تفاصيل تجسس مدير أمن تركي سابق لصالح الموساد
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
إسطنبول- فجّر إعلان السلطات التركية إيقاف مدير أمن سابق متهم بضلوعه على رأس خلية يُشتبه بارتباطها بجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد مفاجأة، لا سيما بعدما نشرت صحف تركية تفاصيل حول عمل الخلية ونشاطها المفترض.
واعتقلت قوات الأمن التركية يوم الثلاثاء الماضي، 7 أشخاص من أصل 8 مشتبه بهم، على خلفية ارتباطهم بـ"الموساد"، في عملية مشتركة بين جهاز الاستخبارات التركي ومديرية أمن إسطنبول.
وكشفت وسائل إعلام محلية، وعلى رأسها صحيفة "تركيا" المقربة من الحكومة، تفاصيل أكثر تتعلق بالخلية التي كان يترأسها حمزة تورهان آيبرك، وهو مدير أمن سابق فُصل على خلفية انتمائه لتنظيم فتح الله غولن المحظور في تركيا، بجانب شكوك تتعلق باستخدامه نفوذه في عمليات تهديد واعتداء.
ومن ضمن روايات متباينة، قيل إن العامل الحاسم وراء إقالته من منصبه يعود إلى تعرضه لإطلاق نار أصاب قدمه أثناء وجوده مع زوجته في إحدى حانات إسطنبول. وقد كشفت التحريات الأمنية لاحقا بأن الفاعل كان ينتمي إلى جماعة فتح الله غولن، مما أثار الشبهات حول ارتباط آيبرك نفسه بالجماعة، حسب الصحيفة.
يُذكر أن آيبرك قد بذل جهودا مستمرة، منذ ذلك الحين، في تقديم الالتماسات والطعون إلى المحكمة العليا طلبا لإعادته إلى منصبه.
وأوضحت صحيفة "تركيا" أن الاحتكاك الأول بين آيبرك والموساد كان بعد إبعاده عن وظيفته في 2019 عبر وسيطة تدعى فيكتوريا، إذ خضع لتدريبات سرية في العاصمة الصربية بلغراد.
وخلال هذه الفترة، اختُبر بتقديم معلومات عن مؤسسات وأفراد فلسطينيين يقيمون في تركيا مقابل مبلغ مالي، في تكتيك يُعرف بـ"الطُعم"، كما اتضح أن آيبرك أعطى معلومات عن أشخاص وشركات من أصول شرق أوسطية، بجانب المعلومات المتعلقة بالفلسطينيين.
وبعد عودته من بلغراد، تقول الصحيفة، بدأ آيبرك بتشكيل فريقه المكوّن من 7 أشخاص غيره، وتركزت جهودهم على تتبع أشخاص وسيارات ومؤسسات فلسطينية بالدرجة الأولى وبعض الشركات العربية، بينما اتضح أن عملية التواصل بينه وبين الموساد كانت تجري بأنظمة اتصال مشفرة وسرية، بجانب تسلّمه للحولات المالية عبر العملات الرقمية تجنبا لدخوله دائرة السجلات الرسمية، كما أعطاه الموساد لاحقا صفة مخبر بدلا من عميل.
اعتمدت طريقة آيبرك في تجسسه على استخدام منصبه السابق في عمليات التحري والاستفسار عن المعلومات، إذ اتُّهم في حالات عديدة بمضايقة الأشخاص المعنيين، والاعتداء عليهم بحجة عمله لدى جهاز أمني.
وحسب مصادر استخبارية، فإن آيبرك كُلّف بتأسيس فريق يضم بين أعضائه موظفين حكوميين بخلفيات أمنية، إذ اتضح تورط كل من محمد يتيموفا، الذي كان يعمل في دائرة الضرائب العامة بإسطنبول، وأوزجان شاهين، المفصول من الخدمة الأمنية على خلفية تحقيقات بجريمة استغلال وظيفته لأغراض واعتداءات جنسية، بالعمل لصالح الموساد تحت قيادة آيبرك.
وضمت الخلية كذلك الضابط المتقاعد إرجان كاما، وأومر بوراك جيزر، الذي يُعتقد أنه ترك الخدمة في جهاز الشرطة حديثا، بالإضافة إلى فوندا كادايفجي أوغلو، التي تعمل في مهنة حارس أمن خاص، وهاكان كاباجا الذي أُقيل من الخدمة الأمنية بسبب تورطه في قضية رشوة.
