أبرزهم «داعش والقاعدة».. مرصد الأزهر يحلل أنشطة التنظيمات الإرهابية في أفريقيا
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
تابع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، العمليات التي شنتها التنظيمات الإرهابية في إفريقيا، على مدار شهر فبراير الماضي والتي أسفرت عن مقتل 43 شخصًا، وإصابة 40، واختطاف 47 آخرين.
وأوضح مرصد الأزهر، أن منطقة غرب قارة إفريقيا، باتت من أكثر المناطق اشتعالًا على مستوى القارة، بل والعالم، من خلال تهديدات التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، وما يتفرع عنهما من حركات متطرفة مثل «بوكو حرام» و«نصرة الإسلام والمسلمين».
وأضاف المرصد، أن شهر فبراير 2024 قد سجّل انخفاضًا طفيفًا في عدد العمليات الإرهابية مقارنة بعددها خلال شهر يناير من العام نفسه بمعدل (20%)، إذ بلغ عدد العمليات التي شنتها التنظيمات الإرهابية في غرب القارة خلال شهر يناير (10) عمليات إرهابية، أسفرت عن سقوط (47) ضحية، فضلًا عن إصابة (7)، واختطاف شخص.
يأتي ذلك الانخفاض إلى نجاح جهود مكافحة الإرهاب في الحدّ من نشاط التنظيمات المتطرفة في هذا الشهر، وهو ما أدى بدوره إلى انخفاض عدد الضحايا بشكل نسبي، مقارنة بالشهر الماضي.
الدول التي شهدت العمليات الإرهابيةوبحسب الإحصائية، قال مرصد الأزهر، إن دولة مالي تصدرت المشهد، إذ شهدت (3) عمليات إرهابية، بنسبة (37.5%)، والتي أدت إلى مقتل (15)، وإصابة (22)، واختطاف (7) آخرين.
بينما جاءت نيجيريا في المركز الثاني، بواقع عمليتين إرهابيتين، بمعدل (25% من إجمالي عدد العمليات الإرهابية) أدت إلى اختطاف (40) شخصًا.
فيما جاءت النيجر في المركز الثالث، حيث سجلت البلاد هجومين إرهابيين سقط على إثرهما (5) من الوفيات، و(16) من الجرحى.
أما بوركينا فاسو فقد شهدت هجومًا وحيدًا خلَّف (15) قتيلًا، و(2) من المصابين، وذلك حتى إعداد هذه الإحصائية غير أن نهاية شهر فبراير ومطلع شهر مارس شهد هجمات متتالية على البلاد أسفرت عن سقوط العشرات.
ومن حيث جهود مكافحة الإرهاب في منطقة غرب إفريقيا، أشار المرصد إلى أن عدد القتلى بلغ في صفوف التنظيمات الإرهابية خلال شهر فبراير (108) قتيلًا، و(16) معتقلًا.
وبمقارنة عدد القتلى من العناصر الإرهابية خلال شهري يناير وفبراير من العام الجاري، لفت المرصد إلى أن عدد القتلى قد انخفض في فبراير عنه في يناير بنسبة (78.9%)، حيث بلغ عدد القتلى في شهر يناير (514) إرهابيًا، فضلًا عن اعتقال (101) آخرين.
دور الحكومات في التصدي للعمليات الإرهابيةوبرر «الأزهر» ذلك، بأن القوات الحكومية كثفت عملياتها الأمنية بغرض حماية المدن والقرى من هجمات التنظيمات الإرهابية بينما لم يواكب ذلك تنفيذ حملات أمنية استباقية كافية على أوكار تلك التنظيمات،
ودعا مرصد الأزهر لمكافحة التطرف إلى تكثيف الجهود المبذولة بهذا الصدد وتعزيز التعاون بين دول القارة الإفريقية بمجال مكافحة الإرهاب لمد يد العون للدول المتأثرة بهذا الخطر السرطاني الذي يهدد استفحاله بمد آثاره التدميرية إلى باقي الدول مما يهدد شعوب القارة ويهدد كذلك أية جهود تنموية تبذل لدفع عجلة الاقتصاد.
اقرأ أيضاًمرصد الأزهر يحلل استراتيجيات استنزاف التنظيمات الإرهابية.. 5 محاور تكشف المستور
مرصد الأزهر: الحرب النفسية أحد أهم استراتيجيات التنظيمات الإرهابية
الرئيس الإيراني: التنظيمات الإرهابية التي صنعتها أمريكا تسفك الدماء وتثير الفوضى في المنطقة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إفريقيا داعش تنظيم داعش التنظيمات الإرهابية مرصد الأزهر القاعدة بوكو حرام التنظيمات الإرهابية في إفريقيا حركات متطرفة نصرة الإسلام والمسلمين التنظیمات الإرهابیة مرصد الأزهر شهر فبرایر عدد القتلى خلال شهر
إقرأ أيضاً:
الشمس والظلام وبينهما أفريقيا
تأخذ رواية “اللقالق لا تموت” للكاتب الكونجولي ألان مابانكو القارئ في رحلة عبر التاريخ الإفريقي المثقل بالمآسي والمؤامرات، حيث تتشابك الأحداث السياسية والقصص الشخصية لتعكس واقع القارة الذي لا يزال يعاني من إرث الاستعمار والاستغلال. منذ البداية، تهيمن رمزية الطيور البيضاء المحلقة، المستوحاة من قصيدة “اللقالق المحلقة” لرسول حمزاتوف، التي كتبها أثناء زيارته لساحة السلام في هيروشيما، أمام تمثال الطفلة ساداكو ساساكي، التي صنعت طيور الكركي الورقية قبل وفاتها بسبب آثار القنبلة النووية. تتحول هذه الصورة إلى استعارة تمتد على صفحات الرواية، حيث يعتقد الكاتب أن أرواح القادة المغتالين والمجاهدين الذين سقطوا دفاعًا عن أوطانهم لا تفنى، بل تظل تحلق في سماء إفريقيا كما تحلق اللقالق فوق روسيا تخليدًا لجنودها.
لكن الرواية لا تكتفي بهذه الرمزية، بل تغوص في عمق التاريخ الإفريقي، مستعرضة سلسلة طويلة من الاغتيالات السياسية التي نفذها الاستعمار الغربي أو دُبرت بأيادٍ إفريقية مأجورة، بدايةً من عام 1947 حين أطلق المجاهد عبد الكريم الخطابي عبارته الشهيرة “ليس في قضية الحرية حل وسط”. في هذا السياق، يظهر القائد الكونجولي ماتسوا الذي خدم في الجيش الفرنسي وتم تكريمه بالسجن والأشغال الشاقة حتى وفاته، في مفارقة تعكس كيف تعامل المستعمر مع من خدمه. عام 1958، اغتيل روبين أم نيوبي في قريته بواسطة جندي أسود يدعى بول أبدولاي، الذي كافأته فرنسا بوسام، ليكون ذلك نموذجًا للأسلوب الذي اعتمدته القوى الاستعمارية في تصفية خصومها. وفي عام 1960، اغتيل فليكس موممبي مسمومًا في سويسرا على يد المخابرات الفرنسية، بينما كان من أبرز دعاة التحرر والاستقلال. في العام نفسه، وقعت واحدة من أكثر الاغتيالات شهرة ووحشية، حين قُتل باتريس لومومبا بأيدٍ إفريقية وبإشراف مباشر من الاستخبارات الأمريكية والبلجيكية، حيث أطلق عليه الرصاص بغزارة حتى لم تُترك منه جثة يمكن التعرف عليها. أما في 1963، فقد شهدت توجو اغتيال أول رئيس منتخب للبلاد، سيلفانوس أولمبيو، ليكون ذلك بمثابة بداية لسلسلة من الاضطرابات التي لم تتوقف. عام 1965، اغتيل المناضل المغربي المهدي بن بركة في عملية تعاونت فيها أجهزة المخابرات الفرنسية والإسرائيلية والمغربية، ولم يُعثر على جثته حتى اليوم، فيما كان أحد المتهمين في قضيته، الجنرال أوفقير، يحاول لاحقًا تبرئة نفسه عبر انقلاب فاشل. ثم في 1973، تم اغتيال أميلكار كابرال، الأب الروحي لاستقلال غينيا بيساو والرأس الأخضر، على يد أعضاء من حزبه بتواطؤ من البرتغال وغينيا كوناكري، حيث أخفى الرئيس أحمد سيكو توري آثار الجريمة. في العام نفسه، اغتيل المعارض التشادي آوتل بونو في باريس، وفي 1977، اغتيل الرئيس الكونجولي ماريان نجوابي، وهو الحدث الذي تشكل حوله الرواية محورًا رئيسيًا لاستكشاف العنف السياسي في القارة.
وسط هذا المشهد الدموي، تأخذ الرواية بُعدًا إنسانيًا عبر شخصية ميشيل، الصبي ذو الثلاثة عشر عامًا، الذي يعيش مع والديه في قرية فونجو، حيث يرصد تفاصيل الحياة اليومية لأبناء القرى الإفريقية البسيطة، بين مسكنهم الفقير، ومأكلهم المتواضع، والعلاقات الاجتماعية التي تعكس تكافلًا يمتزج بالمعاناة. لكن حياة القرية هنا ليست مجرد خلفية للأحداث، بل إسقاط على واقع الكونجو، التي بدورها تصبح مرآة لما تعانيه إفريقيا بأسرها من فقر، وجوع، ومرض، وأمية، وكلها ظواهر لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجة مباشرة للسياسات الاستعمارية التي استنزفت القارة لعقود طويلة.
على امتداد الرواية، تبرز إشكالية العلاقة بين المستعمر والمستَعمَر، حيث لم يكن الاحتلال مجرد نهب للثروات، بل كان أيضًا غرسًا عميقًا للمهانة والعبودية في نفوس الشعوب الإفريقية، كما زرعوا أشجار التوليب الإفريقي في أرضهم. يتجلى هذا بوضوح في اقتباس من الشاعر فيليس ويتلي، الذي يصور كيف ادعى المستعمرون أنهم أخذوا الأفارقة من الظلام إلى النور، مدعين أنهم علموهم الرحمة والمسيحية، بينما في الحقيقة لم يكن ذلك سوى غطاء لاستعبادهم ونهب خيراتهم. هذه الجدلية بين الظاهر والمضمر، بين ادعاء التحضر وممارسة القمع، تتكرر في أكثر من موضع بالرواية، وكأن الكاتب يؤكد أن تاريخ إفريقيا لم يكن سوى سلسلة من الخيانات، ليس فقط من القوى الاستعمارية، ولكن أيضًا من بعض أبناء القارة الذين تعاونوا معهم ضد بني جلدتهم.
الرواية، رغم أنها تغوص في التاريخ، لا تقدم سردًا تأريخيًا جافًا، بل تطرح رؤية نقدية بأسلوب روائي مشحون بالرمزية والعاطفة، يعكس براعة ألان مابانكو في تحويل الأحداث السياسية إلى مادة أدبية آسرة. بأسلوبه الساخر واللاذع، يعيد طرح الأسئلة الكبرى حول المصير الإفريقي، والتدخلات الخارجية، ودور الأفارقة أنفسهم في واقعهم المؤلم، حيث لم يكن المستعمر دائمًا هو من يطلق الرصاصة، بل كثيرًا ما كانت الأيادي الإفريقية هي التي ضغطت على الزناد. الرواية، بهذا الشكل، لا تكتفي بتقديم مأساة تاريخية، بل تحرض القارئ على التفكير في الحاضر، وربما في المستقبل، حيث لا تزال إفريقيا تئن تحت وطأة ماضٍ لم يُطوَ بعد.
الكاتب ألان مابانكو، المولود عام 1966 في جمهورية الكونجو، يعد من أبرز الأسماء الأدبية الإفريقية المعاصرة، إذ تمكن من تقديم صورة عميقة لإفريقيا، ليس فقط من خلال التاريخ، بل عبر تصوير الواقع الاجتماعي والسياسي بأبعاده المختلفة. بعد أن درس الحقوق في فرنسا، اتجه إلى الأدب ليصبح من أكثر الأصوات الروائية تأثيرًا، حيث تتميز أعماله بأسلوب يجمع بين السخرية اللاذعة والنقد العميق للمجتمعات الإفريقية، سواء في ظل الاستعمار أو بعد الاستقلال. حصل على العديد من الجوائز الأدبية، منها جائزة رينودو المرموقة عن روايته “ذكريات تمساح سيئ الحظ”. ومن أبرز أعماله الأخرى “الأزرق والأبيض والأحمر” و“الليل لا يُفضي إلى النهار”، حيث يتناول في معظم كتاباته قضايا الهوية، والصراعات السياسية، والإرث الاستعماري، مستعينًا بلغة أدبية تمزج بين الواقعية والرمزية، ليعكس من خلالها تجربة القارة الإفريقية بعيون أبنائها.