كشفت جامعة ستانفورد مؤخرا عن تقرير مؤشر الذكاء الاصطناعي لعام 2023 والذي جاء بحدود 350 صفحة مستكشفا أحدث التطورات والمخاطر والفرص في مجال الذكاء الاصطناعي المزدهر وتأثير التكنولوجيا على المجتمع.
ويعد التقرير المستند إلى البيانات ومئات الخبراء بمثابة الغوص العميق في 8 موضوعات ذات صلة بالذكاء الاصطناعي مثل:
البحث والتطوير.الأداء الفني. الأخلاق والبيئة والسياسة. الرأي العام والاقتصاد.
ويتطرق إلى مجموعة متنوعة من الموارد مثل منشورات الذكاء الاصطناعي ومقالات المجلات والمستودعات الرقمية وأنظمة التعلم الآلي على شاكلة نماذج اللغات الكبيرة مثل "شات جي بي تي" (ChatGPT)، ومجموعة واسعة من الموضوعات الأخرى.
بما في ذلك تكلفة التدريب على الذكاء الاصطناعي، والجهود المبذولة للتخفيف من التحيز في النماذج اللغوية وتأثير التكنولوجيا على السياسة العامة، وليس انتهاءً بالشبكات العصبية المُحسَّنة لتوليد الصور.
المؤشرات القياسية تضع الولايات المتحدة في موقع الصدارة في سباق الذكاء الاصطناعي متقدمة على الصين، إذ إن أكبر ميزة لواشنطن هي وادي السيليكون الذي يمكن القول إنه أكبر نقطة ساخنة لريادة الأعمال في العالم.
إحدى الأرقام اللافتة في المؤشر الموجَّه لصانعي القرار من أجل مساعدتهم من اتخاذ إجراءات هادفة للنهوض بهذا القطاع وفق مسؤولية أخلاقية مع وضع البشر في الاعتبار؛ هو أن 36% ممن استُطلعت آراؤهم وجدوا أن القرارات التي يتخذها الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى كارثة على المستوى النووي، بينما قال 73% إنها يمكن أن تؤدي قريبا إلى "تغيير مجتمعي ثوري".
واستمع الاستطلاع إلى 327 خبيرا في معالجة اللغة كفرع من فروع علوم الكمبيوتر الخاصة بتطوير روبوتات الدردشة مثل "جي بي تي-4" (GPT-4)، وهنا بدا الأميركيون أكثر حذرا بشكل خاص من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، حيث وافق 35% فقط على أن "المنتجات والخدمات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لها فوائد أكثر من العيوب" مقارنة بـ78% من المشاركين الصينيين وحوالي 76% من السعوديين، و71% من الهنود. كما أشار تقرير ستانفورد أيضا إلى أن عدد "الحوادث والخلافات" المرتبطة بالذكاء الاصطناعي قد زاد 26 مرة خلال العقد الماضي.
تشريعات وأطر حكومية للضبطنقطة مهمة ركز عليها المؤشر وهي أخلاقيات الذكاء الاصطناعي الفنية والتي تمثل مصدر قلق كبير فيما يتعلق بتطبيقات هذا المجال، حيث تجتمع الحكومات معا لإنشاء تشريعات وأطر عمل ومعايير لحوكمة الذكاء الاصطناعي.
ونقصد بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي؛ تلك التي تتعلق بمفاهيم العدالة والمساءلة والشفافية والقابلية للتفسير.
والذكاء الاصطناعي يمثل أصلا تحولا مذهلا للتنمية المسؤولة في مجتمعاتنا، إلا أنه يثير قضايا أخلاقية كبرى:
كيف يمكننا التأكد من أن الخوارزميات لا تنتهك حقوق الإنسان الأساسية من الخصوصية وسرية البيانات إلى حرية الاختيار وحرية الضمير؟ هل يمكن ضمان حرية التصرف عندما تكون رغباتنا متوقعة وموجهة؟ كيف يمكننا ضمان عدم تكرار الصور النمطية الاجتماعية والثقافية في برامج الذكاء الاصطناعي، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتمييز بين الجنسين؟ وهل يمكن تكرار تلك الصور؟ هل يمكن برمجة القيم، وبواسطة من؟ كيف يمكننا ضمان المساءلة عندما تكون القرارات والإجراءات معالجة بالكامل؟ كيف نتأكد من عدم حرمان أي شخص، أينما كان في العالم، من فوائد هذه التقنيات؟ كيف يمكننا ضمان تطوير الذكاء الاصطناعي بطريقة شفافة بحيث يكون للمواطنين العالميين الذين تتأثر حياتهم به رأي في تطويره؟للإجابة عن هذه الأسئلة، يجب أن نميز بين الآثار المباشرة للذكاء الاصطناعي على مجتمعاتنا، أي عواقبه التي نشعر بها بالفعل، وتداعياته على المدى الطويل. وهذا يتطلب أن نشكل بشكل جماعي رؤية وخطة عمل إستراتيجية، ليس على المستوى الفردي فقط ولكن على مستوى الحكومات بشكل رئيسي.
