إيرانيون يكشفون للجزيرة نت أسباب تراجع المشاركة في الانتخابات
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
طهران– بعد سلسلة من الشائعات والتقارير المتضاربة عن نسبة المشاركة في الانتخابات التي جرت مطلع مارس/آذار الجاري في إيران، أعلن وزير الداخلية أحمد وحيدي مشاركة 25 مليون ناخب من أصل أكثر من 61 مليون، وأن نسبة المشاركة في انتخابات مجلسي الشورى وخبراء القيادة بلغت 41% في ربوع البلاد.
وفي مؤتمر صحفي عقده الاثنين الماضي عقب الانتهاء من فرز الأصوات، أضاف وحيدي أن الأصوات الباطلة -ومنها الأوراق البيضاء والأخطاء الإملائية والأشخاص المرفوضة أهليتهم للترشح- شكلت 5% من إجمالي المشاركين، لكنه أحجم عن الإدلاء بتفاصيل عن نسبة المشاركة في المدن الكبرى وعلى رأسها طهران كونها تمثل المركز السياسي للجمهورية الإسلامية.
وبينما تظهر الإحصاءات الرسمية تراجع نسبة المشاركة بأكثر من 1.5% مقارنة مع الانتخابات البرلمانية السابقة عام 2020، أعلنت وكالة أنباء مهر أن نسبة المشاركة في العاصمة تراجعت إلى 24%، لترسم هذه الإحصاءات مشهدا مختلفا عن الاستحقاق الانتخابي الأخير بتسجيله أدنى نسبة مشاركة منذ انتصار الثورة الإيرانية عام 1979.
علي خامنئي وصف الاستحقاق الانتخابي بأنه حماسي رغم محاولات ثني الإيرانيين عن المشاركة (الأناضول) آراء الشارعولطالما شكلت نسبة المشاركة الرهان الأبرز في هذه الانتخابات، وأثار الإعلان الرسمي عنها جدلا واسعا لدى الأوساط الإيرانية؛ بين من يتباهى بأن عدد المشاركين تجاوز الانتخابات الماضية وأن نسبة المشاركة تفوق المتوسط العالمي، وآخرين يرون في تبرير الفئة الأولى مغالطة وتضليلا، لأنه لم يأخذ بعين الاعتبار زيادة عدد الناخبين داخل البلاد وظروف جائحة كورونا التي أجريت الانتخابات السابقة في ظلها.
واستطلعت الجزيرة نت آراء مواطنين إيرانيين في ساحة "جهاد" (وسط طهران) عن نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة، وتباينت قراءاتهم بشأن أسباب العزوف عن التصويت والرسائل المراد إيصالها إلى السلطات الحاكمة.
علي رضا (48 عاما) يشكك في مصداقية الإحصاءات المعلنة عن نسبة المشاركة، ويوضح أن الجهات المعنية حرصت على تأييد أهلية العديد من المرشحين في المحافظات والمدن النائية لتعويض المقاطعة الناجمة عن رفض مجلس صيانة الدستور غالبية الوجوه السياسية البارزة.
وتشيد الحاجة مهري (68 عاما) بالمشاركة الشعبية التي وصفتها بأنها "تفوق الديمقراطيات الغربية"، في حين علقت الشابة سحر ناز (28 عاما) بأن النتائج النهائية تؤكد إحجام 59% من الناخبين عن التصويت والتعبير عن سخطهم إزاء السياسات الراهنة التي يرونها عاجزة عن تلبية تطلعاتهم، وفي ذلك دلالات لذوي الحكمة والحنكة، على حد تعبيرها.
أما إسماعيل مقدم نيا (59 عاما) فيرجع إدارة الشعب ظهره لصناديق الاقتراع إلى قناعته بفقدان صوته أي أثر حقيقي في إدارة البلاد، على حد قوله، داعيا سلطات بلاده إلى دراسة أسباب وعوامل تراجُع نسبة المشاركة والعمل على تحقيق مصالحة مع الشعب.
وكان المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي قد وصف الاستحقاق الانتخابي بأنه "حماسي رغم المحاولات لثني الإيرانيين عن المشاركة"، واعتبر الرئيس إبراهيم رئيسي أن العملية الانتخابية كشفت عن "فشل تاريخي جديد لأعداء إيران بعد أعمال الشغب عام 2022".
في المقابل، انتقد الناشط السياسي غلام علي جعفر زاده سلوك السلطات الحاكمة كونه العامل الأساس وراء تراجع إقبال الشعب على صناديق الاقتراع، مؤكدا أن النسبة الحقيقة للمشاركة الشعبية لم تتجاوز 35% بعد خصم نسبة الأوراق البيضاء والأصوات الاعتراضية.
وفي تغريدة أخرى على منصة إكس، وصف جعفر زاده المشاركة الشعبية في العاصمة طهران بأنها "كارثية"، موضحا أنها ستتأرجح بحدود 10-12% بعد خصم نسبة الأصوات الباطلة منها.
