صحيفة أثير:
2025-01-10@20:38:46 GMT

فلسطين في عيون شعراء المربد

تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT

فلسطين في عيون شعراء المربد

أثير – مكتب أثير في تونس

إعداد: محمد الهادي الجزيري

تمّ المربد الشعري بالبصرة في دورته 35 ..وسافر السرب كلّ طائر إلى وجهته، بعد أن تقاسم الجميع الشعر والمصافحة والضحك والسهر وخاصة القلق على الجرح النازف فلسطين، خاصة أنّها نزلت ضيفا مبجّلا على المهرجان، وبعد أن كان قد أكد المستشار الثقافي لرئيس الوزراء العراقي عضو اللجنة العليا لمهرجان المربد بدورته الخامسة والثلاثين، الشاعر عارف الساعدي أنّالسوداني وجّه أن تكون دولة فلسطين ضيف شرف المهرجان، وذلك لبيان وتثبيت الموقف العراقي الداعم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وقد التمسنا من بعض شعراء الدورة 35 أن يقتطفوا من حدائقهم مقاطع كُتبت عن غزّة وفلسطين، وكانت الاستجابة فورية من قِبلهم، وأوّل من نفتتح به الغناء المرّ الصديق الشاعر الأمين العام للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين مراد السوداني الذي لبّى النداء:

“غزَّةُ الإلياذةُ الكبرى
إلياذةُ الدَّمِ والرمادْ 
وكتابُ ملحمةٍ تدوِّنهُ الصواعقْ
سطرُ الدمِ القاني .

. وقافيةُ البلادْ
البحرُ من وجعٍ وحنّاءٍ ونارْ
في كلِّ دارٍ رجْفَةٌ للموتْ
ولكلِّ بيتٍ حزنُهُ وبكاؤهُ الدامي وصرختُه الدمارْ
رملٌ من الشهداءِ تعجنُهُ القذائفُ والشواظْ
والموتُ هذا السارقُ الأبديُّ طوّافٌ على الأطفالِ
والأحلامِ واللُّعَبِ اليتيمة والنساءِ وكلِّ حيٍّ في الشوارعِ
والمشافي والكنائسِ والجوامعِ والمدارسْ
هيَ غزَّة الصّبرِ الرسوليِّ
الإرادةُ والشهادةُ
والبطولةُ في زمان الردِّةِ العمياءْ
تُعْلِي بيارقَ من دم الشهداءِ والجرحى وتكتبُ فجرَهَا :
نبقى ولنْ نرحلْ
دمُنا بريدُ الأرضِ للأحرارْ
للعالمِ الصامتْ
نبقى ولن نرحلْ
دمُنا بريدُ الأرضْ.”

وجاء دور عماد جبار الشاعر العراقي ..فأدلى بدلوه ..بكلّ حزن ومقاومة وأمل:
“حارس غزة
أنا لن أصدق جرحَهُ
دمه الغزير على الحجارةِ
كلَّ من قالوا لنا
قد مات حمزة
هو يحفر الأنفاقَ
يلعق جرحه كالذئبِ
يحرس في ظلام الكون غزّة
يمضي بها أعلى
ويملأ سورَها
ودروبَها
وبيوتها الظلماء عِزّة”

وهذا ما باح به الشاعر العُماني عبد الله العريمي من شجن طافح لتقتيل الأطفال، يدين في مقطع شعري ما اقترفه العرب وما لم يفعلوه ..:
“ماذا يقولُ لكَ البحرُ؟
كلَّ الذي يتلألأ في جسمها الغضِّ
يطفئهُ قمرٌ في سماءِ العربْ
الشموسُ التي لا تزالُ على فمها الطفلِ،
نسجُ الورود على صدرها
ستدفنُ يوماً بأرضِ العربْ
وكلُّ الذي لا يُرى من مفاتن أزهارها
سَيُسرقُ يوماً بأيدي العربْ
في نيتي أن أعيدَ الفتاةَ بمريولها المدرسيِّ
ولكنها احتشدت بالبكاءِ
ونامت.. لئلا تراها عيونُ العربْ”

