“مناطق موت” تهدد البحر الأحمر بعد غرق “روبيمار”
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
عندما غرقت السفينة روبيمار في البحر الأحمر بعد هجوم ميليشيا الحوثيين، كان على متنها 21 ألف طن من الأسمدة التي قد تحفز نمو الطحالب بشكل هائل، مما يترتب عليه حرمان الشعاب المرجانية من الضوء، وظهور “مناطق موت” تخلو من الحياة البحرية.
وإلى جانب تسرب الوقود، يمكن أن تتسبب أسمدة كبريتات فوسفات الأمونيوم في توفير دفعة مفاجئة من العناصر المغذية في المياه، التي تعد موطناً للشعاب المرجانية النادرة والثدييات البحرية وأسماك الشعاب المرجانية، مما يؤدي إلى انتشار زبد البحر فوق سطح الماء.
ووفقاً لتحذير بحري تم تعميمه على السفن في المنطقة، غرقت السفينة روبيمار التابعة للمملكة المتحدة، وهي أول سفينة تٌفقد منذ أن بدأ المسلحون الحوثيون في شن هجمات على السفن التجارية في نوفمبر (تشرين الثاني)، في مطلع الأسبوع في منطقة ضيقة بين اليمن وإريتريا على عمق حوالي مئة متر على المنحدر القاري.
وتعج المياه الضحلة نسبياً بالقرب من السواحل بالشعاب المرجانية.
وقال علي السوالمة، مدير محطة العلوم البحرية في الجامعة الأردنية: “توجد كمية هائلة من الأسمدة، وموقعها مفزع”.
ومع تكيف الشعاب المرجانية مع ظروف المياه الدافئة، يأمل العلماء في أن يصبح البحر الأحمر ملاذاً للشعاب المرجانية مع تغير المناخ الذي يزيد من ارتفاع حرارة المحيطات حول العالم، الأمر الذي يزيد أهمية أي تأثير محتمل.
وقالت مصادر في مجال الشحن إن الصراع في المنطقة يزيد من تعقيد أي عملية لتطهير المياه ويجعل سفن الإنقاذ تتردد في دخول المياه ذات المخاطر العالية.
ولم تتضح حتى الآن هوية الجهة التي كانت تقدم التغطية التأمينية للسفينة روبيمار المسجلة في بيليز، والتي من المفترض أن تدفع تكاليف أي إجراءات تصحيحية لمعالجة التلوث. ولم يتم التأكد بعد من طريقة تخزين الأسمدة وما إذا كانت هناك تدابير فعالة لمنع تسربها إلى الماء.
وحتى الآن، لم يتم الإبلاغ عن وقوع أضرار.
ولكن السوالمة قال إن غرق السفينة يمكن أن يتسبب في أسوأ كارثة بيئية تشهدها المنطقة منذ أكثر من عقد من الزمن.
وقد تتسبب كمية كبيرة من الأسمدة في تحفيز انتشار ونمو الطحالب بشكل مفرط، وهو ما يستهلك كميات ضخمة من الأكسجين الأمر الذي لا يمكن الكائنات البحرية الأخرى من البقاء. ويتسبب هذا في مناطق للموت يغيب عنها أي شكل من أشكال الحياة.
وغالباً ما تحتوي الأسمدة على نسب من مواد كيميائية ضارة وسامة للكائنات البحرية.
وقال محمد الباشا من شركة التحليلات الأمريكية نافانتي جروب إن “مجتمعات صيد الأسماك على طول ساحل البحر الأحمر اليمني في الحديدة وتعز ستتأثر سلباً بالتلوث”. وقد يؤدي هذا إلى تراجع الثروة السمكية والإضرار بسبل عيش الصيادين في هذه المنطقة.
وتعهدت ميليشيا الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن بمواصلة إغراق السفن في البحر الأحمر وممر باب المندب الضيق جنوباً والذي تمر عبره ملايين من براميل النفط ومئات الآلاف من الأطنان من السلع الصناعية يومياً.
ويقول الحوثيون، الذين يسيطرون على شمال اليمن ومراكز أخرى كبيرة من حيث عدد السكان، إن هجماتهم تأتي تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.
