السودان.. الجوع يهدد سكان ضواحي الخرطوم المحاصرين
تاريخ النشر: 23rd, July 2023 GMT
فتحت لجنة مقاومة في منطقة وسط بحري، ضاحية شمال العاصمة السودانية، باب التبرع من أجل تلبية الاحتياجات الغذائية للمحاصرين في منازلهم ولم يتمكنوا من الفرار منذ بدء المعارك التي دخلت شهرها الرابع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وأفادت لجنة الدناقلة، أحد أحياء وسط بحري، في بيان ليل السبت-الأحد نشرته على صفحتها على موقع فيسبوك بعنوان "حوجة غذائية" أن سكان الحي "يعيشون وضعاً معقداً جداً لظروف الحرب وانقطاع التيار الكهربائي والماء وعدم وجود محال تجارية".
وأشارت إلى "توقف العمل منذ أكثر من ثلاث شهور وعدم وجود مرتبات ونفاد ما تبقى من المخزون الإستراتيجي لكل أسرة أو فرد".
وقررت اللجنة، حسب ما أفادت، "فتح باب التبرع لنسند بعضناً البعض من خلال توفير مواد تموينية أو المساهمة المالية لشراء مواد تموينية من أقرب مكان وتوزيعها على المتواجدين بالحي".
ولجان المقاومة هي مجموعات شعبية كانت تنظّم الاحتجاجات للمطالبة بحكم مدني بعد الإطاحة بنظام عمر البشير في 2019، وتنشط في تقديم الدعم منذ بدء النزاع قبل ثلاثة أشهر.
وتمتد شكاوى السكان من عدم توفر الغذاء إلى أحياء وضواحي أخرى. ففي حي المزاد وسط بحري أكد عباس محمد بابكر أحد السكان لوكالة "فراس برس" أنه لم يغادر منزله بسبب تقدم عمر والدته ومرضها.
وقال: "نتناول وجبة واحدة يومياً منذ شهرين للحفاظ على مخزوننا من المواد.. واليوم معنا فقط ما يكفي ليومين ولا ندري ما سيحدث بعد ذلك".
والأسبوع الماضي توفي عازف الكمان السوداني المعروف خالد سنهوري بعد أن أفاد أصدقاؤه على منصات التواصل الاجتماعي بأنه "مات من الجوع ودفن أمام منزله بحي الملازمين وسط أم درمان"، ضاحية غرب الخرطوم الكبرى.
تتركز المعارك التي اندلعت في منتصف أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم وضواحيها وفي إقليم دارفور بغرب البلاد.
وأسفرت الحرب حتى الآن عن مقتل 3900 شخص على الأقلّ، بحسب منظمة أكليد غير الحكومية، وتهجير أكثر من ثلاثة ملايين شخص سواء داخل البلاد أو خارجها.
ويعد السودان أحد أفقر بلدان العالم، إذ يحتاج أكثر من نصف السكان إلى المساعدة للبقاء على قيد الحياة، في الوقت الذي وصلت فيه حالة التحذير من المجاعة إلى أقصاها، وبينما بات أكثر من ثلثي المستشفيات خارج الخدمة.
من ناحية أخرى، يستمر العاملون في المجال الإنساني في المطالبة بالوصول إلى مناطق القتال ويقولون إن السلطات تمنع وصول المساعدات إلى الجمارك ولا تُصدر تأشيرات دخول لعمّال الإغاثة.
مادة إعلانية تابعوا آخر أخبار العربية عبر Google News الخرطوم بحري السودانالمصدر: العربية
كلمات دلالية: الخرطوم بحري السودان أکثر من
إقرأ أيضاً:
يستحق المدنيون في السودان أكثر من مجرد البقاء على قيد الحياة
هذا الأسبوع، في مخيم "الأفاد" الذي لجأت إليه مئات العائلات بعد فرارها من سقوط مدينة الفاشر، جلستُ مع أمٍّ قطعت آلاف الكيلومترات مع ابنتها البالغة من العمر 5 سنوات وجدتها المسنّة. كانت الطفلة قد خضعت لجراحة في الدماغ بأحد المستشفيات العسكرية قبل أن تُهجَّر العائلة. الآن، تجلس بهدوء إلى جوار والدتها جامدة، منقطعة عن اللعب كما ينبغي للأطفال.