ومن سوريا قابلنا الشاعرة ريم البياتي ..فجادت علينا بهذه الأبيات الغاضبة المعبّرة عن سخط بالغ لدى الشعراء والناس جميعا:
“هاتِ المَراود وارحل أيها القمرُ
وأخبر القُدس َفالأكفانُ تنتظرُ
هاتِ الجميلةَ مهلاً كي أودعها
طالَ الطريقُ وقلبُ الصَبِّ يستعرُ
ومَررِ الكُحلَ رِفقاً فوقَ مُقلتِها
ولن تفارق حتى ينجلي البصرُ
كلُ المكاحل يزهو كُحْلُها غَنَجاً
إلا السَبية إنَّ الكحل يجْتَمِر
…….
تلك القصائدُ عصماءٌ نُرددها
إنَّ الأعاربَ بالأشعارِ تنتصرُ
قد أفصحوا القولَ قولاً لا تجادلُه
وأنكروهُ فما قاموا ولا شَعَروا
إن المنابرَ ساحٌ باتَ… ملعبنا
سيفُ الخَطابة في أعقابهِ الظَفَرُ
…….
يا أمة العُرْبِ نامي لا يفرقنا
إذا غفونا عليٌ كانَ أو عمر
فقد أزحنا حَمولا عن كواهِلنا
ومات فينا ضميرٌ كانَ يحتضرُ
يا أمة العُرب فلترموا فواصِلكم
ولْتَسْتريحوا..فلا عادوا ولا عبروا”

كما ساهم الشاعر الأردني الكبير راشد عيسى بهذه القصيدة القصيرة ” الفينيق الفلسطيني “حبّا في أهالي غزة ونصرة لهم ..:
“قَويون اكثر مما يريد الرغيف
جَميلون في حزننا كصغار الذئاب
صبورون صبر فراخ الصقور على نزق العاصفةْ
وإذ  ما تعثر حلم لنا برصاص الغزاة
تيقّظ فِينيقنا من رماد الظلام
وأمسك كنعاننا سرة الأرض حتى تفيء الى رشدها
وتبرأ من حقدها
فلا وقت نصرفه في العتاب كأنا محبون حتى إلى كارهينا
ولسنا نؤمل من غابة خردلةْ
فنحن جديدون لا تتساقط اوراقنا في الخريف
ونقدر أن نمنح الموت فرصته كي يتوب
وكي يستحي من تدخله في شؤون كراماتنا
فقد حان أن يتنحى قليلا
ويحترف الصمت
حين يرى دمعة الطفل تصنع من ملحها قنبلةْ
وتطلع من دمه ألف شمس وتنبت في قبره سنبلةْ ”
ثمّة شاعر عراقي في مقتبل العمر أهداني كتبه ( سأكتب عنه فهو مذهل ) وسلّمني هذه القصيدة النثرية لأضمّها لهذا الملف أمّا اسمه فهو اسماعيل الحسيني :
” من العجب، 
أنّ غادةَ طفلةٌ في غزة
لم تسمع النشيدَ الوطنيَّ
ولا أغاني “مارسيل خليفة”
ليس لديها غيرُ دميةٍ
مكوّكة للغناء،
عندما رأتِ الأمّهاتِ يدفعْنَ الأولاد
إلى التضحيةِ، 
دفعتْ بالدميةِ
لكنّها قبلَ أنْ تعبرَ الشرَكَ
عبرتْ هي الحياةَ
تُرى مَنْ يجرؤ على دفْنِ غادة
وفي يدِها دميةٌ تغني وترقص؟”

وقبل أن نختم وخير ما نستهلّ به هذا الخروج من الشجن القاتل ومشتقات الوجع اليومي، صوت الشاعر الأردني صلاح أبو لاوي وهو يتغنّى بـ”المقاوم” ..فاستمعوا إليه:
”هو يأكل مثلي
ويشرب مثلي
ويتعب مثلي
ويرتاح مثلي
وينهض مثلي
ومثلي ينامْ
فلماذا
أنا خانعٌ
خاضعٌ
مائعٌ
ظامئٌ
وهو أعلى من النجمِ
من قطرة يرتوي لو سقاه الغمامْ
ولماذا
خطايَ وراءٌ تقيلُ المقامْ
وهو يحملُ هذا الفضاء وحيداً
ويمضي به مسرعاً للأمامْ؟؟؟؟؟
ولماذا أنا مظلمٌ
لا بداية لي أو ختامْ
وهو بدرٌ تمامْ
فعليه السلامُ عليه السلامُ
عليه السلامْ”

