فاطمة عواد الجبوري تسجل درجات الحرارة حول العالم ارتفاعاً غير مسبوقاً، بينما ذكرت تقارير بأن شهر أب القادم سيكون الأكثر حرارة منذ آلاف السنين. وبينما تتبع الدول الأوربية أنظمة وخطط لحماية مواطنيها من موجات الحر الشديدة وتصدر تنبيهات حمراء تشير إلى خطورة الحرارة الشديدة ليس على الأطفال وحسب بل على جميع الفئات العمرية، تعاني بعض الدول العربية وخصوصاً العراق من أزمة كهرباء خانقة.

في الوقت الذي تتراوح فيه درجات الحرارة في العراق بين 45 وأكثر من 50 درجة مئوية على جميع أراضيه، تشترك جميع محافظاته في انقطاع التيار الكهربائي لمدة تصل إلى أكثر من 16 ساعة. هذا الانقطاع المستمر لا يضر بأنظمة التكييف وحسب بل يلحق الضرر بالمحاصيل الزراعية ويفسد المواد الغذائية والمشروبات الباردة في المحلات. يعزو البعض انقطاع التيار الكهربائي بصورة مستمرة إلى وقف إيران لإمدادت الغاز التي تستخدم في توليد الطاقة الكهربائية ويعود هذا القطع إلى عدم سداد العراق ديونه المترتبة لإيران. ولكن الواقع معقد أكثر من ذلك بكثير. فصحيح بأنّ إيران أوقفت إمداد الغاز إلى العراق ولكن هذا الفعل لم يكن تعسفياً بحسب المصادر الرسمية العراقية وإنما يعود هذا الفعل إلى منع الولايات المتحدة العراق من تسديد ديونه من أمواله الخاصة وهذا بالطبع انعكس على إمكانية الشركات في انتاج الكهرباء. ومع ذلك فالمسألة لا تتعلق بالغاز الإيراني وحسب بل تتعلق بسياسة تخريبية أمريكية طويلة الأمد. لقد فشل رئيس مجلس الوزراء العراقي “محمد شياع السوداني” في حل أزمة الكهرباء والتي وضعها على رأس جدول أعماله الحكومية، لإن السوداني يعطي عناوين خاطئة للأزمة فهو يصف الأزمة بالمزمنة وتحتاج إلى استعدادت عالية، وهذا التصريح صحيح من حيث المبدأ ولكنه ليس كافٍ. تشير الإحصائيات التي تنشرها وزارة الكهرباء العراقية إلى أن العاصمة بغداد وحدها تحتاج إلى 8 آلاف ميغاواط لتبلغ حالة من التوازن ولكنها تمتلك 4500 ميغاواط فقط. منذ العام 2008 وقعت شركات أمريكية العديد من العقود بمليارات الدولارات لانتاج الكهرباء في العراق ولم تحقق هذه العقود أي نتيجة تذكر على الأرض. وعلى الرغم من فشل هذه الشركات (بشكل تعمدي) تزويد العراق بالطاقة الكهربائية، إلا أن الحكومة العراقية عادت ووقعت بنفس الفخ السابق ووقعت اتفاقيتين كبيرتين مع شركة جنرال ألكتريك الأمريكية بقيمة خيالية تصل إلى 1.2 مليار دولار مطلع العام الحالي. ولكن النتائج تشير إلى تكرار السياسة السابقة في تجميد أي مشاريع لإصلاح البنية التحتية لانتاج الكهرباء من قبل الشركات الأمريكية ومن قبل الحكومة الأمريكية نفسها. على الجانب الأخر، صرحت شركة “سيمنز” الألمانية على لسان رئيسها التنفيذي بأن الشركة قادرة على إنهاء مشكلة الكهرباء في العراق بشكل نهائي. وعلى الرغم من توقيع العراق مذكرة تفاهم مع شركة “سيمنز”، والتي أشار إلى أهميتها المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد العبادي، قائلا: “إن أهمية المذكرة الموقعة تكمن لكونها وقعت مع أهم الشركات العالمية الرصينة في مجال الطاقة وستضيف 6 آلاف ميغاواط إلى المنظومة الوطنية كما أن العمل بالمذكرة سيحل مشاكل النقل والتوزيع في المنظومة وسيسهم بإنشاء محطات تحويلية وخطوط ناقلة”، إلا أن الولايات المتحدة تمنع العراق من تنفيذ مذكرة التفاهم أو توقيع أي عقود جديدة مع الشركات الألمانية المتخصصة للصيانة وإنشاء المحطات. لا بد أخيراً أن نشير إلى أن أزمة الكهرباء ليس بالمشكلة الجديدة التي تتفاجئ فيها الحكومة كل عام بل هي أزمة مستمرة منذ بداية احتلال العراق في العام 2003 ولذلك فهي تقع ضمن مسؤولية الحكومة التي ينبغي عليها إيجاد حلول مستدامة وفورية لإصلاح الشبكات الحالية ولإنشاء شبكات أخرى. وبالطبع علينا ألا ننسى التأكيد على ضرورة استخدام مشاريع الطاقة الشمسية النظيفة نظراً للجو المناسب الذي يتمتع به العراق لتوليد هذا النوع من الطاقة. كل ذلك سيتحقق إذا حددت الحكومة العناوين والحلول المناسبة لهذه الأزمة من جهة وتمتعت بالاستقلالية وعدم التبعية للحكومة الأمريكية التي عرقلت مشاريع الطاقة على مدار أكثر من 15 عاما دون أي جدوى. كاتبة وباحثة عراقية @fatimaaljubour تويتر

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی العراق

إقرأ أيضاً:

كربلاء المقدسة .. مدينة النور التي أخرست ألسنة التشاؤم وأضاءت دروب الأمل

بقلم : تيمور الشرهاني ..

إلى كل من يقرأ هذه الكلمات، أهلاً وسهلاً بمن يتفق معنا في الرؤية، ومن لا يعجبه حديثنا فلا مكان لتشاؤمه بيننا. نحن هنا لنسلط الضوء على إنجازات أبناء كربلاء الأصلاء الذين أثبتوا أن الإخلاص والعمل الجاد هما السبيل لصناعة التقدم.

يوم أمس، وخلال رحلتي من كربلاء مروراً بمحافظة بابل وصولاً إلى النجف الأشرف، رأيت مشاهد كفيلة بأن تجعلنا نقف وقفة تأمل. الطرق في بابل والنجف، بكل أسف، تفتقر إلى أدنى مقومات البنية التحتية، مليئة بالحفر والمطبات، وكأننا نسلك طرقاً مهجورة، بينما الحدائق تكاد تكون معدومة. هذه المدن التي تحمل إرثاً تاريخياً عظيماً تعاني اليوم من إهمال واضح، خصوصاً النجف الأشرف، التي تحتضن مرقد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، رمز العدالة والحكمة. كيف لمحافظة بهذا الإرث أن تبدو بهذا الشكل المحزن؟ سؤال يطرح نفسه على المعنيين.

ولكن، عند عودتي إلى كربلاء، كان المشهد مختلفاً تماماً. بمجرد دخولنا حدود هذه المدينة المقدسة، بدأت الحياة تنبض من جديد. الطرق معبدة، الإضاءة تزين الشوارع، الدلائل المرورية واضحة، والأمان يحيط بالسائقين. وكأنك تسير في إحدى الدول المتقدمة، حيث النظام والجمال يتحدثان عن مجهودات أبناء هذه المدينة.

من هنا، نوجه رسالة شكر وتقدير إلى كل يد عملت بإخلاص لتطوير كربلاء. إلى العمال، المهندسين، الفنيين، والمسؤولين الذين اجتهدوا لتقديم أفضل الخدمات. لقد أثبتم أن كربلاء ليست مجرد مدينة، بل نموذج يحتذى به، ومرآة حقيقية لرؤية مستقبلية مشرقة.

هنا نقول لكل من يحاول التقليل من شأن هذه الإنجازات أو نشر التشاؤم بين الناس: كربلاء ستبقى شامخة بفضل أبنائها المخلصين، وستظل مصدر فخر وإلهام لكل العراقيين. شكراً من القلب لكل من ساهم في هذا التطور، ونشد على أيديكم لمواصلة العمل والارتقاء دائماً.

تيمور الشرهاني

مقالات مشابهة

  • احتجاجات غاضبة في عدن مع تفاقم أزمة التيار الكهربائي
  • الكهرباء تختفي في عدن.. 20 ساعة انقطاع وسط غياب الحلول وتفاقم الأزمة
  • أزمة كهرباء تضرب عدن وتحذيرات من صيف قاسٍ في ظل غياب الحلول
  • كربلاء المقدسة .. مدينة النور التي أخرست ألسنة التشاؤم وأضاءت دروب الأمل
  • تحرير 141 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء
  • الكهرباء: انقطاع التيار عن أجزاء من العقيلة
  • انقطاع الكهرباء عن ولايتين في السودان إثر هجوم بطائرة مسيّرة  
  • الحكومة العراقية تطلع شفق نيوز على اكبر تواصل وتنسيق امني يجري مع ادارة الشرع
  • أزمة الكهرباء تستمر في شبوه وسط تجاهل من “حكومة عدن”
  • وزير الكهرباء يعلن وصول أكثر من (126) ألف لوح شمسي ضمن مشروع "شمس البصرة"