ورأى الناشط السياسي محمود صادقي أن "استمرار المسار التنازلي لنسبة المشاركة بمثابة جرس إنذار للسلطات الحاكمة"، ونصح التيار الحاكم -في تغريدة نشرها على منصة إكس- بأخذ هذا التحذير على محمل الجد والقبول بإصلاحات هيكلية لجعل الانتخابات ذات معنى بدلا من إنكار الحقائق وزعم النصر في الاستحقاق الأخير.
أسباب التراجعواعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات الإيرانية "مؤشرا إضافيا إلى الاستياء الشعبي"، مضيفا أن "مزاعم السلطات الإيرانية بشأن نسبة المشاركة عادة ما تكون غير موثوقة"، على حد قوله.
وفي خضم زحمة التحليل والتعليق لدى الأوساط السياسية والأكاديمية الإيرانية، لخص عالم الاجتماع مقصود فراستخواه أسباب تراجع نسبة المشاركة بالانتخابات الإيرانية في 6 محاور نشرها على موقعه الإلكتروني، وهي رفض أهلية المرشحين، والتضييق على الإصلاحيين، والضغوط التي تستهدف المواطن في طيف كبير من شؤونه الفردية، والتطرف السياسي لدى السلطات الحاكمة والمعارضة، وتقييد النشطاء، وتقليص دائرة الحريات المتاحة.
ويضيف مراقبون سياسيون أسبابا أخرى لتراجع نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات الإيرانية، أبرزها الاعتراض على آلية الرقابة على الانتخابات، وعدم تحقيق الوعود التي دأب المرشحون على إطلاقها في الانتخابات الماضية، وانعدام فعالية الأحزاب السياسية ما عدا مواسم الانتخابات.
ولا يصعب على المتابع للشأن الإيراني أن يجد ارتدادات احتجاجات عام 2022 -التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني إثر توقيفها في مقر شرطة الأخلاق بذريعة عدم التزامها بقوانين الحجاب- حاضرة في المعترك الانتخابي الأخير، إذ ركزت مرشحات في حملاتهن الانتخابية على ضرورة "مواجهة القوانين المجحفة بحق النساء، ومنها تلك التي تتعلق بقضية الحجاب".
السياسي الإيراني علي صوفي يرى أن الشعب فقد أمله بحدوث تغيير في البلاد وتحسين الوضع فيها (الصحافة الإيرانية) رسائل شعبيةمن ناحيته، يعتقد الأمين العام لحزب "بيشرو" علي صوفي أنه لا بد من معالجة تراجع نسبة المشاركة في الانتخابات الإيرانية، ذلك لأنه إذا أُخذت نسبة الأصوات الباطلة بعين الاعتبار حينها سيتضح أن نسبة المشاركة الحقيقية أقل مما أعلنته وزارة الداخلية.
وفي حديثه للجزيرة نت، ركز صوفي على ضرورة فك شفرة العزوف عن المشاركة أو الإدلاء بالأوراق البيضاء، وعبر عن أسفه على عدم إصغاء الجهات المعنية لهذه الظاهرة والاحتفال بما يعتبرونه انتصارا بما يوحي أنها لا تعير اهتماما للمشاركة الشعبية.
ولدى قراءته ما بين سطور تراجُع المشاركة في الانتخابات الإيرانية، يعتقد السياسي الإيراني أن الشعب قد فقد أمله بحدوث تغيير في البلاد وتحسين الوضع فيها، وعزا ذلك إلى غض بعض الجهات نظرها عن تطلعات الشعب، محذرا من مغبة إبقاء الوضع الراهن قائما.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات نسبة المشارکة فی الانتخابات فی الانتخابات الإیرانیة عن نسبة المشارکة
إقرأ أيضاً:
شلت يداي من التعذيب.. غزيون يكشفون أهوال معتقل عوفر الإسرائيلي
في فبراير/شباط من هذا العام دخل الجيش الإسرائيلي مستشفى الشفاء واعتقل المواطن الفلسطيني من غزة رامي بلا تهمة، ثم اقتيد الرجل البالغ من العمر 42 عاما إلى معتقل سدي تيمان -غوانتانامو إسرائيل- حيث تعرض مثل آلاف الغزيين المحتجزين هناك إلى انتهاكات جسيمة على أيدي الحراس.
وعندما ظن أن الخلاص اقترب، نُقل إلى مركز اعتقال عوفر العسكري الموجود بين القدس المحتلة والضفة الغربية، ليجد أنه لا يقل وحشية عن المعتقل السابق.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2تلغراف: تعامل أوروبا مع ترامب ساذج ويحتاج لتغيير جذريlist 2 of 2واشنطن بوست: هكذا قهر الثوار السوريون سنوات الجمود للإطاحة بالأسدend of listهكذا بدأ الصحفي المصور أورين زيف تقريره بمجلة 972 الإسرائيلية، حيث تحدث عن فظائع المعسكر استنادا إلى أقوال 19 مواطنا غزيا، بعضهم لا يزالون معتقلين ولم يستطيعوا الإدلاء بشهاداتهم إلا عبر محامي منظمة هموكيد الحقوقية الإسرائيلية.