أمّا أنا بوصفي ممثلا لتونس في الدورة 35 للمربد الشعري بالبصرة، فقد كتبت قديما مقطعا حزينا وطافحا بإنسانية الإنسان، وأقتطفه لكم يا سادتي لقراء على أمل اللقاء بكم في مربد آخر وفي فرصة أخرى:
”طافح بالتردّد
طفل عدوّي تخطّى سياج عدوّي
ليقطف نرجسة من بلادي
أهمّ به فيموء وأرفع عنه يديّ
وأهرب منه ومنّي
لأبكي صغيري الذي ذبحته الحضارة بين يديَّ”

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: مكتب تونس

إقرأ أيضاً:

الاحتلال لا يثق في عملائه

نعترف بأننا أخطأنا حينما اعتقدنا أنّ الاحتلال الصهيوني سيسارع إلى تلبية طلب الولايات المتحدة الأمريكية، السّماح لها بتزويد الأمن الفلسطيني بمعدّات عسكرية متطوّرة للقضاء على المقاومة في جنين؛ فهاهي إذاعة جيش الاحتلال تفاجئنا بخبر رفض حكومة نتنياهو منح بندقية واحدة لشرطة دايتون الفلسطينية، بالرغم من أنّ المهمة القذرة التي تقوم بها في جنين تصبّ في مصلحة الكيان بالدرجة الأولى!

وبقدر ما فاجأنا هذا الخبر الغريب، فقد أثلج صدورنا أيضا؛ لأنّه أكّد مرة أخرى أنّ ما تقوم به السلطة الفلسطينية من مطاردات مستمرّة ومخزية للمقاومة، بهدف نيل رضا الاحتلال، هو مجرّد جهود عبثية لن تحقّق بها هذا الهدف المقيت، وفي الوقت ذاته ستزيد من عزلتها الداخلية وسخط شعبها عليها، كحال ذلك الابن الذي سرق مال أبيه ليقدّمه للّصوص، فلا اللصوص قدّروا “عمله”، ولا والده صفح عنه.

وبهذا الرفض، أثبت الاحتلال أنّه لا يثق في السّلطة الفلسطينية في الضّفة الغربية، كما أنّه لا يريد أن يسند لها أيّ دور في غزة بعد نهاية الحرب، برغم كلّ ما قدّمته له من “خدمات أمنية” منذ اتّفاق أوسلو 1993 إلى اليوم، في إطار ما يسمّى “التنسيق الأمني” بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية وجيش الاحتلال، والذي أسفر طيلة 31 سنة، عن تحجيم المقاومة في الضّفة بسبب مطاردة عناصرها، واغتيال المئات منهم، أو القبض عليهم وإلقائهم في سجون السلطة، أو التبليغ عنهم للاحتلال لاغتيالهم أو اعتقالهم… وما يحدث منذ أزيد من شهر في جنين هو جزء من هذه المطاردات المستمرّة للمقاومة خدمة للاحتلال، ومع ذلك، فقد وجّه الاحتلال صفعة قوية لهذه السّلطة برفض تزويدها بالسّلاح، تأكيدا لعدم ثقته بها ورفضه إسناد أيّ دور لها في المستقبل!

ويذكّرنا هذا بما قام به الكيان الصهيوني منذ أواخر 2020 إلى الآن مع الإمارات العربية المتحدة؛ إذ هرولت الإمارات وطبّعت علاقاتها معه مقابل “شروط”، ومنها تجميد ضمّ الضّفة الغربيّة، والحصول على طائرات “آف 35” الأمريكية، لكنّ الاحتلال أشهر الضوء الأحمر في وجه “حليفه” الجديد، ومنع إلى حدّ الساعة حصوله على هذه الطائرات المتطوّرة، كما أنّه يستعدّ لرفع التجميد عن ضمّ الضفة والشروع في السنة الجديدة في ضمّها فعليّا كما صرّح نتنياهو وأكثر من وزير صهيوني، وبذلك تكون الإمارات قد انبطحت مجّانا.