في نهاية العملية، ضبطت السلطات الأمنية في تركيا 4.5 كيلوغرامات من المواد المخدرة، بالإضافة إلى أسلحة غير مرخصة، ونقود، وأجهزة مراقبة وتنصت كانت موجودة داخل منازل الموقوفين.
ولا تزال التحقيقات جارية لتحديد حجم المعلومات التي استطاع المشتبه بهم الحصول عليها ومدى تأثيرها على الأمن القومي، من خلال تحليل البيانات والمواد المضبوطة.
أسلوب التضليلعُرف مدير الأمن السابق في منطقة غونغورن في إسطنبول حمزة تورهان آيبرك، بظهوره الإعلامي المستمر في البرامج الصباحية، ولا سيما تلك المتعلقة بالسياسة والموضوعات الاستخبارية بصفته "الخبير الأمني"، وكان دائم الثناء على المقاومة الفلسطينية وطريقة عملها، كما أشاد بأحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وكان دائم الإدانة لهمجية الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه في قطاع غزة.
وبالرجوع إلى حساب آيبرك الشخصي على منصة إنستغرام، نجد العديد من المنشورات والمشاركات التي تعبّر عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني ومعارضته للمواقف الإسرائيلية.
View this post on InstagramA post shared by Hamza Turhan Ayberk (@hamzaturhanayberk)
في تصريحاته للجزيرة نت، شدد الخبير الأمني رمضان تشاير على أن الخلية استعانت بتقنيات التضليل للحصول على معلومات عن أفراد وشركات من الشرق الأوسط، إلا أن هدفها الرئيس كان الجالية الفلسطينية الموجودة في تركيا، وتحديدا الأشخاص الذين تربطهم علاقة بحركة حماس.
وأكد أن استخدام آيبرك لأسلوب الظهور الداعم في الإعلام ودعمه للقضية الفلسطينية ليس بالأمر الغريب، إذ تعتمد أجهزة الاستخبارات العالمية على هذه الإستراتيجية بشكل متكرر، غير أنه توقع أن تؤدي هذه الحادثة إلى مزيد من اليقظة والاستعداد من الاستخبارات التركية، لمواجهة مخاطر مشابهة في المستقبل.
وأشار إلى أن هذه العملية تُعدّ استمرارا لنهج تركيا الحازم في مواجهة التحديات الاستخباراتية، منبها إلى أن هذه الخطوة تأتي عقب نجاح السلطات التركية في اعتقال 34 فردا مشتبها بهم في التعاون مع الموساد الإسرائيلي في يناير/كانون الثاني الماضي، وتفكيك شبكات تجسس تابعة لفرنسا وإيران مؤخرا.
وحذَّر الخبير الأمني من إستراتيجية جديدة تنتهجها الاستخبارات الإسرائيلية لتوسيع شبكة عملائها؛ تتمثل في استغلال منصات التواصل الاجتماعي لبناء علاقات تمهيدية، يتبعها تنظيم لقاءات في أماكن عامة؛ مثل: الفنادق والمطاعم لتقييم استعداد وميل المستهدفين للتعاون مع الموساد، مؤكدا ضرورة الحذر لتجنب الانزلاق إلى فخ هذه الأساليب الاستقطابية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات تركيا فی ترکیا
إقرأ أيضاً:
حسن جلبي.. تألق فن الخط العربي في العصر الحديث
بوفاة الخطاط التركي الكبير حسن جلبي، في نهاية فبراير/شباط الماضي، فقد العالم الإسلامي أحد أبرز رواد فن الخط العربي المعاصر حيث رحل تاركًا إرثًا فنيًا وتعليميًا سيظل ملهمًا للأجيال القادمة من الخطاطين والفنانين.
وولد "رئيس الخطاطين" عام 1937 في قرية إينسي بقضاء أولتو في أرضروم، ونشأ في بيئة دينية حيث حفظ القرآن الكريم مبكرًا. في عام 1954، انتقل إلى إسطنبول لتلقي التعليم الديني، ودرس اللغة العربية والعلوم الإسلامية في مدرستي أوتشباش وتشينيلي.
بدأ مسيرته المهنية كمؤذن في مسجد أسكودار مهرماه سلطان عام 1956، ثم أصبح إمامًا في مسجد نصوحي محمد أفندي بعد أدائه الخدمة العسكرية.