تحدثت الأم عن الضرب الذي تعرّضت له، وعن الجثث الملقاة على الطريق، وعن أشخاص لم يقووا على السير؛ لذا زحفوا وحفروا خنادق بدائية لتجنّب اكتشافهم من الطائرات المسيّرة. معظم الرجال قُتلوا أو مُنعوا من المغادرة. بطريقة ما، وصلت هذه الأم إلى المخيم، لكن دموعها انهمرت وهي تتحسس ندبة ابنتها وتتحدث عن شهر ديسمبر/كانون الأول وعن خوفها من ألا تتمكن من الوصول إلى المستشفى في الموعد القادم لطفلتها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الأمم المتحدة تحذر من خطر الجوع في 16 دولةlist 2 of 2استخبارات أميركية تكشف نقاشات إسرائيلية عن استخدام فلسطينيين دروعا بشرية بغزةend of listقصتها ليست استثناء؛ فمنذ أبريل/نيسان 2023، نزح ما يقرب من 10 ملايين شخص داخل السودان، في أكبر أزمة نزوح في العالم، بينما فر أكثر من 4 ملايين عبر الحدود. وفي دارفور وكردفان، تُقتلع مجتمعات بأكملها، ويُستهدف المدنيون، وتُدمَّر الخدمات الأساسية.
وبعد حصار دام 18 شهرا، أطلق سقوط الفاشر موجة جديدة من الفظائع: عمليات قتل تستهدف مجموعات عرقية، وعنف جنسي، وهجمات متعمدة على المدنيين. هذه ليست مجرد مآسٍ؛ فهي، وفقا لبعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم دولية. المدنيون ليسوا أوراق مساومة، ويجب حمايتهم وضمان وصول المساعدات الإنسانية إليهم.
كان السودان يوما ما ملتقى للفرص. كان المهاجرون من أفريقيا والشرق الأوسط يأتون إليه للدراسة والعمل وبناء مستقبل أفضل. وكانت مدنه نابضة بالحياة وعالمية، وجامعاته من بين الأفضل في المنطقة. واليوم، تسلك تلك الطرقَ نفسَها حشودٌ من الناس في الاتجاه المعاكس، فارّين من النزاع. ويظهر عدد متزايد من السودانيين الآن في ليبيا وما بعدها، يخاطرون بحياتهم بحثا عن الأمان وفرص العمل. بلد كان ملاذا يوما ما، أصبح الآن مصدرا للنزوح.
إعلانومع ذلك، حتى وسط الدمار، يحاول كثير من السودانيين العودة. في الخرطوم وسنار والجزيرة، تعود العائلات إلى أحياء مدمّرة ومنازل منهوبة. عودتهم ليست مجرد صمود، بل إعلان عن إرادة واضحة: الناس يريدون إعادة البناء، ويريدون السلام.
لكن العزيمة وحدها لا تكفي لإعادة بناء وطن. يحتاج السودان، وبشكل عاجل، إلى أمرين: السلام والوصول.. يجب السماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إلى المدنيين المحاصرين بسبب القتال لتقديم الغذاء والدواء والحماية. المجاعة والمرض يلوحان في الأفق، وكلما طال منع الوصول، ارتفع الثمن من الأرواح.
وفي المنظمة الدولية للهجرة، نعمل جنبا إلى جنب مع شركائنا لتلبية الاحتياجات العاجلة من توفير المأوى ومستلزمات النظافة والغذاء إلى تقديم الرعاية الصحية المتنقلة مع متابعة حركة النزوح في أنحاء البلاد لتوجيه الاستجابة الأوسع. لكن من دون ممرات آمنة وضمانات أمنية، ستفشل حتى أفضل عمليات الإغاثة تمويلا وتنظيما.
المساعدات الإنسانية قادرة على التخفيف، لكنها لا تستطيع إنهاء الحرب. والفجوة المتزايدة في التمويل الإنساني ليست مسألة أرقام فحسب.
الطريق المستدام الوحيد هو وقف إطلاق النار عبر التفاوض، وبدء عملية سياسية شاملة تجمع أطراف النزاع السودانية إلى طاولة الحوار. وعلى الجهات الإقليمية والدولية استخدام كل الأدوات المتاحة الدبلوماسية والاقتصادية والقانونية للضغط من أجل السلام والمساءلة.
وإذا تحقق السلام، يمكن للسودان أن يتعافى. أرضه خصبة، وشعبه قادر، وإمكاناته هائلة.
وفي غضون عقد، يمكن للسودان أن يطعم نفسه مجددا ويسهم في ازدهار المنطقة. لكن التعافي سيتطلب التزاما دوليا طويل الأمد، ليس فقط عبر المساعدات الطارئة، بل أيضا من خلال الاستثمار في الحوكمة والتعليم وسبل العيش التي تتيح للناس العيش بكرامة.
الأم التي التقيتها في مخيم الأفاد لا تزال تأمل أن تصل ابنتها إلى موعدها الطبي القادم. أملها، مثل أمل السودان، معلّق على أمر واحد: ألا يغضّ العالم الطرف عنهم. ذلك الأمل هش، لكنه لم يختف. ومن مسؤولية العالم أن يبقيه حيا، بفتح ممرات الوصول، وحشد الموارد، والإصرار على السلام.
لقد حمل شعب السودان هذا العبء طويلا بما يكفي. حان الوقت ليتحرك العالم.