حوادث وخلافات متوقعةمنذ عام 2012، ارتفع معدل الحوادث والخلافات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي 26 مرة وتعكس هذه الطفرة اعتمادا أكبر على تقنيات الذكاء الاصطناعي وفهما متزايدا لإمكانية إساءة استخدامها، كما بلغ الاستثمار الخاص في الذكاء الاصطناعي عام 2022 في جميع أنحاء العالم حوالي 91.9 مليار دولار؛ وزادت نسبة الشركات التي تطبق تقنية الذكاء الاصطناعي عام 2022 بأكثر من الضعف مقارنة بعام 2017.
وكما هو معروف حاليا، تهيمن الولايات المتحدة والصين على البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي، وكما ذكرنا أعلاه فإن المؤشر يلفت إلى أن المواطنين الصينيين هم من بين أكثر الدول إيجابية فيما يتعلق بمنتجات وخدمات الذكاء الاصطناعية مقارنة بالأميركيين، فالصين تنشر الروبوتات الصناعية القائمة على الذكاء الاصطناعي أكثر من أي دولة أخرى، ونتيجة لذلك بلغت قيمة أبرز 5 شركات صينية في هذا المجال ما يقرب من 120 مليار دولار؛ ووفق خطة بكين الرئيسية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي فقد وُضعت جملة من الأهداف على رأسها أن تبلغ إيرادات بكين بحلول عام 2025 حوالي 400 مليار يوان (64 مليار دولار) من سوق الذكاء الاصطناعي، ناهيك عن أنها تخطط لتحقيق "إنجازات تكنولوجية ضخمة"، وتهيمن على الصناعة في سوق الذكاء الاصطناعي في السنوات الخمس التالية بمبيعات تصل إلى تريليون يوان.
لكن المؤشرات القياسية تضع الولايات المتحدة في موقع الصدارة في سباق الذكاء الاصطناعي متقدمة على الصين، إذ إن أكبر ميزة لواشنطن هي وادي السيليكون الذي يمكن القول إنه أكبر نقطة ساخنة لريادة الأعمال في العالم فهو مسقط رأس عمالقة شركات التكنولوجيا مثل "غوغل" و"آبل" و"إنتل" و"ميتا" التي ساعدت جميعها في تشكيل الفضاء السيبراني والحياة الرقمية العصرية.
ويلاحظ تسجيل الولايات المتحدة لقفزة مهمة في نسبة خريجي الدكتوراه الجدد من الأميركيين المتخصصين في الذكاء الاصطناعي إلى 19.1% عام 2021، من 14.9% عام 2020 و10.2% عام 2010، وتواصل الحكومة الأميركية زيادة الإنفاق على برامج الذكاء الاصطناعي لا سيما في قطاع التعليم. ومنذ عام 2017، زاد حجم الإنفاق التعاقدي المتعلق بالذكاء الاصطناعي التابع للحكومة الأميركية بمقدار 2.5 مرة تقريبا.
بشكل عام، يعد تقرير مؤشر الذكاء الاصطناعي لعام 2023 مصدرا أساسيا لأي شخص مهتم بمستقبل الذكاء الاصطناعي، فهو يقدّم رؤى وبيانات قيّمة لإثراء التفكير والتخطيط في هذا السباق الذي يضع المعمورة أمام تحولات جذرية وكبرى في مختلف القطاعات: من التعليم، والرعاية الصحية، إلى النقل العام، والأعمال التجارية، والترفيه، والحرب، وغيرها.