اهتمام جلبي بالخط العربي بدأ منذ صغره، إذ كان يقلد اللوحات الخطية في مسجد قريته. وبعد انتقاله إلى إسطنبول عام 1963، سعى للتتلمذ على يد كبار الخطاطين. بدأ دراسته الرسمية للخط في 1964 تحت إشراف حامد أيتاج، بعد فترة قصيرة من التعلم مع حليم أوزيازيجي.
لاحقًا، درس خطي التعليق والرقعة على يد كمال باتاناي، مما ساهم في صقل مهاراته بشكل كبير. حصل على إجازته في خطي الثلث والنسخ من حامد أيتاج عام 1975، وفي خطي التعليق والرقعة من كمال باتاناي عام 1981.
إعلانتميزت مسيرة جلبي بإنجازات بارزة، منها تعيينه لكتابة النصوص لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جدة (1981)، وتكليفه بصيانة النصوص في المسجد النبوي بالمدينة المنورة (1983). أقام معرضه الشخصي الأول عام 1982 في مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (IRCICA) بإسطنبول، تبعته معارض في كوالالمبور وعمّان.
من أبرز أعماله: كتابات قبة جامع السلطان أحمد المجددة، وقبة جامع خرقة شريف، ونصوص في مسجد الجمعة ومسجد القبلتين والمسجد النبوي. كما نفذ كتابات لمركز الطب الإسلامي بالكويت ومساجد في أوروبا وأفريقيا وآسيا.
واصل جلبي تدريس الخط منذ 1976، مانحًا الإجازة لعشرات الطلاب من مختلف أنحاء العالم. شارك في تحكيم مسابقات الخط الدولية، وحصل على جائزة خدمات الفن من وزارة الثقافة التركية عام 2008 تقديرًا لإسهاماته الفنية المتميزة.
استخدم جلبي عدة أنواع من الخطوط العربية، ونال ومنح إجازة في بعضها، مثل:
خط الثلثهو أحد أصعب الخطوط العربية وأكثرها جمالًا وتعقيدًا. يتميز بأحرفه المتداخلة والممتدة، ويُستخدم عادة في كتابة العناوين والزخارف في المساجد والمخطوطات. حصل حسن جلبي على إجازة في خط الثلث من أستاذه حامد أيتاج عام 1975.
يُعرف بوضوحه وسهولة قراءته، وهو الخط المستخدم في طباعة المصاحف والكتب. يتميز بحروفه المتناسقة والمستقيمة، وهو من الخطوط التي تعلمها حسن جلبي على يد كبار الخطاطين، وحصل على إجازة فيه أيضًا من حامد أيتاج.
خط التعليق (الفارسي)يتميز هذا الخط بانسيابيته وجمال انحناءاته، وغالبًا ما يُستخدم في الكتابات الفارسية والأدبية. حصل حسن جلبي على إجازة في هذا الخط من الخطاط كمال باتاناي عام 1981.
إعلان خط الرقعةهو من أكثر الخطوط استخدامًا في الكتابة اليومية والمراسلات الرسمية نظرًا لسهولة كتابته وسرعته. يتميز ببساطته وقوة حروفه، وقد درسه حسن جلبي وأتقنه على يد كمال باتاناي.
الخط الديوانيهو خط زخرفي يتميز بالتشابك والتناسق بين الحروف، وكان يُستخدم قديمًا في المراسلات السلطانية والوثائق الرسمية في الدولة العثمانية.
الخط الكوفييعد من أقدم الخطوط العربية، يتميز بأشكاله الهندسية المستقيمة والزوايا الحادة، ويستخدم كثيرًا في الزخارف والنقوش على المباني والمصاحف.
خط الطغراءهو خط مزخرف كان يستخدم في التوقيعات السلطانية العثمانية، ويتميز بتداخل الحروف وتكوين شكل زخرفي مميز.
لم يكتف حسن جلبي بإتقان الخطوط فقط، بل عمل أيضا على ترميم نقوش المساجد التاريخية، وتعليم فن الخط لجيل جديد من الخطاطين.
فكان له دور بارز في العديد من المشاريع الخطية داخل تركيا وخارجها.
فقد شارك في ترميم وكتابة نقوش العديد من المساجد، بالإضافة إلى ذلك، كان خبيرا في الحفاظ على الخطوط الإسلامية الأصلية، حيث استخدم أساليب تقليدية للحفاظ على دقة وأصالة النقوش التي قام بتجديدها.