ويمثل غرق السفينة روبيمار حالة من الحالات القليلة في السنوات القليلة الماضية التي تغرق فيها سفينة على متنها كميات ضخمة من الأسمدة، وربما يكون الغرق الوحيد في نظام بيئي حساس مثل الشعاب المرجانية.
وفي وقت سابق من هذا العام، اصطدمت سفينة ترفع العلم الألماني، كان على متنها ألف طن من الأسمدة النيتروجينية، بجسر، وغرقت على الحدود في نهر الدانوب بين صربيا وكرواتيا.
وقالت السلطات الصربية إن الأسمدة انتقلت نحو مصب النهر، وأشار تحليل المتابعة إلى عدم حدوث زيادة في مستوى التلوث.
وقال ديريك مانزيلو، منسق مراقبة الشعاب المرجانية التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة “إذا ألقيت كمية كبيرة من الأسمدة فجأة في المحيط، يصبح الانتشار الكبير للطحالب أمراً محتمل الحدوث”.
المصدر: جريدة الحقيقة
كلمات دلالية: الشعاب المرجانیة البحر الأحمر من الأسمدة
إقرأ أيضاً:
الضربات الأمريكية على الحوثيين في اليمن: رسائل متعددة وسيناريوهات مفتوحة
مارس 16, 2025آخر تحديث: مارس 16, 2025
المستقلة/- في تصعيد جديد يعكس التحولات المستمرة في المشهد الإقليمي، شنت الولايات المتحدة ضربات عسكرية “حاسمة وقوية” ضد مواقع تابعة لحركة “أنصار الله” الحوثية في اليمن.
العملية جاءت عقب اتهامات أمريكية للحوثيين بتنفيذ هجمات إرهابية وعمليات قرصنة في المنطقة، ما دفع الرئيس دونالد ترامب إلى إصدار أوامر مباشرة للجيش الأمريكي بشن عمليات عسكرية واسعة النطاق.
التنسيق الأمريكي مع الحلفاء
وفقًا لما نقله موقع “Walla” العبري، فإن إسرائيل كانت من بين الدول القليلة التي تم إبلاغها مسبقًا بالضربات، وهو ما يعكس حجم التنسيق الوثيق بين واشنطن وتل أبيب في التعامل مع التهديدات الإقليمية. في المقابل، أكدت وزارة الخارجية الأمريكية أن وزير الخارجية ماركو روبيو أجرى اتصالًا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف لإبلاغه بالعملية، في خطوة تعكس رغبة واشنطن في ضبط التوازنات مع القوى الدولية.
الخسائر والرد الحوثي
بحسب مصادر حوثية، فإن القصف الأمريكي الذي استهدف مواقع في صنعاء وصعدة أسفر عن سقوط 45 قتيلًا وجريحًا، مما أثار ردود فعل غاضبة من جانب الجماعة التي وصفت الضربات بأنها “عدوان سافر” على دولة مستقلة. وأكدت الحركة أن “تأديب المعتدين سيتم بصورة احترافية وموجعة”، معتبرة أن الهجمات لن تثنيها عن دعم غزة، بل ستؤدي إلى مزيد من التصعيد.
دلالات التوقيت والتبعات المحتملة
يأتي هذا التصعيد الأمريكي في وقت أعلن فيه الحوثيون عن نيتهم استئناف استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر اعتبارًا من الثلاثاء المقبل، بعد تعليق عملياتهم في أعقاب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس” في 19 يناير الماضي. هذا التطور يفتح الباب أمام احتمالات التصعيد في البحر الأحمر، مع إمكانية انجرار المنطقة إلى مواجهة أوسع، خاصة مع تصاعد التوترات الإقليمية بين الولايات المتحدة وإيران، الداعمة الرئيسية للحوثيين.
الخاتمة
الضربات الأمريكية على الحوثيين تحمل رسائل متعددة، سواء لليمن أو لحلفاء واشنطن وخصومها في المنطقة. وبينما تتحدث الإدارة الأمريكية عن مواجهة “تهديد إرهابي”، يرى الحوثيون في الغارات الأمريكية محاولة لفرض الهيمنة وتأديب أي قوى تعارض السياسات الغربية في المنطقة. ومع تلويح الحوثيين برد “موجع”، يبقى السؤال المطروح: هل نحن أمام مواجهة جديدة في البحر الأحمر قد تعيد خلط الأوراق في الصراع الإقليمي؟