لذلك تحوّل هذا القطاع إلى حلبة تنافس رئيسية بين دول العالم لا سيما بين واشنطن وبكين ودول أخرى ما زالت تتلمس طريقها في تحديد أولوياتها وخططها سواء على صعيد الإستراتيجيات أو الخطاب والمؤسسات وحتى البحث والتدريس أو التركيز على التنافسية بهذا السباق الذي تتوقع أرقام (Grand View Research) بأن تتجاوز قيمة الذكاء الاصطناعي السوقية عالميا حوالي 1.7 تريليون دولار عام 2030.
عربيا، ثمة تقدّم لدول خليجية مثل السعودية وقطر والإمارات في هذا العالم من خلال تبني هذه الدول لإستراتيجيات تسعى عبرها إلى تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط والاستثمار في تطبيقات الذكاء الاصطناعي بمجالات متعددة بينها الصحة والتعليم والإعلام والصناعة والقطاع المالي واستقطاب المواهب وتهيئة البنية التحتية وجذب استثمارات كبيرة، ونأمل أن تلحق دول عربية أخرى من خلال البدء بتقليل الفجوة الرقمية والتعليمية لمواطنيها، فهذا الأمر يلعب دورا مؤثرا في إدارة المخاطر المحتملة التي قد تواجهها هذه الدول التي يصعب عليها بدون الأدوات المساعدة لها على الابتكار؛ أن تسير بركب البلدان المتقدمة تكنولوجيا وأن تضع قدما لها في مستقبل صناعة الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: بالذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء.. هل يتخطّى التفاعل البشري؟
تعتبر التجارة جزءا أساسيا من تاريخ الإنسانية، وقصة تمتد جذورها عبر العصور، إذ يعود أول ظهور للتجارة لمسافات طويلة إلى حوالي 3 آلاف سنة قبل الميلاد، وهو ما مهّد الطريق لظهور مفهوم العميل وتقديم الخدمات له. لكن لم تكتب البداية الرسمية لـ"خدمة العملاء" بشكلها الحالي إلا في وقت لاحق.
في الواقع، شهدت ستينيات القرن الـ18، بعد الثورة الصناعية، ولادة أول فرق دعم العملاء، لتبدأ بعد ذلك مرحلة جديدة في تطور الخدمة التي نعرفها اليوم.
إن العودة إلى هذه الحقبة التاريخية تكشف لنا كيف تطورت هذه الصناعة بمرور الزمن، وأثرها الكبير على الطريقة التي نتعامل بها مع العملاء في عصرنا الحاضر.
شهدت هذه الخدمة تطورا ملحوظا منذ ظهور فرق الدعم الأولى في الثورة الصناعية، مرورا بابتكار الهاتف ومراكز الاتصال، ووصولا إلى الإنترنت والذكاء الاصطناعي الذي يعيد تشكيل هذا المجال اليوم.
ما تجربة عملاء الذكاء الاصطناعي؟تشير منصة "سرفي سبارو" (SurveySparrow) لإنشاء الدراسات الاستقصائية واستطلاعات الرأي والاستمارات، والمتخصصة في تحسين خدمة العملاء، إلى أن تجربة العملاء للذكاء الاصطناعي تتضمن تسخير قوة تقنيات الذكاء الاصطناعي لزيادة تفاعلات العملاء، وتبسيط العمليات التجارية، وتعزيز رضا العميل بشكل عام.
تتراوح التقنيات المستخدمة في هذا النهج من خوارزميات التعلم الآلي إلى معالجة اللغة الطبيعية "إن إل بي" (NLP)، والتحليلات التنبؤية، وحتى أتمتة العمليات الروبوتية.
وفي دراسة حديثة لها، قالت شركة "ماكنزي" (Mckinsey)، وهي شركة استشارات إستراتيجية دوليّة في نيويورك، إن الذكاء الاصطناعي يستخدم للمشاركة الاستباقية والفعالة، والتعرف على النيات التنبؤية، وتحسين قنوات الخدمة الذاتية على مستويات أعلى.
وتشير الدراسة إلى أن الشركات الأكثر تقدما، خاصة في القطاعات الرقمية المحليّة، تتجه نحو هذه المستويات الأعلى من تكامل الذكاء الاصطناعي.