ومن أبرز المساجد التي عمل على ترميم نقوشها أو كتابة نقوش جديدة لها: في تركيا: مسجد السلطان أحمد (إسطنبول)، قام بترميم نقوش القبة الجانبية وتجديد كتابة أسماء الله الحسنى على المثلثات عام 1974. مسجد الخرقة الشريفة (إسطنبول)، كتب نقوش القبة. مسجد نصوحي محمد أفندي (أوسكودار، إسطنبول)، حيث عمل إمامًا وشارك في زخرفة بعض أجزائه. مسجد كلية الإلهيات بجامعة مرمرة (إسطنبول)، كتب النقوش الخاصة به عند تجديده. مسجد تي بي إم إم (إسطنبول)، عمل على نقوشه وزخارفه. مسجد أسكي شهير ريشادي (أسكي شهير)، كتب نقوشه. مسجد وان ميركيز (وان، تركيا)، كتب النقوش الداخلية والخارجية. مسجد قيصري إيكي كابيلي (قيصري)، شارك في كتابة وترميم نقوشه. مسجد ريزا ساهيليولو (ريزا)، كتب نقوشه. ضريح ملا كاظم (سيرت، تركيا)، شارك في كتابة نقوشه. مسجد سلامي علي (إسطنبول)، شارك في زخرفته. مسجد عمرانية سون دوراك (إسطنبول)، كتب نقوشه. مسجد تشاغلايان (إسطنبول)، كتب الزخارف الخطية له. مسجد جنكيز توبل (إسطنبول)، عمل على زخرفة بعض أجزائه. مسجد فنربخشة (إسطنبول)، شارك في كتابة نقوشه. مسجد مالتيبي (إسطنبول) – كتب نقوشه الداخلية والخارجية. مسجد محمد زاهد كوتكو (إسطنبول) – كتب الزخارف الخطية له. مسجد بيوك شكمجة غوزيلجي (إسطنبول) – كتب نقوشه الداخلية. مسجد ميرتر يونس أمره (إسطنبول) – شارك في زخرفته. مسجد أورتا جشمه (إسطنبول) – كتب نقوشه. مسجد شيلهانة (إسطنبول) – عمل على تجديد نقوشه. مسجد تشنغلكوي يلدريم بايزيد (إسطنبول) – كتب زخارفه الخطية. إعلان خارج تركيا: المسجد النبوي (المدينة المنورة، السعودية) – عمل على ترميم وتجديد بعض نقوشه، خاصة في الأقسام المشيدة حديثًا. مسجد قباء (المدينة المنورة، السعودية) – كتب نقوشه عند تجديده عام 1987. مسجد القبلتين (المدينة المنورة، السعودية) – كتب نقوشه عند إعادة بنائه. المركز الطبي الإسلامي (الكويت) – كتب نقوشه الداخلية والخارجية عام 1986. مسجد الجمعة (هولندا) – كتب نقوش الحزام الزخرفي له. مسجد الفاتح (فورتسهايم، ألمانيا) – كتب نقوشه عام 1991. مسجد الجمعة (جوهانسبرغ، جنوب أفريقيا) – كتب نقوشه عام 1997. مسجد الجمعة المركزي (ألماتي، كازاخستان) – كتب نقوشه عام 1999. مسجد يونس أمره (جينك، بلجيكا) – كتب زخارفه الخطية. مسجد نذير أفندي (موستار، البوسنة والهرسك) – شارك في كتابة نقوشه عند إعادة ترميمه.تقديرًا لإسهاماته الكبيرة في فن الخط، حصل حسن جلبي على عدة جوائز مرموقة، منها:
جائزة خدمة الفن من وزارة الثقافة التركية عام 2008. جائزة تقدير من منظمة المؤتمر الإسلامي لجهوده في الحفاظ على الخط العربي. تكريم خاص من مركز إرسيكا لدوره في تعليم الخط العربي ونشره عالميًا. جوائز وشهادات تقدير من عدة دول عربية وإسلامية لمشاركاته البارزة في المعارض والفعاليات الثقافية.ورغم تقاعده عن العمل الرسمي، فإنه استمر في تقديم دروس الخط والمشاركة في المعارض حتى وفاته، تاركا إرثا فنيا لا يقدر بثمن.
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline