الانتخابات الأوروبية: ما هي رهاناتها في ظل تصاعد اليمين المتطرف؟
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
إعداد: رومان بروني إعلان اقرأ المزيد
قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الأوروبية المقررة من 6 إلى 9 يونيو/حزيران المقبل، أطلقت العديد من الأحزاب السياسية الفرنسية حملاتها لاستقطاب الناخبين وإقناعهم بأهمية هذا الموعد السياسي. حزب التجمع الوطني (اليمين المتطرف) بدأ حملته الأحد الماضي من مدينة مرسيليا (جنوب شرق فرنسا) حيث نظم تجمعا شعبيا شاركت فيه مارين لوبان ورئيس الحزب جوردان بارديلا.
من ناحيته، اختار حزب "النهضة" الذي كان قد أطلقه الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون عام 2016 تحت مسمى "الجمهورية إلى الأمام"، مدينة ليل في الشمال الفرنسي لينظم أول تجمع انتخابي في 9 مارس/آذار بمشاركة رئيس الحكومة غابرييل أتال وفاليري هاير التي ستترأس القائمة.
الرئيسة السابقة لحزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني المتطرف في الجمعية الوطنية مارين لوبان (يسار) ورئيسه وزعيم القائمة الانتخابية الحالية جوردان بارديلا (يمين) 3 آذار/ مارس 2024. © أ ف بويأتي هذا الموعد السياسي "الهام" في وقت تشهد الأحزاب اليمينة المتطرفة تقدما ملحوظا في العديد من الدول الأوروبية. الأمر الذي ينذر بحدوث تغييرات عميقة في صفوف البرلمان الأوروبي الذي يضم 720 عضوا من 27 دولة أوروبية. فعلى سبيل المثال، ألمانيا سيمثلها 96 عضوا، فرنسا 81 وإيطاليا 76. فما هي الرهانات الرئيسية لهذه الانتخابات؟
تقدم كبير لليمين المتطرف والأحزاب المناهضة للاتحاد الأوروبيسواء كان في فرنسا أو في النمسا أوفي بولندا أو في دول أوروبية أخرى، تشير الاستطلاعات إلى فوز أحزاب اليمين المتطرف في تسع دول. كما ستحتل أحزاب يمينية متطرفة أخرى المرتبة الثانية أو الثالثة في تسع دول أخرى، وفق نفس الاستطلاعات.
اقرأ أيضاهل يغير اليمين المتطرف البناء الأوروبي
وتشير دراسة أجراها المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن في حال تحقق هذا السيناريو، فسيرتفع عدد نواب معسكر اليمين المتطرف داخل البرلمان الأوروبي من 127 نائبا حاليا إلى 180 أو أكثر.
وجدير بالذكر أن ارتفاع عدد النواب من اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي سيكون له تأثير على العلاقات التي تربط الكتل الحزبية اليمينية المتطرفة فيما بينها.
فعلى سبيل المثال، تضم المجموعة الأولى كل من حزب "العدالة والحق" البولندي وحزب "فراتيلي" (إخوة إيطاليا) الذي تتزعمه رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني. في حين تضم المجموعة الثانية كلا من حزب "التجمع الوطني" الفرنسي والرابطة الشمالية الإيطالية بقيادة ماتيو سالفيني، إضافة إلى حزب "البديل من أجل ألمانيا" الذي يتزعمه ماكسيمليان كراش.
فيما تشير بعض التوقعات إلى إمكانية حصول المجموعة الأولى من الأحزاب على عدد أكبر من المقاعد لتصبح ربما القوة السياسية الأولى في معسكر اليمين المتطرف بالبرلمان الأوروبي.
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل، بلجيكا. 5 حزيران/يونيو 2020 © رويترزوفي كل الأحوال، سيشهد 9 يونيو/حزيران المقبل عند نهاية عملية فرز الأصوات صعودا قويا لليمين المتطرف في البرلمان الجديد وسيرتفع عدد النواب المناهضين للاتحاد الأوروبي.
من هو التحالف السياسي الذي سيبرز في البرلمان الأوروبي المقبل؟رغم أن التصويت على غالبية القوانين تتم وفق التحالفات الحزبية، إلا أن البرلمان الأوروبي تسيطر عليه تاريخيا أحزاب الوسط المتكونة من الحزب الشعبي الأوروبي (اليمين) والتحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين (اليسار) إضافة إلى حزب اليمين الجديد (وسط يمين) الذي انضم إلى هذه الكتلة الحزبية في 2019.
وتمثل هذه الأحزاب الثلاثة 60 بالمئة من مقاعد البرلمان. لكن بات من المؤكد أن هذا التحالف سيفقد عددا كبير من المقاعد لصالح اليمين المتطرف، الأمر الذي سيجعل كفة البرلمان الجديد تميل نحو اليمين.
وإذا تحققت هذه النتائج على أرض الواقع، فسنشهد تشددا كبيرا في سياسات الهجرة. كما سيكون من الصعب على البرلمان الأوروبي فرض عقوبات على بعض الدول الأعضاء التي لا تحترم حقوق الإنسان والحريات العامة.
ما هو مصير سياسة التحول البيئي؟الاستمرار في سياسة الانتقال البيئي سيكون مرهونا بالتحالف الذي سيفوز بالانتخابات الأوروبية وبترأس البرلمان. فعلى سبيل المثال، استطاع النواب من أحزاب اليسار والخضر في البرلمان الحالي التصويت من أجل فرض تدابير جديدة للحد من انبعاثات الغازات السامة في حلول 2050. ومن بين هذه التدابير، منع بيع السيارات الحرارية في حلول 2035 ورفع سقف استخدام موارد الطاقات المتجددة.
لكن بعض نواب اليمين أكدوا بأن المفوضية الأوروبية تقدمت سريعا وبعيدا في هذا المجال (مجال البيئة) وفرضت معايير بيئة يصعب التقيد بها لا سيما من قبل بعض الفئات العمالية مثل المزارعين الفرنسيين الذين نظموا الشهر الماضي احتجاجات تنديدا بالقيود البيئة التي فرضها البرلمان الأوروبي عليهم باسم الحفاظ على البيئة. ففي حال فاز معسكر اليمين المتطرف بالانتخابات الأوروبية المقبلة، فهذا يعني بأنه سيضع حدا لهذه السياسة ويلقي جانبا ما يسمى بـ"الصفقة الخضراء الأوروبية".
أوكرانيا، الدفاع الأوروبي المشترك والعلاقات مع روسيا: كيف سيكون وجه السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي؟تشكيلة البرلمان الأوربي القادم ستؤثر أيضا على مجريات الحرب في أوكرانيا، والعلاقة مع روسيا وعلى مستقبل سياسة الدفاع الأوروبي المشترك وحتى على مسألة إمكانية ضم دول جديدة للاتحاد أو استحالة وصعوبة ذلك. بعض النواب، على غرار رافاييل غلوكسمان من الحزب الاشتراكي يدعون إلى الاعتماد على ما يسميه بـ"اقتصاد الحرب".
زعيمة الحزب الإيطالي اليميني المتطرف "فراتيلي دي إيطاليا" (إخوة إيطاليا)، جورجيا ميلوني وهي تحمل لافتة كتب عليها "شكرا إيطاليا" بعد أن ألقت خطاب النصر في مقر حملتها الانتخابية ليلة 26 سبتمبر 2022 في روما. © أ ف بويأتي هذا في وقت يتهيأ فيه الاتحاد الأوروبي إلى النظر في إمكانية استمرار تقديم المساعدات المالية لكييف أو تقليصها. كما سيطرح موضوع الدفاع الأوروبي المشترك على طاولة المحادثات خاصة بعدما أكد دونالد ترامب أن الولايات المتحدة ستحمي وتدافع عن الدول الأوروبية التي ستدفع لها الثمن.
اقرأ أيضااليمين المتطرف يعزز مواقعه في البرلمان الأوروبي
على الاتحاد الأوروبي أيضا أن يفصل في ملف انضمام كل من أوكرانيا ومولدافيا إلى صفوفه من جهة وفي علاقاته مع روسيا من جهة أخرى. فإمكانية دخول عدد كبير من النواب الموالين لموسكو قد يغير السياسة الخارجية للبرلمان.
في المقابل، لا يتوقع أن يكون لهذه الانتخابات تأثير كبير على الحرب بين إسرائيل وحماس، خاصة وأن البرلمان صادق في 18 يناير/كانون الثاني على قرار يدعو فيه إلى وقف إطلاق نار مشروط.
رومان بروني
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا الانتخابات الرئاسية الأمريكية ريبورتاج الانتخابات الأوروبية البرلمان الأوروبي اليمين المتطرف جورجيا ميلوني المفوضية الأوروبية البرلمان الأوروبي اليمين المتطرف الاتحاد الأوروبي للمزيد الانتخابات الأوروبية فرنسا الحرب في أوكرانيا روسيا بيئة إسرائيل الحرب بين حماس وإسرائيل غزة فلسطين مجاعة الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا الانتخابات الأوروبیة البرلمان الأوروبی الیمین المتطرف فی البرلمان المتطرف فی
إقرأ أيضاً:
حرب الجغرافيا
اليمين المتطرف الذى يحكم فى إسرائيل لا يتوقف عن الإعلان عن نيته التوسّع جغرافيًا فى المنطقة العربية وفقًا لمزاعم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، وهو ما ينسب لمرجعيات يهودية وسياسية فى أكثر من مناسبة يكفى على سبيل المثال التوقف عند تصريحات الوزيرين المتطرفين فى حكومة الحرب الإسرائيلية إيتمار بن جفير وزير الأمن القومى وبتسلئيل سموتريتش وزير المالية فى أكثر مناسبة.
