كشف دليل على استيطان أوروبا قبل 1.4 مليون عام
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
حددت منهجية تأريخ، تستند إلى الأشعة الكونية، أن أدوات حجرية، عُثر عليها في غرب أوكرانيا، هي أقدم أدلة معروفة على استيطان الإنسان أوروبا قبل 1.4 مليون عام، مما يظهر أن القارة كانت مأهولة قبل مئات آلاف السنين من المتعارف عليه سابقا.
وقال باحثون إن أدوات حجرية، وهي أكثر نوع بدائي معروف، كُشف عنها النقاب في بادئ الأمر في سبعينيات القرن الماضي بالقرب من بلدة «كوروليفو» عند سفوح جبال «كاربات» الموازية لنهر «تيسا» بالقرب من حدود أوكرانيا مع المجر ورومانيا.
حددت المنهجية الجديدة عمر طبقة الرواسب التي تغلف الأدوات الحجرية، مما يجعل هذا الموقع مهما لفهم كيفية انتشار الإنسان لأول مرة في أوروبا خلال موجات الدفء، التي تُسمى فترات ما بين العصرين الجليديين.
خلص الباحثون إلى ترجيح أن صانع الأدوات كان من سلالة بشرية تعرف باسم (هومو إريكتوس)، والتي ظهرت قبل قرابة مليوني عام وانتشرت في أفريقيا وآسيا وأوروبا قبل أن تختفي قبل 110 آلاف عام تقريبا.
وقال رومان جاربا عالم الآثار في الأكاديمية التشيكية للعلوم «لم يُعثر على عظام في»كوروليفو«، وإنما أدوات حجرية فحسب. لكن العمر يشير إلى أن هومو إريكتوس كان الجنس الوحيد المحتمل من الإنسان حينئذ. نعلم القليل للغاية عن أسلافنا الأوائل. استخدموا الأدوات الحجرية في الجزارة وربما استخدموا النار». وجاربا معد رئيسي للبحث المنشور في دورية (نيتشر) العلمية.
وحتى اللحظة، كان عمر أقدم أدلة معروفة على وجود الإنسان في أوروبا نحو 1.1 إلى 1.2 مليون سنة وعُثر عليها في موقع يُدعى «أتابويركا» في إسبانيا.
وذكر جاربا أن اكتشافات «كوروليفو» تقدم إضاءات على مسار أول توسع بشري في أوروبا. وجرى التعرف على حفريات لإنسان (هومو إريكتوس) التي تعود إلى 1.8 مليون عام في موقع يُسمى «دمانيسي» في جورجيا بمنطقة القوقاز. ويشير هذا، مضافا إلى «كوروليفو»، إلى أن «هومو إريكتوس» دخل أوروبا من الشرق أو من الجنوب الشرقي مهاجرا على امتداد نهر الدانوب.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الاستيطان أوروبا
إقرأ أيضاً:
مفاجأة علمية.. تاريخ ظهور القطط المنزلية في العالم بدأ من تونس
لطالما اعتقد الباحثون أن القطط المنزلية شقت طريقها إلى أوروبا بهدوء، متتبعة خطى المزارعين الأوائل في العصر الحجري الحديث، إذ انجذبت إلى وفرة القوارض حول مخازن الحبوب.
غير أن دراستين حديثتين، اعتمدتا على بيانات جينية وأثرية موسّعة، تقلبان هذا التصور رأسا على عقب، مشيرتين إلى أن القطط لم تصل إلى أوروبا إلا في مراحل لاحقة، وأنها لم تأتِ من مناطق الشرق الأوسط كما كان يُظن، بل من تونس في شمال أفريقيا.
وقد قاد هاتين الدراستين فريقان من جامعتي تور فيرغاتا في روما وإكسيتر البريطانية، بالتعاون مع عشرات المؤسسات البحثية، وخلصا إلى أن ظهور القطط المنزلية الأليفة في أوروبا لم يحدث إلا بعد مرور آلاف السنين على قيام الزراعة، وأن عوامل دينية وثقافية ربما لعبت دورا حاسما في انتشارها.
