"خوفًا من المحاسبة".. خبراء يكشفون أسباب الاستقالات الجماعية داخل صفوف الجيش الإسرائيلي
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
أعلن عدد كبير كبير من ضباط الجيش الإسرائيلي وخاصةً في "وحدة ونظام المعلومات" استقالتهم، وعلى رأسهم المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي "دانيال هاغاري"، احتجاجًا على سير الأمور العملياتية والشخصيات فيما يتعلق بالحرب على قطاع غزة مما أحدث حالة من الاضطراب داخل جيش الاحتلال، نتيجة لما فعلته فصائل المقاومة الفلسطينية من خسائر فادحة في صفوف الجيش وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية رغم ما يطلق عليه بـ "القبة الحديدية" التي لا تُهزم،
اللواء محمد الغباشي
طوفان 7 أكتوبر لطمة لأجهزة المعلومات
وتعليقًا على هذه الاستقالات، قال اللواء محمد الغباشي، أمين مركز آفاق للدراسات الاستراتيجية، إن مقدار الضرر الذي أحدثته عمليات طوفان الأقصى ف هجوم 7 أكتوبر على الجيش الإسرائيلي أثبت كذب الإدعاء بأنهم جيش لا يُهزم وقوة عسكرية كبرى، وأن أجهزة المخابرات الإسرائيلية المتعددة سواء في أجهزة (الموساد أو الشباك أو جهاز أمان)، مشيرًا إلى أن الأجهزة الثلاثة الأمنية فشلوا في التوقع والعمل الاستخباراتي بخصوص قيام عناصر حماس والمقاومة بالإعداد والتجهيز والنية للهجوم، وتوقيته المفاجئ الذي يُعد لطمة كبيرة لأجهزة المعلومات والاستخبارات الإسرائيلية.
وأوضح في تصريحات لـ "الفجر"، أن تعامل القوات العسكرية مع الحدث شابه الكثير من القصور، وأظهر الكثير من الاضطراب في التعامل نتيجة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تلقت الكثير من الخسائر الغير متصورة لديهم، مشيرًا إلى أنه على الرغم من الفرق الشاسع والرهيب في موازين القوى، إلا أن عناصر المقاومة أحدثت خسائر كبيرة للغاية بما تمتلكه من عدة آلاف من الأشخاص بأسلحة بسيطة مقابل تسليح على أعلى مستوى ومدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية وكافة الدول الغربية بأحدث أجهزة وتقنيات عسكرية.
وأضاف: إسرائيل تكذب على مدار الساعة، وعدم وضوح البيانات التي تصدرها وتعتمد الكذب الشديد في إجراءاتها وبياناتهم مما سببَّ للكثير من أفراد الجيش الإسرائيلي حالات نفسية وإلحاق الضرر بهم، وتم سحب أعداد كبيرة من جيش الاحتلال إلى المستشفيات للعلاج النفسي، لافتًا إلى أن أعداد المصابين جراء الحرب أضعاف عديده مما تعلنه إسرائيل، وكذلك أعداد القتلي.
وأشار اللواء محمد الغباشي، إلى أن العديد من القيادات التي بدأت ترى جيش الاحتلال الإسرائيلي في موقف سيئ، وخاصةً مَن هم في مكتب المتحدث العسكري وعلى علم بحقيقة الأمور، موضحًا أن عناصر المعلومات على دراية بالموقف إجمالًا، وما يتم الكذب فيه لخداع وتضليل الرأي العام لعدم إظهار حقيقية المأساة التي يعيشها جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح، جميعهم على دراية بحجم التخبط في قيادة إسرائيل، وكذلك ما حدث خلال الأيام الماضية من أن القيادة السابقين في إسرائيل ينتقدون رئيس الأركان ووزير الدفاع الإسرائيلي، وتوجيه اللوم لهم ويرون أن القيادة والجيش الإسرائيلي يُخطئ أخطاء كارثية سواء تكتكيًا أو في أداء العمليات تجاه المقاومة، وأنه يجب أن يُحاسب عليها قادة الجيش.
صراع في الداخل الإسرائيلي
وتابع قائلًا: هناك صراع ما بين القيادة العسكرية والقيادة السياسية، مشيرًا إلى أن ذلك الصراع يؤدي إلى حدوث مشاكل داخلية خاصةً بين رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" و"يوآف غالانت" وزير الدفاع الإسرائيلي، ورئيس الأركان "هرتسي هاليفي"، وذلك بعد منع نتنياهو أكثر من مرة لوزير الدفاع من اصطحاب رئيس الأركان لاجتماع "الكابينت" مجلس الحرب الاسرائيلي، نتيجة اكتشافه أن رئيس الأركان يقوم بتسجيل وقائع الجلسة دون أن يعلمه.