في سياق متصل، يناقش العامل البشري في الخدمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن تشغيلها لا يعني الأتمتة فقط، ويسلط الضوء على كيف يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الموظفين في الوقت الفعلي لتقديم نتائج عالية الجودة، وتوقع احتياجات العملاء حتى قبل الاتصال بهم.
الذكاء الاصطناعي يمكنه مساعدة الموظفين في الوقت الفعلي لتقديم نتائج عالية الجودة (بيكسلز) التحديات التي واجهتها خدمة العملاء التقليدية قبل ثورة الذكاء الاصطناعيهل تساءلت يوما عما يحدث بعد أن يسمع العميل هذا الطلب: "على مقياس من صفر إلى 10، ما مدى رضاك عن تجربة خدمة العملاء الخاصة بك؟".
الإجابة هي أنه عندما يحصل العملاء على رسالة نصية أو بريد إلكتروني، فإن الرقم الذي يضغطون عليه يوفر البيانات، ولكن هذه البيانات ربما لا تمنح صانعي القرار أي سياق لما جعل التجربة مذهلة أو مروّعة.
هل كان "صفر" بسبب تجربة سلبيّة مع ممثل مركز الاتصال، أو مجرد إحباط عام من شخص لديه كثير من الأمور الإدارية المزعجة في قائمته؟ هل كانت "10" استجابة مهذبة بشكل انعكاسي، أم حدث سيئ في أثناء تجربة خدمة العملاء؟
أحيانا، يمكن أن يضيف مربع التعليقات بعض القيمة، ولكن فقط إذا تمت إدارته بذكاء وتم تنفيذ التعليقات. وحتى في أفضل السيناريوهات، توفر الاستطلاعات فقط عينة صغيرة لا تمثل جميع التجارب، وهو ما يجعل من المستحيل الحصول على منظور شامل لرضا العملاء بشكل عام.
في السياق نفسه، تتضمن خدمة العملاء التقليدية عادة تواصل العملاء مع الدعم بعد مواجهة مشكلة، وغالبا ما ينتظرون على الخط، أو ينتقلون عبر أنظمة آلية معقدة قبل أن يتحدثوا أخيرا مع وكيل.
وهذه أحد القيود التي تجعل هذه الطريقة التقليدية مليئة بعدم الكفاءة، وتثير إحباط كل من العملاء والشركات. وتتمثل أبرز المشاكل التي يواجهها العملاء بشكل متكرر في:
أوقات الانتظار الطويلة، سواء عند الانتظار على الهاتف، أو عند التنقل في أنظمة الرد الآلي. طلبات المعلومات المتكررة، حيث يتعين على العميل تقديم التفاصيل نفسها عدة مرات. نقلات متعددة بين الوكلاء أو الأقسام قبل الوصول إلى حلّ. نقص في تناسق الخدمة، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج متباينة اعتمادا على الوكيل أو النظام المعني. كيف يحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في خدمة العملاء؟ أفضل 10 إستراتيجياتعلى الرغم من أن اعتماد الذكاء الاصطناعي في مجال خدمة العملاء لا يزال في مراحله الأولى، فإنه بات من الواضح أنه يشكل ملامح مستقبل هذه الصناعة بشكل ملموس.
ويشير تقرير شركة ماكنزي إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم بمبلغ ملحوظ قدره 25.6 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي.
وقد رفعت وتيرة الابتكار التكنولوجي توقعات العملاء بشكل كبير، ويطالب الناس اليوم بخدمة سلسة، ومخصصة، وفعالة.
وقال أنوراغ دينغرا نائب الرئيس الأول ومدير عام قسم التعاون في شركة سيسكو الأميركية المتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات لموقع فوربس: "يتيح لنا الذكاء الاصطناعي الانتقال من الخدمة التفاعلية إلى تقديم حلول أكثر استباقية، مما يساعد العملاء على حل المشكلات البسيطة تلقائيا، ويمكّن الوكلاء البشريين من التركيز على التفاعلات ذات القيمة العالية حيث يكون التعاطف وحل المشكلات أمرين أساسيين".
إليكم أفضل 10 طرق من منصة سرفي سبارو يمكن للذكاء الاصطناعي من خلالها إعادة تشكيل خدمة العملاء:
التوصيات الشخصية: يستخدم الذكاء الاصطناعي خوارزميات التعلّم الآلي، لتحليل سلوكيات العملاء واهتماماتهم، وتفضيلاتهم السابقة، حيث يمكنه تحديد الأنماط، مثل تفضيل المنتج، أو سلوك الشراء، واستخدام هذه المعلومات للتوصية بالمنتجات أو الخدمات.على سبيل المثال، إذا اشترى العميل بشكل متكرر أنواعا معيّنة من الكتب، يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي أن يوصي بكتبٍ مماثلة قد يرغب فيها. هذا لا يحسّن تجربة التسوّق للعميل فحسب، بل يزيد أيضا من عمليّات تحويل المبيعات. روبوتات الدّردشة والمساعدة الافتراضية: أصبحت أتمتة خدمة العملاء بالذكاء الاصطناعي شائعة بشكل متزايد. مثلا تستضيف منصة "سرفي سبارو" روبوتات دردشة مذهلة للذكاء الاصطناعي، واستطلاعات مدعومة به، مما يساعد الشركات على جمع تجربة العملاء وتعليقاتهم بسلاسة، إذ تستطيع هذه الدردشات المدعومة بالذكاء الاصطناعي الإجابة عن استفسارات العملاء، وحلّ المشكلات البسيطة، وتقديم المعلومات على الفور في أي وقت من اليوم، ويمكن برمجتها للإجابة على الأسئلة المتكررة، ومعالجة الطلبات، وحتى تقديم توصيات مخصصة للمنتجات.
من جهة أخرى، يمكن لروبوتات الدردشة التعامل مع كميّات كبيرة من الاستفسارات دون تدخل بشريّ، مما يضمن التعامل مع استفسارات العملاء بسرعة وكفاءة. خدمة العملاء التقليدية تتضمن عادة تواصل العملاء مع الدعم بعد مواجهة مشكلة (شترستوك) هذا هو السبب في أنه يعتبر أحد أهم الأمثلة على تجربة عملاء الذكاء الاصطناعي. مساعدات الصوت ومعالجة اللغة الطبيعية: تزداد شعبيّة المساعدات الصوتيّة مثل "سيري" (Siri)، و"ألكسا" (Alexa)، ومساعدة "غوغل" (Google Assistant) المدعومة بأصوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
إذ تستفيد من قدرات معالجة اللغة الطبيعية "إن إل بي" للذكاء الاصطناعي لفهم الأوامر المنطوقة والاستجابة لها، إذ يمكن لمساعدي الصوت الإجابة عن الأسئلة، وإجراء الطلبات، والتحكم في الأجهزة الأخرى، وتقديم المساعدة الشخصيّة بناءً على تاريخ المستخدم وتفضيلاته. خدمة العملاء التنبؤية: بفضل قدرته على تحليل كميات كبيرة من البيانات، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بسلوك العملاء في المستقبل.
على سبيل المثال، قد يتنبأ بأن العميل من المحتمل أن يواجه مشكلة بناء على أنماط استخدامه. ويمكن للشركة بعد ذلك التواصل بشكل استباقي مع العميل باستخدام حلّ، أو تقديم دعم إضافي، وهو ما يعزز تجربة العميل مع العلامة التجاريّة. تحليلات النص المتقدمة: يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي فرز كميات هائلة من بيانات العملاء، واكتشاف الأنماط والرؤى التي قد يفوتها البشر.
ولكن على الرغم من أن هذه الخوارزميات تسهل توقع الاحتياجات المستقبلية، وتعزيز تجارب العملاء، فإن هناك قلقا بشأن المخاطر المحتملة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي المولد.
إذ تشمل هذه المخاطر قضايا مثل التحيّزات غير المقصودة في البيانات، وانتهاكات الخصوصيّة، وإمكانية الحصول على مخرجات مضللة أو تلاعبيّة قد تؤثر على عمليّات اتخاذ القرار.
من أجل هذا، فإن المراقبة الدقيقة والاعتبارات الأخلاقية ضرورية لاستغلال فوائد تحليلات الذكاء الاصطناعي مع التخفيف من هذه المخاطر. تحليل المشاعر: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل النصوص من مراجعات العملاء، والبريد الإلكتروني، ومنشورات الوسائط الاجتماعية، ومصادر أخرى لتحديد المشاعر وراء الكلمات.
وهو ما يساعد الشركات في فهم كيفيّة شعور العملاء تجاه منتجاتها، أو خدماتها، وتحديد مجالات التحسين. التخصيص في الوقت الفعلي: يمكن للذكاء الاصطناعي تعديل تجربة المستخدم في الوقت الفعلي، وفقا لإجراءات العميل.
على سبيل المثال، إذا كان العميل يتصفّح أنواعا معيّنة من المنتجات على موقع ويب، يمكن للذكاء الاصطناعي تعديل محتوى الموقع لتسليط الضوء على منتجات مماثلة، مما يخلق تجربة تسوّق مخصصة للغاية. تجربة سلسة عبر القنوات المتعددة: يمكن للذكاء الاصطناعي دمج البيانات من مصادر متنوعة، بما في ذلك القنوات الإلكترونية، والمتاجر، والهواتف المحمولة، ووسائل التواصل الاجتماعي.
هذه الميزة تضمن تجربة سلسة للعملاء، الذين يمكنهم الانتقال بين القنوات ومتابعة رحلتهم دون انقطاع. تجزئة العملاء: يحلل الذكاء الاصطناعي بيانات العملاء لإنشاء شرائح مفصلة بناء على التركيبة السكانية، والسلوكيات، والتفضيلات، الأمر الذي يساعد الشركات على تقديم تجارب مخصصة وتحسين النتائج، ويمكنها من تقديم حملات تسويقية موجهة للغاية وتحسين أهمية رسائلها. إدارة علاقات العملاء "سي آر إم" (CRM) التي تعمل بالذكاء الاصطناعي: يمكن للذكاء الاصطناعي في تجربة خدمة العملاء أن يعزز بشكل كبير أنظمة إدارة علاقات العملاء من خلال أتمتة مهام مثل إدخال البيانات، وتصنيف العملاء المحتملين، وتذكيرات المتابعة. أيضا يمكنه أن يوفر رؤى ذكيّة، مثل التنبؤ بأكثر العملاء المحتملين الذين من المرجح أن يتحولوا إلى عملاء فعليين، ممّا يُمكِّن فِرقَ المبيعات من تركيز جهودها بشكل أكثر فعالية. أمثلة على تجربة العملاء في الذكاء الاصطناعي
بعد أن فهمنا تجربة العملاء بالذكاء الاصطناعي، نلقي نظرة على كيفية استفادة بعض العلامات التجارية الشهيرة من الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة العملاء:
نظام توصيات المنتج من "أمازون": أحدثت شركة "أمازون" ثورة في التسوق في التجارة الإلكترونية من خلال نظام توصيات المنتج المدفوع بالذكاء الاصطناعي.إذ يقدم توصيات خاصة بالمنتج من خلال تحليل سلوك العملاء الفردي، وسجل الشراء، والعناصر الموجودة في عربة التسوق، وما يشتريه العملاء الآخرون. هذا التخصيص يحسن تجربة التسوق للعميل، ويزيد من مبيعات أمازون. التحليلات التنبؤية من "ستاربكس": تستخدم شركة "ستاربكس" الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة عملائها عن طريق أداة تسمّى "ديب برو" (Deep Brew)، حيث يستخدم التعلم الآلي والتحليلات التنبؤية لتخصيص الرسائل التسويقية، وزيادة الولاء، وإدارة المخزون على مستوى المتجر.
على سبيل المثال، يمكن لنظام "ديب برو" اقتراح عناصر القائمة بناء على طلبات العميل السابقة، والموقع، والطقس، والوقت من اليوم، من بين عوامل أخرى. تطبيق "سيفورا" (Sephora) للفنان الافتراضي: تستخدم "سيفورا" وهي شركة تجزئة رائدة في مجال مستحضرات التجميل، الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة عملائها من خلال تطبيق "فيرتشوال آرتيست آب" (Virtual Artist App).
ويستخدم هذا التطبيق الواقع المعزز "إيه آر" (AR) للسماح للعملاء بتجربة منتجات تجميل مختلفة، حيث يقوم بمسح وجه العميل، ويتيح له كيف تبدو المنتجات المختلفة على بشرته.
