فتاوى تشغل الأذهان 

حكم من لم يصم رمضان بسبب المرضهل الصوم في حق فاقد العقل واجب؟
هل كثرة النوم في النهار تبطل الصوم؟

 

نشر موقع صدى البلد، خلال الساعات الماضية، عددا من الفتاوى الدينية المهمة التي تشغل الأذهان وتهم المسلم في حياته اليومية، نرصد أبرزها في هذا التقرير.

في حكم من لم يصم رمضان بسبب المرض، أجمع جمهور الفقهاء أن المرض هو عذر يبيح للمسلم أن يفطر من أجله، أسن الشرع للمريض رخصة الإفطار في شهر رمضان، فمن كان مريض مرض شديد يحق الإفطار ولم يكن الصيام واجبًا عليه، لأن هذا المرض قد يؤثر على صاحبه بالضرر في حالة صيامه، وقد يؤدي هذا الضرر إلى الهلاك، أو يتسبب الصيام في زيادة هذا المرض.

حكم من لم يصم رمضان بسبب المرض فيه قولان وهما كالآتي:

-الأحناف والشافعية قالوا بأن الإفطار جائز ويباح للمريض مرض شديد أن يفطر، إذ قال الأمام أبي حنيفة قوله في هذه المسألة: (إذا خاف الرجل على نفسه وهو صائم إن لم يفطر أن تزداد عينه وجعًا أو حماه شدة أفطر).
-المالكية قالوا بأن الإفطار مستحب لمن كان مريض مرض شديد، وقالوا إن الصيام في هذه الحالة مكروه.

حكم من لم يصم في رمضان بسبب المرض البسيط الذي لا يؤدي الصيام فيه إلى مشقة ولا يؤثر على الصائم، فقد أجمع جمهور الفقهاء أن الإفطار في هذه الحالة لا يجوز، هناك الكثير من الأمثلة على الأمراض البسيطة مثل الصداع، أو ألم في القدم أو اليد أو الأسنان، أو المرض الذي من الممكن تأخير وقت علاجه لما بعد الإفطار مثل مرض السكري، ولكن ذهب بعض السلف إلى أن المرض عمومًا يبيح الفطر دون النظر إلى نوعه، من هؤلاء السلف البخاري وبن سيرين، ولكن يري جمهور الفقهاء غير ذلك.

حكم من لم يصم في رمضان بسبب المرض الذي يزيد من مرضه، فيعامل المريض في هذه الحالة معاملة المريض مرض شديد ويجوز له الإفطار، أما حكم من لم يصم في رمضان بسبب المرض الذي قد يتأخر شفاءه بسبب الصيام، ففي هذه الحالة يكون الإفطار في حالته سنة، والصيام له مكروه، وهذا متفق عليه من قبل الأئمة أصحاب المذاهب الأربعة.

حكم من لم يصم في رمضان بسبب المرض الذي يرجى شفاءه، فيكون عليه أن يقضي ما أفطر من أيام بعد رمضان وليس عليه فدية، أما إذا أخر قضاء ما أفطر من أيام إلى أن دخل رمضان آخر، ففي هذه الحالة يكون عليه القضاء والفدية، ويخرج الفدية عن كل يوم أخر قضائه، أما حكم من لم يصم في رمضان بسبب المرض بسبب مرض لا يرجى شفاءه، وليس لديه القدرة على القضاء ففي هذه الحالة تكون عليه الفدية، وهي أن يطعم عن كل يوم أفطره مسكينًا.

حكم من نام أكثر اليوم في نهار رمضان هل يبطل صيامه لا يبطل صيامه حتى ولو نام نهار اليوم كله فصومه يبقي صحيح، إلا أن الفرد قد فوت على نفسه فضل اليوم، حكم من نام أكثر اليوم في نهار رمضان هل يبطل صيامه لا شيء فيه ولكن على الصائم أن يشغل أيام شهر رمضان بالصلاة والدعاء وذكر الله وتلاوة القران، حتى يجمع الطاعات كلها في صيامه، فإذا عود الإنسان نفسه على الطاعات وأداء العبادات في الصيام سوف يسهل عليه أن يفعلها في غير الصيام، أما العكس أذ أن الإنسان يعود نفسه على الكسل والراحة فيصبح لا يألف أداء العبادات وتصعب عليه  في الصيام، سيصير كذلك بل وأكثر في الأيام العادية، فيجب على الأنسان في شهر رمضان أن يلتفت إلى العمل والنشاط وليس النوم، فيأخذ الإنسان الأجر على قدر المشقة.