أمّا الكيان الصهيوني، فسيبقى ينظر إليها بعيون الرّيبة ولا يثق فيها، ولو بالغت في تطبيع علاقاتها معه، وتآمرت معه ضدّ المقاومة في غزّة، وروّجت لبدعة “الديانة الإبراهيمية” المزعومة لإضفاء غطاء ديني زائف على هذه الخيانة المدوّية للقضية الفلسطينية.

العرب هم العرب بالنسبة للصهاينة، والمسلمون هم المسلمون، لا فرق بينهم، ولا ثقة فيهم، ولا في أنظمتهم التي يمكن أن تنهار في ظرف أيام إذا أحجمت جيوشهم عن نصرتها، كما حصل لزيد العابدين، ومبارك، والقذافي، والبشير، والأسد… فهي أنظمة هشّة تستقوي بأمريكا والغرب للبقاء في الحكم، ولا تكترث بإرادة شعوبها، لذلك قد تسقط في أيّ وقت وتصل أسلحتها إلى معارضة معادية للاحتلال، ومن الخطأ أن يسمح ببيع أسلحة أمريكية وغربية متطوّرة لها.

وعندما يقول القادة الجدد في سوريا، إن نظامهم لا يهدّد الكيان، ولن يسمح بانطلاق رصاصة واحدة صوبه من الأراضي السورية، ويلمّح الجولاني إلى أنّ الكيان سيكون بأمان لمدة 50 سنة قادمة، ويردّ وزير الاتصالات الصهيوني شلومو كرعي مقتبسا مقولات دينية “مستقبل أبواب القدس التي تنير دربنا هو أن تصل حتى أبواب دمشق”، وعندما يحرس الأردن حدود الاحتلال عقودا طويلة ويردّ الوزير سموتريتش برفع خريطة لكيانه تبتلع هذا البلد برمّته… حينما يحدث ذلك كلّه، فإنّ هذا يعني باختصار أنّ الاحتلال لا يثق في العرب ولو طبّعوا ووقّعوا معه معاهدات “سلام”، أو انبطحوا، أو حتى انخرطوا في حرب ضدّ المقاومة…

لا شيء من ذلك يحول دون التوسّع على حساب بلدانهم في السّنوات القادمة، لاسيّما إذا استطاع العدوّ سحق المقاومة في غزة والضّفة وتهجير الشعب الفلسطيني وحسم الصراع لصالحه بالقوة، حينذاك سيبدأ تنفيذ مشروع “إسرائيل الكبرى”، ولن تحمي أحدا معاهدة أو اتفاق سلام، أو انبطاح وخنوع وتحويل جيوش إلى حرس حدود للاحتلال، الجميع سيّان في نظر العدوّ الذي لا يثق في أحد من العرب، عملاء صريحين كانوا أو مهادنين أذلّاء، وصدق اللهُ القائل: “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتّى تتبّع ملّتهم”.

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • أمسية تجمع 6 شعراء في «الشارقة للشعر العربي»
  • في غزة الثكلى عيون تبكي وأخرى تحكي….!
  • ضمن فعاليات مهرجان الشارقة للشعر العربي شعراء ينثرون ورود الذكريات على دروب الغرام
  • الاحتلال لا يثق في عملائه
  • البكالوريا الجديدة في عيون الطلاب والخبراء.. فرصة لتحسين جودة التعليم.. ومطالب بالمشاركة بالحوار المجتمعي لشرح التعديلات المقترحة
  • الشعر الشعبي يجمع نخبة من شعراء الشعر في مسرح البحيرة بمتنزه القرم
  • نحن مع سوريا و فلسطين … نحن مع الله و رجال الله
  • أبرز قصائد الشاعر عبد الرحمن القرضاوي.. دأب على هجاء الحكام العرب (شاهد)
  • اليمن تشارك في أعمال مؤتمر الألكسو الـ١٤ لوزراء التربية والتعليم العرب  ووزيرة التعليم القطرية تستشهد بأبيات الشاعر عبدالله البردوني
  • من الشرقاوي إلى القرضاوي.. خريف الكلمة يشبه ربيع العرب