فى السياق ذاته يمكننا قراءة حديث الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب عندما قال إنه كلما نظر إلى خارطة العالم ووجد إسرائيل صغيرة يحزن!! وكذلك حديث نتنياهو عما أسماه حرب الاستقلال الثانية، كل هذا يقول إن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ربما عازمتان على إعادة رسم الجغرافيا السياسية فى الشرق الأوسط.
بالتدقيق فى المواقف والتصريحات واتجاه الصراع فى المنطقة وشروط إسرائيل لإنهاء الحربين فى غزة ولبنان, يتضح أن هدف نتنياهو ومعه اليمين المتطرف هو تأمين عمق جغرافى لإسرائيل, وهذا لن يحدث إلا بضم الضفة الغربية والقدس وغزة ولا أستبعد أن يصل شطط نتنياهو إلى التفكير فى احتلال أجزاء من لبنان وسوريا والأردن، بذريعة تأمين حدود إسرائيل، وكل هذا بالطبع مع ضوء أخضر من دوناد ترامب.
تأتى كل المواقف السياسية الإسرائيلية لتؤكد صحة هذه القراءة لأهداف نتنياهو, فهل علينا مثلا أن نمرر تصريحات وزيرة الاستيطان أوريت ستروك بأنها تعمل على قدم وساق لإعلان السيادة الإسرائيلية على أكبر مساحة ممكنة من الضفة الغربية، وبأنه لا ينبغى وضع إستراتيجية للخروج من قطاع غزة وكذلك مطالبات سموتريتش من قسم إدارة المستوطنات فى وزارة الدفاع، وكذلك الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلى فى الضفة الغربية قبل أيام، بالبدء فى إعداد البنية التحتية اللازمة للسيطرة على الضفة الغربيّة, من دون أن نفهم أن محطتهم التالية هى الضفة والقدس فسموتريتش نفسه قالها علنا: «آن الأوان لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية فى عام 2025، فى ظل وجود ترامب فى البيت الأبيض».
الفكرة الصهيونية التى تنتصر للدولة اليهودية الخالصة تسعى عمليًا إلى احتلال كل فلسطين التاريخية، ولخدمة هذه الفكرة يرى اليمين المتطرف أن الخروج من غزة كان خطأ وأنه لابد من إعادة السيطرة عليها وأن الطريقة الوحيدة لإزالة التهديد المتمثّل فى قيام دولة فلسطينية هو السيطرة على الضفة الغربية عبر التوسّع الاستيطانى.
القضية الفلسطينية من وجهة النظر العادلة لا يمكن أن تحل من دون الرجوع إلى الشرعية الدولية وتطبيق قرار حل الدولتين وفقا لحدود الرابع من يونيو 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وهذا ما يطالب به المجتمع الدولى والزعماء العرب فى كل محفل وفى مقدمتهم الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي, ولكن إسرائيل تعمل كل ما فى وسعها لمنع إقامة دولة فلسطينية فالكنيست سنّ قانونًا فى يوليو الماضى، برفض الدولة الفلسطينية بأغلبية ساحقة، حيث صوّت 99 نائبًا لصالح القانون من أصل 120 عضوَ وأيضًا شرّع الكنيست فى عام 2018، قانون القومية اليهودية، لدعم الاستيطان، ولحصر حق تقرير المصير باليهود على أرض فلسطين التاريخية، أى عدم الاعتراف بالفلسطينيين كشعب أو قومية يحق لهم الاستقلال فى دولة فلسطينية.
كل ما حدث ويحدث الآن فى قطاع غزة من محو لكل مظاهر الحياة فى القطاع ليجبر الفلسطينيون على التهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم طلبا للحياة، هدفه فى المقام الأول تحويل قطاع غزة إلى واحة من المستوطنات ومن جانب آخر يقنن الاحتلال سياساته فى الداخل الإسرائيلى منذ سنوات عبر قوانين استعمارية لاحتلال الضفة الغربية والقدس.
فى تصورى أن الأيام القادمة ستدفع الاحتلال الإسرائيلى إلى تنفيذ مخططاته بغطاء أمريكي, لاسيما مع التفاءل الإسرائيلى بقدوم دونالد ترامب والذى أغدق بالوعود على اليمين المتطرف خاصة مع أعلانه أثناء حملته الانتخابية دعمه لفكرة توسيع الحدود الجغرافية لإسرائيل، على حساب الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة, وقد ظهرت مؤشرات تدعم هذا التفاؤل ممثلة فى الشخصيات المرشّحة لتشكيل إدارة ترامب، مثل المرشحين لحقائب الخارجية والدفاع ومستشار الأمن القومى ومدير المخابرات والسفير الأمريكى فى إسرائيل، كلها شخصيات صهيونية رافضة لفكرة الدولة الفللسطينية.
مع الأسف الحرب القادمة هى حرب جغرافيا بامتياز.