شاهدت فيلم بنات ألفة حين عرض في مهرجان البحر الأحمر، وبعد أن شاهدته صرت أسأل من أراه هناك، هل شاهدت بنات ألفة، عليك أن تشاهده، فيلم مثل هذا من الصعب أن يتم عرضه في صالات السينما التجارية، قد يحدث طبعاً لكن سيكون خارجاً عن المألوف. كنت محظوظة أنني شاهدته.
الفيلم ليس وثائقياً بالكامل وليس روائياً أيضاً، هو مزيج عجيب أشاهده لأول مرة، الفيلم يحكي قصة أربع بنات لأم مناضلة تدعى ألفة، أحضرت المخرجة ألفة، وابنتين من بناتها، وأحضرت الممثلة هند صبري كي تمثل دور الأم، ونشاهد على طول الفيلم هند صبري وهي تتحدث مع الأم، والبنات، وفي لقطات أخرى وهي تحاول أن تتقمص شخصية الأم وتقلد طريقتها في الكلام والتصرفات.
هناك ابنتان حقيقيتان، هن الصغيرات، لأن البنتين الأكبر كانتا قد انضمتا لداعش وهما في سن الـ15 والـ 16 سنة. أمر مرعب، وكابوس، عاشته هذه العائلة المؤلفة من نساء، والتي مر عليها نموذجين من الرجال الفاسدين، الأب أولاً ثم زوج الأم.
الفيلم مليء بالتفاصيل القاسية التي تحاول سبر الأغوار، تحاول الرد على سؤال مهم وعاصف، ما الذي يجعل فتيات جميلات للتو خرجن من سن الطفولة او هن لا زلن أطفالاً يرمين بأنفسهن لمنظمات راديكالية عنيفة مثل داعش. وجمال الفيلم أنه لا يحاكم أحداً، هو يحكي القصة، قصة العائلة بكل ما فيها من لحظات حميمة، وتجد نفسك تضحك بعلو صوتك، ثم مع لقطة أخرى تنساب دموعك دون أن تشعر.
فيلم يغوص في لحم الواقع، واقع الجهل، والفقر، واقع البحث عن الحب، الحاجة إلى الحب، واقع المرأة والخوف على شرف البنت، واقع محاولة الصمود والحفاظ على أربع فتيات في عالم لا يستحي من استغلال فرصة الفقر.
التفاعل الذي يحدث بين هند صبري وألفة حمروني، الأسئلة التي تسألها هند لألفة، محاولتها للفهم، كل ذلك يمنحنا ضوءاً رقيقاً يشرح لنا من هي ألفة، وتفاعل ألفة وبناتها مع البنتين اللتين حلتا مكان الأختين، يرغمك على الابتسام والضحك، غيرة البنات من الأخت المدللة حتى وهي غائبة تعيد لك الإحساس بأن القصة قصة أم وبنات وحب وفقد وألم، ألم يتفجر وسؤال يتردد، لماذا، لماذا فعلت الأخوات ذلك، نشعر مع آية وتيسير بالغدر الذي لازلن يشعرن به، لماذا غادرت رحمة وغفران، لماذا تركن البيت، لماذا الخيانة، كل تلك الضحكات التي تشاركوها، الألم، الجوع، الدموع، كيف هانت كل تلك الحياة الصعبة والصاخبة. كل تلك الأحاسيس نقلتها ببراعة كوثر بن هنية في هذا الفيلم الرائع.
هناء حجازي – صحيفة الرياض
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
هل مجادلة ومعاتبة الوالدين من العقوق ؟
هل مجادلة الوالدين من العقوق.. وأيهما يقدم في الطاعة؟، سؤال نجيب عنه من خلال التقرير التالي، حيث يعتبر بر الوالدين مفهومًا عامًا يشمل الإحسان إليهما، وفعل ما يسرهما من الأمور الحسنة.
هل مجادلة الوالدين من العقوق؟قال الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23-24] فجمع بين طاعته وطاعة الوالدين.
والإحسان إلى الوالدين طاعتهما فيما أمرا به بما لا يؤدي إلى أذيتهما، وكان في أمرهما مصلحة ظاهرة لهما، بحيث لو لم يطع الابن والديه –في غير معصية الله تعالى- لتأذى الوالد أو الوالدة إيذاء ليس بالهين، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في عقوق الوالدين: "صدور ما يتأذى به الوالد من ولده من قول أو فعل إلا في شرك أو معصية ما لم يتعنت الوالد" [فتح الباري لابن حجر 10/ 406].
فإذا أمر الوالد ابنه بأمر وأمرت الوالدة بخلافه، فإن قدر الابن على أن يرضيهما ويتوافقا في أمر معين فهذا أحسن الأمور، فإن لم يقدر ينظر أيهما فيه مصلحة: فإن كان أمر الوالد فيه مصلحة وأمر الوالدة مجرد تعنت فتقدم طاعة الوالد على طاعة الوالدة، وإن كان أمر الوالدة فيه مصلحة وأمر الوالد مجرد تعنت فيقدم أمر الوالدة.
أما إن كان أمر الأب وأمر الأم للابن في كليهما مصلحة له أو لم يدر المصلحة في أيهما، فإنه يقدم أمر الوالدة؛ وذلك لما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمك) قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك) قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك) قال: ثم من؟ قال: (ثم أبوك).
قال الإمام النووي رحمه الله: "وفيه الحث على بر الأقارب، وأن الأم أحقهم بذلك، ثم بعدها الأب، ثم الأقرب فالأقرب، قال العلماء وسبب تقديم الأم كثرة تعبها عليه وشفقتها وخدمتها ومعاناة المشاق في حمله ثم وضعه ثم إرضاعه ثم تربيته وخدمته وتمريضه وغير ذلك" [شرح النووي على مسلم 16/ 102].
وقال ملا علي القاري رحمه الله: "وحديث أبي هريرة يدل على أن طاعة الأم مقدمة، وهو حجة على من خالفه... وقيل للحسن: ما بر الوالدين؟ قال: تبذل لهما ما ملكت وتطيعهما فيما أمراك ما لم يكن معصية" [عمدة القاري شرح صحيح البخاري 22/ 83].
حكم معاتبة الوالدينقال الداعية الإسلامي الشيخ رمضان عبد المعز، إن المؤمن يتراحم مع جميع فئات وطبقات المجتمع، مشيرا إلى أن الإنسان يجب أن يكون رحيما بنفسه وبوالديه، بدليل قوله تعالى "واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ".
وأضاف خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، والمذاع عبر فضائية "dmc"، أن الوالدين درجة عالية فلا يجوز معاتبتهما أو الرد عليهما لأنه ليس من حق الأبناء محاسبتهما وإن أخطأ أحدهما أو كلاهما، مؤكدًا أن قضاء الله وقضاء النبي ينفذ ولا يناقش بدليل قوله تعالى "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما".
وتابع، أنه يجب الرحمة بالصغار والضعفاء والمساكين والأرامل والأيتام، مستدلا بقوله تعالى " كلا بل لا تكرمون اليتيم"، مؤكدًا أنه يجب الرحمة بمن يساعدوك لأنهم لا يعملون لديك، ولكنهم يساعدونك، ولا تستطيع الاستغناء عنهم، ولأننا كلنا نخدم بعض