يتجرعن مرارة هائلة.. تعرف بالأرقام على معاناة نساء غزة خلال الحرب
تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT
يحتفل العالم في الثامن من مارس/آذار باليوم العالمي للمرأة، وسط ظروف عصيبة للغاية تعيشها النساء في قطاع غزة، الذي يتعرض لحرب إسرائيلية غير مسبوقة دخلت شهرها السادس.
وتقول هيئة الأمم المتحدة للمرأة إن أكثر من 9 آلاف امرأة وفتاة استشهدن حتى الآن منذ بدء الحرب على غزة، فيما أعلن الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء أن 75% من إجمالي عدد الجرحى من الإناث، وأن النساء والأطفال شكلوا ما نسبته 70% من المفقودين في غزة.
وتتجرع النساء الفلسطينيات في غزة مرارة الحرب بقسوة، ويخاطرن بحياتهن في سبيل إطعام أطفالهن، بينما فقدت أخريات الحياة من ألم الولادة في غياب أدنى شروطها الطبية، وفق تقرير بثته الجزيرة للصحفية شيماء بوعلام.
وبلغة الأرقام، خلال هذه الحرب على غزة، تُستشهد 63 امرأة بينهن 37 أُمّا يوميا، كما تستشهد 2 من الأمهات كل ساعة وفق أرقام أممية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي نزح 1.9 مليون نسمة بينهن نحو مليون امرأة وفتاة، وهناك ما لا يقل عن 3 آلاف امرأة أصبحن أرامل ويحاولن إعالة أسرهن، في ظل عدم توفر أماكن آمنة للناجيات بالقدر الكافي.
وتتفاقم صعوبات النساء في ظل النقص في الغذاء وفقدان نساء أزواجهن ومعيلي أسرهن، ورغم ذلك يواصلن رحلة البحث عن الطعام وإعالة الأسر وحماية الأبناء.
ولا تتوقف معاناة النساء في غزة عند هذا الحد فحسب؛ بل تتعرض الحوامل والمرضعات إلى مخاطر صحية وسوء تغذية، بينما لا تستطيع النساء الأكبر سنا الوصول لأماكن توزيع الغذاء بسبب وضعهن.
وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان، من المتوقع أن تلد أكثر من 5500 امرأة هذا الشهر بينهن 840 امرأة من المحتمل أن يتعرضن لمضاعفات صحية، في ظل تعطل الخدمات في المستشفيات ونفاد الوقود وانقطاع الكهرباء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
شاهد.. الجزيرة نت ترافق امرأة غزية في مهمة إعداد وجبة طعام
غزة- إنه صباح الجمعة في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة المنكوب، والأسواق على فقرها مقفلة، ولدى عائلة حفيظة أشكوكاني آخر كيلوين من الطحين، وعليها أن تدبر طعام هذا اليوم بأكمله، وبعد تفكير قررت استغلالهما لإعداد الخبز وبعض الفطائر بالزعتر والجبن.
تقول أشكوكاني فيما بدأت هي وأبناؤها بجمع الخشب إن التفكير والبحث عما يمكنها طبخه لأسرتها يوميا معاناة حقيقية، في ظل نذر مجاعة بدأت تمس حياة الأغلبية من الغزيين في قطاع غزة الخاضع لحصار إسرائيلي حاد للأسبوع السابع على التوالي.
لجأت السيدة -وهي أرملة خمسينية توفي زوجها خلال الحرب وترك لها 5 أبناء- إلى تحطيم خزائنها والقليل من الأثاث المتوفر كي تستعين بخشبها في إشعال النار للخبز والطهي، وتقول وحرارة الفرن البدائي الساخنة بدأت تلفح وجهها إن "توفير الطعام مهمة يومية شاقة ومعقدة".
وينسحب هذا الواقع على أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع الساحلي الصغير منذ أن أوصدت دولة الاحتلال الإسرائيلي المعابر تماما ومنعت إدخال المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية في الثاني من مارس/آذار الماضي.
وفي 18 من الشهر ذاته استأنفت قوات الاحتلال حربها الضروس على القطاع، وبات سكان غزة يواجهون الموت قتلا أو جوعا، بحسب بيانات صادرة عن هيئات محلية ودولية.
بعد انتهاء مهمة العجين التي تولتها الأم كاملة تتشارك أشكوكاني مع أبنائها تقطيعه ورقّه إلى دوائر بعضها للخبز وأخرى أصغر قليلا للفطائر.
إعلانتسكن أشكوناني وأسرتها في منزل متواضع طاله تدمير جزئي إبان الاجتياح الإسرائيلي الواسع لمدينة خان يونس في ديسمبر/كانون الأول 2023 واستمر لـ4 أشهر متواصلة.
وبينما تواصل رق العجين وتدويره تقول للجزيرة نت "لا نعرف النوم ليلا ولا نهارا بسبب شدة الانفجارات والغارات التي لا تتوقف، وفي الوقت نفسه يجب علينا كأمهات توفير الطعام والشراب لأسرنا وأطفالنا".
وحتى مساء الخميس لم تكن تعلم ما الذي يمكنها أن تطبخه، وقد أوشك كل شيء ادخرته من طرود مساعدات سابقة على النفاد.
وتقول "الجمعة هو يوم يعرف عن أهل غزة أنه عائلي، تتجمع فيه الأسر على وجبة الغداء والأكلات التقليدية التي تعدها النساء باستخدام اللحوم أو الدجاج أو الأسماك"، وبكثير من الحسرة تكمل أشكوكاني حديثها "أيامنا في ظل الحرب صارت كلها تشبه بعضها، قتل وجوع، وما يشغل بالنا فقط أن نجد ما نأكله يوميا".
ولم تذق هذه الأسرة طعما للحوم البيضاء والحمراء والأسماك منذ شهور طويلة، وبينما يمنع الاحتلال إدخال اللحوم الطازجة والدواجن للقطاع منذ اندلاع الحرب عقب عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 يمنع كذلك إدخال المجمدات للشهر الثاني على التوالي ويفرض حظرا شاملا على دخول الصيادين للبحر وممارسة مهنة صيد الأسماك.
واستهلكت أشكوكاني آخر "حفنة من الطحين" وهي ترق المخبوزات، وهي آخر ما تبقى لديها من مساعدة حصلت عليها -قبل نحو شهرين- من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وتقول "كنا نعد الفطائر كمقبلات للتسلية قبل الحرب، لكنها باتت وجبة رئيسية بسبب الحصار".
ويحتاج خبز الفطائر إلى أفران تعمل بواسطة الكهرباء أو غاز الطهي غير المتوفرين في القطاع، وقد اضطرت أشكوكاني إلى طريقة بدائية بتحويل فرن منزلي يعمل على الغاز وتشغيله بواسطة الحطب والأخشاب وما يتوفر من أوراق وكرتون.
إعلانونتيجة وقوفها يوميا في مواجهة النار والدخان المنبعث من الفرن أصيب هذه الأم الفلسطينية بمضاعفات صحية في جهازها التنفسي.
تشكو أمام الفرن وتقول "هذه ليست حياة، والله تعبنا.. يكفي"، وتتحدث بوجع عن ارتفاع أسعار السلع والبضائع الشحيحة في الأسواق، و"حتى الخشب ارتفع سعره لأكثر من الضعف، من وين نجيب مصاري؟" تتساءل أشكوكاني.
وتعصف بالغزيين أزمة سيولة حادة جراء منع الاحتلال إدخال النقد من عملة الشيكل للقطاع منذ اندلاع الحرب، وشيوع ظاهرة التجارة بالسيولة من تجار يتقاضون نسب عمولة عالية تتراوح بين 20 و30%، في مقابل صرف رواتب للموظفين أو تلقي تحويلاتهم المالية وصرفها لهم.
وتعتمد أشكوكاني في معيشتها وأسرتها على المساعدات الإنسانية كما الأغلبية من الغزيين ممن فتكت بهم الحرب وأفقدتهم مصادر رزقهم ومدخراتهم.
والأربعاء الماضي، حذّر المكتب الإعلامي الحكومي في بيان من "دخول الوضع الإنساني في القطاع مرحلة الانهيار الإنساني الكامل بفعل سياسة الحصار والتجويع الممنهجة التي تفرضها قوات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين وسكان قطاع غزة منذ أكثر من 6 أشهر، وتحديدا مع انقطاع دخول المساعدات الإنسانية بالكامل منذ أكثر من شهر ونصف بشكل متواصل ومتعمد".
وبعد ساعات كابدت هي وأبناؤها فيها مهمة توفير الخشب وإشعال الفرن وخبز الفطائر التي بدت شهية رغم تناقضها مع ظروف إعدادها تجلس حفيظة أشكوكاني كما كل يوم، لتفكر وتتساءل: من أين ستطعم أطفالها غدا؟