وأردف: هناك قدر كبير من الاختلاف والصراع الداخلي، الذي أصبح مُعلن حتى بزيارة "بيل جانتس" وزير الدفاع السابق للولايات المتحدة الأمريكية دون موافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، واجتماعه بواشنطن مع القيادات في أمريكا، مؤكدًا أن كل ذلك يؤدي إلى تخبط، وبصفة خاصة للعناصر الموجودة في مكتب المتحدث العسكري الذين هم على علم بتطور أوضاع القتال في كل المناطق، وبالتالي يقوم عدد منهم بتقديم استقالته خوفًا من زيادة تدهور الأوضاع والمحاسبات للقيادات العسكرية فور انتهاء أعمال القتال.
اللواء رضا فرحات
وفي السياق ذاته، أوضح اللواء رضا فرحات، أستاذ العلوم السياسية، أن هناك مشاكل كثيرة في الداخل الإسرائيلي ما بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وووزير الدفاع، لافتًا إلى أن الحكومة الإسرائيلية منقسمة فيما يتعلق بالموقف الحالي في الحرب على غزة ومفاوضات الهُدن الإنسانية، وفيما يتعلق بسفر وزير الدفاع إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وشبه ترتيبات توازي ما يتم لنتنياهو وإعطاء تعليمات منه لمسئولي السفارة الإسرائيلية في واشنطن بعدم تقديم أي خدمات لوزير الدفاع.
حالة من الانقسام والتشتت
وأضاف في تصريحات لـ "الفجر"، أن كل هذا يعكس حالة الانقسام والتشتت في الداخل الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن الضغوط النفسية على الجنود الإسرائيليين نتيجة إطالة أمد الحرب، ووجود المقاومة، وعدم الاطمئنان إلى قدرة جيش الدفاع الإسرائيلي على الأداء الجيد سواء فيما يتعلق بقطاع غزة أو القطاع الشمالي من ناحية جنوب لبنان، مؤكدًا أن كل ذلك يؤدي إلى تراجع.
واستكمل، وأيضًا فيما يتعلق بالضغوط التي تتم على استدعاء الاحتياطي الإسرائيلي، وعدم قدرتهم على تلقي التدريب الكافي، مؤكدًا أن كافة هذه الأمور تؤثر بالقطع على أداء الحكومة الإسرائيلي، مؤكدًا أن ما يحدث من "نتنياهو" إلى الآن هي محاولات لإطالة أمد الحرب ومحاولة للخروج بأكبر مكسب يطيل بقائه في السلطة خوفًا من ما سيتعرض له في المستقبل إذا ما ترك الحكومة الإسرائيلية من محاكمات بتهم خاصة بالفساد، وكذلك أيضًا فشله في تأمين إسرائيل ضد هجمات حماس في 7 أكتوبر، وإثبات فشل الجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات رغم ما يطلق عليه بـ "القبة الحديدية".
وأشار اللواء رضا فرحات أيضا إلى زيادة الصغوط من جانب أسر الرهائن على حكومة نتنياهو، والتي ستزداد أكثر عندما تنتهي الحرب أو يتم إيقافها، ويتم الكشف العدد الحقيقي للرهائن الذين ما زالوا تحت قبضة فصائل المقاومة الفلسطينية وحركة حماس، وما يتردد عن وفاة عدد كبير منهم نتيجة القصف الإسرائيلي العشوائي الذي تم في الفترات الماضية على قطاع غزة، وما تم أيضًا من إصابة بعض الأسرى بنيران جيش الدفاع الإسرائيلي عن طريق الخطأ.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الجيش الإسرائيلى موجة استقالات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري حرب غزة استقالات بالجيش الإسرائيلي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
إقرأ أيضاً:
خبراء: نتنياهو يراوغ بين إدارتي بايدن وترامب لتحقيق وثيقة استسلام من حماس
اتفق خبراء على أن المفاوضات الجارية بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل بشأن صفقة تبادل الأسرى في غزة تمر بمرحلة حرجة، وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين بالمسؤولية عن تعثر المباحثات.
وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن شروطا جديدة وضعها الاحتلال الإسرائيلي أجّلت التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى في خضم المفاوضات التي تجري في الدوحة والقاهرة.
وأصدرت حركة حماس، الأربعاء، بيانا قالت فيه إن المفاوضات "تسير في الدوحة بالوساطة القطرية والمصرية بشكل جدي، وقد أبدت الحركة المسؤولية والمرونة".
وأضافت "غير أن الاحتلال وضع قضايا وشروطا جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، مما أجّل التوصل للاتفاق الذي كان متاحا".
الموقف الأميركي
في المقابل، قال ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن حماس "تكذب مرة أخرى وتنسحب من التفاهمات التي تم التوصل إليها وتواصل خلق الصعوبات أمام المفاوضات".
وأشار المحلل السياسي والباحث بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن الدكتور حسن منيمنة إلى أن الموقف الأميركي متماهٍ تماما مع الموقف الإسرائيلي القائل بضرورة "تحقيق انتصار إسرائيلي وهزيمة حماس"، مؤكدا أن واشنطن لا تمارس دور الوسيط بل دور الوكيل عن إسرائيل.
إعلانومن جهته، أشار الباحث في الشؤون السياسية والإستراتيجية سعيد زياد إلى أن الاتفاق كان على مرمى حجر في الأيام الماضية، لكن نتنياهو وضع عراقيل جديدة في مسارات رئيسية، أبرزها مسار الأسرى حيث يطالب بكشف كامل بأسماء الأسرى الأحياء والأموات، وهو ما ترفضه حماس باعتباره مستحيلا من الناحية الأمنية واللوجستية.
ويرى الكاتب المتخصص بالشؤون الإسرائيلية إيهاب جبارين أن إسرائيل تحاول المناورة في 3 اتجاهات متوازية: أولاً محاولة الحصول على وثيقة استسلام من حماس، وثانيا جس نبض الوسطاء والطرف الآخر، وثالثا كسب مزيد من الوقت لاستكمال عمليات التدمير في قطاع غزة.
وفيما يتعلق بالضمانات التي تطلبها حماس لعدم استئناف الحرب، أوضح سعيد زياد أن الحركة لا تعول على الضمانات الدولية أو الأميركية، بل على قدرتها على الصمود وإعادة بناء قوتها العسكرية، مشيرا إلى أن "المقاومة تعول على المقاتلين الذين لا يزالون يقاتلون في جباليا بعد 445 يوما".
إدارة ترامب
وحول الموقف الأميركي المستقبلي، يرى الدكتور منيمنة أن إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب قد تكون أكثر تشددا في دعم الموقف الإسرائيلي، موضحا أن "طاقم ترامب غير معني بالاعتبارات القيمية والإنسانية إلا كما هي بمقياس إسرائيل".
ويلفت جبارين إلى أن نتنياهو يحاول استغلال الفترة الانتقالية في الإدارة الأميركية لتحقيق أكبر قدر من المكاسب الميدانية، مع محاولة تأجيل المفاوضات الحقيقية للمرحلتين الثانية والثالثة من الصفقة إلى ما بعد وصول ترامب للبيت الأبيض، مضيفا أن "نتنياهو يعلم جيدا أن ترامب ليس كبايدن والجمهوريين ليسوا كالديمقراطيين".
وعن مرونة حماس في المفاوضات، أكد زياد أن الحركة أبدت مرونة كبيرة في عدة مسائل، منها توقيتات الانسحاب وإعادة الانتشار ومفاتيح الأسرى وتوقيتات عودة النازحين، لكنها "لا يمكن أن تتنازل أكثر من ذلك لأنها تتعامل مع شخص ابتزازي".
إعلانويخلص الدكتور منيمنة إلى أن إسرائيل تواجه معضلة إستراتيجية على المدى البعيد، حيث إن "الفلسطينيين لا يزالون هم الأكثرية في فلسطين التاريخية وهي أكثرية إلى تزايد فيما إسرائيل… أقلية إلى تناقص"، مشيرا إلى أن نتنياهو واليمين الإسرائيلي "قطعا السبيل أمام إمكانية التعايش والصلح والسلام على المستقبل البعيد".
وفي ظل هذه التعقيدات، يرى جبارين أن الوضع الحالي "ليس منظرا شاذا" في الديمقراطية الإسرائيلية، مشيرا إلى أن "أغلبية الاتفاقات التي أبرمت في داخل إسرائيل أبرمت رغم وجود معارضة في داخل الشارع"، وأن المعارضة غالبا ما تحاول ترتيب سلم الأولويات للحكومة.