سيدة الأدوار القويةتاريخ الوفاة: أكتوبر 2024تفاصيل الرحيل: توفيت عن عمر يناهز 92 عامًا.أهم أعمالها: شاركت في أفلام شهيرة مثل "قصر الشوق"، و"عذراء وثلاثة رجال"، و"الحياة حلوة".ما يميزها: أداؤها للأدوار القوية والمتسلطة جعلها واحدة من أيقونات السينما المصرية الكلاسيكية.

 

صلاح السعدني: عمدة الدراما المصريةتاريخ الوفاة: أبريل 2024تفاصيل الوفاة: توفي عن عمر يناهز 81 عامًا، بعد مسيرة حافلة بالأعمال الدرامية.أهم أعماله: اشتهر بدوره في مسلسل "ليالي الحلمية" بشخصية العمدة سليمان غانم، وقدم العديد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية المميزة.أثره الفني: يُعد واحدًا من أعمدة الدراما المصرية بفضل عمق أدواره وحضوره المميز.حلمي بكر: موسيقار الأجيالتاريخ الوفاة: مارس 2024تفاصيل الرحيل: توفي بعد صراع طويل مع المرض عن عمر يناهز 86 عامًا.أهم إنجازاته: يُعتبر أحد أعظم الملحنين في تاريخ الموسيقى العربية، وله أعمال خالدة مع كبار المطربين مثل أم كلثوم وعبدالحليم حافظ.تراثه: ألّف مئات الأغاني التي ساهمت في تشكيل وجدان الموسيقى العربية.أسماء أخرى خلدها العامجميل برسوم: توفي في مارس 2024، واشتهر بأدواره الثانوية المميزة في التلفزيون والمسرح.محمد نصر: غادر عالمنا في يوليو 2024 بعد مسيرة تضمنت أفلامًا مثل "الممر" ومسلسل "خيط حرير".ناهد رشدي: توفيت في سبتمبر 2024 بعد صراع مع مرض السرطان، وتُعد من أبرز نجمات الدراما المصرية.تامر ضيائي: رحل في يوليو 2024، وكان له دور مؤثر في أعمال مثل "أبوالعروسة" و"عملة نادرة".أثر رحيل هؤلاء النجوم على الساحة الفنية

فقدان هذا العدد الكبير من النجوم ترك أثرًا كبيرًا في الوسط الفني العربي. هؤلاء الفنانون لم يكونوا مجرد أسماء بارزة، بل كانوا جزءًا لا يتجزأ من تاريخ السينما والتلفزيون والمسرح في مصر والوطن العربي.

وستظل أعمالهم خالدة في ذاكرة المشاهدين، تُذكرنا دائمًا بأهمية الإبداع والموهبة في صناعة الفن.

مقالات مشابهة

  • معلومات الوزراء: أكثر من مليوني شخص يعملون بالحرف التراثية واليدوية بمصر
  • ماذا سيحدث للسوريين الذين لا يريدون العودة إلى بلادهم من تركيا؟
  • منظمة أطباء بلا حدود البلجيكية، تستعرض جهودها في التدخلات الإنسانية مع العون الإنساني بالشمالية
  • الصليب الأحمر: 90% من السوريين تحت خط الفقر و50% من البنية التحتية تعمل جزئيًا
  • الاتحاد الأوروبي يطلق عملية الجسر الجوي الإنساني لسوريا لإيصال إمدادات الطوارئ
  • "حصاد 2024".. أبرز الفنانين الذين فقدناهم وأثروا الساحة الفنية بأعمالهم الخالدة
  • هبة طبية من جنود حفظ السلام الإيطاليين إلى الصليب الأحمر في صور
  • وزير الداخلية التركي يكشف عن عدد السوريين الذين عادوا الى بلادهم بعد سقوط النظام
  • الحكومة السويسرية تخطط لحظر الصليب المعقوف في حملة صارمة ضد الرموز المتطرفة
  • ضبط مليوني قطعة ألعاب نارية داخل ورشة في الفيوم