حلّل فريق جامعة تور فيرغاتا، بالتعاون مع 42 مؤسسة بحثية، 70 جينوما قديما، و17 جينوما حديثا، إضافة إلى بقايا قطط مؤرخة بالكربون المشع من 97 موقعا أثريا في أوروبا والأناضول. والجينوم هو مجموعة التعليمات الوراثية الكاملة التي تحملها خلايا الكائن الحي، وتحدد صفاته ووظائفه البيولوجية.
وأظهرت نتائج التحليل وجود موجتين واضحتين من التوسع: أولاهما في القرن الثاني قبل الميلاد، نُقلت خلالها قطط برية من شمال غرب أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، في حين شهدت الثانية، التي وقعت خلال العصر الروماني الإمبراطوري بداية القرن الميلادي الأول حتى القرن الخامس، جلب قطط ذات صفات وراثية تُشبه السلالات المنزلية الحديثة إلى أنحاء مختلفة من أوروبا، وكلها تعود بأصولها إلى تونس.
وفي دراسة مشابهة، فحص فريق جامعة إكسيتر أكثر من 2400 عظمة قطط أثرية من 206 مواقع متنوعة، وكشف عن أدلة تؤكد وجود القطط المنزلية في أوروبا منذ بداية الألفية الأولى قبل الميلاد، أي قبل ازدهار النفوذ الروماني بقرون.
إعلانكما بيّنت التحليلات الجينية وجود سلالات قطط في بريطانيا تعود إلى العصر الحديدي، مما يدعم فرضية الانتقال على شكل موجات متفرقة شملت العصور الرومانية المتأخرة، ثم الفايكنغ، مع التأكيد أيضا أن تونس كانت مركزا محوريا في نشأة القطط المستأنسة.
ما بين الرمزية الدينية والرغبة البشريةبعكس النظرة التقليدية التي اختزلت استئناس القطط في علاقتها التكافلية بالإنسان كوسيلة لمكافحة القوارض، تسلط الدراستان الضوء على أبعاد دينية وثقافية كانت حاسمة في تعزيز مكانة القطط وانتقالها عبر الحضارات.
ففي مصر القديمة، حظيت القطط بمكانة مقدسة وارتبطت بالإلهة الأسطورة "باستيت"، وبالتالي كانت تُحنط القطط كذلك رفقة الملوك. وفي الحضارتين اليونانية والرومانية، ارتبطت القطط بالأسطورتين "أرتميس" و"ديانا"، بينما ظهرت في الأساطير الإسكندنافية كحيوانات ترافق الأسطورة "فريا"، وهو ما يعزز فرضية أن المعتقدات لعبت دورا في انتشار القطط كان أكثر من مجرد المنفعة.
وتظهر نتائج الدراستين أيضا أن القطط المنزلية الوافدة اصطدمت بيئيا وجينيا بالقطط البرية المحلية، مما أدى إلى تراجع أعداد الأخيرة منذ الألفية الأولى للميلاد. وتشير الأدلة إلى حصول اختلاط وراثي وتنافس بيئي، وربما انتقال للأمراض، ساهم في تقلص أعداد القطط البرية التي كانت تعيش في القارة منذ آلاف السنين.
ومن أبرز ما تكشفه هذه النتائج، هو نقض الرواية التقليدية التي كانت تفترض وجود القطط في مستوطنات العصر الحجري الحديث، حيث أثبتت الدراسات أن الاعتماد على الحمض النووي الميتوكونديري وحده قد يكون مضللا، نظرا لتشابه الصفات الجينية بين القطط البرية والمنزلية. أما التحليل الأعمق للحمض النووي، فقد كشف عن مسارات أوسع وأكثر تعقيدا، كان للثقافة والتجارة والدين فيها دور أساسي.
وتشير هاتان الدراستان إلى الغاية التي دفعت الإنسان إلى استئناس القط لم تكن لغرض الحماية من القوارض والحيوانات الصغيرة الضارة بالمحاصيل، بل يبدو أن القطط انتقلت إلى أوروبا في موجات لاحقة مدفوعة بالمعتقدات والطقوس الدينية، وبواسطة الطرق التجارية والإمبراطوريات القديمة.
إعلانومن تونس إلى سفن الفايكنغ، يظهر أن مسيرة القط المنزلي المستأنس نحو العالم لم تكن عبثية، بل خريطة ثقافية ممتدة، رسمتها الرموز والأساطير القديمة.