وكثرة النوم في نهار رمضان لا تبطل الصيام، حتى وإن نام الفرد النهار كاملًا فصومه يبقي صحيح، إلا أنه قد يكون ضيع على نفسه الفضل الكبير والأجر العظيم، فلا يتساوى من قضى النهار متعبدًا بمن قضاه نائمًا، والدليل على أن كثرة النوم في نهار رمضان لا تبطل الصيام ما قاله الإمام النووي في كتاب "روضة الطالبين وعمدة المفتين": (ولو نام جميع النهار صح صومه على الصحيح المعروف)، وما قال الأمام بن قدامة في كتاب "المغني": (النوم لا يؤثر في الصوم، سواء وجد في جميع النهار أو بعضه).

رأي مذهب المالكية في هل كثرة النوم في نهار رمضان يبطل الصيام أن كثرة النوم في نهار رمضان من المكروهات، فأجر الصائم يكون على قدر مشقته، فقد جاء في السنة النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للسيدة عائشة رضي الله عنها: (إن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك).

ومن المقرر شرعًا أن الصوم ركن من أركان الإسلام، وشعيرة من شعائره، وقد فرضه الله تعالى على الأمة الإسلامية في العام الثاني للهجرة النبوية المشرفة، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].

وقد روى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ»، قال العلماء: إن هذا الحديث أصل عظيم في معرفة الدين، وعليه اعتماده؛ فإنه قد جمع أركانه.

وقد أجمع العلماء على أن صيام شهر رمضان واجب، قال العلامة ابن القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 226، ط. الفاروق الحديثة): [ولا خلاف بين العلماء في أن صيام شهر رمضان واجب] اهـ.

والمقرر شرعًا أن العقل شرط من شروط التكليف بوجه عام؛ لأنه به يحصل فهم الخطاب.

قال الإمام أبو حامد الغزالي في "المستصفى" (ص: 67، ط. دار الكتب العلمية): [وأما أهلية ثبوت الأحكام في الذمَّة فمستفاد من الإنسانية التي بها يستعد لقبول قوة العقل الذي به فهم التكليف في ثاني الحال، حتى إن البهيمة لما لم تكن لها أهلية فهم الخطاب بالفعل ولا بالقوة لم تتهيأ لإضافة الحكم إلى ذمتها] اهـ.

وقال ابن النجار الفتوحي في "شرح الكوكب المنير" (ص: 498-499، ط. العبيكان): [وشرط في المكلف بالفعل -وهو الآدمي- عقل وفهم خطاب؛ لأن التكليف خطاب، وخطاب من لا عقل له ولا فهم محال، ولأن المكلف به مطلوب حصوله من المكلف طاعة وامتثالًا؛ لأنه مأمور، والمأمور يجب أن يقصد إيقاع المأمور به على سبيل الطاعة والامتثال، والقصد إلى ذلك إنما يتصور بعد الفهم؛ لأن مَن لا يفهم لا يقال له: افهم، ولا يقال لمن لم يسمع: اسمع، ولا لمن لا يبصر: أبصِر] اهـ بتصرف.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فتاوى تشغل الأذهان صيام شهر رمضان فی هذه الحالة المرض الذی شهر رمضان مرض شدید

إقرأ أيضاً:

حكم إهداء ثواب الصيام للأحياء والأموات

أوضحت دار الإفتاء المصرية أنه يجوز للمسلم إهداء ثواب الصيام للأحياء والأموات جميعًا، وسواءٌ حصل هذا الإهداء عند أداء هذه العبادة أو بعد تمامها، مع التنويه على أن الصائم إذا دعا الله تعالى أن يهب للميت مثل ثواب عمله الصالح؛ فإن ذلك يصل إليه بإذن الله تعالى باتفاق جميع الفقهاء.

فضل الصيام


والصيام عبادة من أَجَلِّ العبادات وأعظمها ثوابًا عند الله تعالى، فقد اختصَّ الله تعالى بتقدير ثواب الصائم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي» أخرجه البخاري.

وعن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، بَعَّدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» أخرجه البخاري.

حكم إهداء ثواب الصيام للأحياء
أما عن إهداء ثواب هذا الصيام للأحياء، وذلك بأن يصوم الإنسان تطوعًا، ثم يهب ثواب هذا الصيام لغيره، فقد اختلف فيه الفقهاء؛ فذهب الحنفية والحنابلة إلى القول بجوازه ووصول ثوابه إلى من أهديت، وسواءٌ كان صيامًا أو غيره من الأعمال الصالحة وهذا هو المختار للفتوى، وطريقة ذلك أن ينوي إهداء ثواب الصيام عند القيام به، وزاد الحنفية أنه يجوز أن يصوم أولًا ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره.

وقال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (3/ 63، ط. دار الكتاب الإسلامي): [من صام أو صلى أو تصدَّق وجعل ثوابه لغيره من الأموات والأحياء جاز، ويصل ثوابها إليهم عند أهل السنة والجماعة. كذا في "البدائع"، وبهذا عُلِم أنَّه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتًا أو حيًّا، والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه، ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره؛ لإطلاق كلامه] اهـ.

وقال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (2/ 243، ط. دار الفكر): [للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صومًا أو صدقةً أو غيرها. كذا في "الهداية"، بل في زكاة "التتارخانية" عن "المحيط": الأفضل لمن يتصدق نفلًا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات؛ لأنها تصل إليهم ولا ينقص من أجره شيء اهـ، هو مذهب أهل السُّنَّة والجماعة] اهـ.

وقال أيضًا (2/ 595) -في إهداء ثواب الأعمال للغير تعليقًا على قول الماتن: "الأصل أنَّ كلَّ من أتى بعبادةٍ ما؛ له جعْل ثوابها لغيره وإن نواها عند الفعل لنفسه لظاهر الأدلة"-: [قوله: (بعبادةٍ ما) أي: سواء كانت صلاة أو صومًا أو صدقةً أو قراءةً أو ذكرًا أو طوافًا أو حجًّا أو عمرةً، أو غير ذلك من زيارة قبور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والشهداء والأولياء والصالحين، وتكفين الموتى، وجميع أنواع البر] اهـ.

مذهب المالكية والشافعية في هذه المسألة
بينما ذهب السادة المالكية والشافعية إلى التفرقة بين إهداء الثواب للأحياء وإهدائه للأموات، فبينما اتفقوا على أنه جائزٌ للثاني، ذهبوا إلى أنَّ إهداء ثواب الصيام للأحياء غير جائز؛ لأنه مقتصرٌ على القُرُبات التي تقبل الإنابة؛ كالصدقة والدعاء، أما ما لا يقبل الإنابة كالصوم فلا يجوز إهداء ثوابه للأحياء.

قال العلامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (2/ 10، ط. دار الفكر): [(و) فُضِّل (تطوُّع وليِّه) أو قريبه مثلًا، يعني ولي الميت (عنه) أي عن الميت، وكذا عن الحي (بغيره) أي بغير الحجِّ (كصدقة ودعاء) وهدي وعتق؛ لأنَّها تقبل النيابة، ولوصولها للميت بلا خلاف، فالمراد بالغير: غير مخصوص وهو ما يقبل النيابة كما ذكر، لا كصوم وصلاة، ويكره تطوُّعُه عنه بالحجِّ كما يأتي، وأمَّا بالقرآن فأجازه بعضهم وكرهه بعضهم] اهـ.

وقال الإمام الماوردي الشافعي في "الحاوي الكبير" (15/ 313، ط. دار الكتب العلمية): [أمَّا الصيام عن الحيِّ: فلا يجوز إجماعًا بأمر أو غير أمر، عن قادرٍ أو عاجزٍ؛ للظاهر من قول الله تعالى: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾ [النجم: 39]، ولأنَّ ما تمحَّض من عبادات الأبدان لا تصحُّ فيها النيابة، كالصلاة، وخالف الحج؛ لأنَّه لمَّا تعلق وجوبه بالمال لم يتمحَّض على الأبدان، فصحَّت فيه النيابة كالزكاة] اهـ
 

مقالات مشابهة

  • 70 يوما بحد أقصى .. موعد شهر رمضان 2025 وكم يتبقى عليه؟
  • بسبب أغنية.. محمد رمضان يعلن عن مكافأة 5 مليون
  • محمد رمضان يثير الجدل بجائزة قيمتها 5 ملايين جنيه
  • حكم إهداء ثواب الصيام للأحياء والأموات
  • مذاهب العلماء في أركان الصيام.. الإفتاء توضح
  • للحفاظ على حدة العقل.. 8 عادات يجب توديعها
  • للحفاظ على قوة عقلك وتركيزه.. 5 عادات يومية ضارة ابتعد عنها
  • مليون و400 ألف فتوى.. حصاد فتاوى دار الإفتاء المصرية خلال عام 2024
  • عاجل - طوارئ في الأردن بسبب الأحوال الجوية.. اعرف تفاصيل طقس العواصم العربية
  • إعلان حالة الطوارئ في الأردن بسبب الأحوال الجوية.. اعرف طقس العواصم العربية