ويساعد هذا التطبيق العملاء على اتخاذ قرارات شراء أكثر استنارة، ويضيف عنصرا ممتعا وتفاعليّا للتسوق عبر الإنترنت.
تظهر هذه الأمثلة أنه سواء كانت التجارة الإلكترونية، أو الأطعمة والمشروبات، أو صناعة مستحضرات التجميل، يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز تجربة العملاء بشكل كبير عبر مختلف القطاعات.
من المقرر أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورا أكبر في تجربة العملاء مع اقترابنا من المستقبل (شترستوك) مستقبل الذكاء الاصطناعي.. ماذا ينتظر خدمة العملاء؟حسب ما أشارت له منصة سرفي سبارو، من المقرر أن يلعب الذكاء الاصطناعي دورا أكبر في تجربة العملاء مع اقترابنا من المستقبل. ومع تطور التكنولوجيا يمكننا أن نتوقع تشكل عديد من الاتجاهات الرئيسية.
في ما يلي، نعرض لكم بعض الآفاق المثيرة للذكاء الاصطناعي في إحداث ثورة في خدمة العملاء:
الذكاء الاصطناعي العاطفي: يستعد الذكاء الاصطناعي لتجاوز مجرد التعرف على النص والصوت، إذ يبدو أن المستقبل يحمل وعدا للذكاء الاصطناعي العاطفي، الذي يمكنه أن يفهم ويستجيب للمشاعر الإنسانية التي يتم التعبير عنها عبر إشارات الوجه، أو نبرات الصوت.تخيل خدمة عملاء تفهم ما تقوله وكيف تشعر! سيمهد هذا الطريق لتجارب العملاء المتعاطفة حقا. تجارب الذكاء الاصطناعي الغامرة: مع التقدم في تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي، يمكن للذكاء الاصطناعي توفير تجارب عملاء غامرة.
تخيل تجربة الملابس على الصورة الرمزية الرقمية الخاصة بك في بيئة واقع افتراضي قبل الشراء، أو استخدام الواقع المعزز لمعرفة كيف ستبدو قطعة أثاث في غرفتك.
إن دمج الذكاء الاصطناعي مع تقنيات الواقع المعزز والافتراضي سيعيد طريقة تعريف تفاعل العملاء مع الأعمال التجارية. الشبكات العصبيّة والتعلم العميق: ستمكن الأنظمة المتقدمة للذكاء الاصطناعي من تقديم تجارب عملاء فائقة الذكاء، حيث ستتمكن من فهم البيانات غير المهيكلة مثل نشاط العميل على مواقع التواصل الاجتماعي، لتقديم تجارب على مستوى آخر من التخصيص. أخلاقيات وشفافية الذكاء الاصطناعي: عندما يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر تعقيدا ، سيكون التركيز المتزايد على جعله أخلاقيا وشفافا.
إذ يجب أن يفهم العملاء بشكل أفضل كيفية معالجة الذكاء الاصطناعي لبياناتهم لاتخاذ القرار، وهو ما يؤدي إلى زيادة الثقة في تجارب العملاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي. الذكاء الاصطناعي المستقل: سيتولى الذكاء الاصطناعي دورا أكثر استقلالية في إدارة تجربة العملاء، حيث سيقوم بدعم الوكلاء البشريين، والعمل كوكيل مستقل، مما يتيح له اتخاذ القرارات وتنفيذ الإجراءات التي تحسن رحلة العميل.
بشكل عام، مستقبل الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء لا يقتصر على جعل العمليّات أسرع وأكثر كفاءة، بل يتعلق بخلق تفاعلات فريدة، وغامرة، وذكية عاطفيا، تحترم فردية العميل واستقلاليته.
بمعنى أدق، يتعلق المستقبل بجعل الذكاء الاصطناعي جزءا لا يتجزأ من النظام البيئي للأعمال، حيث يفهم ويستبق احتياجات العملاء وقيمهم، ويحترمهم ويتعاطف معهم.
أمام هذه التطورات المثيرة، هل تعتقد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتفوق بالفعل على التفاعل البشري في تقديم تجربة عملاء مثالية؟ أم أن لمسة الإنسان، خاصة العاطفية، ستظل العنصر الذي لا غنى عنه؟