ووفق التقرير، أنشأت إسرائيل مركز عوفر العسكري في الضفة الغربية خلال الحرب الحالية على غزة، وظنه محامو المعتقلين محبسا مؤقتا يفضي إلى سجون مدنية، أو حتى إلى سجن عوفر المعروف القابع بجانبه، إلا أن البعض لا يزال محتجزا منذ مايو/أيار بلا تهمة.
انتهاكاتوأكد التقرير استنادا لشهادات المعتقلين أن معسكر عوفر هو وريث سجن سدي تيمان وبدرجة السوء نفسها، وأنه بعد تلقي السجن اهتماما عالميا وانتقادا واسعا، حُوّل إلى "معسكر عبور" يخرج منه الغزيون إما إلى غزة أو إلى سجن عوفر الشهير، ولأنه مركز غير معروف مثل السجن الذي إلى جانبه، فإنه يعطي السلطات الإسرائيلية فسحة لاستكمال انتهاكاتها بحق المعتقلين.
إعلانوأخبر الغزيون في عوفر المجلة بتعرضهم للضرب المبرح يوميا، مؤكدين أن الحراس يستمتعون بذلك، وتعرض أحد المعتقلين للضرب حتى الموت، كما أكدوا معاناتهم الإذلال المستمر والاكتظاظ الشديد الذي أدى لأمراض جلدية.
وأفاد رامي للمجلة بأن المعتقلين عادة ما يقضون أيامهم وأيديهم وأرجلهم مكبلة، بما في ذلك أثناء النوم وتناول الطعام واستخدام الحمام، ولا يمكنهم الاستحمام إلا مرة كل أسبوع أو كل 3 أسابيع لبضع دقائق، يغسلون في أثنائها لباسهم.
تجويعوذكر أحد المحتجزين أنه اضطر للاستحمام بمنظف أرضيات، وأن المساجين يعطون لفافة مناديل ورقية واحدة ليتشاركوها.
كما نقل الغزي رفيق -البالغ من العمر 59 عاما- شح الطعام وسوء جودته، وقال إن المعتقلين يعطون وجبة واحدة باليوم تتكون من شرائح خبز قديمة، مؤكدا أنه "خسر 43 كيلوغراما خلال فترة الاعتقال بسبب نقص الطعام".
وأفاد معتقل غزي يبلغ من العمر 32 عاما، اعتقل في مستشفى الشفاء، بأن "جميع الأسرى خسروا 20 إلى 30 كيلوغراما من وزنهم" على الأقل.
وأكمل رفيق: "تعرضت لنفس الإذلال والشتيمة والتعذيب الذي تعرضتُ له بسدي تيمان، وشلت يداي من التعذيب المستمر، واضطررت إلى اللجوء لأدوية الأمراض النفسية بعد خروجي، وأمشي كل يوم عشرات الكيلومترات حتى أرهق نفسي وأستطيع النوم".
كابوسوحسب التقرير، لم يعلم بعض الغزيين بأنهم في مركز اعتقال عوفر إلا في مقابلات مع محاميهم بعد أسابيع أو حتى أشهر من الاعتقال، وعادة ما يخضع المعتقلون لإجراءات قانونية موجزة للغاية تتألف من جلسة استماع مدتها 3 دقائق عبر تطبيق زوم، توجه إليهم خلالها اتهامات بـ"دعم الإرهاب"، وإعلامهم بأنهم محتجزون حتى "نهاية الحرب".
وأخبر مدرس بالغ من العمر 66 عاما المجلة بأنه اعتقل من منزله في رفح في مايو/أيار 2024 بتهمة الانتماء إلى منظمة إرهابية، ولم يعلم أنه في عوفر إلا في أكتوبر/تشرين الأول.
إعلانوقال أب لـ3 أطفال يبلغ من العمر 48 عاما، اعتُقل في مارس/آذار 2024 من منزله في غزة، إن الجنود الإسرائيليين قالوا له: "نحن نعلم بأنه لا علاقة لك بعملية 7 أكتوبر/تشرين الأول، ولكننا متأكدون من أن لديك معلومات عن حركة حماس".
وطبقا لأحد المعتقلين (26 عاما)، لا يغادر السجناء زنازينهم إلا لمقابلة المحامين، وأثناء ذلك يُخرج جميع من في الزنزانة ويكبلون وتوضع عصابة على أعينهم ويجبرون على الاستلقاء على بطونهم طوال مدة الزيارة، حتى أصبحت المقابلات كابوسا لدى الجميع.